سياحة في الوطن

جميلة تتعمشق على بواسق الصنوبر وتتمسك بالجذور
إعداد: جان دارك أبي ياغي

رأس المتن حاضنة التراث المعماري اللبناني والأعلام والفنون

«إسمع يا رضا، إن في لبنان، هذا الجبل المقدّس، قمة لعلها من أجمل قمم الله على الأرض، هي ضيعتي رأس المتن».
د. أنيس فريحة

 

رأس المتن هي أيضاً بلدة مجموعة من الأعلام الذين كان لهم شأن كبير في تاريخ لبنان ومنهم على سبيل المثال: أنيس فريحة، عجاج نويهض، سعيد فريحة، ونجيب صالحة. وهي البلدة الجميلة بتراثها المعماري وصنوبرها الباسق، والتي يعمل أبناؤها بكد للمحافظة على ما فيها من إرث ثقافي وحضاري، ولإغناء هذا الإرث وتعزيزه.
جولتنا في رأس المتن غاصت في حكايات وعرّجت على معالم جميلة ومحطات بارزة، وتعرّفت الى جهود بنّاءة في مختلف الميادين.

 

تاريخها عريق... وسكانها الأوائل ينتسبون الى العصر العباسي
رأس المتن التي تقع على هضبة شامخة، تكلل جبينها غابات كثيفة من الصنوبر تزيدها روعة وجمالاً. مساحتها 30 كيلومتراً مربعاً، أكثر من 60 بالمئة منها مغطاة بالصنوبر والسنديان والزيتون.
هذه البلدة الرابضة على كتف المتن الأعلى، تعلو عن سطح البحر نحو 800م، حتى إذا انتصبت قامتها كلياً بلغت الـ1000م عند أعلى صنوبرة فيها.
تبلغها من ثلاث نواحٍ: طريق بيروت - المونتيڤردي - قرطاضة - رأس المتن (25 كلم)، أو طريق الحازمية - العبادية - رويسة البلوط - رأس المتن (35 كلم)، أو طريق المديرج - حمانا - دير الحرف - رأس المتن (40 كلم).
وهي هانئة بين جاراتها، شرقاً: حمانا - دير الحرف - أرصون. شمالاً: وادي الجعماني. غرباً: قرطاضة - القصيبة والملقى (عناق وادي الجعماني ووادي لامارتين معاً في ملتقى طبيعي ساحر يشكّل في الشتاء مجرى نهر بيروت). وجنوباً: وادي لامارتين.
يقول إبنها أنيس فريحة إن إسمها يعود الى شكلها الذي هو بـ«صورة لسان ممدود على قمة». وقد تكون اتخذت اسمها هكذا تمييزاً لها عن بقية القرى المحيطة بها وهي مزنّرة بغابات الصنوبر والسنديان والملّول، حتى أن أحراجها من أكبر المشاعات في لبنان على الإطلاق.
ويشبّهها فريحة بـ«شبه جزيرة يحيط بها واديان عميقان من جوانبها الثلاثة، فهي بطبيعة تركيبها الجغرافي منقطعة معزولة عن العالم الخارجي».
عن إسم القرية يقول إبنها عجاج نويهض: «رأس المتن إسم عربي، لأن من معاني المتن ظهر الجبل» وهو جبل يبتدئ ما بين العبادية وبيت مري غرباً، ثم يأخذ في الامتداد شرقاً حتى يبلغ فالوغا وقرنايل وجبل فالوغا. فعلى رأس هذا الجبل، الذي يمتد من ملتقى الواديين بين العبادية وبيت مري الى فالوغا وحمانا، لا أقل من خمسة عشر كيلومتراً مكسواً بالصنوبر والسنديان والزيتون والكروم فسُمِّيت رأس المتن أي رأس الجبل، وبعدها الى الشرق منها قرى دير الحرف وبتخنيه وفالوغا وحمانا وقرنايل».
أما سعيد فريحة، فيقول عن قريته: «رأس المتن إسم على مسمّى فهي من لبنان متنه ومن المتن رأسه».
سكّان رأس المتن نحو 8000 نسمة، يعود نَسَب أجدادهم الى بني جمعان الذين قدِموا من اليمن السعيد (من هنا حمل واديها «الجعماني» إسم القبيلة العربية). وعن إبن القلاعي أن مسيحيين كثيرين نزحوا من ضفاف العاصي وسكنوا رأس المتن، وأن المرَدَة في القرن السابع أقاموا أسقفاً على رأس المتن وجوارها، جعلوا مقره حيث اليوم كنيسة مار جرجس في دير الحرف.
ويُروى عن أهاليها الأصليين أنهم يعودون في نَسَبهم الى العصر العباسي، جاؤوا مع من جاء حين أمر أبو جعفر المنصور أن ينتقل المناذرة العام 758 كي يحتلوا الجبال بين بيروت والبقاع لينازلوا المردة ويصدوهم ويحولوا دون تقدمهم صوب الجنوب. وبعدما عاد المناذرة، بقي منهم قسم في جبل المغيتة (قرب فالوغا اليوم) حيث كانوا يقيمون صيفاً وينزلون شتاءً الى رأس المتن وبتخنيه والجوار.
ولا شك أن موقع رأس المتن الجميل، المطلّ على الوديان والبحر معاً، هو الذي جذب أولئك الأهالي الى أن ينشئوا الضيعة الجميلة اليوم. إضافة الى ما فيها من خيرات منحتها إياها الطبيعة بسخاء من تستأهل السخاء.
هذا الكرم في الطبيعة، انعكس على طبيعة أهالي رأس المتن. وقد أدّى آباؤهم في الحرب العالمية الأولى دوراً إنسانياً كبيراً في إغاثة المنطقة كلها، حين أخذ نحو 400 مكاري من رأس المتن يقصدون حوران ليأتوا بالقمح وبعض المواد الغذائية الى الأهالي أيام مجاعة جبل لبنان.

