أخبار ثقافية

جوليا في بلاتيا الصوت الصاعد من الوجدان
إعداد: جان دارك أبي ياغي

قليلة هي إطلالات جوليا ووقفاتها على المسرح، ومثلها إطلالاتها الإعلامية، لكن حضورها واسع وعميق، راقٍ وأنيق، وهذا ما أكّدته مرة جديدة في حفلتها الأخيرة.
هذا الحضور حددت جوليا معالمه منذ بداياتها وعملت على نحته في ما بعد، أغنية فأغنية، وأسطوانة فأسطوانة، مراكمة في كل مرة مزيدًا من النضج والإحساس من دون أن تتخلى عن العفوية التي تعكس صدقها وصفاءها فنّيًا وإنسانيًا.
حين تشدو للحب، وحين تصرخ في وجه الظلم معلنة التزامها قضايا الإنسان والوطن، تظل جوليا هي هي. الفنانة الملتزمة معايير صارمة للفن في واحدةٍ من تجلياته البهية: الفن كتعبير نبيل عن الجمال. فللجمال أوجه كثيرة واسعة وسع الحياة، ولجوليا مقدرة كبيرة على التقاطه واختزانه وتنسيقه باقات في وجدانها، قبل أن يطلع من حنجرتها أغنية تذهب إلى أبعد من التعبير عن المشاعر، إلى توليدها متدفقة جلية، كما «شمس الحق». وليلة 4 شباط الماضي، تألقت جوليا على مسرح بلاتيا بإحساسها العالي وأدائها الجميل وحضورها القوي.
محاطة بأوركسترا مدينة براغ الفلهارمونية (بقيادة هاروت فازليان) وكورس الجامعة الأنطونية (بإدارة الأب توفيق معتوق) وبالأطفال حينًا والمغاوير حينًا آخر، قدمت أمسية جميلة، أطلقت خلالها أغنيات ألبومها الجديد، واستعادت من ريبيرتوارها السابق أغنيات طالما أحبها الجمهور وتفاعل معها.
الأسطوانة الجديدة تحمل الرقم 11 في مسيرة جوليا الفنية، عنوانها «يومًا ما»، ومن أغنياتها، «يا ما شاالله»، «وطني»، «شو الحلو فيك»، «نسيتك من زمان»، و«مقاوم».
ومن أسطواناتها السابقة غنت جوليا، «يا قصص»، «وين مسافر»، «على شو»، «أنا بتنفس حرية»، «لبنان»، «وانتصر لبنان»، «حبيبي»، و«أطلق نيرانك»... لتختم بعد أن أعادها الجمهور إلى المسرح بـ«على ما يبدو» و «أحبائي».
الجمهور واكب جوليا متفاعلاً بقوة مع الأجواء الثورية كما مع أغاني الحب، ومع الأداء الصادق النابض بالإحساس.
قبل أن تقدم أغنية «حبيبي»، أوضحت جوليا أن هذه الأغنية لم تكن مدرجة ضمن البرنامج، لكن اتصالاً من زينة قاسم والدة الشاب طلال قاسم (توفي بحادث سيارة) جعلها تغنيها مهداة إلى طلال، وقد أدتها محاطة بأطفال يحملون شموعًا شاركوا أيضًا في أغنية أخرى مهداة إلى أطفال ولدوا وكبروا في الحرب، لكنهم ظلوا يحلمون.
أما «أطلق نيرانك» فكانت مفاجأة الحفل إذ ترافقت مع مناورة حية لمجموعة من المغاوير نفذت إنزالاً من سقف المسرح لتحولّه إلى غابة من الرجال والأعلام اللبنانية، بينما صدح صوت جوليا: «أطلق نيرانك لا ترحم، فرصاصــك بالســاح تكلّم، وعدوك جاءنا يتوهم، سيموت بأرضنا أو يهزم، ذكّر أعداءَك إن غفلوا، لن ننسى أبدًا ما فعلوا...».
كانت الأغنية تحية إلى الجيش اللبناني من الفنانة الكبيرة التي كانت لها في السابق لفتة حيال عائلات شهدائه، والتي لطالما امتشقت صوتها في وجه الظلم والاحتلال والقهر...