نافذة

حارِسُ الجمهورية الصّموت
إعداد: روني ألفا

أنا صبية أدعى «ديموقراطية».أنا على أهبة أن ألبِسَ أجملَ ما لدي. فستانُ الانتخابات المزركشِ بالأبيضِ والأخضرِ والأحمر. ليس أجملَ مِن أن أصونَ أحَدَ أجملِ أيامِ حياتي. اليومَ سألتقي بصندوقِ إقتراعٍ وعازِل. أفتّشُ عن رفيقٍ حارسٍ أمين.


أنا «ديموقراطية» أخشى التجوّلَ دُونَ حماية. قيل فيي الكثير. عروسةُ الوطن وملاكُ الإستقرار وكنيسةُ السلم الأهلي وأذان الوطن. أنا الغالية عند اللبنانيين. ماتوا وعاشوا لأبقى مصانة. ليس أوفى من جندي لبناني يرافقني في تجوالي.


أحيّيكَ يا رجلًا من بلادي. أنا «ديموقراطية» واليوم عرس انتخاباتي. هل تقبلُ بأن تكون إشبيني؟ سأزَفُّ بعد قليلٍ إلى قلمِ إقتراع. لا كتفَ أميناً أكثرَ من كتفِك ولا بندقيةً تحمي أكثرَ من بندقيتك. إعتَمِرْ خوذتَك وبرهِنْ لي عن حبِّك.


مرحبًا سيدة «ديموقراطية». أنا جنديٌّ لبناني. كلُّ كياني فداكِ. سأحميكِ اليومَ وكلَّ يوم. سأسهَرُ على ناخِبينَ كواهُم وجعُ فقرِ الحال. مواطنون يعرفون أنهم رسلٌ لأرزةٍ علّمَتِ الأزمنةَ في كتابِ الحرية فصار له معنى. لستُ إشبينَكِ فحسب. أنا حارسُ الجمهورية الصّموت. متى احتجتِ إليّ تجدينني أقربُ إليك من عطرِ الوردةِ إلى البرعم. أبشِري واختالي حيث تشاءين. كل صوتٍ من أصواتِ إخوتي هو صوتُ الوطن. أغلى عندي من ذهبِ الدنيا وكل حجارتها الكريمة.


هيا معي إلى قَلمِ الذكور. أُدخليه آمِنَةً. هيا معي إلى قلمِ الإناث أدخليه آمنةً. شيء ما يشبِهُ السلامَ الداخلي يعتري الناسَ وهم يقتربون مني. أعرفهم ويعرفونني. رافقتهم في خوفهم وفِي عزة نفسهم. في خشيتهم من المجهول وفِي طمأنينتِهِم.


أنا يا عزيزتي لا أقيمُ الحواجزَ الأمنية. التسميةُ لا ترقى إلى حبّي لشعبي. أنا أستفقدُ شعبي على طرقاتِ الوطن. ألا تشعرينَ مثلهم بالأمان كلما التقيتِ بي وبرفاقي في حاملةِ جنود؟ أسيّرُ دوريّاتي حتى لا تدورُ الدوائرُ على وطني الصغير. هيّا إبدأي نهارَكِ بإلقاءِ التحية على رؤساءِ الأقلام. وأنا إلى جانبِكِ سيكون بمقدورك أن تحيي كل اللوائح على اختلافِ شعاراتها. أنا موجودٌ ليبقى الشعارُ مصانًا. شرف تضحية وفاء لا أستبدله.

 

أهلُ السياسة يزاولونَ الحرية بكل تلاوينها. شعاري يحمي شعاراتهم.


عزيزي الجندي. ماذا عساي أقول؟ رافقني رجاءً كل يوم في حياتي. صحيح أنا أنقلُ الحياةَ الوطنية من عهدٍ الى عهد. أنا ضمانةُ المؤسسات. أنا الإستحقاق في مواقيته. أنا التي تحضرُ مراسمَ زفافي سفاراتُ العالم ومؤسساتُ الرقابة. أنا السمعة الحسنة لكن أنتَ على السَّمَع. أنا الإنجازُ لكن أنتَ المُنجِز. أنا الحرّةُ لكن انت الحرية.


أنا لا أقومُ إلا بالواجب سيدة «ديموقراطية». خُلِقتُ لهذه المهمة. أمارسها بلا مذياع ولا تسويق ولا دعاية ولا أجراس. أنا مشتقٌّ من ذهبِ الصّمت وأوكسيد التضحية. في اليوم الانتخابي أشعر أن لبنان برمته في قلبي. ضرباتُ قلبه تتوقف على قوة قلبي. واجبي ألا أنحاز. ألا أنفَعِل. ألا أنجرَّ لنزوة أو شهوة أو انتماءٍ ضيّق. كل ما تعلمته في ثكنتي أطبّقه على الأرض.


كيف عسايَ أفيكَ حقَّك يا جنديَّ بلادي؟ تفيني حقّي كلما بقيتِ على بهائك. أنلتَقي بعد أربع سنوات؟ نلتقي كل أربع سنوات. نلتقي مدى الأزمان لحماية لبنان. تذكّري سيدتي. أنتِ الأهم. أنا في خدمة الأهمّ. لا تقلقي. مكافأتي أن تبقي على بهائك كما قلت. لا تنسي ذلك. لا في ١٥ أيار ولا بعد ألف ١٥ أيار. المهم أن يبقى لبنان سيدتي. المهم ان يبقـى لبنان.