سياحة في الوطن

جزء من ترابتها في كل بناء لبناني
إعداد: جان دارك أبي ياغي - كارلا حداد

شكا المستلقية بين الجبل والبحر

 هل تستطيع إرساء شراكة بين ما وهبته الطبيعة وصنعه الإنسان؟

اشتهرت بلدة شكا بحمل تاجين: تاج البناء للعطاء وتاج الجمال. كيف لا، وهي المستريحة في المنبسط الضيّق بين الجبل والبحر، على جمال لافت لتشكل جوناً طبيعياً بين رأس أنفة ورأس الشقعة. وهي البلدة التي تعتبر من أكبر قواعد الصناعة في لبنان.
ولا يمكن الحديث عن شكا من دون ذكر صناعة مواد البناء على أنواعها، وخصوصاً صناعة الترابة (الإسمنت)، ويمكن القول مع المؤرخ جورج البرجي إن جزءاً من تراب شكا موجود في كل بناء حديث على الأراضي اللبنانية.
من ناحية أخرى تشهد المعالم الأثرية في البلدة لماضيها العريق، ومنها: ميناء الحبقة الذي يحتضن أبنية تشكل نموذجاً لتراث معماري جميل، والسوق القديم الذي أعيد ترميمه مع الحفاظ على طابعه العريق.
مجلة «الجيش» جالت في أحياء شكا القديمة منها والحديثة، وتعرفت الى ما لهذه البلدة من تاريخ وجذور أصيلة يفتخر بها أبناؤها.

 

لمحة تاريخية
شكا حصيلة هجرتين متتاليتين، الأولى زراعية بدأت مع نهاية حروب المير يوسف شهاب في أواخر القرن الثامن عشر، والثانية صناعية بدأت مع بناء مؤسسات الإسمنت في الثلث الأول من القرن الماضي.
ومع أن البلـدة حديثة العهد، إلا أن ذكرها ورد في التاريخ القديم بدءاً بالفينيقيين مروراً بباقي الحقبات والعصور حيث ظهرت ثم امّحت، لتعود مجدداً حتى باتت ما هي عليه اليوم. أما بداية عهدها الحديث فتعود الى زمن المتصرفية حيث اضطلعت بدور مع بروز حركة يوسف بك كرم.
كما كانـت في طليعة بلدات الشمال التي تأسست فيها لجنة بلدية العام 1895 ومن ثم مجلس بلدي، وقد تعرّضت في إبّـان الحرب العالمية الأولى للقصف البحري، وتأثرت إيجاباً بالحرب العالمية الثانية لأنها كانت منذ الثلاثينيات في القرن الماضي محط أنظار رجالات الصناعة، فازدهرت ونمت وولّد هذا الواقع تأثيراً كبيراً على السكان المنتشرين فيها والوافدين اليها.
تتميز شكا عن غيرها من البلدات اللبنانية بأنها تمازج فريد غير متجانس ولكنه مسالم، نشأ ونما في ظل صناعة مزدهرة وشكّل ظاهرة اقتصادية واجتماعية لم تتكرر. وهي تشكّل نقطة اتصال وتجاذب هامة بين المناطق والطوائف والأفكار السياسية.


بين فقش الموج وسفوح التلال
شكا بلدة ساحلية لبنانية، يغسل البحر أقدامها وتنتشر مساكنها من فقش الموج حتى سفوح التلال الرابضة على كتفها، فتغفو على لفحات الريح الغربية لتستيقظ على النسمات الشرقية الناعمة.
تقع هذه البلدة ضمن نطاق محافظة لبنان الشمالي وهي تتبع إدارياً لقضاء البترون. من الناحية الشرقية تحيط بها مجموعة من القرى الصغيرة المعلّقة هضباتها كذكرون وبدبهون وبرغون وكفرحزير، وقرى القويطع مثل المجيدل وكفريا، ويحدها البحر المتوسط غرباً وبلدة الهري جنوباً، أما شمالاً فتتصل أراضيها بأراضي بلدة أنفة المتاخمة لها.
يمر الطريق العام الذي يصل طرابلس ببيروت في وسط شكا، وهي تبعد حوالى 17 كلم عن طرابلس لجهة الجنوب و13 كلم عن البترون لجهة الشمال و9 كلم عن أميون لجهة الغرب. تتأثر هذه البلدة بمناخ البحر فمناخها متوسطي.
وشكا مركز مواصلات هام فهي تربض على شاطئ البحر وترتبط بالطرقات المؤدية الى المناطق اللبنانية كافة، وذلك منذ زمن المتصرفية يوم وصلتها الطريق عبر نفق رأس الشقعة قبل أن يصل اليها الأوتوستراد الجديد من قلعة المسيلحة.

