نحن والقانون

حكم القانون اللبناني في ارتكاب العنف ضد الأطفال وسوء معاملتهم
إعداد: نادر عبد العزيز شافي
دكتوراه دولة في الحقوق محام بالإستئناف

في ظل تزايد الاهتمام بقضايا التنمية البشرية، تبرز الحاجة الى تحسين أوضاع الأطفال وحماية الطفولة البريئة من أخطار سوء المعاملة والاستغلال والعنف والتشرد والتفكك العائلي وانتشار الأمية والجهل. وقد التزم لبنان في مقدمة دستوره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر العام 1948،  والمواثيق الدولية الراعية لهذه الحقوق، ومنها «الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل» التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة (في 20/11/1989)، والتي صدّقت عليها الحكومة اللبنانية بتاريخ 20/11/1990. وقد حظيت هذه الإتفاقية بتصديق 191 دولة من أصل 193، وهو عدد لم تحظَ به أية إتفاقية دولية أخرى. كما أقرّ المجتمعون في مؤتمر القمة العالمي من أجل الطفل في مقر الأمم المتحدة في نيويورك (30/10/1990) «الإعلان العالمي لبقاء الطفل وحمايته ونموه».

 

حقوق الطفل
نصت الإتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل على العديد من هذه الحقوق، أهمها: حق الطفل في الحياة وفي البقاء والنمو (م6)، حق الطفل منذ ولادته بإسم وكنية وهوية وجنسية (م7 - 9)، حق الطفل في الحفاظ على صلاته العائلية (8 - 11)، حق الطفل في التعبير عن آرائه بحرية في المسائل التي تهمّه، وحقه في حرية الفكر والوجدان والدين والمجتمع (م12- 15)، حقه في الرفاهية واللهو وفي إعلام سليم (17)، وحقه في الحماية من أشكال العنف أو الضرر أو الإساءة البدنية أو العقلية أو النفسية أو الإهمال أو الإستغلال كافة (م19)، وحقه بحياة كاملة وكريمة إذا كان معوّقاً جسدياً أو عقلياً (م23)، وحقه بالتمتع بأعلى مستوى صحي (م24 - 25)، وحقه في الضمان الاجتماعي ومستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي (م26 - 27)، وحقه في التعليم (م28 - 29)، وحقه في حمايته من الاستغلال الاقتصادي (م32)، وحقه في الوقاية من الاستخدام غير المشروع للمواد المخدرة والمؤثرات العقلية (م33)، وحقه بالحماية من المنازعات المسلحة (م38)، وحقه في محاكمة إنسانية عادلة أمام هيئة قضائية متخصصة (م40). كما نصت هذه الإتفاقية على إنشاء لجنة دولية معنية بحقوق الطفل، تتألف من 18 خبيراً من ذوي المكانة الخلقية الرفيعة والكفاءة (م43)، ونصت على ضرورة تشجيع التعاون الدولي في حماية الطفولة والتعاون مع الوكالات المتخصصة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة وغيرها (44 - 45).

 

التعريف القانوني للطفل
نصت المادة الأولى من الإتفاقية الدولية الخاصة بالطفل للعام 1989، على أن الطفل هو كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة (18)، ما لم يبلغ سن الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه. فتحديد سن الـ18 مبني على افتراض أن يكون الطفل قد تطوّر جسدياً وعقلياً وعاطفياً، وبلغ درجة من الرشد والاكتمال. لكن هذا لا يمنع أية دولة من اعتماد سنٍ أصغر من السن المذكور يتناسب مع العوامل الطبيعية والعرقية والاجتماعية التي تساهم في نمو الطفل وبلوغه سن الرشد في تلك الدولة.
في القانون اللبناني لم يرد تعريف واضح للطفل، لكن قانون حماية الأحداث المخالفين للقانون والمعرضين للخطر (رقم 422/2004)، نص في مادته الأولى على أن الحدث هو الشخص الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره.

