ملف الحرب على العراق

حرب لا مثيل لها في التاريخ
إعداد: يونس عوده

بعد "عاصفة الصحراء" حرب "الصدمة والرعب" الأميركية البريطانية تفشل في تخويف العراق

وسط رفض عالمي رسمي وشعبي, ووسط سيل المعلومات المدبجة عن وجود أسلحة دمار شامل في بلاد الرافدين, فتحت القوات الأميركية البريطانية النار على العراق في حرب “لا مثيل لها في التاريخ” كما وصفها قائد القوات الأميركية الجنرال تومي فرانكس, رغم فشل الولايات المتحدة في العثور على غرام واحد من أسلحة الإتهام الأميركي. وقد فوجئت القوات المهاجمة من جبهة الجنوب بالمقاومة الضارية التي أبداها العراقيون, مدنيون وعسكريون, بعد نشر أطنان الشائعات التي تدخل ضمن الحرب النفسية لهز العزيمة, مسنودة الى توقعات تصل الى نسبة 100 بالمئة بأن المدن والقرى العراقية ستلاقي القوات الغازية بالورود والأرز ويافطات الترحيب.
وكانت المفاجأة الأولى للقوى التي وصل تعدادها الى ربع مليون جندي مدعومين بحاملات الطائرات وأحدث أنواع الطائرات الحربية, بينها قاذفات استراتيجية من طراز ب52 و”الشبح” والفانتوم بأجيالها المختلفة فضلاً عن أساطيل الطيران المروحي, وأيضاً أحدث أنواع المدرعات بكل أشكالها, كانت هذه المفاجأة في قرية أم القصر الساحلية التي تبعد أمتاراً قليلة عن نقطة الهجوم الأولى (الحدود الكويتية) وضمن منطقة تعتبر منزوعة السلاح.
وقد قاتلت القوى المتواجدة في هذه القرية قتالاً ضارياً, ما أوقع القيادة العسكرية المشتركة الأميركية البريطانية في إرباك انعكس تضارباً في المواقف وإطلاق معلومات دحضتها الحقائق على الارض, لا سيما عمليات “الإستسلام” الوهمية ونفي سقوط قتلى أو تحطم آليات وطائرات, وصولاً الى السيطرة على القرى والبلدات والمدن الواقعة على طريق بغداد.
ولعل الأسلحة شبه البدائية التي يقاتل بها العراقيون, مقارنة بالترسانة الأميركية البريطانية بعد فشل عملية “قطع الرأس” أي إغتيال صدام حسين وقيادته في الضربة الصاروخية الأولى, حوّل قطاف حرب “الصدمة والرعب” من انتصار سريع حلم بها الأميركيون منذ أحداث 11 أيلول 2001 الى ذهول, لا بل كابوس غير متوقع, ما أجبر القيادة الميدانية الأميركية على استدعاء 120 ألف جندي لم يلحظوا في الخطة التي تتضمن 300 ألف بدأ حشدهم في مسرح العمليات مع انطلاق مناقشات مجلس الأمن لارسال مفتشين دوليين الى العراق بحثاً عن أسلحة الدمار الشامل. فضلاً عن سجال تحوّل الى اتهامات بين وزير الدفاع رامسفيلد والقيادة العسكرية الميدانية بقيادة الجنرال تومي فرانكس.
وفقدان عنصر المفاجأة الإستراتيجية التي تعتمد غالباً في الحروب, جعل القيادة الأميركية تبحث عن أي نصر, ولو محدوداً, لتقديمه على أنه إنجاز استحق كل هذه المعاناة.
والمفاجـأة التي كانـت تعد لها واشنـطن, وحسب مصـادر دفاعـية بريطانية, تنطوي على ضرب قائمة أهداف في العراق لحظة بدء الهجوم الجوي, أكبر بكثير من تلك الأهداف التي ضربت خلال حرب 1991 على مدى 42 يوماً, على أن تتكرر في اليوم التالي العمليات نفسها كماً ونوعاً, بحيث وضع المخططون في البنتاغون خطتهم على أنها في اليوم التالي ستحسم الحرب, وتعتبر بعدها بغداد بحكم الساقطة عسكرياً, على أن يتم في اليوم الثالث دفع قوات كردية وشيعية معارضة الى العاصمة بعد ضرب البنى التحتية في العاصمة, ومهمة هذه القوى التصفيات.
لكن ليس كل ما يؤشر عليه في الورق يصبح واقعاً عندما تنطلق الصواريخ وتفتح المدافع فوهاتها وتطلق الطائرات نيرانها, فالخطط جميعها تصبح رهينة مسرح القتال والتخندق والمفاجآت, مهما استخدمت فيها من تقنيات عالية لم تستخدم قبلاً.