 

من تاريخ رأس المتن الحديث
عن إنشاء قرية رأس المتن يروي سعيد فريحة مؤسس «دار الصيّاد» في مقالة له نشرها في مجلة «الصيّاد» العدد 882 في 10 آب 1961 تحت عنوان «54 سنة الى الوراء...»: «قريتي هذه لا أعلم متى أنشئت وبُنيت على سنام هذا الجبل الصنوبري العنبري الزعفراني، ولكني أقرأ النقش الواضح في حجارة عين المرج وتاريخ إنشاء هذه العين، فإذا بها بُنيت وأُنشئت سنة 877 هجرية في عصر المماليك، قبل الفتح العثماني ببضعة عقود، وكان العامل عليها عمر محمد موسى روزن، وبلغت تكاليفها عشرة آلاف درهم وأربعماية درهم. فإذا كانت عين المرج هذه، ولم تزل قائمة سليمة بنيت قبل اليوم بـ489 سنة شمسية، وتقول الكتابة النقشية إن الذين بنوها جماعة أهل الراس أي رأس المتن فمتى كان إنشاء القرية نفسها قبل ذلك؟ لا ريب أنها كانت هنا قبل بضعة قرون أخرى».

 
ينابيع ومغارة وسراي اللمعيين
في رأس المتن ينابيع غزيرة: نبع «دير قنات»، ونبع «دير خونة»، و«المغيثة»، و«دار صيّا»، و«بدونس»، و«الغوابي» و«بتعلين» و«المعدن». وفيها «عين المرج» التي لا تزال لوحة كبيرة حتى اليوم تؤرخ إنشاءها في رأس المتن العام 1472.
من أشهر آثارها على الإطلاق: مغارة «الحسكان»، عند الملقى الذي يتعانق فيه وادي حمانا ووادي الجعماني. ويروى أن أحد الأولياء وكان يطارده أعداؤه في جبال لبنان الوعرة لجأ الى هذه المغارة مع إبنه وزوجته، ورابط أعداؤه في الجوار لأنهم أضاعوا أثره، وشكّوا في أن يكون اختبأ في ذلك الدهليز لكثافة العنكبوت على المدخل، وبعد أيام قليلة سمعوا صراخ الإبن من الجوع، فحاصروا المكان وهم يرددون «هنا حسّ كان»، فسرى اسمها «مغارة الحسكان»، وهي من بين أكبر المغاور في لبنان وأقدمها.
ولعلها المغارة الوحيدة غير المكتشفة رسمياً بعد في لبنان فهي عالية في قلب الجبل وصعبة الولوج، ومدخلها عند انحدار رهيب مخيف لا يبلغه إلا الطير، وقد وصفها أنيس فريحة في كتابه «إسمع يا رضا» بأن «... ظلمتها شديدة واتساعها عجيب وارتفاعها عظيم كنا نرمي فيها حجراً فلا نسمع له صوت تماس. وهي موطن خصب لنشأة الخرافات والأساطير. وعندما تضاء ذات يوم، قد تكون بروعة مغارة جعيتا وجلالها...» وفي أواخر الحرب العالمية الثانية، دخل الفرنسيون أولها من الأسفل (في العبادية) وخبأوا في ذلك المدخل الساحلي بعض الأسلحة، ومنذ ذلك الحين، نما الحرج الكثيف وعراً حتى بات يتعذّر اليوم الوصول اليها بين الأدغال.
في رأس المتن سرايا كبرى بناها الأمراء اللمعيون (عُرفت بسراي الأمير فارس أبي اللمع) في بدايات القرن السابع عشر على تلة جميلة. ومن هذه السراي انطلق الأمير حيدر الشهابي الى معركة عين دارة (1711) التي انتصر فيها جيشه القيسي على الجيش اليمني.
وبعد انهيار حكم اللمعيين وسقوط إمارتهم، اشتراها من ورثتهم أحد مشايخ الدروز، ثم باعها نحو العام 1910 بـ563 ليرة ذهباً الى المستشرق الانكليزي دانيال أوليڤر من جمعية «الكويكرز» أو «الفرندز» (الأصدقاء) وجعلها مقراً لإرساليته الإنجيلية، فأسس فيها ميتماً ساهم خلال الحرب العالمية الأولى في إيواء الأطفال الضائعين المتروكين. وبعد انتهاء الحرب حوّل الميتم الى مدرسة عرفت مقاعدها العديد من الشخصيات المتنية واللبنانية والعربية (نذكر منها: نجيب صالحة، إميل البستاني، أنيس فريحة، عبدالله خوري...).

