ضلواهر كونية

حدد بالأرقام تأثيرك على المناخ
إعداد: رويدا السمرا

التسوّق، الاستحمام، تحضير القهوة، الذهاب الى العمل الخ... كلها نشاطات بسيطة نمارسها كل يوم ولا نعرف مدى تأثيرها على ظاهرة تسخين الأرض أو الإحترار الشامل. فهل تريد أن تحدد بالأرقام مدى مشاركتك في هذه الظاهرة البيئية التي تشغل العلماء اليوم؟
 

عوامل تسخين الأرض
مواسم حرّ شديد، فيضانات، موجوات من الصقيع، أعاصير: تغيّرات مناخية بدأت تهدد وجود المدن وسكانها وأصبحت تستدعي إيجاد حلول سريعة واتخاذ تدابير عاجلة. فالأمر طارئ، والسبب: تسخين الأرض. أما المسبب فهو تضافر عوامل مشتركة من بينها نحن، أنا وأنت والجار الذي يصرّ على عدم ضبط محرك سيارته العامل على المازوت... والسؤال الذي يتبادر الى الذهن في هذا المجال، هل يمكن أن نحسب مدى تأثير كل فرد منا على المناخ الذي نعيش فيه، بالنظر الى النشاطات الصناعية والزراعية التي ترافقه في نمط عيشه؟ والجواب هو نعم. لقد أصبح ذلك ممكناً اليوم بعد أن كنا في السابق نتعرّف فقط على الأثر الذي تخلّفه قطاعات الإنتاج الكبرى. ويصدر المركز التقني لمختلف المهن، المسؤول عن دراسات تلوّث الجو في فرنسا، نشرات منتظمة حول نسبة إنبعاث الغازات المسببة للإحتباس الحراري (تراكم غازات الميتان وثاني أوكسيد الكربون وثاني أوكسيد الآزوت في الجو، بكميات تحتبس حرارة الشمس على الأرض، فتسبب بتسخينها) ، وذلك بحسب القطاع المنتج لهذه الغازات (صناعة، زراعة، نقل الخ...) . ومنذ الثاني من شهر كانون الأول 2003، أصبح بإمكان كل مؤسسة أن تحسب معدل إنتاجها لغاز الكربون، على موقع الإنترنت التابع لـ"وكالة البيئة وضبط الطاقة"           (www.ademe.fr ) .
أما بالنسبة للأفراد، ففي ما يلي مجموعات من الأسئلة، يتمكن كل فرد بواسطتها، من تحديد بصماته على مسرح الجريمة التي تُرتكب بحقّ المناخ الذي نعيش فيه. وتسمح هذه الأسئلة، بحساب مقدار الكربون الذي ينتجه كل فرد، وفقاً لنمط عيشه. ولا يؤخذ بالاعتبار في عملية الحساب هذه، سوى انبعاث غاز ثاني أوكسيد الكربون بين كل أنواع الغازات الأخرى التي تؤدي الى الاحتباس الحراري، لأنه يؤثر وحده بنسبة تسع وستين بالمئة على عملية تسخين الأرض.

 

تأثيرك على المناخ... وأنت في المنزل
يشكل بناء المساكن مصدراً هاماً لانبعاث غازات الإحتباس الحراري. ويعود السبب الرئيس في ذلك، الى إنتاج المواد الأولية ونقلها، لا سيما من أجل بناء المنازل الخاصة. فهذه الأخيرة تتطلب كمية من المواد للمتر المربع، أكبر من الكمية اللازمة لبناء الشقق. في المنزل، أربعة مصادر استهلاك للطاقة: التدفئة، الكهرباء، المياه الساخنة والطهي. ويختلف انطلاق ثاني أوكسيد الكربون، مع اختلاف وسائل التدفئة المعتمدة. وهو يتغيّر بحسب كمية الطاقة التي يوفّرها نوع الوقود، وأيضاً بحسب المردود الذي يؤمنه نوع التدفئة.
 

