نحن والقانون

جريمة تبييض الأموال في القانون اللبناني
إعداد: نادر شافي
محام بالإستئناف

يعتبر تبييض أو غسيل الأموال من التعبيرات التي تم التداول بها في غالبية المحافل المحلية والإقليمية والدولية المهتمة بالجرائم الإقتصادية والأمن الإجتماعي والأمن الإقتصادي. إلا أن ظاهرة تبييض الأموال لا تعتبر حديثة واقعياً، بل تعود الى تاريخ ظهور الجريمة المالية، حيث كان المرتكبون يعمدون الى استعمال الأموال الناتجة عن جرائمهم بشكل يخفي حقيقة مصدرها غير المشروع. ويعود أصل تسمية "تبييض الأموال" أو "غسيل الأموال" الى عصابات المافيا الأميركية الشهيرة في الثلاثينات، حيث تمّ القبض على زعيم هذه العصابات آل كابون سنة 1931 بتهمة وحيدة هي  التهرب من دفع الضرائب. وبعد ذلك توجهت عصابات المافيا الى تأسيس وشـراء مشاريـع قانونية تستخدمهـا في إخفاء أموالها القذرة الناتجة عن العمليات الإجرامية، وكان أبرز تلك المشاريع محـلات الغسـيل أو التبيـيض الآلية أو مؤسسات التنظيف. ومنذ ذلك الحين يُطـلق على هذه العمليات"تبييض أو غسيل الأموال".

 

مفهوم التبييض

تم الإقرار منذ بضع سنوات بأهمية مكافحة تبييض الأموال القذرة كسبيل لدعم المعركة ضد الجريمة المنظمة وخاصة ضد جرائم المخدرات. فتبييض الأموال هو العملية التي من خلالها تسعى المنظمات الإجرامية الى إخفاء نشاطاتها والأموال الناتجة عن تجارتها غير المشروعة، والى تأمين غطاء قانوني لها. وقد عرفته المادة الثانية من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001، بأنه كل عمل يقصد منه إخفاء المصدر الحقيقي للأموال غير المشروعة أو إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت، أو تحويل الأموال أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء مصدرها أو تمويه أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية، أو تملّك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة، أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.


وقد انقسمت التشريعات والآراء الفقهية القانونية في تعريف تبييض الأموال الى قسمين: ضيق وواسع. يقتصر التعريف الضيق على الأموال غير المشروعة الناتجة عن تجارة المخدرات، ومن هذه التشريعات: اتفاقية فيينا عام 1988 والتوصية الصادرة عن مجلس المجموعة الأوروبية عام 1991. أما التعريف الواسع لتبييض الأموال، فيشمل جميع الأموال القذرة الناتجة عن جميع الجرائم والأعمال غير المشروعة. ومن التشريعات التي اعتمدت التعريف الواسع لتبييض الأموال: القانون الأميركي لعام 1986، إعلان المبادئ الخاص لمنع استعمال القطاع المصرفي لتبييض الأموال الموضوع في بازل (Basele)

في كانون الأول 1988، فريق العمل المالي « GAFI »  1 أو « FATF » 2 ­ وهو جهاز تابع لمنظمة التعاون والتنمية الإقتصادية في الأمم المتحدة، مكلّف بالتنسيق الدولي في شأن مكافحة تبييض الأموال.


أما القانون اللبناني فلم يوسع مفهوم تبييض الأموال ليشمل كافة الجرائم التي ينتج عنها أموال غير مشروعة، وكذلك لم يقصر ذلك المفهوم على جرائم المخدرات فقط، بل شمل بالإضافة الى هذه الجرائم الأخيرة الأفعال المعددة في المادة الأولى من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001 المعدلة بالقانون رقم 547/2003.
وتتمثل الطبيعة القانونية لجريمة تبييض الأموال في كونها جريمة اقتصادية، إذ أن الجريمة الإقتصادية هي كل فعل أو امتناع يعاقب عليه القانون ويخالف السياسة الإقتصادية للدولة. كما أن جريمة تبييض الأموال هي جريمة تبعية، من ناحية أولى، لأنها تفترض وقوع جريمة أخرى أصلية سابقة عليها، وهي المصدر غير المشروع للأموال المراد تبييضها. ولكنها تبقى رغم ذلك جريمة مستقلة عن الجريمة الأولى، وهذا الإستقلال هو إستقلال موضوعي يترتب عليه إمكانية ملاحقة الفاعل ومعاقبته، ولو كان فاعل الجريمة الأصلية غير معاقب، لتوافر موانع المسؤولية الجزائية في حقه. ولعل هذه الطبيعة المزدوجة لجريمة تبييض الأموال هي التي تضفي عليها خصوصيتها، بالمقارنة مع غيرها من الجرائم.

