مواهب ورعاية

حكاية بطلين واعدين
إعداد: باسكال معوّض بومارون

عائلة شُغف أكثر من نصف أفرادها بلعبة الشطرنج، وشكّل الباقون دعامة لمساندتهم في تحقيق أحلامهم. في بيتهم العابق بالحب والمودّة، التقت «الجيش» المقدم قاسم فوّاز وزوجته ساره وأولادهما الثلاثة محمد وناديا وجواد، واستطلعت الأجواء التي قادت ناديا ومحمد باكرًا إلى بطولات الشطرنج المحلية والعالمية، مزوّدين موهبة تمت رعايتها وصقلها، فضلًا عن الروح الوطنية التي تضع مصلحة الوطن فوق المصلحة الشخصية وأي اعتبار آخر.

 

تلقّى المقدم فوّاز في صغره هدية عبارة عن لوحة شطرنج، جعلته يعشق هذه اللعبة الذهنية الراقية، فراكم عبر السنين الألقاب في بطولاتها، ثم أورث هذا الشغف لولديه محمد وناديا، وفتح الباب أمامهما للغوص في تقنيات عالم الشطرنج الساحر بدل الانغماس في ما يضيّع الوقت من دون فائدة.

 

محمد الواثق من نفسه

هواية ورغبة ومتابعة، تبناها كلٌ من محمد وناديا اللذين بدآ تمارينهما في لعبة الشطرنج باكرًا بتشجيع من والديهما، ثم في النادي الأهلي صيدا. محمد ابن الرابعة عشرة الواثق من نفسه المتحدث الهادئ يخبرنا أنّه تعلّم الشطرنج منذ عامه الخامس ثم توقّف وعاد في عامه السابع ليستعيد اهتمامه بهذه اللعبة الذهنية. وإضافة للتمرينات التي تابعها مع والده ومع فريق الأهلي صيدا، توجّه إلى الكتب المتخصصة بهذه اللعبة. ويقول: «عندما بدأت أحقق نتائج جيدة، تحمّست ناديا (٨ سنوات) على الأثر، واهتمّت بممارسة لعبة الشطرنج».

اشترك الولدان في عدة بطولات ومسابقات سافرا على أثرها إلى بلدان كثيرة، وحدهما. وتوضح الوالدة أنّ ارتباطها بوظيفة وكون زوجها ضابطًا في الجيش حالا دون إمكان مرافقة أحدهما للولدين في السفر. وتضيف: «اعتمد ولداي على نفسَيهما منذ البداية، فأنا أثق بضرورة تحميل المسؤولية للولد منذ نعومة أظافره، لينمو واثقًا من نفسه، قادرًا على التأقلم مع جميع ظروف الحياة مهما كانت صعبة. ولهذا كان محمد وناديا جاهزين للسفر معًا أو كل منهما على حدة بحسب الظروف، ولم يخيّبا ظني أبدًا، فعدا شعورهما بالحنين إلى المنزل من حين إلى آخر لم يحصل أي شيء يجعلنا نخشى عليهما من السفر وحدهما.

 

ناديا البطلة الواعدة

تعلّمَت ناديا كأخيها محمد أساسيات الشطرنج في المنزل ثم تابعت التمرين وإياه في النادي الأهلي في صيدا، ولم تلبث موهبتها أن برزت بوضوح، فبدأت تحصد الجوائز على صعيد المنطقة ثم على صعيد لبنان والوطن العربي. وقد شاركت في بطولات في رومانيا وأذربيجان وجورجيا والهند وقطر وسواها، وعادت حاصدة عدة ألقاب وميداليات.

