جدار الفصل العنصري: "اسرائيل" تسجن نفسها وتحلم بـ"الترانسفير"

جدار الفصل العنصري: "اسرائيل" تسجن نفسها وتحلم بـ"الترانسفير"
إعداد: احمد ابو هدبة
باحث في الشؤون الاسرائيلية

مقدمة

يستقطب موضوع إنشاء جدار الفصل العنصري بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية، اهتماما خاصا على كل المستويات الفلسطينية والعربية والدولية وحتى الإسرائيلية نفسها، بعد أن أخذت تعبيراته المادية تتجلى كأسوار سجون ومعتقلات، وبعد أن أحال التجمعات السكانية الفلسطينية إلى مناطق معزولة ومنفصلة عن بعضها البعض، واقتطع أكثر من 58% من مساحة الضفة، وحوّل حياة الفلسطينيين فيها إلى نموذج للمعاناة اليومية التي لا تطاق، إلى  جانب تحويله موضوع  الفصل العنصري وبناء الجدار إلى عنصر مركزي من عناصر الصراع الذي يخوضه الفلسطينيون ضد الاحتلال الإسرائيلي. وغني عن القول إن موضوع الفصل العنصري ليس جديدا في المشروع الصهيوني، إذ يقع في صلب العقيدة والممارسة، ويشكل مرتكزاً في الخطاب السياسي الإسرائيلي، القائم في الأساس "على سيكولوجية الفيتو"، وفصل اليهود عن الشعوب التي ينتمون إليها، وعلى إقامة دولة لليهود في فلسطين، على قاعدة مقولة هرتزل "أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض".

الوكالة اليهودية، الذراع السياسي للمنظمة الصهيونية العالمية، عملت منذ بدايات الاستيطان اليهودي في فلسطين، على فصل المستوطنين اليهود عن السكان العرب الأصليين، من خلال إقامة مستوطنات خاصة باليهود، وأحياء سكنية داخل المدن العربية خاصة بهم أيضا، ثم اندفعت بعد ذلك لاحتلال الأرض والعمل من خلال إقامة بنى تحتية اجتماعية واقتصادية وعسكرية،لما أصطلح عليه في ما بعد باسم "اليشوب اليهودي" أي الاستيطان اليهودي، وحرّمت دخول الفلسطينيين إليها، بل جرى استغلالهم في سبيل تطورها وصولا إلى قيام مؤسسات يهودية مستقلة، مثل "الهاجناه" الذراع العسكري للوكالة اليهودية، و"الهستدروت" أي (نقابة العمال الإسرائيليين) وما إلى ذلك من مؤسسات شكلت الأرضية التي قامت عليها إسرائيل بعد الإعلان عنها عام 1948.

غير أن إنشاء الجدار الفاصل، وتنفيذ خطة الفصل العنصري بين إسرائيل والفلسطينيين في الضفة الغربية بدأ عمليا في منتصف الثمانينات من القرن الماضي، لإثر اندلاع الانتفاضة الأولى وما تركته من تداعيات خطيرة على الواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والأمني الإسرائيلي، حين عرض حزب العمل خطة لفصل الضفة الغربية عن الأراضي المحتلة عام 1948 تحت إسم "خطة هالوفيم" وذلك بهدف عزل الضفة عن مناطق عام 1948، والحيلولة دون قيام الفلسطينيين بعمليات عسكرية داخل مناطق ما سمي (بالخط الأخضر) أي العمق الإسرائيلي، لكن خروج حزب العمل من السلطة في إسرائيل ومجيء حزب الليكود أجّل البتّ عملياً في موضع إنشاء الجدار الفاصل، بسبب تحفظات الليكود من أن يصبح هذا الجدار حدوداً سياسية بين إسرائيل والكيان الفلسطيني الذي بات قيد التشكل إثر التوقيع على اتفاقية أوسلو. وبعد عودة حزب العمل ثانية إلى السلطة عام 1995، طلب إسحاق رابين من وزير الأمن الداخلي آنذاك "موشيه شاحال" وضع خطة مفصلة للفصل عن الفلسطينيين بالتعاون مع رئاسة الأركان في الجيش الإسرائيلي وبقية الأجهزة الأمنية الإسرائيلية. وبعد أن انتهى شاحال من وضع الخطة ، وجد المسؤولون الإسرائيليون تكاليفها باهظة جداً، فجرى التغاضي عنها غير أنه في مطلع عام 1996، تمّ استبدال "خطة شاحال" بخطة فصل جديدة هي "خطة متساديم" أي "خطة القلاع" تقوم  على بناء سياج أمني فاصل، وحواجز على امتداد الخط الأخضر، الغاية منها منع عبور السيارات والأفراد والسلع الفلسطينية إلى إسرائيل. لكن للمرة الثانية عارض اليمين الإسرائيلي تنفيذ هذه الخطة خشية أن يتحول هذا السياج إلى حدود سياسية ورسمية.

ومع اندلاع انتفاضة الأقصى أدرك حزب العمل، واتجاهات مؤثرة داخل الليكود أيضا، أن موضوع الفصل، وتحديداً بناء الجدار الفاصل، أصبح موضوعاً ملحاً لا مفر منه؛ وكان باراك الأكثر حماساً لتطبيق هذه الخطة عندما شرع بتكليف مستشاره الأمني (دان شفتان) الأستاذ المستشرق في جامعة حيفا، بوضع وثيقة نظرية لموضوع الفصل وبناء الجدار العازل. ويمكن اعتبار كتابه "الفصل الإجباري بين إسرائيل والكيان الفلسطيني" ([1]) وثيقة نظرية مفصّلة لجميع جوانب الفصل السياسية والاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية والجيوسياسية والأمنية. والواقع أن نظرة متفحصة على جدار الفصل بعد أن تم إنشاء مقاطع طويلة منه، تبين إن ما يحصل على الأرض من تجليات وتداعيات لسياسات الفصل وبناء الجدار التي دعا إليها حزب العمل وتبناها وأشرف على تنفيذها الليكود ورئيس الحكومة الإسرائيلية شارون، هو تطبيق حرفي لما ورد في وثيقة "دان شفتان".

 

أهداف خط الفصل

تهدف خطة بناء جدار يفصل الضفة الغربية عن الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1948 إلى :

­  تحديد ممرات عبور خاضعة للرقابة تساعد إسرائيل على منع دخول الأشخاص غير المرغوب بهم، وإدخال البضائع والأشخاص من هذه المعابر فقط.

 ­ وضع دوريات مجهزة بوسائط كشف متطورة، لتراقب حركة المرور على هذه الممرات، وإقامة سياج ملائم في جزء صغير من هذه المناطق.

 ­ تحديد نقاط دخول الفلسطينيين إلى الأراضي المحتلة عام 1948، وتحديد أعداد ونوعيات الذين سيسمح لهم بالدخول بناء على الأوضاع والتقارير الأمنية اليومية.

وأكد واضعو الخطة "أنها لا ترتبط بأي شكل من الأشكال بعمليات ترسيم الحدود، وإنما بترتيبات أمنية مؤقتة ومرنة لا تؤلّف استباقاً للمفاوضات بشأن التسوية الدائمة بأي شكل من الأشكال".