● هل تعلم؟
- ان المردود الوسطي لتجهيزات التدفئة التي تخضع لصيانة مستمرة، يعادل نسبة ستين بالمئة للإنتاج المشترك، في حين يصل الى تسع وتسعين بالمئة للإنتاج الفردي، بالنسبة لبالون التدفئة الكهربائي المعزول بشكل جيد. ويتراوح المردود الوسطي للمِرجَل المختلط (تدفئة مركزية ومياه ساخنة) ، بين الأربعين والستين بالمئة.
- ان صناعة أي أداة منزلية، تُطلق كمية من غاز الكربون تعادل وزن الأداة مرّة أو مرتين. ¬ ان تصنيع مواد البناء يشكّل مصدراً هاماً لانبعاث غازات الاحتباس الحراري. فالحصول على طن من الإسمنت يُطلق ما يعادل مئتين وخمسة وثلاثين كيلوغراماً من الكربون. وينتج الإنبعاث الأكبر عن احتراق الطاقة النفطية، إذ تتطلب عملية طهي الصلصال والكلس درجة من الحرارة تعادل ألفاً وخمسمئة درجة مئوية. وينتج القسم الباقي، من تفاعل كيميائي خاص.
 

تأثيرك على المناخ...
في وقت فراغك
عندما نذهب للتسوّق، ندخل المخازن التجارية الكبرى حيث تكون التدفئة أقوى مما هي عليه في الشقة، حتى تعوّض عن تسرّب الحرارة من مجاري الهواء ومن الأبواب التي تفتح باستمرار. فالمراكز التجارية هي إذن، مصدر هام لانبعاث غاز الكربون، وهذا يعني أنه كلّما ذهبنا للتسوّق، كان استغلالنا للتدفئة أكبر، وانبعاث كمية غاز الكربون أكثر. وعندما نمارس بعض أنواع الرياضة في أوقات الفراغ، نشارك كذلك بعـملية الإحتباس الحراري: إن كل الرياضات الميكانيكية هي بحاجة الى الوقود. فالدراجة النارية تستهلك نحو ستة ليترات في المئة كيلومتر. أما الرياضات المائية، فهي أكثر شراهة بعد. فالمركب السياحي يستهلك أحد عشر ليتراً من الوقود في الساعة، أي ما يعادل انبـعاث ثمانـية كيلوغرامات من الكربون في الساعة، مقابل 4.4 للدراجة النارية. وقد لا يخطر ببال أحد، أن رياضة الغـولف، تبعث بكمـية كبيـرة من غـازات الاحتباس الحـراري. فصيانة الملعب وحدها تتطلب 1.5 طناً من السماد الكيميائي للهكتار الواحد في السنـة. يضاف الى هـذا، ضرورة استعـمال آلـة جزّ العشب عدّة مرات في الشهر، والري المكثف خلال فصل الصيف.
 

● هل تعلم؟
- ان عدد المقاهي التي تجهز الشرفات الزجاجية بالتدفئة في الشتاء، يتزايد باستمرار، وأن جهاز التدفئة المستعمل لهذا الغرض، هو من الأنواع الأكثر إطلاقاً لغازات الاحتباس الحراري. إذ يعمل هذا الجهاز على الغاز ويستهلك نحو كيلوغرام من البروتان في الساعة.
- ان الفرد في أوروبا يستعمل سيارته بمعدل مرة من كل مرتين يريد فيهما الخـروج للتنقل مسافة لا تزيد عن الثلاثة كيلومترات، وان تسعة وسبعين بالمئة من الفرنسيين يفضلون البقاء في المنزل لو أنهم لا يملكون سيارة.
 

