وقفة وفاء

حلقة الحوار الثقافي وبلديتا رميش والشياح تكرّم اللواء الركن الشهيد

شهادات في الضابط الفارس الملتزم قدسية الجندية


دعت حلقة الحوار الثقافي وبلديتا رميش والشياح الى لقاء بعنوان «تحية الى الوطن، تحية الى الجيش: شهادات في الشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج، وذلك في القصر البلدي في الشياح بحضور عدد كبير من الفعاليات السياسية والاجتماعية والدينية والعسكرية والبلدية، ومثّل العماد ميشال سليمان قائد الجيش، العميد الركن الطيار نهاد ذبيان قائد القوات الجوية.
شارك في اللقاء الذي أدارته الدكتورة غنوة الدقدوقي النائب بيار دكاش، رئيس بلدية رميش الأستاذ اسكندر الحاج، ورئيس حلقة الحوار الثقافي الدكتور زاهي ناضر، ورئيس بلدية الشياح الأستاذ ادمون غاريوس ورئيس بلدية النبطية الدكتور مصطفى بدر الدين، والعميد الركن المتقاعد فوزي أبو فرحات، والعميد الركن المتقاعد بهيج أبو مراد، والعميد الركن المتقاعد جان ناصيف، والعميد الركن المتقاعد نبيل منصور، والدكتور محمد شيا، والأستاذ جوزيف خريش وعائلة الشهيد.


بصماته في كل موقع شغله
بداية ألقى العميد الركن الطيار نهاد ذبيان كلمة تحدث فيها عن مفهوم الشهادة والعطاء الحقيقي للإنسان وقال: «في هذا اللقاء العابق بأنفاس المواطنية الحقة والذي أردتم من خلاله توجيه تحية من الأعماق الى روح الشهيد البار اللواء الركن فرنسوا الحاج، تعبيراً عن وفائكم له، وتقديراً لتضحياته الكبيرة. نستذكر بكل فخر واعتزاز سيرة هذا البطل الذي افتقده الجيش كما الوطن بأسره، فأدمعت عليه الأرض والسماء وانحنت له شم الجبال هيبة وإجلالاً وإكراماً».
وتحدث العميد الركن ذبيان عن مزايا الراحل الكبير ومسيرته العسكرية التي أدخلته مدرسة الشرف والوفاء «ضابطاً أثبت في خطواته الأولى أنه أهل للمسؤولية التي لا يحظى بها إلا نخبة من الرجال الشجعان... وهكذا خطا مسيرته العسكرية يحقق الإنجاز تلو الانجاز ويترك بصماته الواضحة في كل موقع شغله، حتى توّج حياته بشهادة حمراء هي خلاصة تراكم مجد جمع من كل حدب وصوب». وأضاف العميد الركن ذبيان قائلاً: «لقد حاولت يد الغدر والإرهاب من خلال استهدافها شهيدنا الغالي اللواء الركن فرنسوا الحاج ومرافقه استهداف المؤسسة العسكرية، ودورها الوطني، والنيل من عزم الجيش على أداء مهامه الوطنية، لكن سها عن بال هؤلاء القتلة المجرمين، أن تاريخ الجيش حافل بتقديم قوافل الشهداء... وأن قوة الجيش هي من صلابة إيمانه وعظمة تضحياته... وشهادة اللواء الركن فرنسوا الحاج ستكون ذخراً للجيش والوطن ومنارة يهتدي بها أبناء المؤسسة جيلاً بعد جيل».

 

انتصر في معاركه كلها
الدكتور زاهي ناضر رئيس حلقة الحوار الثقافي اعتبر أن هذا اللقاء عربون وفاء عام وتقدير وتعظيم لهذا الشهيد الكبير، ولجيشنا الباسل الذي نجح في تجاوز الامتحان المأساوي وحوّل المحنة نصراً للوطن.
وأضاف الدكتور ناضر: لم يستشهد فرنسوا الحاج في معركة بل خاض معاركه كلها وانتصر فيها، وحين يقضي مغدوراً يكون القاتل أراد من اغتياله قتل إنجازاته وانتصاراته قبل تغييبه شخصياً.
وختم بالقول: «إن العميد الركن فرنسوا الحاج الباقي وكل شهداء الجيش في القلب، يرقد في ذمة التاريخ الظافر، وفي روض الخلود وفي وجدان الأمة فالشهادة جعلته بين الناس معظماً، وعلى عدمية الزمن والموت منتصراً. ووضعت على رأسه أكاليل الغار، وعلى صدره أوسمة الأرض.  فهو كالروح الخالدة لا تزول، إذ ليس من شرف حقيقي للإنسان يعادل شرف الشهداء الأبطال».