وقد انطوت الخطة على أبعاد أمنية أهمها:

 ­ إقامة منطقة معظمها في الضفة الغربية يعلن عنها منطقة عسكرية مغلقة.

 ­ إقامة معابر منظمة تحت مسؤولية الشرطة بحيث تستوعب وتفتش وتصادق على دخول الأشخاص والسيارات والبضائع، مع الحفاظ على المستوى الأمني المطلوب.

 ­ يتولى الجيش مسؤولية الأمن بين المعابر وذلك بتشغيل أجهزة ووسائط كشف ووضع عوائق وسد المعابر غير القانونية.

 ­ تطوير القدرات الاستخبارية التي تخدم أغراض الخطة، مع التأكيد على مكافحة ما سمي "العمليات الإرهابية" من خلال تعزيز عناصر الاستخبارات، والتحقيق عند المعابر وفي المنطقة.

ولم ينسَ واضعو الخطة إخراج مدينة القدس العربية منها ، على اعتبار أنها عاصمة "موحدة" لإسرائيل وذلك حسب البنود التالية :

 ­ عدم وجود أي فصل ضمن الحدود البلدية للقدس، لكي تبقى مدينة موحَدة ضمن حدودها التي حددها القانون الإسرائيلي.

 ­ إغلاق معظم الطرق الفرعية المؤدَية إلى القدس من الضفة الغربية.

 ­ تحديد ستة مداخل إلى القدس حول الحدود البلدية للمدينة،تحت اشراف الشرطة.

 ­ تشديد القيود على دخول القدس والهجرة إليها (من جانب العرب طبعاً) والتشدّد في تنفيذ ذلك.

ولم يتم تنفيذ الخطة في حينه لأسباب عديدة، سياسية ومالية. وساعد على تناسيها انتهاء الانتفاضة الفلسطينية الأولى وبدء مفاوضات أوسلو ومن ثم متابعة المفاوضات في طابا وشرم الشيخ وسواها. وبعد قمة كامب ديفيد الثانية شهدت المنطقة أزمة سياسية حادّة بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية الاستجابة للمطالب الفلسطينية وتطبيق قرارات الشرعية الدولية، التي هي أساسا مرجعية لعملية السلام الفلسطينية­الإسرائيلية. وتعود أسباب الرفض الإسرائيلي للحقوق الوطنية الفلسطينية، إلى الاختلاف الأساسي في المواقف، وعدم الثقة بعملية السلام من قبل إسرائيل، ومحاولتها الدائمة التنصّل من تنفيذ الاتفاقات والتعهّدات التي التزمت بها، ولاسيما تلك التي تتعلق بالتنمية الاقتصادية في فلسطين، وعدم الإفراج عن السجناء، والاستمرار في عملية الانتهاكات المختلفة، وخصوصاً التوسّع الاستيطاني في المناطق كافة.

أدّى ذلك كله إلى اتساع الهوّة في المواقف بين الشارع الفلسطيني والقيادة الفلسطينية من جهة، و الحكومة الإسرائيلية من جهة أخرى. ومما زاد الأمر تعقيدا قيام "شارون" تحت حراسة المئات من الجنود الإسرائيليين بزيارته الاستفزازية إلى المسجد الأقصى، الأمر الذي ألهب الشارع الفلسطيني ودفع الآلاف إلى التظاهر احتجاجاً على تلك الزيارة، مما تسبب بسقوط عدد من القتلى والجرحى برصاص الجنود الإسرائيليين، فكان أن اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية "انتفاضة الأقصى".

وفي ظلّ اشتداد الانتفاضة والمقاومة الشعبية الفلسطينية، بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي، "إيهود باراك" عام 2000 بالحديث عن خطة فصل من جانب واحد كرد فعل على الانتفاضة الشعبية. وأوعز إلى مؤسساته الأمنية بتطبيق خطّة للفصل تتمثّل في إجراءات عملية تكرّس هذا الفصل وتخلق واقعا سياسيا وجغرافيا وعسكريا جديدا بقوة الدبابات.

وقد هدفت خطة باراك إلى تقطيع أوصال المناطق الفلسطينية، وإقامة الحواجز العسكرية على مداخل المدن والمحافظات الفلسطينية في الضفة وغزة، وإغلاق الطريق أمام 125 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل، والتحكّم بالمعابر والمنافذ الحيوية، ومنع الدخول والخروج للمواطنين والبضائع.

 

مراحل بناء الجدار

المرحلة الأولى: ويتم فيها عزل المنطقة الوسطى، من خط التماس مع الضفة الغربية ، أي الخاصرتين الضيقتين لإسرائيل. ويبلغ طول المسافة في الخاصرة الأضيق (من ناتانيا إلى طولكرم) حوالي 12 كلم. بينما يبلغ طول المنطقة المذكورة نحو 70 كلم. و تمتد من مفرق مي ­ عالي بالقرب من جنين شمالا حتى اللطرون بالقرب من القدس جنوبا? وتقدّر كلفة هذه المرحلة بحوالي 100 مليون دولار ( حوالي 450 مليون شيكل)

المرحلة الثانية: وتمتد من اللطرون شمال القدس إلى منطقة بيت جبرين جنوب الخليل.

المرحلة الثالثة: وتشمل تنفيذ جدار الفصل في شمال الضفة الغربية وجنوبها (انظر الخريطة رقم ­1­).

 

الخريطة رقم (1)

لأسباب عديدة لم يستطع "باراك" المضيّ قدما في خطّته. ولما جاءت حكومة "شارون" وازدادت وتيرة العمليات الإاستشهادية، باشرت الحكومة الجديدة تنفيذ خطّة بناء جدار الفصل، أو ما أطلقت عليه اسم الجدار الأمني، على خلفية رؤية شارون السياسية، للحلّ المؤقت، وإقامة الدولة الفلسطينية في حدود مؤقتة على نسبة لا تتجاوز 42% من مساحة الضفة الغربية، حيث تم الانتهاء من المرحلة الأولى في نيسان عام 2003 مع إجراء تعديلات واسعة على خطة باراك الأساسية. وخلافاً للتقارير الإخبارية لم يحترم جدار الفصل في الشمال الشرقي من الضفة الغربية حدود حزيران 1967 والمعروفة باسم الخط الأخضر، إنما التهم بعض أكثر الأراضي خصوبة في فلسطين. وكان بناء المرحلة الأولى منه تعبيراً جديداً عن سياسة ضمّ الأراضي وتدمير المزروعات والممتلكات، وانتهاك حقوق الإنسان. ففيما يبلغ طول حدود الضفة الغربية مع إسرائيل 307 كلم. فإن طول الجدار الأمني عند الانتهاء من بنائه سيكون 900 كلم. أي ثلاثة أضعاف طول الحدود الدولية (1967)، لأنه سيتعرج داخل المناطق الفلسطينية ليضّم أجزاء عديدة منها إلى الأراضي الإسرائيلية.

يبلغ طول المرحلة الأولى الجديدة التي تم تنفيذها 115 كلم. وتتألف من أسيجة مكهربة، وأبراج حراسة وخنادق وكاميرات تلفزيونية ومجسات كشف ودوريات أمنية، وسيبلغ ارتفاع الجدران الفاصلة التي ستبنى حوالي ثمانية أمتار.

