- En
- Fr
- عربي
من الأرض
وسط نيران العدو الذي يستمر في انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، ووسط دمار هائل في البلدات والقرى، يواصل الجيش اللبناني تعزيز انتشاره جنوب الليطاني، معززًا الأمل باستعادة الحياة دورتها الطبيعية رغم الخسائر الهائلة والجراح العميقة التي خلّفها العدوان الإسرائيلي الأخير على لبنان.
إنّ وحدات الجيش التي كانت أساسًا منتشرة جنوب الليطاني تتألف من: لواء المشاة الخامس (في القطاع الغربي)، لواء المشاة السابع (في القطاع الشرقي)، وفوج التدخل الخامس (في القطاع الأوسط)، وهي تعرّضت لاعتداءات العدو الإسرائيلي وقدّمت عديدًا من الشهداء إضافة إلى الجرحى. وقد تم تعزيزها من خلال تمركز فوج التدخل الثاني في بعض المناطق، فضلًا عن سرايا مغاوير ووحدات مضادة للدروع وقدرات أخرى.
استطلعت مجلة «الجيش» أحوال هذه الوحدات في زيارة ميدانية، وعادت بانطباعات عن رجال يعملون بعزمٍ وصمت وسط المخاطر، في أجساد بعضهم آثار جراح لم تُشفَ تمامًا بعد، لكنهم عادوا إلى مراكزهم، وفي نفوسهم جميعًا جراح خلّفها فقدان رفاق سلاح باتوا شهداء، لكنهم مؤمنون أنّ الوطن يستحق كل التضحيات...
توجهنا بداية إلى ثكنة بنوا بركات في صور، على بُعد كيلومترات قليلة من منطقة العمليات المتواصلة لجيش العدو وخروقاته المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار. ومنذ وصولنا إلى حين مغادرتنا الجنوب لم تغب طائرات الاستطلاع عن سماء المنطقة، فيما كنا نسمع من وقت إلى آخر أصوات انفجارات قوية سببها تفجير العدو لمزيد من المنازل والأبنية في القرى الحدودية.
١١ شهيدًا وعشرات الجرحى في لواء المشاة الخامس
يشرح قائد لواء المشاة الخامس العميد الركن ميشال البردويل تفاصيل انتشار الوحدات وآليات التصدي لخروقات العدو بالتنسيق مع اللجنة الخماسية المكلّفة بالإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار، مسلّطًا الضوء على التضحيات الكبيرة والتعاون الوثيق بين الجيش والمواطنين في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار.
وهو يؤكد أنّ معنويات عناصر اللواء مرتفعة جدًا، فهم ينفّذون المهمات الموكلة إليهم باحترافية عالية، فرغم عنف الاعتداءات التي استهدفت مراكزهم وآلياتهم، تابعوا تنفيذ هذه المهمات بشجاعة وتفانٍ.
فقد تعرّضت مراكز اللواء الخامس للاستهداف من قبل العدو، ما أسفر عن سقوط 11 شهيدًا و58 جريحًا، إضافة إلى أضرار جسيمة في المراكز والآليات. ومن أبرز هذه الاستهدافات:
- قصف حاجز كفرا بغارتين جويتين أدّتا إلى استشهاد عنصرين وإصابة اثنين آخرين، مع تدمير الحاجز بالكامل.
- استهداف قيادة اللواء في البياضة بغارة جوية، أسفرت عن سقوط 11 جريحًا وتسبّبت بأضرار كبيرة في المبنى.
- استهداف شاحنة عسكرية في بلدة عين إبل بطائرة مسيّرة معادية، ما أدى إلى استشهاد 3 عسكريين.
- استهداف عناصر كانوا في مهمة إخلاء جرحى في بلدة ياطر بمسيّرة معادية، ما تسبب في استشهاد 3 عسكريين، بينهم ضابط.
- استهداف مركز وحاجز العامرية (القليلة) بثلاث قذائف ميركافا وقذيفة مدفعية، ما أسفر عن استشهاد عنصر وإصابة 18 آخرين، بينهم 4 إصابات خطيرة، مع تدمير المركز بشكل شبه كلّي.
