جندي الغد

حقوق وواجبات
إعداد: ريما سليم ضوميط
رسومات: غدير صبح

«جندي الغد»، زاوية خاصة بكم جنود المستقبل، أنتم التلامذة، تنقل إليكم المعلومات المفيدة، وتتيح لكم مشاركة أفكاركم وما صنعته أياديكم الرشيقة...
 

وطني الحبيب

ضعوا أوراقًا على الطاولات أمامكم، قالت معلّمة الّلغة العربيّة لتلامذتها، وباشِروا بكتابة نصٍّ إنشائيّ تصفون فيه مشاعركم تجاه وطنكم وأرضه وشعبه.
نفّذ التلامذة تعليمات مُدَرِّستهم وراحوا ينقلون مشاعرهم على الورق في كلماتٍ تفيض حبًّا وأحاسيس صادقة، وقد زيّن كلٌّ منهم ورقته برسومٍ جميلة وقلوبٍ حمراء تنبض بالحياة. وحدها ورقة سليم كانت ملطّخة بالحبر بالكاد يمكن قراءة حروفها. حملتها المعلّمة التي كانت تراقب الصبي في أثناء كتابتها، وقالت له: لقد شاهدت دموعك تنهمر بغزارةٍ وأنت تخطّ نصّك يا سليم، واعتقد أنّني أُدرك السبب، فهل تسمح لي بقراءة ما كتبته؟ نظر الطفل بحزنٍ إلى معلّمته وأومأ بالإيجاب. حينئذٍ، طلبت المعلّمة من التلامذة الإصغاء وراحت تقرأ بصوتٍ عالٍ: وطني الحبيب، كنت في الخامسة من عمري عندما شاهدت أمّي تودّع أبي دامعةً على باب المنزل، أوصته حينئذٍ أن يرجع إلينا سالمًا، وأوصاها بدوره أن تعتني بنا وبنفسها جيّدًا...كانت المرّة الأخيرة التي رأيت فيها والدي، وقد علمت بعد حين أنّه كان من عداد العسكريين الذين استشهدوا في معركة نهر البارد. يومها، لم أدرك معنى الاستشهاد في سبيل الوطن، ولكنّني عامًا بعد عام، كنت أكبر وأنضج، وبدأت أقرأ وأفهم. قرأت يومًا أنّه ما من حبٍّ أعظم من أن يبذل المرء نفسه في سبيل من يحبّ. أدركت حينها أن أعظم حبٍّ لوالدي كان حبّه لوطنه، وأدركت أيضًا أنني ورثت عنه هذا الحب. شعرت يومها كم أحبّ كلّ شبرٍ من أرض وطني التي روتها دماء أبي ورفاقه، وكم أخاف على أبناء بلدي الذين مات أبي فداءً عنهم. منذ ذلك الوقت، وضعت لنفسي هدفًا جديدًا، وهو أنّني حين أكبر، سأصبح جنديًّا مثل أبي، أنذر عمري للدفاع عن وطني وحماية أبنائه.