 

أركان الجريمة

تتكون جريمة تبييض الأموال، كغيرها من الجرائم، من ركنين، أحدهما مادي والآخر معنوي.

أ- ­ الركن المادي:
من المسلّم به أنه لا جريمة بدون ركن مادي، لأنه المظهر الخارجي لها، وبه يتحقق الإعتداء على المصلحة المحمية قانوناً، وعن طريقه تقع الأعمال التنفيذية للجريمة.


. الأفعال المكونة لجريمة تبييض الأموال:
1-­ فعل الإخفاء: أي إخفاء المصدر الحقيقي للأموال المشروعة. وهذا يعني الحيلولة دون كشف الحقيقة في أمر الجريمة الأصلية التي تحصلت عنها الأموال محل الإخفاء. ويجب فهم الإخفاء على أنه يشمل كل عمل من شأنه منع كشف المصدر الحقيقي غير المشروع، وبأي شكل كان، وبأية وسيلة، سواء كان هذا الإخفاء مستوراً أو علنياً كشراء الشيء المتحصل عن السرقة. أو اكتساب الأموال غير المشروعة بطريقة الهبة أو الوديعة أو المعاوضة أو الإجارة أو غير ذلك.


2-­ إعطاء تبرير كاذب لهذا المصدر بأي وسيلة كانت: كالتصريح بأن الأموال المبيضة هي أرباح ناتجة عن نشاط شركة معينة أو مشروع معين.


3-­ تحويل الأموال أو استبدالها: إن تحويل الأموال أو استبدالها، مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض إخفاء مصدرها أو تمويهه أو مساعدة شخص ضالع في ارتكاب الجرم على الإفلات من المسؤولية، يعتبر فعلاً من الأفعال المكونة لجريمة تبييض الأموال.


4-­ تملك الأموال غير المشروعة أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها: وذلك من أجل شراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.

 

. المصدر غير المشروع للأموال المبيضة:
يجب أن تكون الأموال محل التبييض ذات مصدر غير مشروع. وقد حصر المشرّع اللبناني جريمة تبييض الأموال بالأموال غير المشروعة الناتجة عن ارتكاب إحدى الجرائم الناتجة عن زراعة المخدرات أو تصنيعها أو الإتجار بها، والأفعال التي تقدم عليها جمعيات الأشرار (المنصوص عليها في المادتين 335 و336 عقوبات) والمعتبرة دولياً جرائم منظمة، وجرائم الإرهاب (المنصوص عليها في المواد 314 و315 و316 عقوبات)، وتمويل أو المساهمة بتمويل الإرهاب أو الأعمال الإرهابية أو المنظمات الإرهابية بحسب قانون العقوبات اللبناني، والإتجار غير المشروع بالأسلحة، وجرائم سرقة أو اختلاس الأموال العامة أو الخاصة أو الإستيلاء عليها بوسائل احتيالية أو بالتزوير أو بإساءة الأمانة الواقعة على المصارف والمؤسسات المالية، وتزوير العملة وبطاقات الإئتمان والدفع والإيفاء أو الأسناد العامة أو الأسناد التجارية بما فيها الشيكات (وفقاً للمادة الأولى من قانون رقم 318/2001 المعدلة بالقانون رقم 547/2003).


. الشروع في تبييض الأموال (المحاولة):
الشروع وفقاً للمادة 200 من قانون العقوبات اللبناني هو كل محاولة لارتكاب جناية بدأت بأفعال ترمي مباشرة الى اقترافها، إذا لم يحل دون اتمامها سوى ظروف خارجة عن إرادة الفاعل. وبالتالي فإن كشف القيام بأعمال مادية أو قانونية بهدف تبييض الأموال قبل تحقيق الغاية الجرمية المقصودة من أصحاب الأموال المشبوهة، يشكل محاولة أو شروعاً في جريمة تبييض الأموال يعاقب عليها القانون.

 

. الإشتراك في الجريمة:
عاقبت المادة الثالثة من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001 كل من أقدم أو تدخل أو اشترك بعمليات تبييض الأموال. ويتركز الإشتراك الجرمي في هذه الحالات (الشريك والمتدخل) على الإشتراك أو التدخل في الأفعال المكونة لجريمة تبييض الأموال.

