شهادة من لبنان

جانوس لبنان في مجلة العقيدة التكتية الفرنسية

عمل مميز وبراعة في استخدام برامج التشبيه

بتاريخ 20/4/2011، ورد على قيادة الجيش، بواسطة الملحق العسكري الفرنسي العقيد فيليب بيتريل، كتاب موجّه من اللواء تييري أوليفييه، رئيس مكتب عقيدة استخدام القوى في الجيش الفرنسي (CDEF) يطلب فيه من العقيد الركن جورج الحايك رئيس قسم المشبه التكتي في لبنان (جانوس)، كتابة مقال حول الاستخدام التكتي لجانوس في الجيش اللبناني ودور القسم في الاجتماعات الدورية لمستخدمي جانوس في فرنسا، وذلك بهدف نشره في مجلة العقيدة التكتية (Doctrine Tactique) وهي مجلة عسكرية فرنسية متخصصة بشؤون الدفاع.
تم اختيار قسم جانوس - لبنان، وفق الكتاب المذكور، نظرًا إلى العمل الممّيز والبراعة في استخدام برامج التشبيه في لبنان، ممّا وضعه في مقدم مستخدمي جانوس.
وافقت القيادة، وأوعزت الى العقيد الركن جورج الحايك بكتابة المقال باللغة الفرنسية، حيث نشر في المجلة المذكورة أعلاه، العدد 24، نيسان 2012. في ما يلي ترجمة المقال الذي كتبه العقيد الركن الحايك ونشر تحت عنوان: عائلة جانوس فرنسا، شهادة من لبنان.

 

كلمة التحرير
تميّز قسم المشبه التكتي جانوس التابع لكلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان في بيروت، والذي هو ثمرة تعاون عسكري فرنسي – لبناني، بقدرته على فرض نفسه كوسيلة أساسية لإعداد الضباط. فبعد فترة وجيزة من اعتماد التشبيه التكتي في الجيش اللبناني، تطوّر استخدامه لمصلحة وحدات هذا الجيش ليشمل كل أوجه التدريب والإعداد مع الأخذ بعين الإعتبار المعارك المختلفة التي خاضتها الوحدات العسكرية أخيرًا. على الرغم من أن لبنان (الذي اعتمد «جانوس» منذ العام 2005) كان آخر البلدان التي اعتمدت هذا المشبه، فقد أصبح عمله المرجع الرئيس لمستخدمي برامج «جانوس - فرنسا» كافة في فرنسا، والمغرب، وتونس، وصربيا.

 

المقدمة
تنمو عائلة «جانوس – فرنسا» وتتوسع تدريجًا مع تطوير البرامج بشكل دوري، وقد أصبح لبنان أحد الشركاء المميَّزين فيها. فمنذ اعتماد التشبيه التكتي في نهاية العام 2005 خاضت وحدات الجيش اللبناني معارك عسكرية ضد العدو الإسرائيلي في صيف 2006، وأخرى ضد الإرهاب في مخيَّم نهر البارد العام 2007 مما زوّد قسم المشبه التكتي مجموعة متنوِّعة من السيناريوهات المختلفة لمعارك تقليدية وأخرى ضد الإرهاب، وسمح بالتالي للوحدات العسكرية بإعادة تنفيذها على المشبه بشكل قريب جدًا للواقع الذي حدث فعلًا، وإدخال الاستنتاجات والعبر تمهيدًا لأداء أفضل.

