تحقيق عسكري

حرفية وسرعة ومناقبية و... «دائمًا وفيّ»
إعداد: تريز منصور

فوج التدخل الثاني
خليّة نحل، حركة لا تهّدأ، وجهوزيّة دائمة لتلبية نداء الواجب الوطني والحفاظ على الأمن. فوج التدخل الثاني الذي ينفّذ أصعب المهمات وأخطرها بحرفية عالية، وبسرعة مذهلة ومناقبية ملفتة، حرص منذ إنشائه على أن يكون أداؤه تجسيدًا لشعاره «دائمًا وفيّ».


بين التأسيس والواقع الراهن
أنشئ فوج التدخل الثاني بتاريخ 1/1/1991، وتولّى إمرته المقدم أنطوان بانو. تمركز الفوج في محيط وزارة الدفاع الوطني، وكان يضمّ خمس سرايا تدخّل، بالإضافة إلى سريّة القيادة والخدمة.
الهدف من إنشاء هذا الفوج كان بناء قوة تدخّل سريع في الجيش. وقد تمكّن من تطوير هيكليته ومهمّاته ودوره ضمن هذا الهدف، حتى أصبح من بين الأفواج الأقوى في الجيش اللبناني.
مجلّة «الجيش» زارت مقر قيادة هذا الفوج في منطقة رياق والتقت قائده العميد الركن المغوار بسام عيسى الذي أكّد «أن فوج التدخل الثاني ينفّذ مهمات غير مرتقبة وغير محضّرة، وهو يتميّز بسرعة تحرّك حاسمة حيث تدعو الحاجة داخل نطاق انتشاره وخارجه».
بداية أوضح العميد الركن عيسى أن مسؤوليّة فوج التدخل الثاني تقع ضمن قطاع البقاع الأوسط، الذي يمتدّ جنوبًا من بلدة الصويري - مجدل عنجر إلى كفرزبد شرقًا، وسرعين شمالاً وزحلة - حزّرتا غربًا.
 

•كم سريّة تنضوي اليوم تحت إمرة قيادة هذا الفوج؟
- يتألف حاليًا فوج التدخل الثاني من سبع سرايا، من بينها أربع سرايا تدخّل، إضافة إلى سريّة دعم، سريّة مدرّعات وسريّة القيادة والخدمة.
وبالإضافة إلى سرايا الفوج، وضعت اثنتان عملانيتان بإمرة قيادته، الأولى سريّة مشاة من فوج الحدود البرية الثاني، منتشرة في منطقة المصنع، أما السريّة الثانية فهي سريّة دبابات من اللواء الثالث، منتشرة حول مخيّم قوسايا - كفرزبد.
مبدئيًا، تتشابه الهيكلية التنظيمية لجميع الأفواج العسكرية في الجيش، ولكن الذي يميّزها عن بعضها البعض آليّة التدريب المعتمدة، والتي تطبعها شخصية قائد الفوج. فالآليّة المعتمدة في فوج التدخل الثاني تتميّز بالدينامية وسرعة الحركة، لذلك يبدو الفوج مثل خليّة النحل، فالعمل فيه لا يهدأ، والتدريبات تتمّ بداخله بجديّة قصوى، تمامًا كما تنفيذ المهمّات. وهذه الميزة خوّلته تدريب عناصر من مختلف قطع الجيش.
ويضيف العميد الركن عيسى: «على قدر أهل العزم تأتي العزائم، ولدى الفوج ضبّاط وأفراد يتحلّون بالعزيمة والإصرار على التطوّر الدائم، للتصدّي لكل إرهابي ومعتدٍ على أمن هذا الوطن، وعلى الجيش اللبناني، مهما كانت الظروف صعبة ودقيقة».

التدريبات والدورات
العام 2012 أنشئ في الفوج مركز للتدريب بإشراف فريق أميركي، وقد تزامنت زيارتنا مع افتتاح دورة مدتها سبعة أسابيع لتدريب عسكريين من الألوية والأفواج المنتشرة في منطقة البقاع (اللواءان الثالث والسادس، فوج الحدود البرية الثاني ومخابرات منطقة البقاع)، بإشراف هذا الفريق التابع للقوات الخاصة الأميركية.
وفي الكلمة التي ألقاها في افتتاح الدورة شددّ العميد الركن عيسى على ضرورة التزام العسكريين الجدّية بالمتابعة والإستفادة من كل معلومة يتلقّونها من مدرّبيهم، داعيًا الجميع إلى اتخاذ أقصى خطوات الحيطة والحذر، ولا سيّما في أثناء الرمايات أو ما يسمى بـ رماية الـ «Bing Ball» وخلال المناورة بالذخيرة الحيّة في حقل الرماية. كما شدّد على تنفيذ العسكريين المهمّات الموكلة إليهم تحت علم الجيش اللبناني وليس تحت علم القطعة التي ينتمون إليها.
وفي هذا الوقت كانت قيادة الفوج تعمل على إعداد وتحضير الضباط والعسكريين المشاركين في المناروة الدولية «الأسد المتأهّب» (Eager Lion) والمقرّرة بين 25 أيار و8 حزيران، في المملكة الهاشميّة الأردنيّة، والتي تجمع 29 دولة. وأوضح قائد الفوج أن لبنان سيشارك في هذه المناورة ضمن مجموعة «سيدر» (Cedar)، بحيث تنفّذ عدّة عمليات في قاعدة الأمير عبدالله بن هاشم الثاني في منطقة الزرقا. يبلغ عدد المشاركين في هذه المناورة 60 عسكريًا (30 تدخل، 15مغاوير، 15 مجوقل)، ومن بينهم خمسة ضباط.
أما في ما خصّ الدورات والتدريبات المتواصلة، فالفوج يشارك في دورة آمر سرية في الداخل وأخرى مماثلة خارج البلاد بالإضافة إلى دورة قتال جبلي صيفي، دورة في فوج المغاوير، ودورة آمر فصيلة تموين ونقل وأمين صندوق في مديرية القوامة، والمكتب رقم 2 في عدّة قطع (مديرية التأليل، فوج الهندسة، فوج المدفعية الثاني، اللواء الثامن، فوج الأشغال والنقل، مديرية العتاد، نادي الضباط – اليرزة، فوج الإشارة وفوج التعليم). وفي الطبابة العسكرية يتابع عسكريون من الفوج دورة منقذ حياة أثناء القتال.

