أرقام ودلالات

ثمرة التعاون بين الجيش وجمعية تنظيم الأسرة
إعداد: باسكال معوض بو مارون

معرفة جيدة بالأمراض المنقولة جنسيًا والعسـكريون يتصرفون بشـكل صحـّي

 

بدأت علاقة جمعية تنظيم الأسرة مع المؤسسة العسكرية العام 1975 ثم تجددت العام 1993، وهي ما تزال مستمرة بزخم من خلال الدورات التدريبية والمحاضرات واللقاءات التي تصبّ جميعها في إطار توعية العسكريين وزوجاتهم حول مواضيع تتعلّق بالصحّة الإنجابية والأمومة الآمنة وتنظيم الأسرة. فما هي ثمرة هذا التعاون؟

 

سنوات من التعاون
تدرّجت العلاقة بين الطرفين وتطوّرت من توفير الجمعية الخدمة في مستوصف واحد ومحاضرات توعية في بعض الثكنات، إلى برنامج سنوي، يناقش مع مديرية التعليم ورئاسة الطبابة العسكرية والمديريات الأخرى المختصّة ولاسيما معسكرات خدمة العلم. إضافة إلى ذلك نظمت دورات تدريبية وتنشيطية للضباط من أجل تمكينهم من القضايا المطروحة بما يتيح لهم نقل المعلومات إلى العسكريين والرد على أسئلتهم واستفساراتهم، وصولًا إلى لقاء تقييمي سنوي يحضره كبار الضباط، وتناقش فيه إنجازات عام كامل، كما تحدد آفاق العمل للسنة المقبلة.
استفاد من الدورات التدريبية والتنشيطية 326 ضابطًا ومن محاضرات التوعية والتثقيف 4509 ضباط وحوالى 37750 مجندًا من معسكري عرمان والوروار. وكان لمدرسة الصحة نصيب وافر من حملات التوعية والدعوة للاستفادة من الخدمات، حيث بلغ عدد المستفيدين 5717 ممرضًا وعاملًا صحيًا و4432 رتيبًا.
ومن التوعية في الثكنات إستفاد خلال 10 سنوات 19131 جنديًا، وفي المستوصفات والمستشفيات العسكرية وصل عدد المستفيدات من نساء العسكريين إلى 10071 سيدة من مختلف المناطق.

 

تقييم رضى المستفيدين
بوشر العام 2006 التعاون بين المكتب الوطني التابع لصندوق الأمم المتحدة للسكان وجمعية تنظيم الأسرة في لبنان من أجل توعية أفراد الجيش اللبناني وعائلاتهم حول الأمومة الآمنة، والإلتهابات التي تصيب الجهاز التناسلي بما فيها فيروس نقص المناعة البشري/الإيدز، بالإضافة إلى الخدمات المتعلّقة بتنظيم الأسرة.
بعد مضي ثلاث سنوات من التعاون المستمر (2006 - 2009)، توافق الرأي على إجراء تقييم لأثر هذه الأنشطة على المستفيدين منها، وبالتعاون مع الجمعية الصحيّة اللبنانية، أجريت دراسة لتقييم رضى النساء المستفيدات وأخرى لرصد أثر التوعية على العسكريين، وقد أطلقت النتائج منذ أسابيع.

 