 

أعمال العنف ضد الأطفال وسوء معاملتهم
على الرغم من وجود النصوص القانونية، على الصعد الدولية والمحلية، التي تنظم حقوق الطفل وتدعو الى حماية الطفولة وتحظّر سوء معاملة الأطفال أو تعنيفهم، تسجّل التقارير الرسمية وغير الرسمية تجاوزات بالغة القسوة ضد الطفولة من ناحية سوء معاملتهم وتعرّضهم لأبشع الجرائم المهينة بحق الإنسان والبشرية بشكل عام، ولعل أهمها ما يأتي:


• ترك الطفل وإهماله وعدم إعالته والإنفاق عليه:
يعتبر حق الطفل في حياة كريمة والنمو والإنفاق عيه والحفاظ على صلاته العائلية، من أهم الحقوق التي نصت عليها الاتفاقية الدولة الخاصة بحقوق الطفل، 1989. ويقع تأمين هذه الحقوق بالدرجة الأولى على الأب والأم عند وجودهما، ثم ينتقل الى من يعينهم القانون بعد الأب والأم.
وقد نصت المادة 501 من قانون العقوبات على أن الأب والأم اللذين يتركان في حالة احتياج ولدهما الشرعي أو غير الشرعي أو ولد تبنياه، سواء رفضا تنفيذ موجب الإعالة الذي يقع على عاتقهما أو أهملا الحصول على الوسائل التي تمكنهما من قضائه، يعاقبان بالحبس مع التشغيل ثلاثة أشهر على الأكثر وبغرامة لا تتجاوز المئتي ألف ليرة.
كما نصت المادة 502 من القانون ذاته على أن من قضي عليه بحكم اكتسب قوة القضية المحكمة بأن يؤدي الى زوجه أو زوجه السابق أو الى أصوله أو فروعه أو الى أي شخص يجب عليه إعالته أو تربيته، الأقساط المعينة، فبقي شهرين لا يؤديها، عوقب بالحبس مع التشغيل من شهر الى ستة أشهر وبغرامة توازي مقدار ما وجب عليه أداؤه.


• ضرب الطفل أو جرحه أو إيذائه:
يعتقد بعض الأهل والأقارب والمربين أن تأديب الطفل يستوجب القسوة في التربية، فيقدِمون على ضربه بقسوة قد ينجم عنها جرحه أو إيذائه أو وفاته أو تعريضه لأزمات أو إعاقات جسدية أو نفسية، مؤقتة أو دائمة. خصوصاً إذا تمّ هذا الاعتداء تحت تأثير السكر أو المخدرات أو الانفعال الشديد الناجم عن الخلافات الزوجية أو العائلية أو غيرها.
إن جميع الأديان وقوانين الأحوال الشخصية تحرّم القسوة في تربية الأولاد وتأديبهم، وتذهب الى حد حرمان الأهل من سلطتهم على أطفالهم عند ثبوت معاملتهم القاسية التي تؤدي الى اعتلال صحتهم أو فساد أخلاقهم.
وقد شدّدت المادة 559 معطوفة على المادتين 548/4 و549/3 من قانون العقوبات اللبناني العقوبة عند اقتراف أفعال الضرب والإيذاء بحق حدث دون الخامسة عشرة من عمره. كما عاقبت المادة 554 من قانون العقوبات بالحبس ستة أشهر على الأكثر أو بالتوقيف التكديري وبالغرامة من 10 آلاف الى 50 ألف ليرة أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من أقدم قصداً على ضرب شخص أو جرحه أو إيذائه إذا لم ينجم عن هذه الأفعال مرض أو تعطيل عن العمل لمدة تزيد عن عشرة أيام. وإذا نجم عن الأذى الحاصل مرض أو تعطيل عن العمل مدة تزيد عن عشرة أيام عوقب المجرم بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة مئة ألف ليرة على الأكثر أو بإحدى هاتين العقوبتين (م555 عقوبات). وإذا جاوز المرض أو التعطيل عن العمل العشرين يوماً قضي بعقوبة الحبس من 3 أشهر الى 3 سنوات فضلاً عن الغرامة (م 556 عقوبات).