 

ب- ­ الركن المعنوي:
الركن المعنوي هو الحالة النفسية الكامنة وراء ماديات الجريمة. فلا يمكن أن يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد أقدم على الفعل عن وعي وإرادة (م 210 عقوبات). ويتخذ الركن المعنوي إحدى الصورتين التاليتين: القصد الجرمي، أو الخطأ غير المقصود. وقد نصت المادة الثانية من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001 على أنه "يعتبر تبييض أموال كل فعل يقصد منه..."، وبذلك يتبين أن جريمة تبييض الأموال هي جريمة قصدية، يقتضي لقيامها توافر القصد الجرمي، ولا يكفي لقيامها توافر الخطأ عند وقوع إهمال أو قلة احتراز أو عدم مراعاة القوانين والأنظمة. وينبغي لمساءلة الفاعل جزائياً، أن يتوافر لديه القصد العام والقصد الخاص.
القصد العام هو إرادة الجاني باقتراف الركن المادي للجريمة مع العلم به وبالعناصر التي يتطلبها القانون. وبذلك فإن القصد العام في جريمة تبييض الأموال هو: العلم بالمصدر غير المشروع للأموال المراد تبييضها، وإرادة سلوك تبييض الأموال.
أما القصد الخاص فيتحقق في جريمة تبييض الأموال عند التثبت من إرادة إخفاء أو إعطاء تبرير كاذب للمصدر غير المشروع للأموال أو تمويلها أو استبدالها مع العلم بأنها أموال غير مشروعة لغرض اخفاء أو تمويه مصدرها، أو تملك تلك الأموال أو حيازتها أو استخدامها أو توظيفها لشراء أموال منقولة أو غير منقولة أو للقيام بعمليات مالية مع العلم بأنها أموال غير مشروعة.

 

العقوبة والخطوات المعتمدة

نصت المادة الثالثة من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001 على أنه يعاقب كل من أقدم أو تدخل أو اشترك بعمليات تبييض الأموال بالحبس من ثلاث سنوات الى سبـع سنـوات أو بغرامة لا تقـل عن عشرين مليـون ليـرة لبنانية. هذا بالإضافـة الى مصادرة الأمـوال المنقولـة أو غير المنقولة التي يثبت بموجب حكم نهائي أنها متعلقة بأي من الجرائم المذكورة في المادة الأولى من القانون أو محصّلة بنتيجتها، ما لم يثبت أصحابها قضائياً حقوقهم الشرعية بشأنها (المادة 14).
تعتبر جريمة تبييض الأموال من الجرائم الدولية والمنظمة، حيث يقوم المبيضون بارتكاب أفعالهم في عدة دول، مستفيدين من الانفتاح الاقتصادي والإجتماعي والسياسي للدول، مسخرين التطورات التكنولوجية الحديثة لخدمة مآربهم الجرمية. ويعمد المبيضون الى استعمال وابتكار تقنيات متطورة جداً للقيام بعملية تبييض أموالهم القذرة وشرعنتها عبر عدة مراحل منظمة. وينتهي ذلك الى نتائج إقتصادية واجتماعية وسياسية خطيرة.
إن موقع لبنان كمركز مصرفي ومالي ذي بعد إقليمي، بالإضافة الى قطاعه المالي الناشط وانفتاحه الدولي، هي من الأسباب التي دفعته الى الإهتمام بمكافحة تبييض الأموال على نطاق واسع. ومن أبرز الخطوات التي اعتمدها لذلك:


. الموافقة على اتفاقية الأمم المتحدة للعام 1988: المتعلقة بالإتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية، وذلك بموجب القانون رقم 426/95. وقد كانت هذه الموافقة مشروطة لجهة تحفظ لبنان حول عدم تطبيق النصوص التي تمس بسرية العمليات المصرفية، ثم ألغيت هذه التحفظات بموجب قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001.

 

. اتفاقية الحيطة والحذر: أقرت جمعية مصارف لبنان والمصارف الأعضاء في الجمعية اتفاقية الحيطة والحذر أواخر عام 1996. وقد حددت هذه الاتفاقية أطر ووسائل دعم الوقاية من تبييض الأموال عن طريق: تجنب استخدام المصارف لأغراض تبييض الأموال الناتجة عن الإتجار غير المشروع بالمخدرات، والتحقق من هوية المتعاقد عملاً بمبدأ "إعرف زبونك" (Know Your Customer) ، وتحديد صاحب الحق الإقتصادي، ومراقبة العمليات وخصائصها، وعمليات تدريب لموظفي المصارف.