 

مراحل إنشاء قسم المشبه التكتي
العام 2003 قرّرت وزارة الدفاع الوطني الاستفادة من القدرات الضخمة التي توفرها برامج التشبيه التكتي، وذلك في إطار تحديث التدريب العسكري للجيش وتطويره، واستثمارالإمكانات المهمة للمحاكاة، بهدف إحداث نقلة نوعية في التدريب العملاني.
بدأت المرحلة الأولى للمشروع العام 2004، مع توقيع بروتوكول تعاون عسكري لبناني - فرنسي لمدة 5 سنوات، عيّنت بموجبه السلطات الفرنسية ضابطًا قائدًا فرنسيًا كمستشار عسكري تقني للمشروع، تقضي مهمته التنسيق مع رئيس قسم المشبه التكتي لتحضير البنية التحتية والهيكلية اللازمة للمشبه.
جُدّد البروتوكول العام 2009، لمدة 5 سنوات أخرى، فتم الاستغناء عن المستشار العسكري الفرنسي، نتيجة القدرة الاحترافية لضباط القسم وعناصره، واستمر التنسيق مع المسؤولين الفرنسيين من خلال الإنترنت والزيارات المتبادلة لتطوير البرامج وتحديثها.
يتمركز قسم المشبه التكتي في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، ويضم إضافة إلى ضباطه حوالى ثلاثين عنصرًا محترفين، تابعوا دورات التأهيل كلها، وهم يتقنون اللغة الفرنسية.
إن انتماء قسم المشبه التكتي جانوس - لبنان الى عائلة مستخدمي جانوس - فرنسا يمكّنه من الاستفادة من العلاقة التقنية مع المكتب الأم من خلال الاجتماع الدوري الذي يعقد في فرنسا في خريف كل عام، ويحضره رؤساء أقسام «جانوس» كافة لتبادل الخبرات وإصلاح الأعطال من جهة، وتيويم البرامج وإدخال التطويرات عليها من جهة أخرى. فنظام جانوس، هو نظام معلوماتي يتطوّر باستمرار، وتسمح برمجته بتشبيه الأسلحة والأنظمة العسكرية الحديثة في العالم.

 

أداة مهمة للتشبيه
منذ العام 1975، عاش لبنان مع قواته المسلحة تجارب مؤلمة، بدءًا بالحروب الداخلية مرورًا بالاجتياحات الإسرائيلية والتدخلات العسكرية الخارجية وصولًا الى محاربة الإرهاب. دفعت هذه الأحداث قيادة الجيش إلى استخلاص العبر ووعي الأهمية القصوى للتشبيه في استدراك المخاطر والتدرب على مواجهتها. ولعل التجارب الأهم في هذا السياق ما ذكر سابقًا حول الحرب اللبنانية - الإسرائيلية العام 2006 ومواجهة إرهابيي فتح الإسلام في نهر البارد العام 2007، إذ تمت الإستفادة من هذه الأحداث لإغناء قسم التشبيه التكتي بالداتا اللازمة لتسجيل سير المعارك وحفظه واستثمار ما حدث.
وهكذا أصبح ممكنًا لضباط الوحدات الذين شاركوا في هذه العمليات، إعادة تنفيذ مناورات عسكرية قاموا بها سابقًا في الواقع وذلك داخل قسم المشبه التكتي، وبالتالي استخدام برامجه بهدف استخلاص الدروس والعبر واستثمارها وصولًا إلى الحرفية في التصدي لها.
يمكن للمشبه التكتي جانوس تنفيذ حتى تمرينين شهريًا، وذلك على مستوى لفيف تكتي، فوج، أو لواء، وتحضير معارك تقليدية (هجوم - دفاع) بالإضافة إلى القتال بالمجموعات الصغرى والأماكن المبنية وصولًا إلى محاربة الإرهاب.
ينفّذ الضباط الذين يتابعون الدورات في كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان (قائد كتيبة وأركان) ستة تمارين سنويًا بهدف التطبيق العملي لتقنيات الأركان المدرَّسة في الكلية، من خلال تنفيذ تمارين تكتية ذات أوضاع قتالية متغيرة لتدريبهم على تقدير الموقف واتخاذ القرارات في ظل ظروف ضاغطة.
أما أركان الوحدات الكبرى (ألوية - أفواج) فيتم تدريبهم على تقدير الموقف وتحضير القرار في ظروف واقعية، للتجاوب مع متغيرات المعركة وإصدار الأوامر اللازمة للوحدات المرؤوسة مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة كلها، ومن ثم إطلاع هذه الأركان على نتائج القرارات المتخذة.
كما أنه يمكن الاستفادة من إمكانات القسم لمصلحة الكليات والمدارس العسكرية على اختلاف أنواعها.