 

لفظ شكا
ورد لفظ شكا في عدة كتب وفي حقبات مختلفة، فاللفظ كان معروفاً منذ القدم فقد وردت لفظة «شكّى» في معجم البلدان لياقوت الحموي على أنها ولاية في أرمينيا مشهورة بجلودها. وفي التاريخ الغابر منذ القرن الرابع عشر قبل الميلاد ورد هذا اللفظ تحت إسم «شيكاتا» (Sigata). ويظهر أن شيكاتا هذه التي وردت في رسائل تل العمارنة (مع أنفة وأردة وأميون) هي بحكم موقعها الجغرافي في منطقة شكا الحالية التي كانت تقع ضمن نطاق مدن فينيقيا على الساحل اللبناني.
أما إذا تصفحنا كتاب أنيس فريحة «معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية» فنجد أن شكا (Shukketta - Shikka) تعني الطين والحصاة والترسبات. ويضيف قائلاً ربما هي المدينة التي ورد ذكرها في رسائل تل العمارنة (Shi - ga - ta) وقد تكون من الجذر نفسه الذي منه شكيك (الطلاء والطين).
ومثلما كانت شكا بلد الحوارة والطين والتربة فهي اليوم بلد الترابة (الإسمنت) ويبدو أن هذا متأصل في تراثها.

 

تطوّر في مستوى الخدمات
قبل العام 2002، كانت قوة من الجيش اللبناني تشغل مبنى البلدية، الى أن تولّى السيد فرج الله اسكندر كفوري رئاسة بلدية شكا، فأمّن قطعة أرض مع بناء لائق في منطقة شكا العقارية (مساحتها 20 ألف م2) على نفقته الخاصة، على أثرها انتقل الجيش اللبناني الى المبنى الجديد، وانصرفت البلدية الى تأهيل مبناها من الخارج والداخل، فتمّ تجهيزه بأثاث جديد للمكاتب وغرف الموظفين، كما أعيد تكوين الأرشيف وتنظيمه، ودخلت البلدية عصر الكومبيوتر والبرمجة عبر تعاون مع جامعة نيويورك (ALBANI) الممولة من وكالة التنمية الأميركية لتفعيل العمل البلدي ومكننته.