ولاستكمال بناء المرحلة الأولى من الجدار قامت إسرائيل بمصادرة 2% من أراضي الضفة الغربية، وخسرت 30 قرية فلسطينية على الأقل كل أو بعض أراضيها. وفي منطقة تبعد 40 كلم. شمال قلقيلية صادرت إسرائيل أرضا مساحتها 90 ألف دونم أي ما يعادل 90 كلم مربعاً، وذلك من أجل استكمال 12% من طول جدار الفصل، وشهدت المرحلة الأولى أيضا مصادرة 160 ألف دونماً من أراضي الفلسطينيين، وأصبحت المناطق السكنية في أكثر من 15 قرية واقعة شرق الخط، في حين أصبحت الأراضي المصادرة على الجانب الآخر منه؛ كذلك أحاط الجدار بشكل شبه كامل بمدينة قلقيلية التي تعتبر المركز السكني الأكبر في تلك المنطقة. أما القرى الخمس عشرة التي حُشرت وحوصرت بين خط الفصل والخط الأخضر فهي:

خربة أم الريحان، برطعة الشرقية، ضهر المالح ، خربة عبد الله اليونس، خربة الشيخ سعيد، خربة المنظار الغربية، نزلة عيسى، نزلة أبو نار، باقة الشرقية، خربة جبارة، عرب الرماضين الشمالي، عزبة جلعود، العتبة، عرب الرماضين الجنوبي، وعرب أبو فرضة. ومن المتوقع أيضا أن يتم ضم قرى رمانة، تعناق، خربة الطيبة، السعيدة وعانين ، بين الجدار الفاصل والخط الأخضر في المرحلة الأولى، وذلك لأن إسرائيل لم تستقر بعد على خط ثابت لبناء الجدار، وإنما تعد له باستمرار وفق المقتضيات الأمنية المرحلية (انظر الخريطة ­2-).

رقم ([2])

 

يجري التعبير عن الغموض الذي تغلّف إسرائيل به جدار الفصل، بمصطلح "حدود تتنفس" وهو مصطلح تم تبنّيه من قبل طاقم العمل الإسرائيلي لبلورة خطة الفصل بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، ومن اجل وصف الخط الحدودي الذي سيفصل بينهما. والمقصود بالتعبير أن الحدود تدخل تارة في عمق الأراضي الفلسطينية، وتارة أخرى تمتد بمحاذاة الخط الأخضر. وكلّف "إفرايم سنيه" ([3]) النائب السابق لوزير الدفاع "بنيامين بن إليعازر" ببلورة مفهوم للحدود التي ستحدّد الفصل السيادي الواضح بين الدولتين، بحيث تتيح قيام نشاطات اقتصادية مدنية مكثفة بين الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي. وقد وضع الطاقم مفهوما خاصا للفصل يعتمد على حدود مغلقة، فيها ستة أو سبعة معابر تشرف عليها سلطة خاصة ستسمح بالعبور اليومي للبضائع والسيارات والمشاة، وفي أجزاء منها ستقام جدران، وفي البعض الآخر سيتم تركيب حواجز وأجهزة الكترونية.

أما الحواجز فستكون على عدة أنواع: أوتاد حادّة، قنوات، جدران فولاذية متحركة، صخور كبيرة... كما ستوضع في مواقع معينة كاميرات تصوير وأجهزة التقاط حساسة (أجهزة رادار لكشف الأشخاص، أجهزة أشعة تحت الحمراء، وأجهزة لكشف الاهتزازات). ووفق خطة "سنيه" سيمتد خط الفصل على طول 324 كلم. (وقد أقيم جزء منه إبان فترة حكم "رابين" في منطقة طولكرم حيث ارتفع جدار بعلو 3م)، وذلك إضافة إلى طرق أمنية تتحرك عليها دوريات عسكرية بشكل مستمر. وستجري في مجال الحدود نشاطات تجارية وصناعية وسياحية مشتركة، وستقام بعض شبكات البنى التحتية، (لسلامة البيئة)، ولكن البنى التحتية مثل الكهرباء والماء سيتم فصلها. ويتم تطبيق إجراءات أمنية على طول الحدود، على أن يكون الدخول والخروج من المعابر بواسطة بطاقات وأجهزة محوسبة.

هذا هو السيناريو المبدئي الذي طُرح لخطّة الفصل. أما التنفيذ فقد رعاه شارون على مراحل. وفي ظل استمرار الانتفاضة نفذت الحكومة خطة الفصل بصورة أحادية الجانب من دون حوار مع الفلسطينيين. وسرعان ما تبيّن أن لـ "شارون" مفهومه الخاص عن الدولة وذلك بما يمكن اختصاره بما يلي:

تقوم الخطة على أساس تسوية مرحلية على عدة سنوات، تقام فيها دولة فلسطينية في المناطق التي كانت تسيطر عليها السلطة الفلسطينية عشية الانتفاضة بشكل كامل أو جزئي، وهي تشكل 42% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، ما عدا جيوب صغيرة لقرى في المنطقة (ب) الواقعة في المناطق الأمنية التي يصر شارون على الاحتفاظ بها، وهي قطاع بعرض

16 ­ 20 كلم. في غور الأردن،  من النهر وحتى شارع "ألوف"، وقطاع بعرض حوالي 10 كلم. من صحراء يهودا حتى طريق القدس ­ أريحا، وقطاع أضيق على طول الخط الأخضر من الغرب بطول ما بين عدة مئات من الأمتار وحتى 7,5 كلم ([4]).

وليس لدى "شارون" (حسب صحيفة هآرتس بتاريخ 24/10/2000)، أي اعتراض على تسمية الكيان الفلسطيني دولة، لأن هذه الدولة تتشكّل الآن، كما انه من الممكن أن تنقل إسرائيل ما نسبته 1% من مناطق (ج) في الضفة الغربية إلى الدولة الفلسطينية في إطار الانسحاب الثالث الذي جمده (باراك)، كما يجب أن تفرض قيودا على السلطة الفلسطينية في الحدود الأمنية، أساسها عدم وجود قوة عسكرية بل مجرد شرطة من دون سلاح ثقيل. أما بالنسبة للمعابر الحدودية مع مصر والأردن، فيجب أن تستمر إسرائيل بالسيطرة عليها، وأن تتمتع كذلك بحرّية الطيران في أجواء الدولة الفلسطينية المقترحة.

 

في 29/1/2002 بدأت أعمال إقامة السياج الأمني الفاصل على امتداد خط التماس في منطقة جلبوع شمال مدينة جنين، وبلغ طول هذا المقطع من السياج نحو 45 كلم، بكلفة بلغت بــ 245 مليون شيكل ([5]). وتم استكمال بناء هذا المقطع في تموز 2003 وكان مقررا أن يقام جدار الفصل بكل عناصره الالكترونية في المنطقة، من حاجز سالم (شمالي جنين) وحتى شارع" مي ­ عالي" بطول 5. 8 كلم.

وفي إطار أعمال إقامة الجدار تم وضع اليد على 15 ألف دونماً من الأراضي التابعة للقرى الفلسطينية. وتركز الجهد الأساسي لبناء جدار الفصل في المنطقة الواقعة بين سالم في الشمال  قبالة جنين وحتى منطقة القاناة جنوباً، وكذلك في الجانب الشمالي الغربي من منطقة "محيط القدس" والجزء الشرقي من "محيط القدس" بطول غير معروف، لأنه لم يتم بعد تحديد المكان الذي سيمر به جدار الفصل ([6]).

