ضيف العدد

حق القوّة وقوّة الحق
إعداد: جوزيف أبي ضاهر

فئتان تقفان على حدّ الكلمة:

فئة تقول بحق القوّة, متسلّحة بظرف آني, ضيّق الأفق, أوجد الأطماع وأشعل الغرائز.
... وفئة تقول بقوّة الحق, والحق سلطة ما بعدها سلطة, لا ترتفع فوق رايتها راية, ولا تسبق كلمتها كلمة.
الحق ليس رداءً للقوّة يستر عوراتها. أما قوّته فمن روحه تنبثق.
هو تاج العدالة وهيبتها, وتحت قوس العدالة لا يقف إلا من استحق أن يكون الحق تاجه, والإنسان ابن الحق, مفتوحة أمامه كل الأبواب ليدخل منها الى ذاته, قبل أن يدخل الى العالم, مرفوع الرأس موفور الكرامة... ولأجله أثبتت التشريعات والقوانين والدساتير والأعراف (على تنوعها), الحق في القول والتعبير والممارسة, ضمن أصول اللياقة والإحترام, وهنا تظهر الحرية في شكل من أشكالها, وكنموذج يحمل الكثير من المعاني للتعاطي الإجتماعي, من دون تحديد فروقات وطبقات, ومواقع.


أما الحرية فأوسع مما نتصور, إذا كانت إحتراماً للإنسان في إنسانيته وفي حقه. وأضيق مما نتصوّر, إذا كانت إسقاطاً لحق الإنسان في إنسانيته, ولدوره السمح النبيل المدرك لعظمة الروح التي تؤهل الجسد لأن يكون بيتاً لها, لا مسرحاً لأهواء ونزوات وعصبيات ترتكب باسم الحق والحرّية... والحق والحرية منها براء.
إن موقع الإنسان في الأرض هو ذاته: عين على السماء, وقدم في التراب. وبين الموقعين مساحات شاسعة, قد تُختصر في رفّة جفن, إذا أعطي للعقل الواعي أن يكون الموجّه. أو تظلّ محكومة بملايين من السنين الضوئية لا تعرف نهاية, إذا أبعد العقل, وتُرك أمر رسم جسر بين تحت وفوق, للرغبات التي يتحكم بها بريق آني, هو إبن اللحظة والإنفعال.
إن استخدام الحق أو الحرية, لاستدراج العواطف الى معارك بين بعضها بعضاً, يقضي على المستخدم. أما قبول الحرية, نعمة ترفع من قدر الإنسان, عقلاً وروحاً وممارسة, فحياة بعدها حياة... قوّتها الحق.