يشير العميد البردويل إلى أنّ ما تعرّض له اللواء لم يُثنِ العسكريين عن التفاني في القيام بواجبهم، فهم «مستعدون لتقديم أسمى التضحيات كما عهدناهم دائمًا». وهو يشير إلى أنّ خبرتهم في مواجهة العدو تعود إلى العام 2010 (انتشار اللواء في الجنوب)، ما أكسبهم ثقة بالنفس وقدرة على التكيّف مع المستجدات والمفاجآت الميدانية. وقد عززت التجارب التي عاشوها خلال العدوان الأخير هذه الخبرات، إذ باتوا يتعاملون مع كل موقف وفق ما تقتضيه الظروف، وهم دائمًا على أهبة الاستعداد لأي مهمة قد تطرأ.
وعن الواقع في القرى الحدودية، أوضح العميد البردويل أنّ الوقت ما زال مبكرًا لتقدير حجم الأضرار بدقة، نظرًا إلى استمرار تمركز العدو في هذه المناطق. أما القرى التي عاد إليها المواطنون، فقد تعرضت بدورها لدمار هائل، وتحتاج إلى وقتٍ وجهود لإعادة إعمارها وترميم البنى التحتية، فمقوّمات الحياة الأساسية فيها شبه معدومة، وتتطلب تمويلًا كبيرًا لتحقيق ذلك.
من جهةٍ أخرى، أشاد العميد البردويل بالتعاون الوثيق بين الجيش والمواطنين، لا سيما في مجال التوعية من خطر الذخائر غير المنفجرة، مشيرًا إلى الجهد الكبير الذي يقوم به الجيش في هذا المجال لحماية الأهالي وتأمين عودتهم الآمنة إلى قراهم معبّرًا عن شكره للمواطنين على وعيهم وتعاونهم لتحقيق هذه الأهداف.
جهوزية تامة للتدخل في الأوقات الحرجة والحساسة
يؤكد قائد فوج التدخل الخامس العميد الركن محمد ضاهر، أنّ ضباط الفوج وعناصره لا يتوانون عن أداء واجباتهم باحترافية عالية عندما يدعوهم الواجب. فهم على جهوزية تامة للتدخل في الأوقات الحرجة والحساسة، وأبرز مثال على ذلك ما حدث في وادي الحجير والقنطرة بتاريخ 26/12/2024، عندما حاول العدو الإسرائيلي التوغل في هذه المناطق. فقد واجه عناصر الفوج هذا التوغل بروحٍ معنوية عالية، وتصدّوا لتحركات العدو كما أعاقوا حريته في التنقل، مصرّين على الوقوف في مواجهته رغم إدراكهم التام لإمكاناته من حيث التجهيز والتسليح والمعدات المتطورة والطائرات المسيّرة التي يستعملها في عملياته، فارتباطهم بالأرض وواجب الدفاع عنها كانا أقوى من كل ما يمتلكه العدو.
بين عسكريي الفوج عدد كبير من أبناء الجنوب وقد تعرّضت عائلاتهم لما تعرّض له سائر المواطنين من إصابات وتهجير ومعاناة، كما تعرّضت منازل كثيرين منهم للتدمير أو لأضرار جسيمة، لكنهم لم يفقدوا شجاعتهم ولو للحظة واحدة ولم يتأخروا في القيام بواجبهم.
وعن الاعتداءات التي استهدفت الفوج، قال العميد الركن ضاهر إنّ المراكز العسكرية في تلة العويضة وبنت جبيل تعرضت إلى رمايات دبابات مباشرة أسفرت عن استشهاد عنصرين وإصابة أربعة آخرين بجروحٍ. كما أطلق العدو صواريخ من طائرة مسيّرة في أثناء تنفيذ الفوج عملية إخلاء شهداء وجرحى مدنيين في منطقة الطيبة، ما أسفر عن وقوع شهيد وجريح. وهو استهدف أيضًا عناصر الفوج بصواريخ من طائرات مسيّرة وحربية في أثناء فتح طريق بواسطة جرافة عسكرية في بلدة قلاوي ما أدّى إلى احتراق الجرافة بالكامل وإصابة عسكري بجروح.