 

. القانون رقم 673/98 (قانون المخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف): يعتبر هذا القانون خطوة كبيرة ومهمة في لبنان، حيث دخلت للمرة الأولى في التشريع اللبناني عبارة تبييض الأموال في المادة الثانية منه، وقد اعتبر أن تبييض الأموال الناتجة عن تجارة المخدرات يشكل جريمة يعاقب عليها القانون بالأشغال الشاقة المؤقتة، وقد تصل الى المؤبدة في بعض الحالات، بالإضافة الى غرامة تتراوح بين 25 مليون ومئة مليون ل.ل.، وفقاً للمادة 132 من هذا القانون (وقد ألغيت المادة المذكورة بموجب المادة 15 من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001).


. التعاميم الصادرة عن سلطات رقابية لبنانية:


­ التعاميم والقرارات الصادرة عن مصرف لبنان:

* التعميم رقم 1792 تاريخ 21/1/2000: يطلب الى المصارف كافة العاملة في لبنان التقيد بأحكام اتفاقية الحيطة والحذر حول الإلتزام بمكافحة عمليات تبييض الأموال.
* التعميم رقم 1873 تاريخ 15/12/2000: يتعلق بالرقابة الداخلية على المصارف، عبر إنشاء وحدات إدارية ووضع أنظمة للرقابة الداخلية لديها، وإنشاء وحدة تدقيق داخلي تكون مستقلة إستقلالاً تاماً عن إدارة المصرف، أو تكليف مؤسسة متخصصة للقيام بمهام التدقيق الداخلي ضمن شروط محددة. هذا بالإضافة الى إجراءات عدة تعزز فعالية الرقابة الداخلية.

* القرار رقم 7818 تاريخ 18/5/2001: المعدل بالقرار رقم 8142 تاريخ 31/5/2002 وبالقرار رقم 8488 تاريخ 17/9/2003، يتعلق بوضع نظام مراقبة العمليات المالية والمصرفية لمكافحة تبييض الأموال.

 

­ التعاميم الصادرة عن لجنة الرقابة على المصارف:

* التعميم رقم 26 تاريخ 25/1/2000: يطلب من مفوضي المراقبة لدى المصارف إعداد تقارير خاصة سنوية، بمدى تقيد المصارف بإجراءات مكافحة تبييض الأموال، وإرسال نسخة عنها الى اللجنة، والقيام بإجراءات المراجعة وفقاً لمعايير التدقيق الدولية، وذكر تقيد أو عدم تقيد المصارف بها.
­ التعاميم الصادرة عن جمعية مصارف لبنان:
إضافة الى إتفاقية الحيطة والحذر المعقودة بين جمعية مصارف لبنان وبين المصارف الأعضاء، صدر عن هذه الجمعية التعميم رقم 30 تاريخ 25/8/1998، متضمناً الإجراءات الموحدة للمراقبة على مكافحة تبييض الأموال في إطار اتفاقية الحيطة والحذر.

 

­ التعاميم الصادرة عن هيئة التحقيق الخاصة:
* الإعلام رقم (1) تاريخ 4/7/2001: الذي طلب الى كافة المؤسسات غير الخاضعة لقانون السرية المصرفية للعام 1956 بما فيها المؤسسات الفردية، التقيد بأحكام قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001، وإلزامها بمسك سجلات خاصة بالعمليات التي تفوق قيمتها مبلغ عشرة آلاف دولار أميركي أو ما يوازيه، والإبلاغ عن العمليات المشبوهة لتبييض الأموال.

* الإعلام رقم (2) تاريخ 20/7/2001: الذي طلب الى جميع المصارف والمؤسسات إرسال تفاصيل المعلومات المتعلقة بعمليات يشتبه بأنها تخفي تبييض أموال، ضمن مغلف يحمل بشكل واضح عبارة "سري جداً"، وموجه الى أمانة سر هيئة التحقيق الخاصة.

* الإعلام رقم (3) تاريخ 16/10/2001: الذي وضع نموذجاً للإبلاغ عن عمليات تبييض أموال مع سائر المستندات المتعلقة بالعمليات.
. التقرير السنوي لهيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال تاريخ 26/3/2003: الذي أشار الى رفع السرية المصرفية عن 79 حالة من أصل 103 حالات أخضعت للتحقيق تتعلق بجرائم إرهاب واختلاس أموال عامة وخاصة وتزوير عملة ومخدرات وإتجار غير مشروع بالأسلحة وجرائم منظمة. ولم يتم تجميد أرصدة حسابات على خلاف عام 2001 حيث تم تجميد نحو 9.7 مليارات ل.ل. (2.5 مليون دولار أميركي)، وبلغ حجم العمليات المشبوهة نحو 8.18 مليون دولار أميركي.