• طرح الطفل والتخلي عنه:
طرح الطفل دون السابعة من عمره وتسييبه، أو تركه في مكان ما بقصد التخلص منه أو من إعالته أو تغطية لفعل منافٍ للحشمة والشرف. وقد نصت المادة 498 من قانون العقوبات على أنه من طرح أو سيّب ولداً دون السابعة من عمره أو أي شخص آخر لا يملك حماية نفسه بسبب حالة جسدية أو نفسية، عوقب بالحبس من ثلاثة أشهر الى سنة. وإذا طُرِح الولد أو العاجز أو سُيِّب في مكان مقفر، كان العقاب من ستة أشهر الى ثلاث سنوات.
كما نصت المادة 499 من القانون ذاته على أنه إذا سيّبت الجريمة للمجني عليه مرضاً أو أذى أو أفضت به الى الموت، أُخذ بها المجرم وفقاً لأحكام المادة 191 (الجريمة غير المقصودة) في حالة الطرح والسيب في مكان غير مقفر إذا لم يكن قد توقع تلك النتيجة أو اعتقد أن بإمكانه اجتنابها؛ أما إذا أدى فعل التسيب الى موت الطفل، فيعاقب الفاعل بجريمة القتل عن غير قصد بالأشغال الشاقة 5 سنوات على الأقل (م550 عقوبات). وفي حالة طرح أو تسيّب الطفل في مكان مقفر مع توقع النتيجة وقبول المخاطرة، يعاقب المجرم وفقاً لأحكام المادة 189 (الجريمة المقصودة)؛ فإذا أدى فعل التسيب الى موت الطفل عوقب بجريمة القتل عن قصد والتي تصل عقوبتها الى الإعدام.
وتشدّد العقوبة إذا كان المجرم أحد أصول الولد (أو العاجز) أو أحد الأشخاص المولجين حراسته أو مراقبته أو معالجته أو تربيته، واستثناء على ذلك، لا تشدد العقوبة على الوالدة التي أقدمت محرضة أو فاعلة أو متدخلة على طرح مولودها أو تسيبه صيانة لشرفها (م500/1 عقوبات).


• تشريد الطفل ودفعه للتسول:
يعتبر تشريد الطفل ودفعه للتسول آفة اجتماعية خطيرة، ومن أخطر نتائجها تعرّض الأطفال لتعديات إجرامية (كالاغتصاب والخطف...)، ودفعهم لارتكاب جرائم أكبر وأخطر (كالسرقة والمخدرات...)، وتحويلهم الى منحرفين أو مدمنين أو مجرمين.
وقد عاقبت المادة 617 من قانون العقوبات بالحبس من شهر الى ستة أشهر وبالغرامة من 20 ألفاً الى مئة ألف ليرة، والدَي القاصر الذي لم يتم الخامسة عشرة من عمره، أو أهله المكلفين إعالته وتربيته، إذا لم يقوموا بأوده على الرغم من اقتدارهم وتركوه متشرداً.
كما عاقبت المادة 617 من القانون ذاته بالحبس من ستة أشهر الى سنتين وبالغرامة من 20 ألفاً الى مئتي ألف ليرة، من دفع قاصراً دون الثامنة عشرة من عمره الى التسول جراً لمنفعة شخصية. ولم يشترط القانون ارتكاب هذه الأفعال بنتيجة الفقر والعوز والإهمال، كما لم يشترط ارتكابها من والدي الطفل أو ذويه، فيتحقق الجرم عند ارتكابه من أي شخص دفع قاصر للتسول.


• بيع الطفل:
من استطاع أن يتجرّد من دينه وضميره وأخلاقه ويبيع طفله، لن يستطيع أن يهرب من حكم ربه وحكم القانون. فقد عاقبت المادة 500/2 من قانون العقوبات كل من باع أو حاول بيع الأطفال، فنصت على أنه كل من تخلى أو حاول التخلي، لفترة مؤقتة أو دائمة، عن قاصر دون الثامنة عشرة من عمره، ولو بقصد إعطائه للتبني لقاء مقابل مالي أو أي نفع آخر، عوقب بالحبس من سنة الى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسة ملايين الى 20 مليون ليرة لبنانية. وتنزل العقوبة ذاتها بالشريك والمتدخل، وكل من حمل أو حاول أن يحمل والدَي القاصر أو أحدهما أو كل من كان له سلطة عليه للتخلي عن القاصر لقاء مبالغ مالية أو أية منفعة أخرى، أو على التعاقد أو التعهد بالتخلي عن طفل وُلد أو قد يولد أو يحوز هذا التعهد أو يستعمله، أو الإنجاب بصورة شرعية أو غير شرعية بقصد بيع المولود، أو تقديم وساطة لقاء بدل مالي أو أي نفع آخر بغية الحصول على طفل أو تبنيه.


• حمل الطفل على الانتحار:
قد يعجز بعض معدومي الضمير عن ارتكاب جريمة قتل الطفل بأيديهم مباشرة، فيحتالون لحمله أو مساعدته على الانتحار أو على قتل نفسه.
عاقبت الفقرة 3 من المادة 553 من قانون العقوبات كل من حمل حدثاً دون الخامسة عشرة من عمره أو معتوهاً، بأية وسيلة كانت، على الانتحار أو ساعده بأية طريقة من الطرق على قتل نفسه، وتطبق عليه عقوبات التحريض على القتل أو التدخل فيه، وهي عقوبة القتل ذاتها التي تصل الى الإعدام، وتخفّف العقوبة إذا لم يفضِ التحريض الى الانتحار أو القتل (م218 عقوبات).