كذلك، استهدف صاروخ من مسيّرة حاجزًا ظرفيًا للفوج في بنت جبيل (صف الهوا) ما أدّى إلى إصابة أربعة عناصر.
وفي وصفه للواقع في مناطق انتشار الجيش، أشار العميد ضاهر إلى أن الدمار طال معظم المنازل، سواء بشكل جزئي أو كلي، ما جعلها غير صالحة للسكن. كما أن الخدمات الأساسية شبه معدومة، بما في ذلك الكهرباء، المياه، الطرقات، وشبكات الاتصال، لا سيما في البلدات الحدودية والمناطق المحاذية لها. أما حركة عودة الأهالي إلى بلداتهم في القطاع، فقد وصفها بالخفيفة جدًا، حيث ما زالت غالبية المحلات مغلقة.
وفي ما يتعلق بتفاعل المواطنين مع انتشار الجيش في هذه المناطق، أشار إلى أنّ المواطنين يرحبون بهذه الخطوة وباتفاق وقف إطلاق النار، ويترقبون بفارغ الصبر الانسحاب الكامل للعدو من الأراضي اللبنانية للعودة إلى منازلهم وقراهم.
العسكريون تمسّكوا بمراكزهم رغم الخطر
لا يختلف وضع العسكريين في لواء المشاة السابع عن نظائرهم في القطع العسكرية المنتشرة في الجنوب، لجهة تمسّكهم بمواقعهم، إضافة إلى معنوياتهم العالية التي تركت انطباعًا إيجابيًا لدى رؤسائهم، وفق ما أوضحه قائد لواء المشاة السابع العميد الركن طوني فارس. وأضاف أنّ هذا الالتزام أسهم في تنفيذ المهمات بأعلى درجات الكفاءة، مع اتخاذ أقصى تدابير الحيطة والحذر، مؤكدًا جهوزية عناصر اللواء الدائمة لتنفيذ المهمات الموكلة إليهم.
منذ بدء العدوان الإسرائيلي على لبنان، تعرضت المراكز التابعة للّواء لاعتداءات متكررة من العدو الإسرائيلي، ما أسفر عن خسائر بشرية ومادية جسيمة. فقد سقط ثلاثة شهداء و16 جريحًا، إضافة إلى أضرار مادية متنوعة.
يُذكر في هذا الإطار، أنّ طائرات مسيّرة تابعة للعدو استهدفت آلية إسعاف تابعة للواء، ونتج عن الغارة أضرار مادية في الآلية. وفي اعتداءٍ على مركز إحدى سرايا اللواء، أدّى إطلاق قذائف دبابة إلى استشهاد عسكريَّين وإصابة ستة آخرين، إضافة إلى اندلاع حريق في المركز. واستهدفت غارة دورية تابعة للواء، ما أدى إلى إصابة أحد العسكريين.
مراكز اللواء استُهدفت أيضًا بالقذائف والغارات الجوية، ومن بينها مركز المجيدية الذي أُطلقت باتجاهه صواريخ من طائرة حربية، ومركز الميسات الذي تعرّض غير مرّة لرشقات نارية وقذائف فوسفورية، وكذلك أصيب برج المراقبة في مركز سردا بأضرار جسيمة بسبب قذائف الدبابات والرشقات النارية المتكررة، ومن ثم قام العدو الإسرائيلي بتفجيره بالكامل. كما استهدف العدو مراكز أخرى تابعة للواء في أماكن متفرقة بقصف مدفعي وجوي ورشقات نارية، نتج عن ذلك إصابات في صفوف العسكريين وأضرار مادية.
حجم الدمار وتحديات العودة
بالنسبة إلى حجم الدمار، أكد العميد فارس، أنّ المناطق في قطاع عمل لواء المشاة السابع شهدت دمارًا واسعًا، إذ تضررت الممتلكات العامة والخاصة بشكلٍ كبير، لا سيما في بلدة كفركلا ووسط بلدة الخيام، مع دمار جزئي طال الجهة الشمالية الغربية للخيام وبلدات دبين، بلاط، كفرحمام، كفرشوبا، وشبعا. ورغم بدء العودة التدريجية إلى بلدات دبين، بلاط، وشبعا، إلا أنّ مشهد الخراب في المناطق الأخرى يجعل العودة إلى الحياة الطبيعية أمرًا صعبًا على المدى القريب.