تقييم الأثر لدى النساء
في ما يتعلّق بالنساء، أُخذت المؤشرات العديدة والمتغيرات بعين الإعتبار في عملية التقييم، وشملت الدراسة 307 نساء من أصل 311 تمّ اختيارهن في 6 مراكز صحيّة عسكرية، إثنان منها في بيروت و4 في المناطق الباقية. وقد اختيرت هذه النسوة بشكل يتناسب مع ثقل الخدمات ومدى توافرها في المركز توخيًا لتمثيل جيد للفئات المستهدفة ضمن مستوى من الثقة نسبته 95 في المئة.
شكّلت النساء المتزوجات حوالى 89.8 في المئة من العينة، 82.4 في المئة لديهن أولاد من مجمل العدد. و82.3 في المئة منهن استفدن من خدمات الصحّة الإنجابية المتوافرة، بينما استفادت 17.7 في المئة من خدمات طبيّة علاجيّة أخرى.
في ما يتعلّق بالمعرفة بوسائل منع الحمل، تبيّن أن النسبة عالية، خصوصًا حبوب منع الحمل (85.3%) واللولب (77.5%) والواقي الذكري (53.7%)، إلاّ أن معدّلات استعمال هذه الوسائل الثلاث كانت متدنيّة نسبيًا، علمًا أن المناطق التي غطّتها لقاءات التثقيف بشكل جيد هي التي لوحظ ارتفاع معدّلات استعمال وسائل منع الحمل فيها (مناطق الأطراف في البقاع والشمال والجنوب). وبيّنت الدراسة أن معدّلات الإصابة بالتهابات الجهاز الإنجابي مرتفعة في جميع المناطق وخصوصًا في بيروت، وهذا ما يعتبر مشكلة صحيّة خطيرة ينبغي التعامل معها بشكل مناسب.
كذلك بيّنت الدراسة أن النساء يترددن إلى المراكز الطبيّة بنسبة عالية في أثناء الحمل وبالتالي فإن عناية ما قبل الولادة جيّدة، فيما يختلف الأمر بعد الولادة، إذ لا توليه النساء الإهتمام الجدي.

 

معرفة العسكريين حول الصحة الإنجابية
تعتبر هذه الدراسة بعد سنوات من التطبيق بمثابة تقييم لمعرفة معتقدات ومواقف وممارسات العسكريين حيال الصحّة الإنجابية والجنسية بما في ذلك الأمراض المنقولة جنسيًا وفيروس نقص المناعة البشري/الإيدز. وقد شملت عينة تمثيلية تتألّف من 1368 شخصًا من مختلف المناطق اللبنانية.
أظهرت نتائج الدراسة أن نسبة عالية من العسكريين أي حوالى 71.5 في المئة لا تعتقد أنها عرضة للإصابة بفيروس نقص المناعة البشري مع العلم أن 0.1 في المئة منهم مصاب بالمرض حاليًا.
يعتبر مدى معرفة العينة ممتازًا لجهة كيفية إنتقال المرض خصوصًا وأن أكثر من 90 في المئة من المستجوبين ربطوا بين العلاقات الجنسية وطرق إنتقال الفيروس، وذكروا الواقي الذكري والإخلاص لشريك واحد كوسيلة للوقاية، كما أن حوالى 92 في المئة كانوا أوفياء لشريك واحد.
وبيّنت النتائج أن التصرّف الصحّي للعسكريين جيد جدًا لجهة التعاطي مع الإصابة بالإلتهابات المنقولة جنسيًا، إذ تلجأ الغالبية إلى العيادات العسكرية (62.1 في المئة) أو إلى طبيب خاص (20 في المئة)، بينما يكتفي 8 في المئة بنصيحة صديق أو أحد الأقارب، وهناك نحو 3 في المئة لا يفعلون شيئًا، بينما يلجأ نحو 4 في المئة إلى مستوصف تديره مؤسسة غير حكومية...
وتبيّن أن غالبيّة المستجوبين (74 في المئة) تلقّوا توعية حول الأمراض المنقولة جنسيًا والصحة الإنجابية من خلال عدة مصادر. وتشمل مصادر المعلومات الطاقم العسكري في الثكنات بنسبة 31.4 في المئة، العاملين في جمعية تنظيم الأسرة بنسبة 39.9 في المئة، بالإضافة إلى المحاضرات والتلفاز والكتيبات الصغيرة والإنترنت وغيرها...
من جهة أخرى، في السنوات الأربع الماضية 8.5 في المئة أجروا فحص فيروس نقص المناعة البشري، لكن الدراسة اعتبرت أن المشورة في هذا المجال لا تزال ضعيفة وينبغي على الأرجح تعزيزها. كما أن الآراء انقسمت حيال إجراء فحص الإيدز، إذ وافق على إجرائه فقط 46.5 في المئة.