 

مهمّات أساسية
المهمّات الموكلة إلى الفوج تحدّث عنها مساعد قائده ورئيس القسم الثاني العقيد الركن جان غرغوار الجميّل، الذي أكّد لنا أن عناصر الفوج نفّذوا بتفانٍ وحماسة كل المهمات التي أوكلت إليهم، حيث اضطر معظمهم إلى البقاء في الخدمة لمدة أسبوعين متتاليين.
وقال: «إن المهمات الأساسية لفوج التدخل الثاني تندرج تحت العناوين الآتية:
- الحفاظ على الأمن ضمن بقعة الإنتشار.
- ضبط الحدود اللبنانية - السورية، ومنع عمليات التهريب على أنواعها.
- دهم المطلوبين وتسليمهم إلى العدالة.
- القيام بدوريات راجلة ومؤللّة، وتنفيذ كمائن ليلية.
- التصدي لأي اعتداء يقوم به العدو الإسرائيلي.

 

...ومهمّات غير مرتقبة
الظروف الصعبة التي عاشها لبنان وما أدّت إليه الأزمة السورية من تداعيات ونزوح فرضت واقعًا إضطر معه الفوج إلى تنفيذ عدّة مهمات صعبة وخطرة داخل قطاع إنتشاره وخارجه، وهذه المهمات كانت غير مرتقبة وغير محضرّة، لكنها تكللّت بالنجاح التام، ومن دون تسجيل خسائر بشرية في صفوفه.
ويذكر العقيد الركن الجميل في هذا الإطار التحركات التي تخلّلها حرق للدواليب وقطع للطرقات (لا سيّما طريق المصنع الحدودي، والذي يعتبر الشريان الحيوي الذي يربط بين البلدين) والتي أدّت إلى عدة اشتباكات بين المخلّين بالأمن وعناصر الفوج، إضافة إلى تعرّض بعض المراكز العسكرية إلى الهجوم وإطلاق النار. لكن الفوج ضبط الوضع الأمني وأوقع عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى في صفوف المعتدين من دون أي خسائر في صفوفه.
كفاءة الفوج القتالية وحرفية عسكرييه كانا سببًا لتكليفه بتنفيذ مهمات خارج نطاق قطاعه، ووضع سريّتين تحت إمرته كما سبق وأشرنا، وفي هذا الإطار نفّذ الفوج عدّة عمليات دهم وتفتيش في مخيمات اللاجئين السوريين وأوقف إرهابيين خطرين في جبّ جنين - كامد اللوز، غزّة، بريتال وحور تعلا.

 

حادثة الصويري
في أذهان أهالي المنطقة حادثة حصلت بين عائلتين مطلع العام الحالي وكادت تتطوّر وتمتد إلى القرى المجاورة، لكن فوج التدخل الثاني حسم الوضع بسرعة. إنها حادثة الصويري التي يخبرنا رئيس الفرع الثالث في الفوج المقدّم جوزاف البيطار أنها تطوّرت إلى معارك سقط خلالها عدد من القتلى والجرحى في صفوف المتقاتلين من العائلتين، أعاد الوضع إلى طبيعته وهو ما زال متمرّكزًا لغاية اليوم في البلدة.

 

الخطة الأمنيّة
إعتبارًا من العاشر من نيسان الماضي يشارك فوج التدخّل الثاني في تنفيذ الخطة الأمنيّة في منطقة البقاع، وعسكريوه مستعدون لأداء واجبهم حتى الشهادة. أما الذين يتحضّرون للمشاركة في المناورة الدولية (الأسد المتأهّب) فإنهم مستعدّون لبذل كل الجهد والمثابرة لرفع إسم الجيش وإسم فوج التدخل الثاني عاليًا...

شعار الفوج
يتألف شعار فوج التدخل الثاني من عدّة رموز، لكل منها دلالته:
-السهم: للدلالة على التقدّم نحو الأمام.
-الحربة: ترمز إلى الإنقضاض.
-البرق: يرمز إلى سرعة التدخل.
ويحمل الشعار عبارة
«دائمًا وفيّ».

 

تصوير:
الجندي جورج فريحة