وفي هذا السياق، أشاد العميد فارس بتفاعل المواطنين الإيجابي وتعاونهم الكامل بما يضمن سلامتهم وعودتهم الآمنة إلى قراهم وبلداتهم.
قصص من أرض الصمود والبطولة
خلال الاعتداء الإسرائيلي الأخير على لبنان، سقط للجيش اللبناني 48 شهيدًا وأصيب عشرات آخرون، كانوا في الصفوف الأمامية يقومون بالمهمات الموكلة إليهم ويساعدون في إخلاء الشهداء والجرحى، ويفتحون الطرقات.
قدّم هؤلاء الجنود، كما هو الحال دائمًا، أغلى التضحيات. نفّذوا مهماتهم في ظروف قاسية، في مواجهة آلة حرب إسرائيلية متفوقة تكنولوجيًا، ومع ذلك لم يترددوا ولم يساوموا على شرفهم العسكري.
في جولتنا التقينا بعض العسكريين التابعين للوحدات المنتشرة في جنوب الليطاني، ممن أصيبوا في المعركة، واستمعنا إلى قصص آخرين ما زالوا قيد العلاج، وجميعها قصص مفعمة بالعنفوان والبطولة. من بين هؤلاء الجرحى، مَن تعرّض لإصابات بالغة، فيما أصيب آخرون بجروحٍ مختلفة.. لكنهم جميعًا يعتبرون إصاباتهم جزءًا من جراحات الوطن، ويؤكدون أنّ لا شيء يحول دون تمسّكهم بواجبهم الوطني.
يروي الملازم الأول خليل عبد الرضا من لواء المشاة الخامس، أنه أُصيب بشظايا في الرئتين وفي أنحاء متعددة من جسده عندما استهدف العدو حاجز العامرية في منطقة القليلة بسبع قذائف. رغم إصابته البليغة، تفقّد الجرحى واحدًا تلو الآخر، محاولًا مساعدتهم حتى وصول المسعفين لنقلهم إلى أحد مستشفيات المنطقة للمعالجة. لم يكن سهلًا على الملازم الأول عبد الرضا رؤية النيران تندلع في المركز بعدما استهدفته غارة جوية أدّت أيضًا إلى اشتعال النيران في مخزن الذخيرة. ورغم إصابته، لم تنخفض معنوياته، وظلت عزيمته أقوى من الألم، مؤكدًا أنّ الوطن يستحق كل تضحية.
المعاون الأول وجدي أبو الزور الذي يخدم في لواء المشاة السابع منذ العام 2014، أصيب بشظية اخترقت ساقه اليسرى خلال مهمة مواكبة لجرافة عسكرية في أثناء فتح طريق مرجعيون – حاصبيا (طريق الهرماس) بعد تعرّضها لغارة من العدو الإسرائيلي أدّت إلى إقفالها. كانت إصابته بليغة ما أدّى إلى إحداث نزيفٍ، فاستدعى ذلك نقله إلى المستشفى للمعالجة حيث خضع لعملية جراحية. ورغم أنّ الألم لم يتوقف مع متابعة العلاج الفيزيائي، يقول المعاون الأول أنّه ما زال مستعدًا لتلبية نداء الواجب، الشرف والتضحية والوفاء، عندما يدعوه لمواجهة الأخطار دفاعًا عن الوطن الذي يستحق منّا كل تضحية.
من المصابين أيضًا المعاون الأول زهير دغمان من اللواء الخامس، وهو يخدم في الجيش منذ حوالي 16 عامًا. أصيب بتسع شظايا في ظهره وشظيتين في رقبته في أثناء أداء واجبه العسكري عند حاجز العامرية في القليلة، إثر قصف مباشر من قذائف ميركافا ومدفعية استهدفت المركز بشكلٍ مباشر. بعد معالجته في أحد المستشفيات في صور، ما زال يتابع فترة استراحة قد تطول بسبب خلل موضعي في الرئتين، وهو يتمنى التعافي سريعًا للعودة إلى الخدمة.