في رحاب البلدية
يعود تطوّر مستوى الخدمات في بلدية شكا الى تعاون أعضاء مجلس بلديتها للنهوض بالبلدة على الصعد كافة ما ترك أثراً إيجابياً في الميادين شتى: التربوية، الرياضية، الصحة، الزراعة، الطرقات، الكهرباء، البيئة، السياحة، التجارة. رئيس البلدية فرج الله كفوري يؤمن بالعمل التجاري ويعتبره الأنجح. وهو يتحدث عن الخدمات التي أمنتها البلدية قائلاً: «اهتمت البلدية بتحسين طرقات البلدة وشق أخرى جديدة، وذلك في إطار خطة شملت تأهيل الشارع الرئيس للبلدة عن طريق صيانة المباني الأثرية وطلائها من جديد بشكل مريح للنظر، ما أضفى عليها مسحة جمالية ميّزتها عن باقي البلدات المجاورة».
وشملت الأعمال تأهيل نفق تحت الأوتوستراد يربط حي البلاط بحي البحر مروراً بطريق أمام جامعة الكسليك في حي الرهبان، وتنظيف مجاري الأنهر، وتأهيل أقنية مياه الأمطار، الى بناء حيطان دعم في بعض الأحياء وإنشاء شبكات إنارة عامة على الطرق.
وفي مجال آخر، أنشأت بلدية شكا في بعض النقاط الرئيسة سبل المياه مع تأمين المصافي وذلك بالتعاون مع لجان الصداقة اليابانية - اللبنانية. كما أنها لم تألُ جهداً في موضوع النظافة، فدأبت على جمع النفايات ونقلها الى المطامر وتنظيف الشوارع يومياً ورش المبيدات لمكافحة الحشرات الضارة في الشوارع والبيوت، ورش الشواطئ البحرية في فصل الصيف. هذا الى تنظيف الحشائش على جوانب الطرقات، وتنظيف الأقنية للطرقات، ووضع صناديق للنفايات في كل أنحاء البلدة حفاظاً على النظافة العامة. وبالتعاون بين الدولتين اللبنانية والفرنسية تمّ إنشاء محطة تكرير للصرف الصحي في بلدتي شكا وأنفة بتمويل من الوكالة الفرنسية للتنمية والدولة اللبنانية.
ولإبراز وجه شكا الجمالي والحضاري، قامت البلدية بإنشاء الحدائق العامة، وزرع جوانب الطرقات الداخلية بأشجار النخيل والزيتون والليمون وأشجار الزينة، كما زرعت مستديرتين بالعشب الأخضر والزهور عند مدخل شكا الجنوبي.
ومن المشاريع المستقبلية لبلدية شكا إنشاء مستشفى مجاني على عقار تملكه في البلدة بإدارتها الخاصة، يعمل فيها أبناء البلدة بالتعاون مع أطبائها، لتأمين الخدمات الطبية للسكان الذين تزايد عددهم.
هذه الإنجازات يضعها رئيس البلدية في خانة «خطة تجميل البلدة... إلا أن الطموحات كبيرة لناحية النهوض بالبلدة بشكل يضعها في مصاف البلدات الكبرى في لبنان، بحيث تصبح كل الخدمات فيها مؤمنة، من أجل راحة السكان والمواطنين فيها».

 

سوق شكا القديم في حلة جديدة
ارتدى السوق القديم في بلدة شكا حلة جديدة بعدما أنهت البلدية أعمال تأهيله وترميمه. ويلاحظ المتجولون في السوق مدى التغيير الذي طاله، لناحية تجميل المباني المحيطة، التي عملت البلدية على إعادة تأهيلها وطلائها بألوان تتلاءم مع تاريخها، مع مراعاة الطابع القديم للأبنية في بعض الأماكن والحديث في أمكنة أخرى. ويُعدّ السوق القديم واجهة شكا الرئيسة، لناحية موقعه على الطريق الساحلي القديم المؤدي الى بيروت، الذي يشق السوق في الوسط، وتنتشر المحال التجارية على جانبيه.
وقد تولّت البلدية دفع أكلاف ترميم السوق الأساسي وواجهات المحّال التجارية. شملت أعمال الترميم تنظيف واجهات المحال وإبراز الحجر الرملي بواسطة ضغط المياه (الضرب بالماء)، وتكحيله بالكلس الطبيعي مع إعادة ترميم الأبواب الخشبية المحافظة على التراث القديم للسوق وإزالة اعتداءات الباطون. هذا المشروع تأمل البلدية أن يساهم في إنهاض بلدة شكا تجارياً، إقتصادياً وسياحياً.

