عبارة

جردة الحساب
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

تنقضي السّنة فتسرع الهيئات والمؤسسات إلى مراجعة حساباتها في ما مضى، وفي ما هو آتٍ. هناك ربح وخسارة، نجاح لا بدّ أن يجاوره فشل، كما أنّ دروبًا صعبة يجب الابتعاد عنها والإعراض عن سلوكها سعيًا إلى النجاح المضمون وتجنّبًا للخطر.
وحدها المؤسسة العسكرية، تمضي في طريقها كائنةً ما كانت الحسابات، وتستمرّ في تضحياتها زاد الحجم أو ضمر واختصر، فالرسالة هي هي، «والخطى مكتوب أن نمشيها» من دون تعديل ولا تهاون.
إنّ مهمّة يوم واحد هنا، قد تستدعي جهود سنة كاملة، ومتطلّبات سنة كاملة قد يتم تحقيقها في يومٍ واحد، ليستمرّ الاهتمام في باقي الأيام بإنجاز مهمّات أخرى، تكون جاهزة حاضرة هي الأخرى، وتستدعي العجلة والحرص، والأخذ على محمل الجدّ المسؤولية والاهتمام، فالتضحية كبيرة دائمًا، والقضية هي قضية استقرار وطن وسلامة مواطنين.
يسهر الناس احتفاءً باستبدال سنتهم المنصرمة بسنة جديدة تطلّ على الآفاق المجهولة، لعلّهم بذلك يحتفلون بإنجازات حقّقوها، أو يتناسون عثرات تعرضوا لها أو يبثّون الشجاعة في نفوسهم، استعدادًا لملاقاة غدٍ لا علم لديهم بخيره وشرّه، والجندي هو الآخر يسهر في نهاية السنة، إنّما ليس كما يسهر الآخرون، مسرحه مختلف تمامًا، وروّاد مسرحه أيضًا.
إنّه يسهر في كلّ مكان يستدعي الحفاظ على السلامة العامة، وصون التراب الوطني وتفويت فرص العدوان لدى الأعداء عند الحدود، وضبط الأمن في الداخل. أمّا سهرته الشخصيّة والعائليّة فهي مؤجّلة كثيرًا، وربما تكون ملغاة بالتّمام، فقد يستشهد ويمضي بعيدًا، وللأهل ألاّ يعتبوا عليه آنذاك، لقد كانت اللحظات سريعة أمامه كالرياح، وكانت الأخطار داهمة كالصّواعق، وكان النداء الى ساحة الوغى فوريًا. إنّ العتب مرفوع هنا، وملغى، فالوطن يستحقّ كلّ تضحية من جنوده، لتبقى حدوده وسيادته مصونتين، وليستمرّ علمه خافقًا شامخًا فوق كلِّ شبرٍ من ترابه.