وفي طولكرم بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ خطوات عملية لتحويل مدينة طولكرم ومخيماتها وقراها إلى منطقة عازلة بين الجدار الفاصل غرب المدينة، وشارع مواز له بعرض 24 متراً. وعلى طول عشرة كلم. إلى الشرق، قامت سلطات الاحتلال بتسليم قيادة الارتباط العسكري الفلسطيني ومحافظ طولكرم خرائط الأراضي التي تنوي مصادرتها بهدف إقامة شارع فاصل وجدار عازل، ووزّعت نسخاً من هذه الخرائط على المواطنين الذين ستصادر أراضيهم. وبموجب هذه الخرائط فإن طولكرم تحددت بعمق 6 كلم. في أفضل الأحوال بين الشارع والجدار الفاصل، وبهذا تتحوّل فعلا حسب المفهوم الإسرائيلي إلى منطقة عازلة ما بين الخط ومناطق السلطة الفلسطينية الأخرى .

 

وطلبت قوات الاحتلال من السلطة الفلسطينية تخفيض وجودها المدني إلى نسبة 10% فقط أقل مما كان عليه، والاقتصار على الشرطة المدنية، وأعلمتها أن سكّان طولكرم سيخضعون للإدارة المدنية الإسرائيلية في ما يتعّلق بتنقّلهم خارج المدينة. وقد نددت اللجنة العامة للدفاع عن الأراضي في منطقة طولكرم بالإجراء العسكري الإسرائيلي الأخير الذي يقضي بشقّ شارع طوله عشرة كلم. وعرضه 24 متراً. من منطقة بلدة "شوفة" جنوبا مرورا بأراضي "كفر اللبد" و"ذبانة" و"عنبتا" حتى الشارع الرئيسي طولكرم ­ نابلس شرق مخيم "نور شمس"، واعتبرت اللجنة ان هذا الإجراء هو تكريس لسياسة الفصل العنصري، واستمرار لاحتلال الأراضي الفلسطينية، وإعلان ساطع عن عدم الرغبة بالانسحاب منها، ومن شأنه تقطيع أوصال المنطقة إذ هو بمثابة شريط يعزل مدينة طولكرم عن قراها ويعمل على تدمير المزروعات والأراضي الزراعية.

وبعد خروج الجدار من منطقة طولكرم ­ سيتجاوز الخط الأخضر شرقا، ليمر شرق "خربة جبارة" ثم جنوبا غرب "الرأس" و "كفر صور"، وثم غرب "فالامايا ­ جيوس"، ليشكل جيبا يضم "عرب الرماضين الشمالي" ويتابع غرباً حتى الالتقاء مع الخط الأخضر شمال قلقيلية، حيث يحيط بمدينة قلقيلية، ليعود شرقا ويضم مجموعة من 15 قرية عربية. (أنظر الخريطة رقم 1).

كذلك سيتم ضمّ حوالي 30 بئرا تضخ أربعة ملايين متراً مكعباً من المياه سنوياً، يعتمد عليها أهالي القرى المحيطة بالمنطقة، مما يعني المزيد من السيطرة الإسرائيلية على مصادر المياه، وحرمان القرى العربية منها، مثل قرية "فالامايا" (1) ( أنظر الملحق الذي يشمل الآبار). وفي الجنوب باشرت قوات الاحتلال بناء الخط الفاصل شمال مدينة بيت لحم ليحيط بقرى "بيت صفافا" و "وهار حوما" (جبل أبو غنيم) و "النعمان" وليمر جنوب "صور باهر".

ولا يكتفي الإسرائيليون "المستوطنون بشكل خاص" بجدار الفصل، وإنما يسعون لإقامة جدران أمنية حول جميع المستوطنات، بطول ألف كيلو متر، لتحيط بــ 149 مستوطنة في أنحاء الضفة الغربية وتقدم الحماية لربع مليون مستوطن. وكشفت اللجنة الملكية الأردنية لشؤون القدس التي تعنى بأوضاع المدينة المقدسة، إن الخطة الإسرائيلية تتضمن توسيع المستوطنات القائمة، وإقامة مستوطنات جديدة داخل حدود بلدية القدس، منها واحدة تتسع لــ 15 ألف مستوطن إسرائيلي، كما تتضمن توسيع بعض المستوطنات، وزيادة عدد الوحدات السكنية  فيها، من بينها إقامة 1500 وحدة سكنية شمالي مستوطنة "راموت"، وإنشاء مستوطنة جديدة على أراضي قرية "بيت صفافا"، بــ 6500 وحدة سكنية في جبل أبو غنيم، مما يعني أن القدس تتعرض لعملية تهويد كبيرة حيث تستغل إسرائيل الظروف السياسية الراهنة لتوسيع دائرة الاستيطان فيها.

 

مطامع جديدة وجدار جديد

في 16/3/2003 قام رئيس الحكومة الإسرائيلية "إريئيل شارون" مع عدد  من وزراء حكومته بزيارة ميدانية إلى مواقع بناء القسم (أ) من المرحلة الأولى من جدار الفصل الذي سيعزل الضفة الغربية عن الأراضي المحتلة الواقعة غرب الخط الخضر (أراضي عام 1948)، ويبلغ طول هذا القسم حوالي 45 كلم ويمتد من موقع يسمى سالم شمال غرب جنين وحتى قرية القناة (القاناة) جنوب شرق قلقيلية.

وكشف "شارون" أثناء الزيارة عن خطة جديدة يتم بموجبها إحكام إغلاق الضفة الغربية من جميع الجهات ببناء جدار فاصل آخر "غير الجدار الذي يتم بناؤه حالي" على الطرف الشرقي منها طوله 300 كلم. ويمتد من "جلبوع" شمال مدينة جنين على طول غور الأردن و "محور آلون"، وينتهي جنوبي الخليل حيث يرتبط بالقسم الذي يجري بناؤه هناك. وقال "شارون" إن طول الجدار الفاصل سيصبح بين 700 و 900 كلم أي إنه سوف يحيط بكامل أجزاء الضفة الغربية وسيسلخ منها كل غور الأردن، وأضاف "إن هذا الجدار ليس حدودا سياسية، وليس حدودا أمنية، بل هو وسيلة إضافية تساعد في الحرب ضد الإرهاب"، وفي اعتقال المقيمين بصورة غير قانونية، في إشارة إلى فلسطينيي الضفة الذين عادوا إليها من الشتات قبل عام 2000.

وقد فوجئ الوزراء "بخطة شارون الجديدة" لدرجة أن بعضهم قال إن إقامة الجدارين الشرقي والغربي ستقتطع أجزاء كبيرة من الدولة الفلسطينية المخطط لها. وعلّق احد الوزراء: "هذا لن يبقى للفلسطينيين شيئاً" ([7])، وكشفت الأوساط الأمنية الإسرائيلية أن المرحلة الأولى من الجدار من"سالم" وحتى  "القاناه" استكملت وسلّمت إلى الجيش الإسرائيلي في شهر تموز 2003، واستكمل كذلك الجزء الثاني من المرحلة الأولى من بناء الجدار، من سالم شرقا حتى كيبوتز "طيرات زئيفي".وبلغت تكلفة المشروع القديم 4 مليارات شيكل، فيما تبلغ تكلفة "خط شارون الجديد" 3 مليارات شيكل أخرى لتصبح تكلفة المشروع الإجمالية بحدود سبع مليارات شيكل.

