معارض ونشاطات

حرير صيني في بسوس
إعداد: جان دارك أبي ياغي

برعاية رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ممثلاً بوزير المال والاقتصاد دميانوس قطار، افتتح «معرض الحرير الصيني» في متحف الحرير في بسوس بحضور عدد من الفاعليات السياسية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والاعلامية.
ويأتي هذا المعرض في اطار النشاطات السنوية التي يشهدها المتحف خصوصاً في موسم ورق التوت وتربية دودة القز بهدف استعادة حرفة تراثية تكاد تنقرض، وتعرّف الجيل الجديد بمهنة كانت تشكّل العصب الأساسي في الاقتصاد المحلي وفي يوميات الفلاح اللبناني في القرن التاسع عشر ومطلع القرن الفائت في قرى جبل لبنان.
والحرير الصيني اكتشف منذ ألفي عام قبل المسيح، ولم يكشف سرّ حياكته في الغرب إلا في القرون الوسطى. من هنا، تعتبر تلك البلاد مهد صناعة الحرير وغزل خيوطه، وهي تشكّل العنصر الأساسي الجديد في المعرض هذه السنة تحت عنوان «حرائر الصين».
بهذه البادرة أراد جورج عسيلي و«جمعية التراث والانماء» التعريف عن فنون هذا البلد العريق في صناعة الحرير ووجهات استعمالاته في مجالات مختلفة ومتعددة. وقد لبست قاعات كرخانة بسوس حلّة صينية رائعة، وتوزع في أرجائها انتاج الأيدي الماهرة من الحرائر المطرزة، والملابس المزخرفة برموز تمثل الطبيعة والسلطة.
ففـي ظل تصميـم ممـيز وضعـه جان - لوي مانغي، وبـين لوحـات وملصقات تصوّر صبايا صينيات يرتديـن من حرير بلادهـن، تزين القاعة الأولى قطـع عديدة محاكـة من الحرير الصـيني، تسـتعرض حكاية سلالة «شينغ» التي حكمـت بين العامين 1644 و 1911 والأنظمـة التي حكمـت من خلالها حتى في فن حياكة ملابس الأباطـرة والملـوك وطريقـة ارتدائـها الأصلـية.
وفي صدر القاعة تتربع صورة ضخمة لموظف كبير في الامبراطورية الصينية محاطاً من الجانبين بفستانين رائعين من العام 1800 مزينين برسم التنين الذي يرمز إلى القوة الداخلية لكل موظف والى سلطة الامبراطور على امبراطوريته، وثوب التنين الذي كان يطلق عليه اسم «لونغ - باو» كان يرتديه الموظفون المدنيون الكبار والضباط العسكريون في المناسبات الرسمية.
أما فساتين النساء فتزينها رسوم الزهور والطيور والفراشات رمزاً للأنوثة. كما تعرض القبعات الولادية المصنوعة على أشكال الحيوانات وخصوصاً النمور والهررة، والسراويل والياقات وأطراف الأكمام المزخرفة، والبابوج والأحذية ذات الرأس المعكوف...
وفي القاعـة الثانية أقيمت «زاوية الراحة» التي تظهـر كيف كان الصينيون يجلسون ويسترخون، و«صـالون الموسيقى» حيـث صور لنساء يعزفـن الموسيـقى على آلات عديـدة تظهـر تعدديتهـا في ذلك العصر، اضافة إلى عـدد من الأسرّة المغطـاة بالشراشـف المطرزة بمهارة وذوق كبيرين، والقطع المطرزة المستعملة للصواني وتقديم الشاي، بين مجموعات من البورسلين الصيني الشهير والعلب الخشبية المصدفة.
من ناحية ثانية، لا تزال قاعة المعرض الدائم تستقبل زائريها الذين يودون اكتشاف سرّ الحرير والاطلاع على مراحل صناعته بالعين المجرّدة منذ تفقيس دودة القز من البيضة، حتى انتاج الخيط من الشرنقة الى الحياكة، مروراً بالتخنيق والسلق والتوضيب، وصولاً إلى تصنيع الحرير، إضافة إلى ما تضمّه من آلات قديمة تستعمل في حياكة الحرير التقليدية وصور قديمة وخرائط.
وأضيفت إلى القاعة ثلاثة أنوال تعتبر تراثاً صناعياً غنياً، قدّمتها مدينة ليون الفرنسية للتذكير بالعلاقات والروابط الثقافية والاقتصادية التي كانت تجمع هذه المدينة بقرى جبل لبنان ومدنه. وفي صدر القاعة نموذج جديد من الحرير هو الحرير البرّي الذي تشتهر به مدغشقر ومصدره شرانق بلدية لا يربيها الانسان ويأتي حريرها مختلفاً من حيث لمعان الخيط وطوله، ويصبغ بألوان الطبيعة كالأخضر والبني كما لوني الشجر والأرض.
تجدر الإشارة إلى أن متحف الحرير في بسوس يفتح أبوابه من 17 أيار ولغاية 11 أيلول المقبل، وكانت مجلة «الجيش» قد نشرت تحقيقاً مفصّلاً عنه في خانة «متاحف من بلادي».