 

عباس صالحة أنقذ أوليڤر
كان أوليڤر ذا شخصية غامضة حازمة ومهيبة، حتى أن البعض اعتبره جاسوساً إنكليزياً، فحكمت عليه الدولة العثمانية بالإعدام شنقاً. لكن زعيم المتن في ذلك العهد، عباس صالحة أنقذه في اللحظة الأخيرة من حبل المشنقة العام 1915، فكتب الى حكومة بلاده الإنكليزية رسالة جاء فيها: «عباس صالحة هو الزعيم الأوحد في منطقته، له بين قومه كلمة نافذة وصوت مسموع. وقد كانت له اليد الطولى في إنقاذ حياتي من مشنقة العثمانيين». ومن يومها أحبّ أوليڤر رأس المتن، واختلط بأهاليها حتى بات أحد وجهائها يحل المشاكل فيها ويسعى الى المصالحات ويبني علاقات مع السياسيين في البلاد. فقد عُرف بالـ«خواجة» وعند موته، دفن في رأس المتن ولا يزال قبره فيها حتى اليوم. وقد اشترى السراي - المدرسة بعده إبن رأس المتن نجيب صالحة بخمسين ألف دولار أيامها، وهو رجل الأعمال الخيّرة والمشاريع الإنسانية والعمرانية والمالية والسياسية في لبنان، ونائب ووزير سابق راحل.

 

حاضنة التراث المعماري اللبناني
في أثناء تجوالنا في رأس المتن لفت انتباهنا الطراز المعماري الذي تتميّز به بيوتاتها الشاهدة على تطوّر الزمان وما يحمله من متغيّرات سكانية واجتماعية وبيئية واقتصادية تنعكس بمجملها على العمارة الهندسية. فكان لا بد من وقفة مع المهندس غسان غرز الدين، إبن البلدة، الذي شرح لنا هذا التطوّر الذي لحق بفن العمارة في البلدة، معتبراً رأس المتن حاضنة التراث المعماري اللبناني، وشاهدة على تطوّره عبر التاريخ.
البداية كانت مع البيت البسيط ذي المسقط المستطيل الذي لا يتجاوز الأربعة أمتار أو أربعة أمتار ونصف مقيّداً بطول مادة البناء للسقف وهي جذوع الأشجار، وتحديداً جذوع الصنوبر، والتي كانت تغطّى بطبقة من التراب المحدول بمحادل حجرية، وكانت الموارد الطبيعية المتوافرة هي التي تحدد مواد البناء. لذلك كانت الجدران الخارجية مبنية من الحجر الصخري الذي يكثر وجوده في جبل لبنان. هكذا كان تعاون الجبلي عموماً والمتني خصوصاً مع محيطه الطبيعي، من خلال استغلال الموارد المتوافرة في هذا المحيط على أحسن وجه. وعندما أراد الإنسان توسيع مسكنه اعتمد المواد ذاتها مع بعض التعديلات، كاعتماد دعامة وسطية من الجذوع أو الحجر الصخري.
أما التطوّر الذي حصل بعد ذلك، فهو ظهور المبنى ذي الطبقتين والذي اعتمد على الفصل العمودي بين السكن والخدمات، كتربية الماشية، وتخزين المحاصيل الزراعية. ومع تغيير الوظيفة الداخلية للمسكن تغيّر المظهر الخارجي، فظهر السُلَّم الخارجي الذي غالباً ما كان محمولاً على نصف عقد.
ظهر بعد ذلك «الرواق» وهو عبارة عن مجموعة قناطر على حجر مسقوف، غالباً ما يكون مدخلاً للبيت، أو موزعاً للغرف، وأحياناً كثيرة يشكّل شرفة مطلة على الانحدارات الجميلة التي يتميّز بها الجبل. ووظيفة هذا «الرواق»، حماية الغرف من أشعة الشمس، وجذب نسيم الوديان العليل. ومع ظهور «الرواق»، ظهر «الليوان»، وهو عبارة عن مساحة مفتوحة عند المدخل، من العقد الحجري، يؤدي الى غرفتين، إحداهما الى اليسار والأخرى الى اليمين، يتمّ الدخول اليهما من خلال «الليوان»، الذي يؤدي بدوره الى حوش داخلي تحيط به عدة وحدات وغرف.
بعد ذلك، ظهر البيت ذو القاعة المركزية، التي تشكّل صالة المعيشة والاستقبال، وهو أكثر البيوت شيوعاً في جبل لبنان. أما في رأس المتن فيمكن رؤية البيوت التي تشكّل ترابطاً مميّزاً بين الفراغ والأحجام المقفلة وكأن المسكن لوحة فنية حسنة التمازج يزيد في جمالها طبيعة الجبل الخلاّبة التي تضفي عناصر جمالية مهمة في المنظر العام.
وبعد دخول سوريا ولبنان تحت الانتداب الفرنسي، بدأت العمارة اللبنانية تتأثر بالطابع الأوروبي، ما أدى الى تغيير دراماتيكي فيها إذ دخل الباطون والمعدن على الإنشاءات المعمارية.
وختم بالقول: إن بلدة رأس المتن هي مزيج مهم للعمارة الهندسية في جميع مراحل تطوّرها، من المسكن التقليدي البسيط ذي الطابع الشرقي، الى العمارة الحديثة ذات الطابع الغربي. وما سراي رأس المتن، التي شيّدها الأمراء اللمعيون في أوائل القرن التاسع عشر، إلا خير دليل على جمع هندستها بين الطراز الأوروبي والتراث اللبناني المعماري.
وأضاف، إن بلدة رأس المتن استطاعت الى حد كبير المحافظة على التراث اللبناني، فتوّجت معظم منازلها الجديدة التي بنيت خلال الحرب اللبنانية وبعد الحرب بالقرميد الأحمر المعهود.

