أجهزة القيادة

جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى قدرهم التضحية وواجبنا احتضانهم...
إعداد: ندين البلعة خيرالله

هم أقسموا على الوفاء للمؤسّسة العسكرية والوطن، وكانوا للقسم أوفياء. منهم الشهيد، والمعوّق، والمتوفّي، والمفقود، والمتقاعد، وجميعهم أبناء المؤسّسة التي بادلتهم الوفاء، ودأبت على العناية بشؤونهم وبأمور عائلاتهم، فخصّصت جهازًا لهذا الهدف. إنه جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى الذي يُعنى بأمورهم الحياتية بالتنسيق مع الأجهزة المختصّة، إضافة إلى متابعة القضايا التي تتعلّق برابطة قدماء القوى المسلّحة اللبنانية، والصعوبات التي قد تعترض العسكريين بعد إحالتهم على التقاعد. فهذا الجهاز هو المرجع الذي يضمن حقوقهم، ويدرس طلباتهم.
رئيس الجهاز العميد جورج النوّار يحدّثنا عن المهمات المنوطة به، وعن الهدف الأساسي منه، ألّا وهو، الإبقاء على التواصل المستمرّ بين قيادة الجيش وأبنائها وذويهم.

 

همومهم قضيّتنا
يتألّف جهاز الرعاية والشؤون الاجتماعية للعسكريين القدامى، التابع لأركان الجيش للعديد، من قسمَين: قسم الرعاية والشؤون الاجتماعية، وقسم شؤون العسكريين القدامى. ويشرح العميد النوّار أنّ الجهاز، وعلى الرغم من عديده المحدود، يتولّى مهمّات فائقة الأهمية والدقّة. ويوجز عمله كالآتي:
- الاطّلاع باستمرار على أوضاع العسكريين الشهداء والمعوّقين والمتوفين والمفقودين والمتقاعدين، ومعالجة الأمور المتعلّقة بهم من مختلف النواحي بالتنسيق مع الأجهزة المعنيّة.
- متابعة القضايا التي تعرضها رابطة قدماء القوى المسلّحة اللبنانية (القيام بنشاطات، إنشاء مكاتب، تقديم اقتراحات...).
- دراسة الأوضاع الطارئة على العسكريين القدامى من جميع النواحي، واقتراح سبل معالجتها، ومساعدتهم في تخطّي الصعوبات بالتنسيق مع الجهات المعنيّة.
- معالجة طلبات التقديمات الاجتماعية والمالية للمتقاعدين، ولعائلات الفئات الأخرى المستفيدة، باستثناء المساعدات المدرسية.
- معالجة طلبات الطبابة والاستشفاء للمستفيدين ولذويهم، والاهتمام بشؤونهم الصحيّة.

 