 

المضمون السياسي لخطّ الفصل

تدل القراءة السياسية  العامة للجدار بأنه تصميم لنماذج معسكرات الاعتقال التي كانت تؤسس في التاريخ للدولة القاهرة الفاشية.

قصد من خط الفصل أن يضع وراءه معظم المستوطنات الإسرائيلية التي بنيت شرق الخط الأخضر،  ومن ثم ضمّها إلى إسرائيل. ويبلغ طول الخط الأخضر (وهو خط حدود الضفة الغربية قبل 5 حزيران 1967)307 كلم. أما طول خط الفصل فسيصل إلى 900 كلم. أي أنه سيلتفّ ضمن الأراضي وحول المدن الفلسطينية، ليصبح حسب هذا الطول مغطيا لآلاف الدونمات من الأراضي.

وإذا ما أخذنا القرارات الصادرة عن مجلس الأمن مثل 338 و 242 والتي تعتبر الضفة الغربية وقطاع غزة "أراضٍ فلسطينية محتلة"، فسنجد أن قيام إسرائيل ببناء جدار الفصل هو سرقة موصوفة للأراضي الفلسطينية تحت شعار الأمن، وانتهاك لحقوق الإنسان، وتخريب للبيئة الفلسطينية، لأن السلطات الإسرائيلية تقتلع مئات الآلاف من الأشجار لكي تبني هذا الجدار، وهي مستمرة ببناء مستوطنات جديدة وشق طرق التفافية وبناء نقاط تفتيش وحواجز عسكرية ومناطق مغلقة، لتضع أكثر من مليوني مواطن تحت رحمة 400 ألف مستوطن إسرائيلي غير شرعي (200 ألف منهم في القدس الشرقية).

ولكي تؤكد السلطات الإسرائيلية على أن خط الفصل ليس ترسيخاً للحدود (لأنها تنوي ضم المزيد من الأراضي)، فهي تكرر مقولة إن الخط يهدف إلى ضمان تحقيق امن إسرائيل والمستوطنين. وقد أكد الإسرائيليون بمختلف فئاتهم (اليمينية واليسارية) بأن ليس لهذا الخط علاقة بأي حل للقضية الفلسطينية، وإنما هو مجرد إجراء أمني وخطوة سياسية تكتيكية تصب في مصلحة إسرائيل المستقبلية. ويجمع الإسرائيليون على تأييد خطة الفصل، بما في ذلك حزب "العمل"، حيث عبّر كل من "حاييم رامون" و"بنيامين بن إليعازر" و "عميرام متسناع" (الزعيم الجديد المستقيل للحزب) عن تأييدهم لخطة جدار الفصل. وجاء في برنامج حزب "العمل" الانتخابي للدورة الانتخابية في (28/1/2003): "في ظل غياب اتفاق سياسي، يحقق الخط فصلا أمنيا عن الفلسطينيين".

وقد وصف زعماء حزب العمل جدار الفصل بأنه ليس مجرد إجراء أمني فقط، وإنما هو إجراء تكتيكي سيشكل جزءاً من "خطة سلام" وسيحولونها إلى حقيقة إن أتيحت لهم فرصة العودة إلى سُدة الحكم. وأصدر بنيامين بن إليعازر (وزير الدفاع معظم فترة رئاسة شارون الأولى للحكومة الإسرائيلية) أوامر متكررة لتنفيذ بناء الجدار، حتى أنه أصدر أوامره لبناء خمسة معابر في المناطق التي يلتقي فيها الخط الأخضر مع خط الفصل، آخذاً بعين الاعتبار أنه سيتم بناء خط للفصل. "وتقول سلطات المطارات إن بناء المعابر مخطط له حتى قبل بدء الانتفاضة"، ([8]) وهذا يعني أن جدار الفصل هو جزء من خطة أكبر تمتد جذورها إلى ما قبل الانتفاضة.

وباختصار، ينطوي البعد السياسي لبناء الجدار على تكريس الحقائق المادية التي أوجدتها سياسة الأمر الواقع الإسرائيلية منذ حرب حزيران، من استيطان ومصادرة أراضي وإجراءات عقابية بحق الفلسطينيين، كالحصار والعزل والأطواق والاعتقالات الجماعية وبالتالي تقطيع أوصال الضفة الغربية، وتحويلها إلى معازل على مساحة لا تتجاوز نسبة 42% من مساحة الضفة وفق رؤية وبرنامج شارون للحل المؤقت. ويحول هذا الجدار دون قيام أي شكل لدولة فلسطينية عاصمتها القدس، فالجدار يطمس فكرة قيام الدولة نهائيا.

 

الآثار الاقتصادية والاجتماعية

أسهمت خمسة وثلاثون عاما من الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية في تحويل الاقتصاد الفلسطيني إلى مأساة حقيقية بلغت ذروتها في أعمال التدمير والقتل الجماعي وحظر التجول وحرمان العمال من حرية الذهاب إلى أعمالهم، خصوصاً في السنتين الأخيرتين اللتين شهدتا انتفاضة الأقصى. وقد جاءت خطة بناء جدار الفصل لتكون ثالثة الأثافي بالنسبة للشعب الفلسطيني ولاسيما أصحاب الأراضي التي يمر بها الجدار، إذ تقدر لجان الإنعاش الزراعي الفلسطينية الخسائر التي نتجت عن اقتلاع الأشجار منذ بداية الانتفاضة وحتى الآن، بـ 150 مليون دولار، بينما تقدر خسائر القطاع الزراعي حسب إحصائيات وزارة الزراعة الفلسطينية بين 29 أيلول عام 2000 و 30 حزيران عام 2002 بأكثر من 700 مليون دولار.

إن مساحة الأراضي التي ستتم مصادرتها لبناء المرحلة الأولى فقط من الجدار سوف تزيد عن 160 ألف دونماً وليس 90 ألف دونماً كما يشيع الإسرائيليون، لأن الرقم الأخير يشير إلى المساحات التي صودرت من أجل تنفيذ القسم الأول من المرحلة الأولى، حيث يتم بناء الجدار الآن، وسيتم اقتلاع جميع الأشجار الموجودة في هذه الأراضي بحجة عدم ترك أية شجرة يمكن أن يختبئ وراءها ناشطو الانتفاضة. أما الأراضي المحيطة بالجدار، والتي لن تصادر، فسيصبح الوصول إليها صعباً للغاية إن لم يكن مستحيلا، بسبب وجود قوات عسكرية على مساحات عرضها بين 4 و 8 كلم على جانب الجدار. وسوف يتم قطع الطرق إلى الكثير من القرى بحيث لن يستطيع سكانها نقل محاصيلهم إلى المدن القريبة لبيعها. إن مدينة "قلقيلية" مثلا، والتي سيحيط بها الجدار من كل الجهات، والتي ستصادر معظم أراضيها، هي مصدر رئيسي للخضار والفواكه لمعظم سكان الضفة الغربية، وغالبية سكانها يعتمدون على الزراعة. وذكر المكتب المركزي الفلسطيني للإحصاء إن معدل البطالة في "قلقيلية" قبل الانتفاضة كان بحدود %61، أما بعد سنتين من الانتفاضة فقد وصل إلى %70، وهذا الأمر ينطبق بنسب أقل أو أكثر بقليل على بقية المدن والبلدات المحاذية للجدار. فقرية جيوس مثلا، تبيع منتجاتها من الخضار في مدينة نابلس، وتدفع لبلديتها لقاء ذلك حوالي 750 ألف شيكل إسرائيلي كرسوم ستخسرها البلدية نتيجة عزل القرية عن المدينة، إضافة إلى 150 ألف دولار أجور شحن وتفريغ وتحميل لهذه الخضار.

