مناسبة

حقًا هي أم الوطن

حقًا هي أم الوطن، هي من تحتضن جرحها، تعالجه بالصبر مؤمنة أنّ الوطن يستحق تضحيتها الغالية. هي أم العسكري الشهيد، والعسكري في وجداننا «وطن»، هكذا نناديه، وهكذا تختصر صورته أنبل الصفات وتختزن أسمى القيم. 

 

في عيد الأم، واحتفاء بأمهات شهداء الجيش اللبناني، أطلق الجيش حملة «أم الوطن» التي نفذتها شركة TBWA/RAAD ولاقت تجاوبًا واسعًا على منصات التواصل الاجتماعي. ومن خلال أصالة الفكرة المعتمدة في الفيلم الرئيس وبراعة التنفيذ، لامست الحملة الوجدان العام ونجحت في صنع احتفالية عفوية مؤثرة بعيدة عن الصيغ الإنشائية والقوالب التقليدية. يأخذنا الفيلم إلى عمق العلاقة بين أم العسكري الشهيد ومؤسسته، هذه العلاقة التي تتجلى باعتبار العسكري أنّ أم أي شهيد من رفاقه هي أمه، واعتبار أم الشهيد أنّ أي عسكري هو ولدها. 

تنفيذ الفكرة جاء مبدعًا ببساطته وواقعيته، فنحن في بيت إمرأة هي فعلًا أم أحد شهداء الجيش اللبناني، وفي يوم عيد الأم يأتي إليها رفاق ابنها حاملين الحب والورود، تحتضن كل منهم وكأنّه ابنها الغائب، الحاضر بحضورهم، يساعدونها في إعداد مائدة الطعام ويجلسون حولها... يتقاسمون الخبز والملح والأمل...

تولى تنفيذ الفكرة طلاب السنة النهائية في قسم الفنون السمعية والبصرية في الأكاديمية اللبنانية للفنون الجميلة ALBA، أما الجنود الذين ظهروا في الفيلم فهم فعلًا من عسكريي الجيش اللبناني، وقد جاء أداؤهم عفويًا صادقًا.

يوضح وليد كنعان، المدير التنفيذي للفريق الإبداعي في شركة TBWA/RAAD أنّه في وقت لم يعد فيه حب الوطن من الأولويات نظرًا لتردّي الأوضاع الاقتصادية والخيبات السياسية، ارتأت الشركة ضرورة تعزيز الشعور بفخر الانتماء إلى الجيش اللبناني لدى الأجيال الصاعدة. لذلك كانت هذه الحملة التي نجحت في إظهار الحب والاحترام والإعجاب الذي يكنّه الجمهور اللبناني تجاه أمهات الشهداء، من خلال منحهن رمزيًا لقب «أم الوطن» - وهو لقب مستمد من التقليد اللبناني الذي يطلق على جميع الجنود لقب «وطن».

ويقول كنعان: «هدفنا أن نجعل من هذا اللقب في المستقبل وسامًا يتم تقديمه إلى أمهات الشهداء - وسام لا مثيل له يتم تقديمه للمرة الأولى في العالم من قبل جيشنا الوطني. وهذا إجراءٌ يتطلّب وقتًا طويلًا للتنفيذ، ولكننا مصمّمون على تحقيقه والتصاميم الأولية قيد التنفيذ حاليًا». 

بالنسبة إلى الجيش اللبناني، فإنّ الفيلم وعنوان الحملة شكّلا تحية تكريم لكل أم ضحّت بابنها لحماية لبنان، وهذه التحية هي أقل ما تستحقه من كل لبناني.