عمل إنساني بحت
في تفصيل المهمات المذكورة آنفًا، يشدّد العميد النوّار ومعه العميد الركن حسن حسّان رئيس قسم شؤون العسكريين القدامى ومسيّر أعمال قسم الرعاية والشؤون الاجتماعية، على أن عمل الجهاز بقسمَيه هو عمل إنساني بحت.
ففي القسم الأول، تتم معالجة الطلبات المتعلّقة بالأوضاع الصحية للعسكريين المتقاعدين وعائلاتهم، وعائلات العسكريين الشهداء الذين هم على العاتق. إضافة إلى تأمين أدوية دائمة مرتفعة الكلفة، والموافقة على استلام المتوافر منها لمدّة ستة أشهر مسبقة بداعي السفر، وتأمين الحليب الخاص لبعض الحالات الخاصة، بناءً على اقتراح لجنة طبية متخصّصة.
من جهة أخرى، يهتمّ القسم باسترداد نفقات المعالجة (أسنان، أجهزة...)، وباستصدار قرارات تتعلّق بإجراء عمليات جراحية مرتفعة الكلفة للمستفيدين من الطبابة العسكرية، سواء كان ذلك في لبنان، أو في الخارج (زرع نقي عظم، زرع كلى وخلايا جذعية، بطارية لعضلة القلب، قرنية، محفز كهربائي في الدماغ، رئة، كبد، معالجة كيميائية، تركيب أطراف اصطناعية، معالجة تشوّهات ناتجة من إصابات بالغة...). وفي هذا الإطار، يؤكّد رئيس الجهاز أنّ القيادة لا تتردّد ولا تبخل أبدًا في تغطية أي عملية من هذا النوع، مهما كانت كلفتها، علمًا أنها قد تصل إلى مئات آلاف الدولارات. ويتمّ التنسيق في هذا المجال مع الطبابة العسكرية واللجان التي تُعنى بالشق الصحّي والعلاجي، في حين يهتمّ الجهاز بالشق الخدماتي بالتنسيق مع مديريّتَي المخابرات والأفراد، لجهة الإحاطة بالموضوع واستصدار بطاقة تنفيذيّة بناءً على قرار من قائد الجيش شخصيًا.
في السياق نفسه، يعمل القسم على تأمين مستلزمات ومعدات طبية للعسكريين المتقاعدين وعائلاتهم (كراسي مدولبة أو كهربائية، مضخات أوكسجين وأنسولين، وأخرى للرئتَين...). كذلك، يعالج طلبات تتعلق بأولاد المتقاعدين من ذوي الاحتياجات الخاصة ويحوّلهم إلى المراكز المتخصّصة المتعاقدة (حسّ، حركة، نطق...).
يستصدر القسم أيضًا قرارات تتعلّق بالموافقة على إيواء بعض المستفيدين ومعالجتهم وفق أوضاعهم المادية والاجتماعية والصحية، في مراكز راحة، مثل مركز بيت شباب الذي يضمّ عددًا من المعوّقين المتقاعدين. كذلك، يعمل على الاستحصال على موافقة لإجراء عملية طفل الأنبوب للذين يعانون من عقم جنسي وليس لديهم أولاد، وعلى معالجة طلبات تتعلّق بالأخطاء الطبية التي تحصل في المستشفيات المتعاقدة، وصولاً إلى القرار والتدابير التي تؤخذ بشأنها (تنبيه، عقوبة، غرامة، فسخ تعاقد...).
إلى ذلك، يتابع القسم قضايا المتقاعدين ويساعدهم في تخطيها بالتنسيق مع الجهات المعنية، ويعالج طلبات تتعلق بمنح مساعدات اجتماعية للعسكريين المتقاعدين ولعائلات المتوفّين منهم (سنوية وفصلية وعادية من أموال عامة أو تسليف). وينظّم تصاريح بعدم استفادة العسكريين المتقاعدين من مساعدة وفاة أو ولادة لاستخدامها في الدوائر وعند الحاجة، في حين يدرس أيضًا القضايا التي تعرض من قبل رئيس رابطة قدماء القوى المسلّحة اللبنانية ويتابعها.
يُشار إلى أن عقدًا مشتركًا بين وزارة الشؤون الاجتماعية وقيادة الجيش، يوقّع سنويًا لافتتاح مراكز في المناطق بالتعاون مع الجيش، تستقبل العسكريين المتقاعدين وعائلاتهم، والجهاز يُعنى بالتنسيق في هذا المجال كما في التنسيق مع المركز الوطني لوهب الأعضاء والأنسجة، لاستصدار قرار إجراء عملية من هذا النوع بحسب تعليمات محدّدة (وهب أعضاء عسكري، أو وهب أعضاء من مدني لعسكري).