• استغلال الطفل في جرائم المخدرات والمؤثرات العقلية:
صادق لبنان بموجب القانون رقم 426/1995 على اتفاقية ڤيينا للعام 1988 لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف، كما صدر في لبنان قانون خاص بالمخدرات والمؤثرات العقلية والسلائف (رقم 673/1998)، تضمن في بعض نصوصه أحكاماً خاصة بالأفعال المرتكبة من القاصرين.
وقد فُرضت المادة 125 معطوفة على المادة 148 من القانون المذكور عقوبة الأشغال الشاقة المؤبدة والغرامة من خمسة وعشرين مليوناً الى مئة مليون ليرة على الأشخاص الذين يرتكبون جرائم الاتجار بالمخدرات وزراعتها وغيرها بدون قصد التعاطي. وفرضت المادة 127 عقوبة الحبس من ثلاثة أشهر الى ثلاث سنوات والغرامة من مليونين الى خمسة ملايين ليرة على كل من يقوم بالأفعال المذكورة بقصد التعاطي أو الاستهلاك الشخصي.
وشدّدت المادة 125 من هذا القانون العقوبات على الجرائم إذا كان المخدر قد أعطي لشخص قاصر أو معوّق عقلياً أو كان تحت العلاج من الإدمان كما شددت العقوبة بحق من عرض على قاصر استعمال مخدر، أو سهّل له الحصول عليه كذلك شددت العقوبة في حال كانت الجريمة قد ارتكبت في مؤسسة إصلاحية أو عسكرية أو علاجية أو في أماكن أخرى يرتادها التلاميذ والطلاب لممارسة نشاطات تربوية أو رياضية أو إجتماعية أو في مناطق مجاورة لهذه المؤسسات والأماكن مباشرة.


• تقديم المسكرات للأطفال:
تعاقب المادة 625 من قانون العقوبات كل من قدّم لقاصر دون الثامنة عشرة من عمره مشروبات روحية حتى أسكره بالغرامة من ستة آلاف الى 20 ألف ل. ل. كما عاقبت المادة 626 من القانون ذاته بالتوقيف التكديري وبالغرامة من عشرة آلاف الى 20 ألف ليرة صاحب الحانة أو صاحب محل آخر مباح للجمهور، وكذلك مستخدميه إذا قدّموا الى شخص مشروبات روحية حتى أسكروه أو قدّموها الى شخص بحالة سكر ظاهر أو الى قاصر دون الثامنة عشرة من عمره.
وتعاقب المادة 627 من هذا القانون بالعقوبات نفسها صاحب الحانة الذي يستخدم في حانته بنات أو نساء من غير عائلته دون الحادية والعشرين من العمر.


• خطف الطفل وحرمانه من حريته:
الخطف هو كل فعل يقصد به حمل المخطوف، بالخداع أو بالعنف، على الانتقال أو نقله من مكان الى آخر من دون إرادته، ومنعه من الخروج، بقصد حرمانه من حريته الشخصية أو بقصد الزواج أو بقصد ارتكاب الفجور.
وقد عاقبت المادة 495 من قانون العقوبات اللبناني على خطف القاصر دون الثامنة عشرة من عمره، ولو برضاه، بقصد نزعه من سلطة من له عليه الولاية أو الحراسة، وتكون العقوبة هنا الحبس من ستة أشهر الى ثلاث سنوات وبالغرامة من خمسين ألف الى مئتي ألف ليرة لبنانية. وإذا لم يكن القاصر قد أتم الثانية عشرة من عمره وخُطف أو أُبعد بالحيلة أو بالقوة، تكون العقوبة الأشغال الشاقة المؤقتة.