 

. إصدار قانون خاص لمكافحة تبييض الأموال:
على أثر ورود إسم لبنان بين 15 دولة على لائحة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة تبييض الأموال بتاريخ 22/6/2000، الصادرة عن الـ"غافي"، سارعت الحكومة اللبنانية الى إعداد مشروع قانون آخر لمكافحة جرائم تبييض الأموال، وتم إقراره في الهيئة العامة لمجلس النواب بتاريخ 10/4/2001. ويعتبر هذا القانون خطوة جريئة متقدمة ومهمة جداً، إضافة الى قانون الإثراء غير المشروع رقم 154 تاريخ 27/12/1999 والقانون رقم 253 تاريخ 30/1/2000 المتعلق بإلغاء نشاطات "الأوف شور" المصرفية والمالية. وقد صرحت مجموعة "غافي" بأن لبنان بدأ باتخاذ الإجراءات المطلوبة لرفع اسمه عن لائحة الدول غير المتعاونة في مجال مكافحة تبييض الأموال، وبات مستوفياً 23 معياراً من أصل 24 لمكافحة التبييض، على أساس أن المعيار الرابع والعشرين (وهو قضية التهرب من دفع الضرائب)، لم يعتبر كمصدر للأموال المبيضة في لبنان. وقد تضمن هذا القانون تحديد مفهوم تبييض الأموال، والمقصود بالأموال غير المشروعة، وإلزام المؤسسات المالية بالتحقق من هوية الزبائن، ومراقبة العمليات المصرفية، وإنشاء هيئة تحقيق خاصة ومستقلة (SIC) ، رئيسها حاكم مصرف لبنان أو من ينتدبه، وأعضاؤها هم: رئيس لجنة الرقابة على المصارف أو من ينتدبه، وقاض موجود في الهيئة المصرفية العليا أو رديفه، وعضو أصيل آخر رديف يعينان من الحكومة. ومهمة الهيئة التحقيق في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض أموال. كما ألزمت المؤسسات المالية بالإبلاغ فوراً عن تفاصيل العمليات المشتبه بها، ولهيئة التحقيق الخاصة الحق بتجميد الحسابات المشبوهة أو تحريرها، كما يتم بموجب هذا القانون تعيين جهاز إداري يسمى الوحدة الإدارية لجمع المعلومات المالية وإبلاغ الهيئة عن جرائم تبييض الأموال. كما تم إلغاء التحفظات الواردة على إنضمام لبنان الى اتفاقية فيينا للعام 1988، وعدم الإعتداد بالأحكام المخالفة لهذا القانون لا سيما ما يتعلق بالسرية المصرفية وقانون المخدرات رقم 673/1998، ثم صدر مؤخراً القانون رقم 547 تاريخ 20/10/2003 الذي عدّل المادة الأولى من قانون مكافحة تبييض الأموال رقم 318/2001، بشأن الأموال غير المشروعة المقصودة في جريمة تبييض الأموال.

لقد كان للتعاون الذي بذله وما زال يبذله لبنان في مكافحة ظاهرة تبييض الأموال، أثر كبير في رفع اسمه عن لائحة الدول الـ15 غير المتعاونة في موضوع تبييض الأموال، من قبل مجموعة الـ"غافي" في اجتماعها السنوي في 20 حزيران 2002، بعد أن أصبحت تشريعاته وأنظمته متوافـقة مع المعايير الدولـية، ونظـراً لما تم إنجازه على الصعيدين القانوني والعملي.

وتجدر الإشارة الى أن وضع إسم لبنان على لائحة الدول غير المتعاونة، كان سيؤثر سلباً بلا شك على الإستثمارات الأجنبية، ويعرضه لعقوبات لا قدرة له على تحملها، كإعاقة كل العمليات المالية مع دول العالم وتعريض سمعته دولياً، والحد من علاقاته الدولية في شتى الشؤون المالية وغير المالية، كالثقافية والإجتماعية والسياحية وخلافه.

هوامش:

1- Le Groupe d’action Financière International contre le blanchiment des capitaux (GAFI) .
2- Financial Action Task Force on Money laundering FATF))