ولن تقتصر أضرار جدار الفصل على المجالات الاقتصادية والسياسية فقط، وإنما ستطال الأوضاع الاجتماعية لسكان الضفة الغربية. فالقيود على الحركة وسياسة عزل القرى والمدن وتشديد عمليات الحصار على السكان، ستؤدي إلى المزيد من البطالة والتدهور، وستنعكس على نفسية وعقلية الفرد والعائلة والمجتمع ككل ([9].(

ولن يقتصر الأمر على ذلك، بل سيؤدي إلى إضعاف الخدمات الصحية وتدهور البنى التحتية، وتراجع العملية التعليمية بسبب عدم قدرة التلاميذ على الوصول إلى صفوفهم بشكل مستمر. وربما سيؤدي ذلك إلى حرمان الكثيرين من حق التعليم الجامعي، بسبب صعوبة الانتقال والعيش في أماكن بعيدة عن خط سير جدار الفصل.كما إن بناء الجدار سيسهم بشكل غير مباشر في حرمان الكثيرين من الوصول إلى دور العبادة، وبالتالي سينقطعون مكرهين عن ممارسة شعائرهم الدينية والالتقاء بأقاربهم وأهلهم في المناسبات الرسمية والدينية، أي أنهم سيفقدون الشعور بالانتماء والمواطنة وسيدفعهم ذلك إلى التفكير بالهجرة وترك الأراضي للجنود والمستوطنين. وهذا أحد الأهداف غير المباشرة لسياسات شارون لحل المشكلة الديموغرافية (الترانسفير الطوعي) ([10]).

 

التداعيات

حملت المرحلة الأولى من بناء الجدار الفاصل تداعيات كبيرة الأثر على الجدل الدائر أصلا حول جدواه سياسيا وأمنيا وإعلاميا، وهي تجاوزت الحلبة الداخلية الإسرائيلية لتشمل الواقع السياسي برمته. ففيما تبيّن معظم التحليلات الإسرائيلية إن القائمين على تخطيط وتنفيذ هذا الجدار لم يضعوا باعتباراتهم احتياجات السكان الفلسطينيين ولا حتى مقوّمات الحد الأدنى من ظروف الحياة الإنسانية، كان الهاجس السياسي ­ الأمني ­ الديموغرافي هو الذي أملى جميع الاعتبارات المتصلة ببنائه ليتحوّل بذلك إلى قضية سياسية ذات أبعاد إقليمية ودولية. ولم يستطع الموقف الأميركي المزدوج أن يخفي حقيقة المواقف الإقليمية، وخصوصاً العربية التي كانت وراء عرض قضية بناء الجدار على أعلى محكمة دولية، إلى جانب اعتبار بنائه  من قبل الأوروبيين على الأقل، عملاً يصب في خدمة الأهداف الإسرائيلية في ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية وتضييق الخناق على السكان الفلسطينيين. وتظهر دراسة عن مركز "جافي" للدراسات الاستراتيجية حول ميزان الربح والخسارة من وراء بنائه بأن "بناء جدار الفصل قد أضاف أعباء سياسية وأمنية ومالية وإعلامية لم تكن إسرائيل تأخذ حساباً جدياً لها، كما انه لم يكن بمستوى التوقعات التي كانت معلّقة عليه في ما يتصل بتحسن وضع إسرائيل الأمني، الأمر الذي أثار مجددا جدلاً  أضطر معه شارون إلى وقف البناء في بعض أجزائه وإجراء تعديلات في أجزاء أخرى. فالنتائج الأولية التي أظهرتها تجليات هذا الجدار تمثّلت في انه كرّس صورة وطبيعة إسرائيل العنصرية أمام الرأي العام بشكل لا يقبل الجدل، وأبقى على أكثر من مليوني فلسطيني في الضفة الغربية داخل أسوار وجدران أشبه بالسجون الكبيرة، بعد أن حشر قطاع غزة خلف سور أمني آخر. كذلك فان الاعتبارات السياسية والأمنية والديموغرافية التي أخذها شارون بالحسبان لم تبقِ له خيارات سوى ابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية وحشر أهلها في مزيد من المعازل المقطعة الأوصال،  بمعنى ترك الفلسطينيين يديرون شؤون هذه المعازل بأنفسهم. وهذه مسألة تجاوزت الاعتبارات الأمنية والسياسية لتخلق المزيد من الحقائق التي تؤثر على مستقبل الضفة الغربية، وتحجم المزيد من الأراضي التي من الممكن إقامة كيانية فلسطينية عليها. ثم إن امتداد وطول وتعرج خطوط هذا الجدار قد تجاوزت كثيراً ما كان مرسوماً لها، وهي خطوط أطول بثلاثة أضعاف من الخط الأخضر، الأمر الذي أصبح الجدار معه أكثر تكلفة وضرراً، ويتطلب المزيد من الأثمان الباهظة لصيانته وحمايته، وقوات كبيرة للحفاظ على أمنه، على أنه يتأكد مع الأيام بأنه يفقد الكثير من فعاليته الأمنية ([11]).

وقد أراد شارون أن يضمن أن بناء "السور الأمني" أو جدار الفصل، سيحقق له حلا سياسيا ومانعا أمنيا في الوقت نفسه، وإن يكرس إسرائيل كدولة يهودية أي "غيتو" قادر على أن يخضع الفلسطينيين والعرب على السواء، غير إن : "سفن شارون لا تجري حسب ما تحمله رياح التغيير المستقبلية القادمة من العراق والمنطقة والعالم، رغم أنها تبدو في هذه الأيام لصالح إسرائيل، وحكومة شارون بالتحديد" ([12]).

 

خلاصـــــــــــــــــــــــة

يتراءى احياناً ان عنوان الزمن القائم على العولمة هو سقوط جدران الفصل، لكن شارون يرى الى "زمنه" بعين مختلفة معتبراً ان جدار الفصل الذي يبنيه سيساعده في تنفيذ رؤيته السياسية. وقد أدرك ان هذا الجدار لا بد أن يمتد ليشمل العرب داخل الخط الأخضر، ولن يؤدي فقط إلى فصل المدينة الفلسطينية عن الريف وعن العالم الخارجي فحسب، وإنما سيشكل حاجزا معنوياً وسياسياً وثقافياً يجرف المجتمع الفلسطيني ويسهم في تفتيت نسيجه الاجتماعي والحضاري من خلال فصل الفلسطينيين عن بعضهم البعض، ومن ضمنهم المواطنين العرب داخل إسرائيل، حيث تزامن بناء هذا الجدار مع طرح المزيد من القوانين والإجراءات والأوامر العسكرية العنصرية التي اتخذتها حكومة شارون، وشرّعها الكنيست، سواء تلك القوانين المتصلة بعرب عام 1948، أو بسكان الضفة الغربية.