قسم الرعاية والشؤون الاجتماعية
يُعنى قسم الرعاية والشؤون الاجتماعية بعائلات الشهداء والمفقودين، فيهتمّ بأي طلب من أي نوع وفي أي مجال قد تتقدّم به هذه العائلات، ويقوم بمعالجته فيحيله إلى الأركان المعنية ويستصدر القرار المناسب في شأنه، إضافة إلى الاهتمام بكل المشكلات التي قد تواجهها وحاجاتها.
ومن النشاطات التي يُعنى بها هذا القسم تحديدًا:
- تنظيم الزيارات الدورية لعائلات الضباط شهداء ساحة الشرف في الذكرى السنوية للاستشهاد، وفي مناسبة عيدَي الميلاد ورأس السنة، حيث يتمّ إرسال وفود من القيادة ومن القطعة التي كان ينتمي إليها الشهيد، وذلك للإبقاء على التواصل مع هذه العائلات، ومواكبة حاجاتها وطلباتها ونقلها إلى الأجهزة المعنية ومعالجتها. كذلك، يتمّ تنظيم زيارات للضباط معوّقي الحرب (الذين ما زالوا في الخدمة الفعلية) في مناسبة الأعياد أيضًا.
- تنظيم الاحتفالات وإقامة الحفلات الفنية في مناسبة عيدَي الجيش والاستقلال في النوادي العسكرية، وتوزيع الدعوات على العسكريّين بالتنسيق مع مديرتَي التوجيه والمخابرات.
كذلك، يحيي القسم ذكرى شهداء الجيش في المناطق في مناسبة عيد الجيش، في حضور عائلاتهم، وينظّم احتفالات لأولاد العسكريين الشهداء في مناسبة الأعياد يتخلّلها هدايا ومساعدات مالية رمزية، بالإضافة إلى احتفال سنوي في مناسبة عيد الجيش تكريمًا للعسكريين المعوّقين في الخدمة الفعلية.
- تنظيم النشاطات الترفيهية المختلفة على مدار السنة، التي تقترحها وتقوم بها الجمعيات الإنسانية والخيرية وعدد من الأشخاص بمبادرات فردية، لأولاد العسكريين الشهداء وعائلاتهم (مسرحيات، غداء، مخيمات، رحلات وسفر، وعروض ترفيهيّة مختلفة).
يتابع الجهاز كل مراحل تنفيذ هذه النشاطات، ويسهّل كل ما يتعلّق بها؛ ترفع الجهات المنظّمة طلبًا إلى جهاز الرعاية، فيتابع القسم المعني كل التفاصيل، وصولاً إلى إصدار قرار بشأن النشاط المقترح وتنفيذه.
- تنظيم مشاريع القرارات المتعلّقة بالمساعدات الاجتماعية ومنح هذه المساعدات على الشكل الآتي: مساعدات اجتماعية شهرية ونصف سنوية لعائلات العسكريين الشهداء والعسكريين المتوفّين الذين لم تُنسَب وفاتهم للخدمة ولم يُخصّصوا براتب تقاعدي، ومساعدات من قبل مجلس الوزراء لشهداء ساحة الشرف.
إضافة إلى ذلك، يمنح القسم مساعدات اجتماعية لعائلات العسكريين الشهداء والمتوفين ومعوّقي الحرب بناءً على طلبات بعد أخذ القرار المناسب: مساعدات شهرية للمعوّقين (في الخدمة الفعلية وفي التقاعد) الذين يعالجون في مراكز التأهيل الطبي، ومساعدات سنوية للمصابين بالشلل الكلي أو النصفي أو العملي الكامل وهم بحاجة إلى مساعدة الغير في تدبير شؤونهم. كما تمنح مساعدة للعسكريين معوّقي الحرب الذين يُحالون على التقاعد.
كذلك، يوزّع القسم مساعدات مالية لورثة العسكريين الشهداء تمنح لهم من مؤسسات أو مدنيين بعد أخذ القرار المناسب بشأنها، أو أخرى مدرسية سنوية مقرّرة مسبقًا.

 
على العهد باقون
يشير العميد النوّار إلى أنّ تغطية المناطق الخمس مؤمّنة من خلال قسم رعاية وشؤون اجتماعية موجود في كل منطقة، ينسّق مع رئاسة الجهاز. ويمسك الجهاز سجلاًّ ميوّمًا بكل المستفيدين من خدماته وخصوصًا عائلات الشهداء، من خلال الاتصال بهم وإبلاغهم الدعوات، واستصدار مذكرات تنظيمية مفصّلة تتضمّن عمل الأجهزة المعنية في أي نشاط يخصّ هذه العائلات (تجهيز، مخابرات، عديد، توجيه، وسائل نقل...).
كذلك، ينسّق الجهاز مع عائلة أي شهيد ترغب بإقامة نصب تذكاري لشهيدها، وبتوجيهات من قيادة الجيش، يتمّ تقديم مبلغ مالي ومساعدات عينيّة بواسطة فوج الأشغال المستقلّ للعائلة التي ترغب بذلك.
كما يستقبل الجهاز طلبات التوظيف التي يتقدّم بها أي فرد من عائلات الشهداء، ويتابع الجهاز أمور أولاد الشهداء فيحضنهم ويحاول تأمين حاجاتهم ضمن صلاحياته وبقدر المستطاع. وحين يعجز عن ذلك، يقوم بتوجيه ابن الشهيد إلى المراجع المعنية ويوليه كل الاهتمام اللازم.
ويختتم العميد جورج النوّار حديثه قائلاً: يبلغ مجموع الشهداء في الجيش بين ضابط ورتيب وفرد، ووفق التصنيفات المعتمدة (شهيد ساحة الشرف، والواجب والخدمة) 3940 شهيدًا حتى تاريخ 1/1/2017، وإلى هؤلاء يُضاف المعوّقون والمتقاعدون الذين أفنوا حياتهم في المؤسسة... عائلاتهم هم أمانة في أعناقنا، وعسكريّو الجهاز يعملون بلا كللٍ ولا ملل مع هذه العائلات، فقد بنوا عبر السنوات علاقات وطيدة معها، رافقوها في جميع المناسبات والظروف، وباتوا يعرفون كلًّا منها حق المعرفة، وهم مستعدّون دائمًا للاستجابة لطلباتها، فمهما فعلنا تبقى جهودنا قليلة ومتواضعة أمام التضحيات التي قدّمتها هذه العائلات.