 

عروس البلدات المتنية
حقق المجلس البلدي لبلدية رأس المتن برئاسة رئيس اتحاد بلديات المتن الأعلى مروان صالحة سلسلة إنجازات بارزة على صعيد البلدة خلال السنوات العشر الماضية، ما جعلها ترتقي الى مصاف البلدات العالمية، من حيث الإدارة والتنظيم والمشاريع التي تمّت من خلال شقّ الطرقات وتوسيعها وتزفيتها، وإقامة جدران الدعم والحدائق العامة التي توزّعت في أرجاء البلدة، وما رافقها من أعمال تجميل وإنارة وزخرفة، وتنفيذ شبكة أقنية لمياه الشتاء في 60٪ من مساحتها.
واليوم، فإن البلدية بصدد تنفيذ مشاريع جديدة تجعل من بلدة رأس المتن عروس البلدات المتنية، وهي «لو توافرت الأموال لكانت أصبحت من أجمل بلدات لبنان»، كما قال رئيس بلديتها مروان صالحة في حديثه الى مجلة «الجيش».
وتقديراً لإنجازات البلدية في المجالات الإنسانية والبيئية والاجتماعية والثقافية، تسلّم رئيسها جائزة منظمة الأونيسكو «مدن السلام» عن عامي 2002 - 2003، التي منحت لبلدة رأس المتن مقرونة بهبة قيمتها 20 ألف دولار أميركي.
وتكرِّم المنظمة عبر هذه الجائزة، المبادرات الاستثنائية التي تقوم بها البلديات دعماً للروابط الاجتماعية وتحسيناً لظروف الحياة في البلدات التي تواجه صعوبات مختلفة. وهكذا، أضحت بلدة رأس المتن بعد فوزها بالجائزة، عضواً في «شبكة الأونيسكو لمدن السلام». وقد سبق منح الجائزة نفسها لبلدة زوق مكايل عن عامي 1988 - 1989.
أما لماذا اختارت منظمة الأونيسكو أصغر البلدات العالمية ومنحتها الجائزة؟ فذلك يعود الى المصالحة التي تمّت فيها بين الدروز والمسيحيين، عقب الحرب اللبنانية. وقد واكبت بلدية رأس المتن هذه المصالحة بالاضافة الى جميع النوادي والجمعيات في البلدة.  
وساهمت البلدية الى جانب شخصيات البلدة، في إعادة ترميم مدافن المسيحيين وإعادة جمع رفات الضحايا من أمكنتها ودفنها كما يليق من تكريم ديني ودنيوي، وذلك في كنيسة البلدة. كما ساهمت ايضاً الى جانب الجمعيات والنوادي في البلدة بعدة نشاطات ثقافية واشتركت في معارض فنية ونحت ومشغل ورسومات بالألوان، ووزّعت المنحوتات في أرجاء البلدة الى جانب لوحة موازييك كبيرة وُضعت على جدار كنيسة البلدة.
وقد أهدى مروان صالحة هذه الجائزة التي تسلّمها في مدينة برشلونة الإسبانية من مدير عام منظمة الأونيسكو كوشيرو ماتسورا، وسط احتفال كبير أقيم للمناسبة، الى جميع ضحايا البلدة من مسيحيين ودروز الذين قضوا في أثناء المحنة، متمنياً أن تنشأ على أراضي المعارك الغابرة كافة مدن السلام.