 

بطل من بلادي
الأستاذ ادمون غاريوس رئيس بلدية الشياح استهل كلمته بالترحيب بممثلي عائلة الشهيد والحضور وقال: أشعر بثقل المناسبة لما فيها من مرارة ورهبة وقساوة وبقداستها في آن واحد لما تمثل من قضية نبيلة وأسطورة بطل من بلادي. وأشار الى أن شهداء الجيش «دفعوا ثمناً باهظاً لحبهم للوطن وكرامته ووحدته وليبقى لبنان بلد الرسالة تحفظ فيه كرامة كل إنسان». وحيا غاريوس حلقة الحوار الثقافي لإطلاقها هذا الحوار تكريماً للشهيد البطل ولنشر المبادئ التي من أجلها استشهد، وكلنا ثقة بأن هذه المبادئ ستساهم في ضع الأسس لجيل جديد من أمثال اللواء فرنسوا الحاج.

 

إبن كل بيت يعرف معنى العطاء
رئيس بلدية النبطية الدكتور مصطفى بدر الدين رثى الراحل الكبير قائلاً: «أيها الشهيد يا جوهرة عقد القيم، يا حامل اللواء يا حامل الرسالة، أنت صمام الأمان في وطن الشرف والكرامة والعنفوان، طوبى لك في جنات الخلد بين الشهداء الأشراف، كتب السماء وقد دوّنت فيها سجلاً للمبادئ والقيم، أكدت عليه الجماهير الغفيرة... يا ابن الجنوب البطل يا ابن الأحرار يا ابن لبنان، أنت ابن كل أب وأم في كل بيت يعرف معنى للتضحيات والعطاء والوفاء».
وختم الدكتور بدر الدين مودعاً الشهيد: «فلا وداعاً لك يا صاحب المبادئ بل أهلاً بك، لا دموع ذليلة تذرف عليك أيها  الإبن البار، ولا خسارة هي روحك للتاريخ، فأنت الربح الغالي لكل سجلات التاريخ النظيف النقي، هنيئاً لك أيها الشهيد ولجميع الشهداء رفاقاً في جيشك وفي مقاومتك، ولا تخف فرسالتك باقية باقية».


في ضمير الوطن
الى الأبد
ثم كانت مشاركة من العميد الركن المتقاعد فوزي أبو فرحات الذي تحدث عن معايشته للراحل الكبير طوال سنوات منذ أن أصبح برتبة ملازم أول عمل بإمرته في ظروف معقدة وخطرة، فأشار الى أنه «في تلك البيئة المعقدة المعبأة بكل صراعات الدول إقليمياً ودولياً كان علينا أن نتحرك ونساعد في معالجة الكثير من الأمور الحاصلة يومياً... وفي بيئة معقدة من هذا النوع، وليس في الصالونات والبيئات المغلقة تظهر أهلية الضابط القيادية بالنسبة لعمق إدارته وحكمته وشجاعته ورباطة جأشه، بالاضافة الى مهنيته العالية». وأضاف: «إنها الصفات التي أحببتها عند فرنسوا عندما كان بإمرتي المباشرة في تلك المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان. فلا أزال أذكر ابتسامته الهادئة وتهذيبه الرفيع، وثقته الرصينة بنفسه في أصعب الظروف. لم يكن من الذين يفقدون فعاليتهم تحت الضغط، كما أذكر وطنيته الصافية، وإيمانه القوي البعيد كل البعد عن التعصب والتفرقة».
ثم عدد عناوين تقييم الأوضاع في تلك المرحلة والتي كانت خواطر تبادلها بمرارة مع فرنسوا الحاج، حول الموقد البسيط في ليالي الشتاء الحزينة في قانا... منذ أكثر من ربع قرن. فماذا تغير حتى الآن؟   
وختم العميد الركن بو فرحات قائلاً: «رحمة الله عليك يا فرنسوا، ستبقى في ضمير جيشنا الحبيب، وفي ضمير الوطن الى الأبد».