تأثيرك على المناخ... في العمل
كلما كانت المسافة بين عملك والمنزل كبيرة، كلما ازداد استهلاكك للطاقة. لكن وسائل النقل لا تُطلق الكمية ذاتها من ثاني أوكسيد الكربون للراكب الواحد. فالسيارة تبعث خمسين غراماً في الكيلومتر الواحد إذا كانت تقل راكباً واحداً، في حين لا يتعدى ما ينبعث من الباص، الذي ينقل أيضاً راكباً واحداً الستة والعشرين غراماً، ومن القطار 2.3 غرام. وبالمقابل تؤدي قيادة السيارة بتهوّر، الى زيادة في صرف الوقود، إذ لا يتم في هذه الحال استهلاك كامل الطاقة الناتجة عن احتراق البنزين في المحرم. ومن شأن ذلك، أن يتسبب في انبعاث غازات الاحتباس الحراري، بنسبة عشرين الى أربعين بالمئة، بحسب إحصاءات وكالة "Ademe". وما يزيد في المدن، من الاستهلاك الوسطي للوقود بنسبة 3.5 ليتر للمئة كيلومتر، هو السرعة في القيادة، وتسريع المركبة ثم التوقّف المفاجئ، وكذلك تغيير معدّلات السرعة باستمرار. وفي مـركز العـمل، تستهـلك التـدفئة والإضاءة واستعمال الحاسوب وآلات الطـباعة، كمية من الطاقة تؤدي الى انبعاث الكربون. أما أجهزة التكييف، فتستهلك ثلاثين كيلوواط / ساعة (وحدة الطاقة)
في السنة، للمتر المربع، وهي تؤثر بشكل غير مباشر على عملية الاحتباس الحراري، كما يتزايد تأثيرها في حال كان كان هناك تسرّب للغازات المبرّدة.
تأثيرك على المناخ... وأنت على مائدة الطعام
إن الأطعمة التي نستهلكها هي مصدر انبعاث لثاني أوكسيد الكربون خلال فترة إنتاجها (صناعة الأسمدة، استعمال الآلات الزراعية، والنقل الى أماكن البيع) . أما الإنبعاث الناتج عن استهلاك اللحوم، فيعود الى إنتاج العلف ونقل الحيوانات الى أماكن التربية وذبحها، وأيضاً الى نقل اللحوم وصيانة مخازن التبريد.
 

● هل تعلم؟

- ان إنتاج كيلوغرام من القمح، يؤدي الى انبعاث ما يعادل خمسة وسبعين غراماً من الكربون، وان إنتاج كيلوغرام من الزبدة، يُطلق ما يعادل أربعمئة وأربعة وعشرين غراماً من الكربون؟
ان الفرد في فرنسا يستهلك من اللحوم وسطياً، ما يعادل ستين كيلوغراماً في السنة (من دون العظم) . وإذا علمنا أن كمية العلف اللازمة لإنتاج كيلوغرام من البقر، تفوق سبع مرات الكمية اللازمة لإنتاج كيلوغرام من الخنزير، يكون انبعاث ثاني أوكسيد الكربون بالنسبة للبقر أكثر بكثير من الخنزير. أما صاحب الرقم القياسي في هذا، فهو العجل، الذي يطلق إنتاجه كمية من ثاني أوكسيد الكربون أكثر بأربع مرات من البقر. ان الزراعة العضوية تعطي مردوداً أقل من الزراعة العادية. فالمسافة التي تحتاجها أكبر، كما أن كمية الغاز المنبعثة من جراء استعمال المِحراث الآلي هي أعلى. لكن هذا النوع من الزراعة يبتعد عن استعمال الأسمدة الكيميائية أو مبيدات الحشرات، وبالتالي فهو بالإجمال أقل بعثاً لغازات الإحتباس الحراري، من الزراعة العادية.
- ان صناعة الزجاج تطلق كميّة كبيرة من الغاز. فإنتاج طن واحد من الزجاج يستوجب انبعاث أربعمئة كيلوغرام من الكربون.
 

تأثيرك على المناخ... في أيام العطلة
لدى طيرانها على ارتفاع عال، تُطلق الطائرات غاز ثاني أوكسيد الكربون، مع احتراق الكيروسين. وينتج عن هذا التفاعل، بخار الماء الذي يبقى محتبساً في طبقات الجو العليا، فيشارك مع باقي الغازات في مفعول الإحتباس الحراري. ولا يحدث هذا، عندما ينطلق بخار الماء في الأجواء المنخفضة (عند تعرّق النبات مثلاً) . فالبخار في هذه الحالة، سريعاً ما ينخرط في دورة المياه الطبيعية (تكثّف البخار ¬ تشكُّل الأمطار ¬ تكوّن المياه الجوفية) . إلا أن نسبة الغاز المنبعثة من الطائرة، بالنظر الى عدد ركّابها، هي أقل، إذا ما قورنت بما تطلقه السيارة التي تحمل سائقها فقط.
 

● هل تعلم؟
ان خمسة وعشرين مليون راكباً يسافرون كل عام في فرنسا وحدها على متن الخطوط الجوية الداخلية، وان سبعة وستين مليوناً يقومون برحلات جوية عبر الخطوط الدولية.