اخبار جيشنا

حاضر في كلية القيادة والأركان
إعداد: نينا عقل خليل

سفير الصين: سياستنا تنطلق من مبادئ المساواة والإحترام المتبادل والتعايش السلمي
تحت عنوان “الإستراتيجية الصينية ­ إصلاح وإنفتاح”, حاضر السفير الصيني في لبنان السيد ليو زهنتانغ في مبنى كلية القيادة والأركان بحضور قائد الكلية العميد الركن عباس نصرالله ممثلاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان, إضافة الى ضباط دورة الأركان.
بداية, استهل العميد الركن نصرالله الكلام مرحباً بإسم العماد قائد الجيش بالسفير الصيني, قائلاً بأنها المرة الأولى التي يزور فيها سفير لجمهورية الصين الشعبية كلية القيادة والأركان, متمنياً أن تتكرر مثل هذه الزيارات لشرح موقف الصين وسياستها واستراتيجيتها تجاه العالم عموماً وتجاه العالم العربي خصوصاً, وبشكل أخص تجاه الجمهورية اللبـنانية. وأضـاف بأن معـرفة الواحـد للآخر تؤدي الى تحسين العلاقة بين الدول, خصوصاً أننا والصين ننتمي الى القارة ذاتها, وبهذه الطريقة يحل محل الجهل المعرفة والتقارب.
في مستهل كلامه, قال السفير الصيني أن هدف السياسة الخارجية الصينية هو الحفاظ على سلام العالم ومقاومة نزعة الهيمنة وتعزيز التنمية المشتركة. في المحـور الأول لمحاضرتـه, قـال أن حكومـة الصـين تـنتهج بحزم السياسة السلمية المستقلة, وهي تدعو الى التعامل بين كافة الدول وفقاً لمبادئ المساواة سواء أكانت كبيرة أم صغيرة, غنية أم فقيرة, قوية أم ضعيفة, كما أن تقرير شؤون أي دولة يعود الى حكومتها وشعبها, فتتشاور كافة الحكومات والشعوب في الشؤون العالمية بالمساواة. والصـين تعارض نزعة الهيمنـة وسـياسة الـقوة مهما كان شكلها. وأضاف بأن الصين على إستعداد لإنشاء علاقات الصداقة والتـعاون مع جمـيع الدول, على أساس مبادئ الإحترام المتبادل للسيادة وسلامة الأراضي وعدم الإعتداء وعدم التدخل في الشؤون الداخلية, والمنفعة المتبادلة والتعايش السلمي. وخلص الى القول أن الهدف الإستراتيجي الصيني هو الدفع لإنشاء نظام دولي جديد قائم على السلام والإستقرار والعدالة والمساواة والتنمية والإزدهار.
في المحـور الثاني, تحدث السفير الصيني عن سياسة الدفاع الوطني الصينية وهي سياسة إحترازية. فالصين تكون على الدوام قوة مهمة في حماية سلام العالم وإستقرار المنطقة, وهي تدعو الى معالجة الإختلافات والنزاعات بين الدول عبر الطرق السلمية, وتعارض اللجوء الى القوة أو التهديد بإستعمالها القوة, كما تعارض سياسة القوة. فمحبة السلام هي من تقليد الصين والصين تتمسك على الدوام بفكرة “المودة والتقرّب من الآخرين وحسن الجوار”.
وذكّر بأن الصين في الثمانينات أجرت عمليتين لنزع السلاح الضخم نجم عنهما تخفيض عدد جنودها الى مليون ونصف, كما أن إنفاقها على الدفاع الوطني يظل في مستوى منخفض نسبياً. فعلى سبيل المثال, إن إنفاق الصين على الدفاع الوطني في العام2000 بلغ 14 ملياراً و600 مليون دولار أميركي, بما يعادل فقط 5% لما هو عليه في الولايات المتحدة الأميركية و30% لما هو في اليابان. والإنفاق الصيني على الدفاع الوطني لم يبلغ إلا 8.8% من الميزانية, وما يعادل 1% من مبلغ الإنتاج المحلي. وأضاف: الصين هي الدولة التي تضم أكبر عدد من السكان في العالم, ومتوسط الإنتاج المحلي الفردي فيها لم يتجاوز الـ850 دولاراً أميركياً فقط, مما يُلزمها أن تركز أكثر إمكانيتها المالية على البناء الإقتصادي, ورفع مستوى معيشة الشعب, وهي لن تسلك طريق الإعتداء والتوسع مهما بلغت قوتها.
والصين كدولة تمتلك أسلحة نووية, أعلنت منذ أول يوم لامتلاكها هذه الأسلحة أنها لن تبادر الى إستعمالها في أي وقت مهما كان الوضع, وهي لن تستعملها أو تهدد باستعمالها ضد أي دولة أو منطقة غير ممتلكة لها, كما أنها تدعم الجهود المبذولة من قبل الدول المعنية في سبيل إنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية.