 

فلنحافظ على الشعلة
في شهادته سأل العميد الركن المتقاعد بهيج أبو مراد: استشهد؟ نعم، مات؟ كلا، نبكيه؟ كلا، لا تبكه فاليوم بدء حياته...
وأضاف: عرفته تلميذاً ضابطاً رصيناً متوقد الذهن نبيهاً.
كما عرفته ملازماً مقاتلاً مقداماً شجاعاً. وعرفته قائداً لأبرز الوحدات القتالية المحلية.
كل ما يحق لي قوله فيه أنه كان من نخبة القادة الذين يأمرون: «اتبعوني». ولا يقول: «اسبقوني». وعرفته عميداً مجلياً لم تغرّّه السلطة ولا الرتب فقد بقي محافظاً على الإنضباطية والتواضع ودماثة الخلق والرصانة.
وأضاف قائلاً: لقد استشهد فرنسوا لنحيا وتحيوا، ويحيا لبنان... لن يرهبنا غدرهم فلنحافظ على الشعلة مضاءة لاهبة لكي «نكمّل باللي بقيوا». فرنسوا حي فيكم، في قلوبنا وللتاريخ.


 
جسّد قدسية الجندية
من الشهادات الحية التي عايشت الراحل الكبير كانت الكلمة للعميد الركن المتقاعد نبيل منصور الذي عرفه منذ أن كان ملازماً يافعاً مؤمناً بالمبدأ الأساس:
الوطن الحر هو الهوية الأولى والأخيرة للمواطن اللبناني... لقد جسّد روح ورسالة وقدسية الجندية، من دون أن يدعيها.
لم تكن علاقته بهذه الرسالة هامشية، أو ملامسة خارجية بل ما فعله كان تجذراً صارخاً واقتراناً بالمحبة لا بالإكراه، ليصبح وإياها وحدة، جسداً وروحاً وقيماً.
ورثاه العميد الركن منصور بالقول: «أيها الشهيد الغالي، يا من امتزجت دماؤك الطاهرة بدماء جميع شهداء الوطن، أنت الجبل الشامخ المكلل بالعزّ والفخار والمجد، أنت الشجرة الموغلة المتجذرة في تاريخ لبنان، أنت النهر الدافق بالعلم والأخلاق، أنت السهل المنبسط بالمحبة والحنان، أنت البحر المترامي الأطراف بالفكر، أنت الأرض التي مهّدت سبيل وقفة راسخة أمام أعاصير الجهل والحقد والتخلف، أنت الشمس الساطعة التي أنارت الدرب للقضاء على الإرهاب والتجبر والطغيان».
وختم العميد الركن منصور كلمته قائلاً: «الشهيد الحي لا ولن يموت، ومع كل خفقة قلب، وتنهيدة صدر ورمشة عين ومع كل ذرة تراب، وانسياب جدول، وشموخ جبل، ومع كل زيتونة وسنديانة وأرزة، ومع كل زقزقة عصفور، ومع زينة الأعياد، وفرحة الأولاد وشجرة الميلاد... نذكركم ونذكركم!».

 