 

سير التمارين
يتميز المشبه التكتي جانوس بقدرته على تحديد الأخطاء المرتكبة خلال التمرين وتحليلها بغية تفادي حدوثها فعليًا خلال المعركة. من هنا يجب تنفيذ عدة خطوات مهمة للوصول إلى غاية التمرين:
- تحديد الهدف التعليمي للتمرين والمسألة التكتية التي يجب تنفيذها.
- تحرير أوامر العمليات الصديقة والعدوة، وبالتالي تحديد القوى المتواجدة في المناورة.
- اختيار بقعة الأرض المطلوبة وتحقيقها وتجهيزها.
- إعداد السيناريو الذي يشمل فكرة مناورة الصديق والعدو وإجراء الإختبارات عليها.
- تركيز القوى وتنفيذ المعركة على المشبه.
- نقد المعركة والقرارات المتخذة من قبل القادة وتحليلها.
للوصول إلى هذه الغاية تجري عدة لقاءات عمل بين رئيس قسم المشبه التكتي من جهة والوحدة المعنية من جهة أخرى (قائد اللواء/الفوج للوحدات العملانية أو مدرب المادة لتمارين كلية القيادة والأركان) بهدف تحديد الأهداف المرجوّة من التمرين، وبالتالي تحضير ملف متكامل له يسمح بالوصول إلى هذه الغاية بكل واقعية وشفافية.
أما المرحلة النهائية وهي نقد التمرين وتحليله، فتُعرض خلال ثلاث ساعات وتستخدم برنامجين:
الأول وهو برنامج التحليل الرقمي (JANALYSE) الذي يسمح باستغلال معطيات التمرين وتحليلها وعرضها بإستخدام الـ ACCESS. والثاني وهو برنامج التحليل البياني الذي يسمح بتنفيذ إعادة العرض ومشاهدة النتائج بيانيًا. الهدف من نقد التمرين وتحليله هو الإجابة عن الأسئلة الآتية:
- ما هي المعطيات التي تم اعتماد فكرة المناورة الصديقة على أساسها؟
- كيف تمت المناورة فعليًا؟
- ما هي النقاط التي يجب تعديلها لإعادة تنفيذ المناورة مجددًا؟
وبالتالي فإن تنفيذ التمرين وتحليله يتطلبان الكثير من الوقت.

 

الأهداف المستقبلية
للمحافظة على النتائج الممتازة لقسم المشبه التكتي «جانوس»، يجب متابعة الجهود الآيلة إلى استدراك الحاجات والتيويم الدائم للبرامج وتحديثها. فبرامج التشبيه التكتي هي معلوماتية وبالتالي تبقى في سباق دائم مع التطور التقني من جهة والتكتي من جهة أخرى.
من هنا تـبرز أهمية تحديـد الأهـداف المستقبلية لـجانوس والتشبيه بشكل عام، والتي تشمل العمل على استيراد المزيد من برامج التشبيه العسكرية من المستوى العملياتي (كنظام (APLET أو التقني (كبرامج المدفعية والمدرعات والمشاة)، للوصول إلى إنشاء قسم تشبيه عام متكامل تستفيد منه الوحدات العسكرية في الجيش اللبناني بمستوياتها كلها.
إنّ سنوات قليلة من استخدام المشبه التكتي أثبتت فعاليته وأهميته وقدرته على المساعدة في تحضير العمليات العسكرية لمصلحة وحدات الجيش، لتنفيذها بدقة والوصول إلى الأهداف بأقل خسائر ممكنة.