ولا تحاول "إسرائيل" في بنائها للجدار تحقيق الانفصال ضمن الوحدة كما حصل في نظام " الأبارتيد" في جمهورية جنوب افريقيا أيام الحكم العنصري، ولا إعادة توحيد ما هو منفصل أساساً كما في ألمانيا أو الحالة الجزائرية الكولونيالية، بل انها تحاصر المدن والبلدات داخل الأراضي المحتلة والضفة الغربية، وتعمل على مضافرة طاقاتها في التفاوض على ظروف معيشتهم اليومية، والإبقاء على الشعب الفلسطيني ككتل سكانية مجردة من أي مضمون اجتماعي أو وطني، ولا  تحتاج إلا لبعض الخدمات الإدارية وفرص العمل وإدارة شؤونها بنفسها.

بالطبع لن يقف جدار "الأمن الاسرائيلي" بالرغم من ضمانته وتكلفته حاجزاً نهائياً أمام الشعب الفلسطيني وحقه في الحياة والحرية، ولن يقدر أيضاً على خنق  جذوة المقاومة في عصر سقوط الجدران. وما العملية الموصوفة "بالاستراتيجيّة (14/3/2004) في ميناء أشدود الحيوي التي نفذها انتحاريان فلسطينيان خرقا جدار الأمن الإسرائيلي، إلا محاولة ونموذجاً لمستقبل جدار شارون، والمستقبل للصراع القائم في الأراضي المحتلة، إذ لا يمكن تحقيق الحوار والتفاوض والبحث عن التطبيق العملي لخريطة الطريق في الوقت الذي تستمر فيه إسرائيل برفع جدار الفصل وعزل الفلسطينيين وحصارهم وخنقهم. إنه جدار الوهم الذي تقيمه إسرائيل لتسجن نفسها، وهو لن يوفر لها الأمن.

ملحق رقم (2)

 

آبار المياه التي سيخسرها الفلسطينيون بعد بناء المرحلة الأولى من جدار الفصل

 

رقم البئـر

الموقع

المدينة

كمية المياه م3 سنوياً

15-20/300

نزلة عيسى

طولكرم

237000

15-20/005

باقة الشرقية

طولكرم

149000

15-20/001

باقة الشرقية

طولكرم

244000

15-19/136

عطيل

طولكرم

199000

15-10/029

دير الغصن

طولكرم

352000

15-18020

فرعون

طولكرم

193000

15-18/125

كفر صور

طولكرم

غير معروف

15-18/500

فالاميا

قلقيلية

175000

15-18/001

فالاميا

قلقيلية

135000

15-18002

جيوس

قلقيلية

114000

15-18/114

فالاميا

قلقيلية

130000

15-17/009

-

قلقيلية

131000

15-17/012

جيوس

قلقيلية

124000

14-17/040

قلقيلية

قلقيلية

95000

15-17/010

قلقيلية

قلقيلية

82000

15-17/011

جيوس

قلقيلية

87000

14-17/031

-

قلقيلية

102000

14-17/147

-

قلقيلية

151000

14-17/018

-

قلقيلية

157000

14-17/029

-

قلقيلية

62000

14-17/020

-

قلقيلية

17000

14-17/042

-

قلقيلية

136000

14-17/010

حبلة

قلقيلية

99000

14-17/011

=

قلقيلية

89000

14-17/009

=

قلقيلية

94000

14-17/014

=

قلقيلية

84000

14-17/013

=

قلقيلية

87000

14-17/005

=

قلقيلية

108000

14-17/044

عزبة سلمان

قلقيلية

102000

 

المجموع     3880000م3

 

[1] دان شفتان، الفصل الإجباري بين إسرائيل والكيان الفلسطيني، إصدار جامعة حيفا، ترجمة أحمد أبو هدبة، نشر مركز باحث للدراسات، بيروت.

[2] نشرت تفاصيل الخطة في صحيفة هارتس، 12/4/1995 ونشرتها مجلة الدراسات الفلسطينية، العدد 23، صيف عام 1995

[3] إفرايم سنيه، التحليق في منطقة خطرة، يديعوت أحرنوت، 21/6/2003

[4] عامير ربابورت، معاريف، 23/12/2003

[5] الإذاعة الإسرائيلية ( العربية )، 29/1/2002

[6] هآرتس، 22/10/2002

[7] يديعوت أحرنوت، 11/3/2003

[8] هآرتس، 29/10/2002

[9] هآرتس، 19/2/2004

[10] هآرتس، 19/2/2004

[11] شلومو بروم: مركز جافي للدراسات الاستراتيجية، 15/2/2004

[12] المصدر السابق.

The Wall of Racial Separation: Israel imprisons itself dreaming of the "Transfer"

The issue of separating the Jews from the Arabs who are the original inhabitants of Palestine started with the beginning of the Zionist movement and its material incarnation (Israel). However, the story of building the partition Wall between Israel and Palestinian population in the West Bank started partically in the mid-eighties following the outbreak of the first Palestinian "Intifada" in 1987. But when the Labor Party lost in the elections and with the assumption of the power by the Likud Party who strongly opposed the plan, it was delayed for the fear that the wall becomes a political border after the signature of the Oslo Agreement in 1992.
With the outbreak of "Intifadat AIAqsa" in 2002 and the return of the Labor Party in Israel, the government and other important politicians inside the Likud Party and the Israeli opposition realized that issue. Barak who was prime minister at that lime was very eager and championed building the Wall and the separation from the Palestinians under the slogan (We are here and they are there).
And indeed a plan of separation was imposed which contains building passageways that are subject to surveillance in which the Israeli authorities define the entrance of the desirable ones in addition to the entrance of Palestinian workers and merchandise. The Plan also included sending military patrols backed with sophisticated detection devices that monitor the movement of people and merchandise in addition to building Israel according to daily security reports. The creators of this plan assured that it has no association with the definition of the border but with temporary security measures and is not an anticipation of the final settlement. Yet, the separation plan and the building of the Wall included security measures from which: The establishment of separation regions inside the west Bank which will be considered military regions and the establishment of passageways controlled by the Israeli police while the Israeli army habdled the security by developing its intelligence capabilities concerning the battle against "Terror".
The plan excluded east Jerusalem considering that it is the capital of "The United Israel". Following the political crisis in which the region jumbled when the Israeli governments refused to respond to the Palestinian requests and when they also refused to implement the resolutions of The International Community, the gap between the two parties became wider.
But the visit of Sharon under the protection of hundreds of Israeli soldiers to Al Aqsa Mosque was the direct motive which lit the current Palestinian Intifada.
With the continuation of the intifada and the violent Israeli reactions, the issue of separation and building the Wall became a priority in the agenda of the Israeli government who backed this idea after it had strongly opposed it for rementioned reasons and therefore it endorsed the separation plan and the building of the Wall which consisted of 3 major stages:
The first stage, in which they would isolate the middle region of the demarcation line with the West Bank up to the two narrow flanks of Israel. The first flank starts in Toulkarm and ends in Natanya with a length of 12 km and the second starts in Jenin in the North and ends in Latroun in the south with a length of 70 km. The building of the separation wall started in 29/1/2002 all along these demarcation lines where the length of the first secant reached 45 km. During the construction of this secant the Israelis confiscated more than 15 million sq m of the Palestinian Territories.
The second stage stretches from the North of Jerusalem in the Latroun region to the region of Beit Jibril in the south and includes the continuation of the wall from the North to the South of the West Bank. The separation plan and the Wall concerning the government of Sharon is based on the effort to impose a temporary settlement for many years in which a Palestinian state is to be established on the regions controlled by the Palestinian authority on the eve of the outbreak of the intifada and which form 42% of the West Bank. The separation Wall is considered a security solution but it has also a political perspective. In addition to confiscating more than 170 million sq m of the territory of the West Bank to build the Wall and the carrying out of the separation plan, the Wall also isolated more than 30 Palestinian villages in which live more than 35 thousand people between the Wall and the green line. The Wall also isolated cities like Kalkilia which was surrounded from four sides and prevented its population from exploiting their land or even going to their jobs without security authorizations. Along with the huge political and economic and social damages which hit the Palestinian population in the West Bank, the building of the wall and the implementation of the separation plan left the Palestinian population in difficult conditions and inside detention camps and prisons.
The repercussions of the plan and the Wall were not limited to the Palestinians alone because it also affected the Israelis.
"The separation wall added political, security monetary and informational burdens on Israel and that it did not meet with the expectations of the Israelis concerning the security situation in Israel".
In addition to that, the Wall consolidated the image of the racial Israel and reminded the world of the past apartheid system (Racial discrimination) in South Africa.