 

المركز الأول
لصناعة الإسمنت في لبنان
تشتهر شكا اليوم على أنها بلدة الإسمنت في لبنان. ومردّ ذلك الى امتدادها على طول الشاطئ ما يسهّل عمليات النقل والتفريغ بحراً، كما أن مناطقها غنية بالتربة التي تتوافر فيها المواد التي تدخل في صناعة الإسمنت (مارن وكالكير)، بالاضافة الى سهولة إستخراج هذه الأتربة، وهذا ما حدا بمؤسسات الإسمنت في شكا الى امتلاك حوالى ثلاثة ملايين متر مربع من الأراضي في المنطقة والجوار. وقد بوشر ببناء المصانع منذ العام 1929 فتوزعت على مداخل شكا الشمالية والجنوبية وبعض هضباتها الشرقية.
مع إنشاء مصانع الترابة في شكا، قام كل مصنع في ما بعد بإنشاء مرفأ خاص به حيث أصبح يستقبل المراكب والسفن على اختلافها لشحن البضاعة الصادرة وتفريغ الواردة. ويوجد حالياً مرفآن في شكا أحدهما عائد لشركة الترابة اللبنانية قديماً (اليوم هولسيم)، والآخر لشركة الترابة الوطنية (السبع) يقتصر عملهما على شحن وتفريغ الترابة والجفصين والمحروقات وباقي المواد التي تدخل في صناعة الترابة، أما المرفأ القديم (الحبقة) الذي عرف الازدهار التجاري، قد تحوّل الى ميناء ترسو فيه زوارق الصيـد الصغيرة والخاصة، وهو يعجز حالياً عن استقبال أي مركب شراعي أو أي زورق كبير.

 

ازدهار الصناعة
والحفاظ على البيئة!
مع توطّن الصناعة في شكا، بدأت البلدة تشكو من التلوث والضرر الذي تسببه المصانع. إذ أصبح الجو مشحوناً بالغبار وبالغازات السامة التي تتسرّب من بقايا المحروقات وذلك بسبب عدم تزويد المصانع فلاتر ضد التلوّث وغياب المراقبة الصحية الفعّالة، وعدم انتهاج سياسة واعية تحد من خطر هذا التلوث.
إزاء هذا الواقع كان لا بدّ من درس المشكلات البيئية القائمة في شكا وتحديدها ووضع الآليات والحلول المناسبة لها. فتمّ الاتفاق بين البلدية والشركات على حلول قريبة المدى وأخرى بعيدة المدى ومستدامة.
المدير الإداري لشركة الترابة الوطنية (السبع) الأستاذ روجيـه حداد تحدّث عن النتائج التفصيلية لدراسة قياس الملوّثـات في الهواء في منطقـة شكـا الصناعية وقرى الكورة التي قام بها اختصاصيون بعلـم البيئة، وهي ثمرة شـراكة بيئيـة مستدامـة بين وزارة البيئة والمحافظة وبلدية شكا والشركات الصناعية. وقد أظهرت هذه الدراسة أن معدل نسبـة ثاني أوكسيد الكبريت وثاني أوكسيد الأزوت والغاز الفحمي والغبار في الهواء في مناطق شكا وكفريا وكفرحزير وفيع وأنفة، هي نسب مقبولة صحياً ومعمول بها عالمياً، مع الإشارة الى أن هذه النسب ترتفع في فترة محددة من السنة (أواخر الصيف ومطلع الخريف)، لتعود الى الانخفاض مع هطول الأمطار وتستمر منخفضة حتى بداية الصيف.
ويقول حداد إن التعـاون قائم بين مختلف الجهات المعنية لتحسيــن الوضـع البيئي، وتخفيض كمية ثاني أوكسيد الكبريت، عبر التزام مبادئ التنمية المستدامة ما يتيح الاستفادة من الفرص التي توفرها الصناعة مع مراعاة البيئة.
وفي الختـام، شـدّد الأستاذ روجيـه حداد على أن شركة الترابة الوطنية تلتزم المواصفات والمعايير البيئية بحسب المسموح به في القانون الأوروبي (50 ملغ) وليس بحسب المسموح به في القانون اللبناني (150 ملغ)، مما خوّلها الحصول لأول مرة على شهادة ISO - EMS (Environment Management System) العام 2004 والصادرة عن شركة «VDZ» الألمانية وهي شركة متخصصة في صناعة الإسمنت، كشهادة «حسن سلوك» تجاه البيئة.