 

لشجرة الصنوبر في رأس المتن... حكاية
من كان يتوقّع أن شجرة الصنوبر الأولى التي حملها الأمير فخر الدين الثاني الكبير من توسكانة الإيطالية العام 1516 (ومن ثم من الأستانة) تنتشر وتغطّي نسبة عشرين في المئة من مساحة لبنان المزروعة؟ فقد تحوّلت هذه الشجرة اليوم الى مصدر رزق رئيس لما يزيد عن الخمسين ألف عائلة لبنانية. إضافة الى اعتبارها ركناً أساسياً من الثروة الحرجية ذات المنافع الصحية.
تنتج أشجار الصنوبر في لبنان سنوياً، بين 500 و800 طن من الصنوبر الحب الأبيض. وهي تعاني في أيامنا هذه مشاكل عديدة، وارتفاع أسعارها لاعتبار ثمرها من الكماليات. وعلى الرغم من ذلك، تبقى رمزاً لكثير من القرى اللبنانية وفي مقدمها منطقة المتن الأعلى، حيث تتصدّر رأس المتن المرتبة الأولى في إنتاج الصنوبر.
أحد كبار تجار الصنوبر، السيد رجا صالحة أفادنا أن بلدة رأس المتن تنتج ما يزيد عن الستين في المئة من الصنوبر المعروف بـ«الحب الأبيض»، إذ إنها تحتضن ما لا يقلّ عن ثلاثماية ألف شجرة. ويضيف أن حوالى 250 عائلة في رأس المتن تعيش من مردود هذه الشجرة.
ويعدّد السيد صالحة مراحل إنتاج الصنوبر، بدءاً من القطاف أو ما يعرف بـ«فرط» الأكواز، مروراً بمرحلة تجميعها، ثم نقلها الى المستودعات فـ«فلشها»، ولاحقاً «تشميسها»، وصولاً الى عرض الحب الأسود (أي الثمرة قبل الكسر) للبيع.
الى ذلك، تطرّق السيد صالحة الى المشاكل التي يتعرّض لها قطاع إنتاج الصنوبر، وأبرزها المنافسة والتهريب خصوصاً من تركيا، حيث يتمّ تهريب الصنوبر التركي عبر سوريا ليُباع في الأسواق اللبنانية بأسعار زهيدة. إضافة الى كلفة اليد العاملة المرتفعة، بحيث تبلغ أجرة العامل الذي يتسلّق الشجرة لفرط الصنوبر حوالى 80 ألف ليرة لبنانية يومياً، في حين لا تقلّ أجرة العامل على الأرض عن 35 ألف ليرة لبنانية يومياً. كما تعاني الأشجار أمراضاً عديدة تسبّبها أنواع جمّة من الحشرات.
على صعيد مطالب أصحاب القطاع، يوضح السيد صالحة أنهم طالبوا وزارة الزراعة بمساعدتهم على ضبط توقيت فرط موسم الصنوبر بعد العاشر من تشرين الثاني من كل عام، لأن الفرط المبكر يؤدي الى انخفاض في الجودة والنوعية، وبالتالي في المردود المالي. كما تمنّى أن تعتمد وزارة الزرعة استراتيجية زراعية لأشجار الصنوبر تقضي بالسماح بتفريد الصنوبر بعضه عن البعض أي توسيع المساحة بين شجرة وأخرى لتفادي أي حريق ممكن، وإزالة بعض أنواع الأشجار الحرجية غير المثمرة من بين أشجار الصنوبر، ومنح تراخيص لاستخراج الحطب الحرجي لتحويله الى فحم.

 