Le mur de séparation raciste: Israël s’emprisonne en rêvant du “Transfert”
Séparer les juifs des arabes, est une question qui débuta avec le mouvement sioniste et son incarnation matérielle (Israël). Cependant l’édification du mur de séparation entre Israël et les habitants palestiniens à la Cisjordanie a effectivement débuté lors de la première Intifada palestinienne en 1987; Néanmoins le parti des Travailleurs quitta le pouvoir en faveur du Likud fort opposant à ce plan qui fut alors ajourné et cela dans la crainte que le mur de séparation ne se transforme en frontière politique après la signature de l’accord d’Oslo en 1992. Avec le déclenchement de l’Intifada de l’Aksa en 2000, et le retour du parti des Travailleurs au pouvoir en Israël, le gouvernement israélien ainsi que des courant efficaces au sein du Likud et de l’opposition israélienne, ont réalisé que l’édification du mur de séparation s’est avéré une question inévitable, un besoin. Barrak qui fut à cette époque chef du gouvernement israélien, était le plus enthousiaste à cette idée ainsi que la sécession des palestiniens avec comme slogan (Nous sommes ici, et eux là-bas). En effet le plan de séparation fut établi, ainsi que l’édification d’un mur séparant le Cisjordanie d’Israël et qui visait à: Fixer des canaux de passage soumis à la surveillance des autorités israéliennes qui conditionneront le passage des personnes désirables ainsi que les ouvriers palestiniens, les marchandises.
Envoyer des patrouilles militaires, appuyées par des moyens d’inspection développés, surveillant le trafic et le transit des marchandises.
Clôturer une partie de ces régions et définir les points de passage des palestiniens en Israël suite à des rapports de sécurité quotidiens. Ceux qui ont établi ce plan ont affirmé qu’il n’est lié d’aucune manière à la définition des frontières mais aux mesures sécuritaires temporaires et n’anticipe pas sur les négociations concernant un accommodement permanent.
Cependant le plan de séparation et l’édification du mur comprenait plusieurs dimensions sécuritaires, dont notamment: l’établissement des régions de séparation au sein de la Cisjordanie et seront nommées régions militaires, l’établissement des canaux de passage qui seront contrôlés par la police israélienne, alors que l’armée israélienne sera responsable de la sécurité, et ce à travers le développement des compétences de l’Intelligence et l’armée en ce qui concerne la lutte contre ce qui fut nommé par le (terrorisme); l’est de Jérusalem fut exclu du plan vu qu’il représente la capitale “d’Israël unie”. Suite à la crise politique connue dans la région à cause du refus des gouvernements israéliens l’exaucement des demandes palestiniennes et l’application des résolutions de la légitimité internationale, l’écart s’est élargi entre les deux parties en cause. Sharon a alors visité la mosquée de l’Aksa sous la surveillance des centaines de soldats israéliens, ce qui constitua la cause directe du déclenchement de l’Intifada, et les réactions israéliennes violentes, l’édification du mur de séparation s’est avérée une des priorités de l’agenda du gouvernement israélien, qui, à son tour ne tarda pas à appuyer cette idée après qu’il l’avait tant opposée pour les raisons déjà citées. Le gouvernement a alors ratifié le plan de séparation et l’édification du mur qui regroupe trois phases principales: la première phase, lors de laquelle sera isolée la région moyenne, allant de la ligne de démarcation avec la Cisjordanie arrivant aux deux côté de Jénine au Nord, jusqu’à Al Latroum au Sud, avec 70 km de long.
Le 29/1/2002 l’édification du mur de séparation avait commencé, tout au long des lignes de démarcation; la longueur de la première cloison, plus de 15000000 m2 de terres palestiniennes furent réquisitionnées. La 2ème phase qui va du Nord de Jérusalem à Allatroun a arrivé à la région Beit Jibril à Al Khalil au Sud, consiste à continuer à édifier le mur - du Nord de la Cisjordanie allant vers son côté Sud.
Le plan de séparation et l’édification du mur reposent du point de vue du gouvernement de Sharon sur l’acharnement à imposer un accommodement temporaire pour plusieurs années, lors desquelles un état quasi palestinien s’établira sur les régions qui furent dans le passé contrôlées par l’autorité palestinienne à la veille du déclenchement de l’Intifada, et qui constituent 42% de la surface totale de la Cisjordanie. Le mur de séparation n’est considéré qu’une simple solution militaire mais implique aussi une dimension politique. Les autorités israéliennes ont réquisitionné plus de 170000000 m2 des terres de la Cisjordanie pour établir le mur et réaliser le plan de séparation.
Le mur a laissé plus de 30 villages palestiniens habités par plus de 35000 personnes dans des régions isolées se situant entre le mur de séparation et la ligne verte et a isolé des cités entières (comme Kalkilia qui fut cernée des 4 côtés et dont les habitants leur était interdit d’exploiter leur territoire ou d’arriver à leurs lieux de travail qu’avec des permis de sécurité). En addition aux dégâts politiques, économiques et sociaux causés aux  habitants palestiniens de la Cisjordanie, l’édification du mur et la réalisation du plan de séparation ont laissé le peuple palestinien dans la Cisjordanie à vivre sous des conditions difficiles et à l’intérieur des geôles et des prisons collectives.
Les répercussions du plan de séparation et l’édification du mur de séparation ne touchèrent pas seulement les palestiniens mais aussi la société israélienne même.
Une étude élaborée par le centre “Gafi” pour les études stratégiques a exprimé que “le mur de séparation a ajouté des fardeaux politiques, sécuritaires, financiers et médiatiques sur Israël. Il n’a pas été à la hauteur des anticipations israéliennes en ce qui concerne l’amélioration de la situation sécuritaire en Israël”. Ajoutons que le mur a consolidé l’image raciste d’Israël et nous a rappelé du système éphémère d’Apartheid (séparation raciste).