هيهات لو تعود
خلال جولتنا في أرجاء بلدة شكا، التقينا السيد أمين عبود البالغ من العمر 90 عاماً، وهو كان عضواً سابقاً في بلدية البلدة.
تعود الذاكرة بعبود الى عقود خلت حين كانت المواسم الزراعية مصدر العيش في البلدة. يتذكر تعاون الأهالي في الحصاد، ونكهة التين (الشكّاوي)، وقطف الزيتون... ثم نسج الحرير وصناعة الفخار والصابون، البناء القديم والقرميد، ومياه شكا، والاحتفال بعيد مار شليطا الذي كان يميز شكا عن غيرها من المناطق قديماً.
وإذ نستودعه يصر على التعبير عن أسفه لما آلت اليه أحوال البلدة اليوم: تراجع قطاع الزراعة على حساب شركات الأتربة وانصراف المزارعين الى الأعمال الصناعية التجارية.
نودع السيد عبود ونتابع جولتنا لنتعرف أكثر الى واقع الحياة في شكا حالياً.


الوجه الآخر
تتعاون بلدية شكا مع الفنانين والرياضيين والبارزين من أبنائها ليساهم الجميع في نهضة بلدتهم.
شربل حرب كاتب ومخرج مسرحي، أسس العام 1996 فرقة الأحلام الفنية في شكا، التي باشرت أعمالها بمسرحية «غنّوج الماما»، ومع الدعم البلدي كان للفرقة عمل آخر سيعرض الصيف المقبل.
كما يقوم حرب بالتحضير لفيلم سينمائي برعايـة وزارة الثقافة وبدعم من بلدية شكا بعنوان «كشّاف واكتشاف»، يتحدث عن الحياة الكشفية ويعالج انعكاسات الكمبيوتر السلبية على الأولاد وكيفية الحفاظ على البيئة، سيعرض هذا الفيلم في صالة الأونيسكو في تشرين الثاني القادم.
ويؤكد حرب إن شكا ليست منطقة صناعية وحسب، إنما نجد فيها مواهب كثيرة بحاجة الى من يُطلقها، وهو شخصياً يهتم بعدد كبير من المواهب في مجالي الإخراج والتمثيل، والهدف إظهار الوجه الآخر للبلدة.
لم تشتهر شكا بشركات الترابة، بالرياضة، وبصيد الأسماك فحسب، بل اشتهرت ايضاً بالنحت.
وإذ نسأل عن صانع التماثيل التي تزين شوارع شكا، يدلنا البعض الى محل الفنان طوني رزق الله.
نقصد المحل ونتعرف الى صاحبه المتخصص في الديكور الداخلي والذي يتابع مسيرة بدأها والده من قبله.
بدأ رزق الله النحت في عمر الثانية عشرة، حين قام بنحت تمثال صغير. موهبته نمت وعبّرت عن نفسها من خلال أعماله الكثيرة بقياسات كبيرة، وبمواد مختلفة.
وإضافة الى الأعمال التي أنجزها لصالح بلدته ثمة أخرى يعمل على تحقيقها بالتعاون مع البلدية.
 
الرياضة
تحاول استعادة مكانتها
لــم تكــن الجـولـة لتكـتمـل مـن دون التطـرق الى الرياضــة، التي عرفـت في شكـا نشـاطـاً واسعـاً.
 الأستاذ كميل داغر مدرّس تربية بدنية في شكا وبطل رمي الرمح في لبنان عاد بنا الى مطلع السبعينيات، فقال:
قبل العام 1975 كان في شكا فريق كرة قدم، فريق كرة سلة وفريق كرة طائرة، كما أنه وبحكم محاذاة شكا للبحر ظهر بين أبنائها العديد من الرياضيين اللامعين في السباحة والغطس وسواهما فضلاً عن أبطال ألعاب القوى كزينة سمعان بطلة سباق الضاحية، وابراهيم كفوري بطل 3000 م. وأشار الى أن شكا امتازت قديماً بدوريات كرة القدم والكرة الطائرة بين فرق البلدة وفرق من خارجها ومن خارج لبنان.
إلا أن الرياضة وكما ذكر داغر تراجعت بعد الحرب بسبب الهجرة وضعف إمكانات الأندية المادية التي أدت باللاعبين الى التخلي عن الرياضة للبحث عن فرص العمل.  
أمّا اليوم وبحسبه فالعمل جارٍ على إيجاد ملاعب رياضيـة حيث تمّ استحداث ملعب كرة قدم. وتقـوم البلدية بدعم الجماعات الرياضية مادياً عبر ميزانية سنوية، بالاضافة الى قيامها بنشاطات في المواسم والأعياد، من بينها المهرجان الصيفي السنوي.