أما الرقيب الأول حسين جفال فهو يخدم في فوج التدخل الخامس منذ أربع سنوات، لم يفكر لحظة إصابته بشظية في خاصرته إلّا برفاق السلاح الذين أُصيبوا معه إصابات خطرة على حاجز صف الهوا (بنت جبيل) من جراء استهداف طائرة مسيّرة معادية سيارة مدنية بصاروخين قرب الحاجز. بعد العلاج، عاد إلى الخدمة بمعنويات عالية. ورغم شعوره بالقلق أحيانًا خوفًا من عدم رؤية عائلته مرة أخرى، يجد في واجب حماية الوطن القوة لتجاوز هذا الشعور.
من مصابي فوج التدخل الخامس الرقيب إبراهيم سلام، متطوّع في الجيش منذ 19 سنة. حين أصيب خلال استهداف مسيّرة إسرائيلية سيارات الإسعاف وهيئة الإغاثة في برج قلاوي، لم تؤلمه إصابته برضوض في مختلف أنحاء جسمه، أكثر مما آلمه استشهاد شقيقه المسعف. وكان الرقيب سلام قبل إصابته قد شارك في انتشال شهداء جامع تولين الذي استهدفه العدوان الإسرائيلي وشقيقه من بينهم ولكنّه لم يعرفه، فكانت الصدمة أقوى عندما تبلّغ الخبر.
الرقيب الأول علي دكروب من عداد سرية الهندسة التابعة للّواء السابع، تطوّع في الجيش منذ أكثر من عشرين سنة. تعرّض لإصابةٍ طفيفة في يده اليمنى خلال مهمة تفجير قذائف من مخلّفات الحرب في منطقة راشيا الفخار، إلّا أنّ هذه الإصابة لم تمنعه من العودة سريعًا إلى خدمته. بالنسبة إليه، أصعب الأوقات التي عاشها خلال الحرب هي عدم القدرة على إخلاء الجرحى والشهداء أحيانًا بسبب مسيّرات العدو.
أما العريف رواد محمود الذي يخدم في فوج التدخل الخامس منذ 21 سنة، فلم يُعر أهمية للجروح التي أُصيب بها في أثناء إخلاء جرحى في ساحة الطيبة، جرحه الكبير هو خسارة رفيق دورته الذي استشهد أمام عينيه.
كان العريف خليل فرحات وهو من عداد اللواء السابع في طريقه إلى صيدا لتنفيذ مهمة عندما استهدف العدو آلية للجيش. وفي حين استشهد أحد رفاقه خلال الاعتداء، ما زال العريف فرحات يتابع علاجه الدقيق في المستشفى العسكري المركزي نظرًا إلى خطورة إصابته بشظية جاورت القلب، عدا الإصابات المباشرة في بطنه وكتفه وظهره ورأسه، وهو بحاجة لفترة نقاهة قد تطول، ولكن الذي آلمه هو فقدان رفيقه الذي استشهد في أثناء المهمة.
كان قدر المجند بهاء أبو ساري أن يُصاب بعد مرور أقل من عامين على التطوّع في الجيش لمصلحة اللواء الخامس في الجنوب. إصابته كانت نتيجة استهداف مركز العامرية في القليلة، ما أدّى إلى استشهاد عسكري وإصابة 18 بجراح فضلًا عن وقوع أضرار جسيمة في المركز، إذ إن تلك الإصابة لم تمنعه من المساعدة في نقل الجرحى إلى المستشفى للمعالجة. وعندما عاد إلى البيت للاستراحة، شعر بألمٍ كبير، إلا أنّ معنوياته ظلت مرتفعة لمتابعة مسيرة الدفاع عن الوطن وأهله.
يواصل الجيش اللبناني تعزيز انتشاره في الجنوب، حيث يقدم العسكريون التضحيات من أجل لبنان... ولن يتركه لأنه جزء لا يتجزأ من السيادة الوطنية، كما يقف الجيش إلى جانب أهله وشعبه انطلاقًا من واجبه ويواصل تنفيذ مهماته رغم الصعوبات والأخطار.