جهود للحفاظ على الوشاح الأخضر
الحرائق التي اندلعت في الغابات والأحراج اللبنانية خلال السنوات الماضية، لم توفر «رأس المتن وصنوبرها» وضمن حملة «الحرقة بالقلب» أقامت جمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFDC) - وحدة رأس المتن - حملة تشجير في البلدة أطلقتها بتاريخ 26/10/2007 بالتعاون مع البلدية، والكشاف وعدد من المدارس، بهدف الحفاظ على ميزة غابات المتن الأعلى الخضراء الخلاّبة المترامية الأطراف، التي وصف الشعراء والأدباء جمالها ورونقها بأجمل القصائد والقطع الأدبية.
فقد أدّت الحرائق التي اندلعت على مرّ السنين وما زالت الى إلحاق أشد الضرر والأذية بأشجارها وبالحياة البرية القائمة فيها، وهو ما أحدث خللاً في تركيبتها البيئية. واختيار الجمعية للبلدة كي تكون نقطة الانطلاق لحملة التحريج مردّه الى الدراسات والأبحاث البيئية الصادرة عن المؤسسات العاملة في هذا المجال والتي صنّفت غابات الصنوبر فيها بأنها ذات أهمية كبرى من الناحية البيئية والجمالية والاقتصادية.
وقد نفّذت الوحدة، التي تأسست العام 1998، المرحلة الأولى من حملة التحريج هذه في البلدة حيث قامت بزرع 500 شجرة صنوبر في وقف بيت أبو رسلان، كما قامت بتسليم 550 شجرة الى أصحاب الأراضي المتضررة الذين زرعوها على نفقتهم. وتسعى الوحدة، كما قال عضو الجمعية وعضو لجنة البيئة في المجلس البلدي، رجا أبو رسلان، الى متابعة حملتها في البلدة عن طريق إكمال الزرع في البلدة ومن ثم الانتقال الى أراضٍ أخرى متضررة.
وأضاف بأن وحدة رأس المتن البيئية ولأجل تفعيل حملة التحريج الواسعة التي هي جزء من حملة «الحرقة بالقلب»، قد أنشأت مشتلاً لأشجار الصنوبر في البلدة ومن المتوقع أن يصل إنتاجه خلال خمس سنوات الى 100.000 شجرة سنوياً بين صنوبر وأشجار أخرى مثمرة، تخصّص لعمليات التحريج في المنطقة. وقد تولّت تمويل المشروع جمعية الثروة الحرجية والتنمية (AFDC) في حين قدّمت بلدية رأس المتن الأرض.
وختم رجا أبو رسلان بأن حملة «الحرقة بالقلب» الى جانب حفاظها على ما تبقى من غابات في لبنان، تسعى الى توسيع الغطاء الأخضر بتجديد الغابات التي احترقت عبر السنوات الماضية عن طريق حملات التحريج التي تقوم بها في كل المناطق اللبنانية أملا في استمرار لبنان مزيناً بوشاحه الأخضر المميّز.

 

حركة ثقافية واجتماعية
تشهد رأس المتن حركة ثقافية واجتماعية ورياضية ناشطة فإلى جانب النشاطات التي تتولاها البلدية يضطلع نادي هلال النصر الذي تأسس العام 1970 بدور مهم في هذا المجال. وفي موازاة النادي عرفت جمعية سيدات رأس المتن بنشاطها وحيويتها وعملها الدؤوب لرفع مستوى أهالي البلدة ومستوى الحياة الثقافية والاجتماعية فيها. ونتيجة لتضافر جهود أبنائها تشهد رأس المتن سنوياً مهرجانات صيفية مميّزة تستقطب الرواد من المنطقة وخارجها.
في نادي هلال - النصر جهاد القنطار الذي التقيناه خلال جولتنا في البلدة أشار الى أن النادي مسجّل في «الإتحاد اللبناني لكرة القدم» و«الاتحاد اللبناني للكيغ بوكسينغ»، ويشارك سنوياً في بطولة لبنان في هاتين اللعبتين، كما شارك في بطولة العالم التي جرت في قبرص وحصد ميداليتين برونزيتين.
وعن مهرجان «صيف رأس المتن 2008» قال جهاد القنطار إن برنامج الافتتاح يتضمن دورة رياضية في «الفوتبول» و«الميني فوتبول» و«الباسكيت بول» و«الڤولي بول». وفي برنامج المهرجان ايضاً:
• يوم المشي في رأس المتن (ماراتون للتعرّف على معالم البلدة).
• يوم لقاء بين أبناء رأس المتن المقيمين والمغتربين.
• يوم العودة الى التراث (دبكة، زجل، رفع الجرن، مأكولات قروية...).
•يوم الموسيقى (Music Day) ويوم التذوّق (Taste day) ويشمل تذوّق أطعمة مطابخ العالم وهو بالتنسيق والتعاون مع سفارات البلدان الممثلة في لبنان.
• بطولة جبل لبنان «للكيغ بوكسينغ» برعاية الاتحاد اللبناني.
• كرمس للأطفال على مدى ثلاثة أيام.
• معرض الزهور.
• سهرة المغتربين.
ويختتم المهرجان بسهرة فنية يحييها عدد من الفنانين اللبنانيين.
يشارك في تنظيم هذه الاحتفالات الى جانب النادي، منظمة الشباب التقدمي، جمعية الكشاف التقدمي وجمعية الثروة الحرجية والتنمية.