• حمل الأطفال على ارتكاب الفحشاء أو الأفعال المنافية للحشمة:
يعاقب قانون العقوبات اللبناني على حمل الأطفال على ارتكاب الفحشاء أو الأفعال المنافية للحشمة. فكل من أكره قاصراً لم يتم الخامسة عشرة من عمره، بالعنف والتهديد على مكابدة فعل منافٍ للحشمة أو إجرائه، عوقب بالأشغال الشاقة مدة لا تنقص عن 6 سنوات (م507 عقوبات). ومن ارتكب بقاصر دون الخامسة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو حمله على ارتكابه عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن أربع سنوات إذا لم يتم الولد الثانية من عمره (م509 عقوبات). وكل شخص من أحد أصوله أو أصهاره أو يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدمهم، يرتكب بقاصر بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة من عمره فعلاً منافياً للحشمة أو يحمله على ارتكابه، يعاقب بالأشغال الشاقة مدة لا تزيد على عشر سنوات (2510 عقوبات).


• حضّ الأطفال على الفجور والدعارة:
لا يقتصر القانون على معاقبة من يقوم بأعمال الفجور والدعارة، بل يعاقب ايضاً كل من اعتاد حض شخص أو أكثر، ذكراً كان أو أنثى، لم يبلغ الحادية والعشرين من عمره، على الفجور أو الفساد أو على تسهيلهما له أو مساعدته على إتيانهما. وعقوبته الحبس من شهر الى سنة وبالغرامة من 50 ألفاً الى 500 ألف ليرة. ويعاقب العقاب نفسه من تعاطى الدعارة السرية أو سهّلها (م523 عقوبات).


•إغتصاب الأطفال:
جرم الإغتصاب هو اتصال رجل بإمرأة اتصالاً جنسياً كاملاً من دون رضاء صحيح منها. وتعتبر جريمة الاغتصاب من الجرائم الماسة بأمن المجتمع، ومن أشد جرائم الإعتداء على العرض وعلى الحرية العامة وعلى حصانة جسم الإنسان وشرفه. وتشتد فظاعة هذه الجريمة عندما تقع على طفل بريء. فنصت المادة 34 من الاتفاقية الدولية الخاصة بحقوق الطفل لعام 1989 على تعهد الدول بحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال والانتهاك الجنسي، وتتخذ جميع التدابير لمنع إكراه الطفل على تعاطي أي نشاط جنسي أو استغلاله في الدعارة والممارسات الجنسية أو في العروض والمواد الداعرة أو في السياحة الجنسية.
وقد عاقبت المادة 505 من قانون العقوبات اللبناني كل من جامع قاصراً دون الخامسة عشرة من عمره بالأشغال الشاقة المؤقتة. ولا تنقص العقوبة عن خمس سنوات إذا كان الولد لم يتم الثامنة عشرة من عمره. ومن جامع قاصراً أتمّ الخامسة عشرة من عمره ولم يتم الثامنة عشرة عوقب بالحبس من شهرين الى سنتين.
كما نصت المادة 506 من القانون نفسه على أنه إذا كان من جامع قاصراً بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة أحد أصوله (شرعياً كان أو غير شرعي) أو أحد أصهاره لجهة الأصول، وكل شخص يمارس عليه سلطة شرعية أو فعلية أو أحد خدم أولئك الأشخاص، عوقب بالأشغال الشاقة المؤقتة. ويُقضى بالعقوبة نفسها إذا كان المجرم موظفاً أو رجل دين أو كان مدير مكتب استخدام أو عاملاً فيه فارتكب الفعل مسيئاً استعمال السلطة أو التسهيلات التي يستمدها من وظيفته.

 

أطفال اليوم رجال المستقبل
يبقى أن نشير أخيراً الى أن وجود النصوص القانونية لحماية الطفل والطفولة لا يكفي لتأمين هذه الحماية، بل يجب وضع تلك النصوص موضع التطبيق، وعدم جعلها مجرّد حبر على ورق فالعبرة هي في التطبيق. وخير دليل على ذلك؛ ما يعانيه أطفال العالم من النواحي الشخصية والاجتماعية البيئية والسياسية كافة وغيرها... ولعل التقارير الرسمية وغير الرسمية التي تنشر دورياً وتباعاً، خير دليل على عدم احترام حقوق الطفل والطفولة البريئة في الكثير من دول العالم. كما أن ما يعانيه الطفل اللبناني وذويه للحصول على حقوقه المشروعة، يبقى وصمة عار على جبين النظام اللبناني، ويجب أن يشكّل حافزاً للنهوض من سبات التقصير الرسمي وغير الرسمي لإعطاء الطفل الحد الأدنى من معالم الحياة الكريمة؛ فأطفال اليوم هم شباب الغد، وشباب الغد هم رجال المستقبل.

 

المرجع:
- المحامي أنطوان كيروز، حقوق الطفل، بيروت، 1998.