في المحور الثالث, تحدث السفير الصيني عن التقدم العظيم الذي شهدته الصين في المجالات كافة, الإقتصادية منها والإجتماعية. فقد ارتفع الإنتاج المحلي سريعاً, حيث تضاعفت عائداته أربع مرات, (من 250 مليار دولار أميركي في العام 1980 الى 1200 مليار دولار أميركي في العام 2000). فمـنذ بداية عملـية الإصلاح والإنفتاح, استثمرت أكثر من 400 ألف شركة أجنبية في الصين. وقد اجتذبت البلاد ما يقدر بأكثر من 500 مليار دولار أميركي من الإستثمارات الأجنبية, وتجاوز إحتياطي الصين للعملات الصعبة 200 مليار دولار أميركي.
أما على صعيد التجارة الخارجية الصينية فقد تطورت بشكل سريع أيضاً, وتضاعف حجمها 25 مرة أي من 20 مليار دولار أميركي في العام 1980 الى ما يتجاوز الـ500 مليار دولار أميركي في العام 2001. وأهم من ذلك أن نوعية المنتجات المصدرة قد تحسنت بشكل ملحوظ.
وقد احتلت الصين المكانة السابعة في العالم في حجم التجارة الخارجية, وستلعب دوراً أكبر في التجارة العالمية بفضل إنضمامها الى "WTO" في السنة الماضية.
إن الصين كدولة كبيرة عدد سكانها تقريباً مليار و300 مليون نسمة, قد تمّ حل قضيتها الغذائية بحيث لم تسد المحاصيل الغذائية حاجاتها فحسب بل صدرت فائضها أيضاً, والبضائع المستهلكة متوافرة في سوقها. وقد تحسن المستوى المعيشي للشعب الصيني خلال العشرين سنة الأخيرة خمس مرات, وبلـغ المستوى الرغـيد. أما عـدد السكان الفقراء فانخفض من 300 مليون قبل 20 سنة الى 30 مليون الآن. ففي حين ينخفض عدد السكان الصينيين الفقراء 6 ملايين سنوياً, يزداد عدد السكان الفقراء في العالم نحو 10 ملايين سنوياً. وبالنسبة لمتوسط العمر الفردي المتوقع للصينيين, فـقد ارتفع من 35 سنة (كما كان قبل 50 سنة) الى 72, بحيث بلغ مستوى شعوب الدول المتطـورة المتوسطة, وهو أكثر من مستوى شعوب الدول النامية بـ10 سنوات.
وأما على صعيد الصناعة المعلوماتية الصينية, فهي تتطور تطوراً سريعاً حيث يوجد في الصين 150 مليون تلفون سلكي و125 مليون تلفون خلوي, وهذا الحجم يعتبر الأول في العالم. وفي مجال التعليم شهدت الصين تطوراً ملحوظاً, مع أن عدد سكانها ازداد في نصف القرن الأخير من 470 مليون الى مليار و300 مليون, فانخفض معدل الأمية من 80% الى 7.8%. وتضاعف عدد الطلاب الجامعيين 50 مرة. وإذا حافـظت الصين على مـعدل نموها اي 7% سنوياً, فستحتل المكانة الثانية في العالم من حيث الحجم الإقتصادي في العـام 2030. كما من المتوقع أن يرتفع متوسط مستوى معيشة الشعب الصيني الى مستوى معيشة الدول المتطورة في العام 2050.
وفي الختام, عدد السفير الصيني أهم أسباب نجاح الإصلاح والإنفتاح في الصين وهي:
1­ التمسك بالطريق الإشتراكية وفقاً للخصائص الصينية, وتطبيق سياسة الإقتصاد السوقي الإشتراكي المتفق مع واقع الصين.
2­ الحكومة المركزية القوية والمتضامنة والنزيهة, الى مواكبة العصر.
3­ الإهتمام ببناء الحضارتين المادية والروحية على حد سواء.
4­ معالجة العلاقة بين الإصلاح والتنمية والإستقرار بشكل جيد.
5­ الإهتمام بالتعليم, ودعم تنمية التكنولوجيا, ووضعها في المقام الأول في تنمية الإقتصاد.
6­ سياسة خارجية سلمية متزنة لتهيئة بيئة دولية صالحة, ومتابعة سياسة حسن الجوار مع كـل الدول المجاورة بغـض النظر عن اختلاف النظام والعقيدة.
في النهاية, قدّم العميد الركن نصرالله درع كلية القيادة والأركان للسفير الصيني, وسجّل السفير الصيني كلمة في السجل الذهبي.