 

جمعية سيدات رأس المتن
تأسست جمعية سيدات رأس المتن العام 1987 على يد السيدة ناديا الجردي نويهض وحالياً ترئسها السيدة منى غزال، التي قالت إن الجمعية تهدف الى رفع مستوى أهالي المنطقة صحياً واجتماعياً وثقافياً وذلك عبر تشجيع التعليم على اختلاف أنواعه ومستوياته والمساعدة في تحصيله، وتنمية القدرات الحرفية والفنية، وإحياء التراث الحضاري وتطويره، وتقديم المساعدات المتنوعة عن طريق الرعاية الاجتماعية والعمل على جمع كلمة سيدات رأس المتن وتوطيد الإلفة والمحبة بينهن.
برفقة السيدة منى غزال، تجولنا في أرجاء مركز الجمعية الذي تمّ بناؤه العام 1990 بجهود أهل رأس المتن وتعاونهم، وهو يتألف من ثلاث طبقات:
في الطابق الأول المركز الصحي وهو مؤلف من 6 غرف مع التجهيزات الطبية، ويناوب على الخدمة فيه 15 طبيباً اختصاصياً. وقد تمّ تصنيفه الأول من بين مستوصفات المتن الشمالي وعاليه والشوف بعد افتتاحه العام 1993.
أما الطابق الثاني فيشمل مركزاً للأشغال اليدوية، وقاعة المكتبة العامة التي تضمّ 10.000 كتاب تغطي مختلف المواضيع والاختصاصات، وهي بمتناول طلاب المدارس وأهل البلدة، وقد سميت على إسم السيدة منى غزال تقديراً لعطائها المتواصل على مدى عشرين عاماً.
تزيّن قاعة المكتبة منحوتة حجرية للشاعر سعيد عقل بإزميل النحات رودي رحمة وكان الشاعر قد قدّمها لمكتبة الجمعية.
كذلك في الطابق الثاني مركز للانترنت، وعيادة أسنان، الى تجهيزات الأشعة، وآلة كشف ترقق العظم وأشعة للفك (panoramic).
أما قاعات الطابق الثالث فمخصصة للمحاضرات والاجتماعات والندوات.
خلال جولتنا في المركز لفتنا وجود عشرات اللوحات الفنية وقطع الموازييك وجميعها من أعمال السمبوزيوم الذي ينظّم سنوياً في رأس المتن ويشارك فيه فنانون لبنانيون وعرب.
وفي هذا الإطار تخبرنا السيدة غزال أن الجمعية بصدد بناء متحف للفن التشكيلي في رأس المتن يحتضن أعمال السمبوزيوم الذي بات علامة مميزة للبلدة، وفيه حتى اليوم 178 لوحة و26 منحوتة، و22 لوحة فسيفساء (موزاييك).
وتطرّقت السيدة منى غزال في ختام الجولة الى التحضيرات الجارية لإطلاق مهرجان الصنوبر الدولي في رأس المتن لصيف 2008، والذي بدأ منذ أكثر من عشرة أعوام، وتوقّعت أن يكون مهرجان هذه السنة من أهم المهرجانات على مستوى جبل لبنان. ولخصت أبرز نشاطاته بالآتي:
- عرض أوبرا لموزار برعاية رئيس البلدية، ويقود الفرقة الموسيقية الفنان هاروت فازليان وهو من قادة الأوركسترا المشهورين في لبنان والعالم، وتؤدي الغناء الفنانة سينتيا سماحة بمشاركة عشرين عازفاً لبنانياً وأجنبياً.
- سهرة فنية قروية وافتتاح «سمبوزيوم الموزاييك السنوي السابع».
- سهرة فنية كوبية تشارك فيها مجموعة من الفنانين في كوبا الواسعي الشهرة عالمياً.
- كرنڤال سيارات ومجسّمات.
بعد هذه الجولة المثمرة في تاريخ رأس المتن، ماضياً وأعلاماً وموقعاً ومعالم سياحية هي بين الأغنى في لبنان، تطيب استراحة أخيرة عند قلم أنيس فريحة يتحدّث الى ابنه عن ضيعته بكل شغف: «لا أعرف يا رضا بقعة حباها الله جمالاً وروعة كما حبا هذه الرابية، أين تطلّعت يقع نظرك على جبال وأودية وهضاب وأحراج ومزارع مغروسة بأشجار الصنوبر والتوت والزيتون والكروم».