عائلات شكا
لكل عائلة في شكا تاريخها الخاص بها وأصلها المميز
بالاضافة الى العائلات التي اختلطت بأنساب عائلات أخرى... ومن بين هذه العائلات:
يونس، العتيق، الراعي، الحلال، الحاج، الصيفي، شاهين، روكز، المكش، رزق، ضاهر، نافعة، المير، شلفون، رومانوس، فدعوس، حداد، الزغبي، كرم، كفوري، أبي صالح، الديري، فرح،
زوين، نعمة، الهد، متري، عواد، إندلفت، منصور، درويش، إسماعيل، مانع، حرب،
أبو نقولا، رزوق، فارس، المزرعاني، الشامي، سلوم، رباط، إسحق، الطويل، سركيس...


مدارس شكا
من الأشخاص الذين تركوا بصمات ظاهرة في مجال التعلّم والتعليم العالي في منطقة شكا الأستاذ هنري عزيز نجم الحائز كفاءة تعليمية في الفلسفة والعلوم الاجتماعية ودبلوم دراسات عليا في الحقوق، وهو يتمتع بثقافة شاملة، وبجهوده تأسّست ثانوية شكا الرسمية العام 1974 وتولّى إدارتها فترة من الزمن، وهي لم تزل حتى اليوم تسير في طريق النجاح والتقدّم.
قال الأستاذ نجم: «في أوائل النصف الأول من القرن العشرين لم يكن هناك مدارس خاصة أو رسمية تتوافر فيها الشروط التربوية، إذ كانت تقتصر على بعض الصفوف الابتدائية بإدارة مدرّسين ومدرّسات ينشئون مدارس خاصة باسمهم. وابتداءً من الثلث الثاني للقرن العشرين، بدأت المدارس الخاصة تفتح أبوابها وأولها مدرسة «سيدة الخلاص لراهبات العائلة المقدسة المارونيات» تلتها مدرسة أخرى عرفت بـ«مدرسة الأب سيف»، وابتداءً من أربعينيات القرن الماضي أنشئت في شكا مدارس رسمية ظلّت على مستوى الشهادة الابتدائية. وفي فترة الخمسينيات تأسست «المدرسة الوطنية» للرهبنة اللبنانية المارونية، أمّا عدد المدارس الرسمية فيها فأصبح خمس مدارس تغطي المرحلتين الابتدائية والمتوسطة لتخطو البلدة في ما بعد قدماً في مسيرتها التربوية والثقافية».


الاسمنت وصناعات اخرى

الى جانب شركات الترابة التي أدّت الى تحوّل كبير
في البنية الاقتصادية والمعيشية في شكا، لا يمكن أن نغفل
بقية الصناعات التي ساهمت ايضاً الى حد كبير في إنماء الحركة الصناعية
في البلدة.
فالعام 1950 أنشئت الشركة اللبنانية للإسمنت الأبيض، والعام 1964شركة
الكلس والجفصين اللبنانية، والعام 1974 شركة إسمنت الشرق الأوسط،
والعام 1971 شركة الورق اللبنانية، وشركة تكرير السكر العام 1965.
بالإضافة الى هذه الصناعات، هنالك صناعات أخرى في شكا، ومنها صناعة
البلاط، وحجر البناء، وهذه متوافرة بكثرة، الى صناعات حديدية مختلفة
(صناعة الأبواب والنوافذ وغيرها)، صناعة الألمنيوم (تركيب وتصنيع)،
صناعة المفروشات الخشبية وغيرها من الصناعات الأخرى الخفيفة.

 

تصوير: راشيل تابت