تخبرنا ناديا: «في خلال إحدى البطولات وعندما اطلعتُ على لائحة المشتركين ورد اسم لاعب إسرائيلي فقلت في نفسي: «انشالله ما واجهو باللعبة»؛ إلا أنّ حظي لم يسعفني، فبعد أن حققت نقاطًا كثيرة أهلّتني للنهائيات، إثر خوضي مباريات ضد لاعبة سعودية وآخر بحريني وثالثة إماراتية، وضعني الكومبيوتر بحسب التصنيفات الرقمية في مواجهة لاعب إسرائيلي في الجولة الرابعة، إلا أنني لم أتردد لحظة واحدة، ورغم نقاطي العالية ونقاطه الأدنى، رفضت مواجهته في المباراة ما جعلني أخسر نقاطًا نتيجة انسحابي من المباراة. وتضيف: «لم أخسر في خطوتي هذه بل ربحت وطني ومحبة الناس، ولم أسمح لنفسي بمجرد الجلوس في مواجهة إسرائيلي واعتباره ندًا لي، خصوصًا وأنّ والدي ابن المؤسسة العسكرية أطلعنا على موضوع مقاطعة العدو الإسرائيلي، وحرص على توعيتنا من جميع النواحي حول أهمية تبنّي مواقف وطنية أينما وُجدنا في العالم».

وختمت ناديا بالتوجّه إلى أبناء جيلها بالقول: «لبنان ليس فندقًا لم تعجبك الخدمة فيه، بل هو وطن يحتضن أبناءه مهما حصل معهم، فالحياة مباراة مستمرة، ولا ينبغي أن نستسلم ونسلّم أسلحتنا، فالنجاح هو المثابرة رغم الصعوبات والعراقيل، وسوف أرفع دائمًا اسم لبنان عاليًا في كل العالم».

 

من أهم الرياضات الذهنية

تُعتبر الشطرنج إحدى أهم الرّياضات الذهنيّة وألعاب الذكاء؛ إذ يستخدم اللاعب نصفي الدماغ بشكلٍ متوازن ما يجعله يستفيد من كل وظائفهما إلى أبعد حد؛ الأيسر (مسؤول عن القدرات التحليلية وعملية التفكير) والأيمن (مسؤول عن التواصل غير اللفظي والإبداع). لذا، فهي مناسبة لترفع معدّل الذكاء لدى الأولاد، وتنمّي مهاراتهم الحركية والبصرية، وتساعد في دعم قدرتهم على التركيز بعناية، وحل المشاكل والتخطيط؛ كما تحسّن الذاكرة وتحثّ على المثابرة للوصول إلى الهدف. إضافة إلى ذلك فهي تعلّم الصبر والتّحكّم في الأعصاب والتحدّي من دون اندفاع، واستخدام المنطق قبل اتخاذ القرار.

وتشكّل تجربة ناديا ومحمد فواز نموذجًا لما يمكن أن تؤدي إليه رعاية المواهب، وتشجيع أطفالنا على الانصراف إلى ألعاب تنمي قدراتهم العقلية والجسدية وخيالهم بعيدًا من المغريات الكثيرة التي لا طائل منها.

 

 

نتائج ناديا فوّاز

٢٠٢٢: المركز الأول في بطولة العرب للناشئين تحت ١٢ سنة

٢٠٢٢: المركز الأول في بطولة لبنان للشطرنج عن فئة الإناث.

٢٠٢١ المركز الثالث في بطولة العرب للناشئين تحت ١٤ سنة

٢٠٢١: المركز الأول في بطولة لبنان للشطرنج تحت ١٢ سنة

٢٠١٩: المركز الأول في بطولة المدارس اللبنانية للشطرنج تحت ١٠ سنوات

واشتركت ناديا ببطولات للناشئين في أذربيجان وجورجيا وأبو ظبي والهند.

 

نتائج محمد فوّاز

٢٠٢٢: الأفضل في بطولة لبنان للشطرنج للناشئين تحت ١٤ سنة

٢٠٢١: المركز الأول في بطولة لبنان للشطرنج تحت ١٢ سنة

٢٠١٩: المركز الأول في بطولة لبنان للشطرنج تحت ١٠ سنوات

٢٠١٧: وصيف في بطولة لبنان للشطرنج

واشترك محمد ببطولات للناشئين في رومانيا وأذربيجان وأبوظبي