عين الضيعة
اختارت جمعية التراث اللبناني في جبل لبنان عين الضيعة كي تكون شعاراً للتراث اللبناني بعد استفتاء شمل أكثر من ألف شخص ومؤسسة، وجاءت النتيجة لصالح عين الضيعة، لأنها ترمز الى الخصوصية والحنين والعطاء،  وتشارك بقوة في التراث من خلال جلسات السمر والعلاقات الاجتماعية التي تنشأ حولها.
وفي تبرير اختيار عين الضيعة شعاراً للتراث، تقول جمعية التراث اللبناني: «عين الضيعة دفعتها الحضارة والمدنية قسراً الى أن تتحول الى النسيان، لتبقى هانئة على طريق التقاعد والاندثار».
ولعين الضيعة تاريخ حكايات. كما لها ذكريات حلوة وأيام عزّ. فمن ينسى درب العين، وليالي السمر في ضوء القمر، والأعياد و«تصويل» القمح، الى القامات الممشوقة والأجساد الممتلئة عافية التي تحمل الجرار على الأكتاف، قدود رشيقة وخطوات واثقة، وجدائل سارحة على الخصور المتمايلة تحت نظرات شبان الضيعة السائحة من بعيد ذهاباً وإياباً...
ولأولئك الذين لا يعرفون عين الضيعة لكنهم يرددون أخبارها وحكايتها، طلبت جمعية التراث من النحات عادل صالحة نحت «عين الضيعة» كي يعرفها أبناء هذا الجيل والأجيال القادمة وكي تكون شعاراً للتراث اللبناني.


«سرايا»
بدأ صدور مجلة «سرايا» في رأس المتن منذ العام 2006 وهي مجلة شهرية تُعنى بالمواضيع الاجتماعية والثقافية والانمائية في قرى المتن. وفي مقابلة مع السيدة شادن نويهض هاني عضو لجنة المجلة المؤلفة من السيدتين لينا مكارم صالحة وريما الصيفي أبو رسلان، قالت بأن الهدف الرئيس للمجلة هو تسليط الضوء على الأعمال الإنمائية والسياحية الناشطة في المنطقة بالرغم من كل الظروف الصعبة، وإبراز الوجه الإيجابي للقرى كعامل ربط بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، وبذلك تكون المجلة صلة وصل لتعريف المغتربين على قراهم وإطلاعهم على ما يجري فيها من نشاطات مختلفة.


عائلات رأس المتن
تفيد الأخبار المروية المتناقلة عبر الأجيال أن بعض عائلات رأس المتن كان يسكن في المزارع المحيطة بالبلدة، والبعض الآخر جاء من كسروان والبقاع ومناطق أخرى. ففيها اليوم ثماني عائلات كبيرة وثلاث وثلاثين عائلة من العائلات الأقل عدداً.
إن أقدم العائلات الدرزية التي استوطنت رأس المتن منذ حوالى ثمانية قرون هي: نبا، أبو رسلان، المشطوب، غرز الدين. ثم قدِمت اليها في أزمنة متفاوتة عائلات: نويهض، مكارم، صالحة، غزال، هاني، الحلبي، القنطار، تقي، حسن، حريز، الأطرش، وعبد الصمد.
ومنذ مطلع القرن العشرين استوطنت البلدة عائلات جديدة: بو نكد، زين الدين، زيتوني، دانيل، قرقوط، عرابي، بو حمرة، شقير، المغربي، حلاوي، ناصر الدين، عرموني، جعفر، مقصد، عز الدين، ريدان، الخطيب.
ومن العائلات التي تنتمي الى طوائف أخرى والتي استوطـنت رأس المتن في النصف الثاني من القرن العشرين: اندنيان، الشريف وعجّور.
ومنذ أكثر من ثلاثماية سنة نزحت أسرتـان أرثـوذكسيتان هما فريحة وسعد من البربارة في شمال لبنان واستوطنتا وسط رأس المتن حول سرايا الأمراء اللمعيين التي بناها الأمير عبدالله قائدبيه أبي اللمع. وبانتقال الأمير عبدالله أبي اللمع الى رأس المتن ومجيء آل فريحة وآل سعد نمـت رأس المتن نمواً سريعاً حيث كانت الأسر المسيحية تقصد إقطاع اللمعيين لتعمل لديهم.
ومن العائلات المسيحية التي استوطنت رأس المتن ايضاً: الصايغ، نبهان، حداد، نفاع، والخوري.


نشاطات جمعية سيدات رأس المتن
قامت الجمعية بعدة نشاطات في المنطقة منها دورات تدريبية للحِرَف تخرّج بنتيجتها نحو ألف من صبايا رأس المتن والجوار من مركز الأشغال اليدوية حاملات شهادات في: شكّ الخرز، التطريز، الخياطة، الخزفيات، تنسيق الزهور، الرسم على القماش والزجاج. كما تخرّج نحو 600 شاب في حِرَف مختلفة كالبلاط والأشغال الكهربائية والصحية...
ومنذ تأسيسها باشرت الجمعية بإقامة معارض للأشغال اليدوية، وشاركت في المهرجانات وإقامة حملات تشجير وحملات نظافة. كما نظّمت دورات في الاسعافات الأولية، وندوات صحية.
أما الإنجاز الذي تعتبره الجمعية الأهم والأبرز فهو سعيها الى استصدار قرار من وزير السياحة يقضي بتصنيف رأس المتن بلدة سياحة واصطياف، وهذا ما حصل العام 1996.  


تصوير:راشيل تابت