اشتاق الى تراب وطنه
الدكتـور محمـد شيــّا استهـل كلمتـه بالقـول: «لو وجــد المجرمـون طريقاً غيــر الاغتيـال والقتـل غــدراً للتخلـص من الشهـيد البطـل فرنسوا الحاج، لمـا تأخروا عن استخدامـه... فقد ظل كالطود الشامخ أمامهم أينما ذهبوا.. أعياهم على الدوام مذ تخرج من المدرسة الحربية، فارساً من الفرسان الميامين في مؤسستنا العسكرية، مروراً بكل صفحة من صفحات حياته العسكرية الملأى حتى الثمالة.
وكانت ذروة حياته العسكرية الحافلة فصلها الأخير في إدارته المتفوقة لجحافل البارد الأسطورية. ولما اشتاق جسده أخيراً الى تراب وطنه وخرّ شهيداً، فإنما كان كالنسر الذي عجز عن فهمه أو التحليق معه، وعجزوا عن مواجهته، وجهاً لوجه، فلم يتبق لنفوسهم المرضى ولعقولهم المجرمة غير الغدر والقتل غيلة وظلماً».
وأضاف الدكتور شيّا قائلاً: «هنيئاً للبنان بنسوره الميامين الأبطال الذين ارتدوا أغصان الأرز جسداً، وجعلوا من أرواحهم الطاهرة النقية لوناً لثلج جباله، وهنيئاً للبنان باللواء الشهيد فرنسوا وقد توّج قافلة المئة والخمسين ضابطاً ورتيباً وجندياً شهيداً سطّروا بدمهم ملاحم البطولة في معارك نهر البارد».
وختم بالقول: «المجد والخلود لشهداء الجيش والوطن، الأبرار الأحرار، وفي مقدمهم اللواء الشهيد فرنسوا الحاج، ماتوا ليحيا لبنان».
الفارس الشاعر: ما الموت إلا حادث عابر
الأستاذ يوسف خريش ألقى كلمة ذكر خلالها «رسالة هادئة بعث بها الى أهله وأحبائه، فيما كان يرسم خريطة لبنان بين نهري البارد والليطاني، باتجاه مسقط رأسه على الحدود، كتب مدير العمليات في الجيش اللبناني، كشاعر، وفارس يتوقع الموت في كل لحظة: لا تقفوا على ضريحي وأنتم باكون، لا تبحثوا عني هناك، أنا في مهب آلاف الرياح، في تلألؤ حبيبات الثلج على الجبال، في غناء الطير وشعاع الشمس، في هدوء المطر المتساقط على أوراق الشجر في الخريف، غيابي عن أنظاركم لا يعني أنني غير موجود، أنا نائم في غرفة قريبة، نادوني باسمي العادي، ليس الموت سوى حادث عابر، لا تلبسوا علي ثوب الحداد، دعوا الابتسامة على وجوهكم، افرحوا واضحكوا كالمعتاد، اذكروني، صلوا، وادعوا لي، أنا بانتظاركم».
وأضاف الأستاذ خريش قائلاً: شهادتنا عن اللواء الركن الشهيد هي عن تراث وقيم الوادعين في جبل عامل، بلاد بشارة وجليل الأمم، التي كانت وما تزال أرض إيمان ووطنية. شهادة سلام وإبداع كتبتها، ماضياً وحاضراً، المنطقة الحدودية التي نشأ فيها فرنسوا... يا اسماً يعني «الصادق الأمين»، لقد صارعت التنين والوحش والنورس، في محيط نهر البارد، حققت الانتصار وفتحت قلوب جميع اللبنانيين.
وختم الأستاذ خريش بالقول: «قيل إنك وحّدت لبنان بتضحياتك، وبحبر دمك الطاهر كتبت الربيع والعهد الجديد. عسى هذا العطاء الذي جعل منك للأجيال، مثلاً ومثالاً، بطل بأس وإيمان، أن يكتب العزاء والعزة لعائلتك الصغرى، آل الحاج في رميش، والسيادة لعائلتك الكبرى في الجيش اللبناني والولادة الجديدة والاستقلال الثابت لموطن أرزك الخالد، لبنان».

 

أبناء القيامة
النائب الدكتور بيار الدكاش لخّص في كلمته الوضع المتدهور من النواحي كافة في هذه الفترة حيث غابت كل مؤسسات الدولة، «ولم يبق منها إلا مؤسسة الجيش التي تؤكد على وحدة الأرض والشعب، الساهرة على أمن المواطنين واستقرارهم يقظة وجهوزية دائمة».
ثم تحدث النائب الدكاش عن معرفته بالراحل الكبير، عن أخلاقه وصفاته الحميدة وسأل «لماذا استهدف الراحل الواعد وهو في عز شبابه وعنفوانه؟ لقد تعددت التفسيرات لأسباب اغتياله وتشابكت القوى التي تقف وراء هذه الجريمة النكراء، وتبين أن الجواب مفتوح على كل الاحتمالات والاجتهادات والتفسيرات، وفي طليعتها ضرب المؤسسة العسكرية التي كانت الوحيدة في منأى عن مغامرة المتمردين».
وختم النائب الدكتور الدكاش كلمته بالتعزية قائلاً: «أتقدم من جيشنا الباسل وقيادته الحكيمة وذوي الشهداء خصوصاً ولبنان عموماً بأسمى عواطف التعزية متمنين لهم الصبر والسلوان وللجرحى الشفاء العاجل، ومؤكدين من عمق إيماننا أن لبنان لا يموت ولا يعرف أن يموت مهما قسى علينا الدهر ومهما تبدلت صروف الزمان، فنحن أبناء القيامة، ولا بد للبنان أن ينتصر ليعود الى سابق عهده في العزة والكرامة والبحبوحة».
وفي النهاية ألقى الأستاذ صليبا الحاج كلمة عائلة الشهيد ثم اجتمع الحضور في القصر البلدي وتبادلوا عبارات التعزية والوفاء للراحل الكبير.


اللواء الحاج شهيد العلم والعلماء ايضاً
يوم تفضل الينا ممثل المؤسسة الوطنية وقائدها في اللجنة التحضيرية لمؤتمر ومعرض «إنجازات البحوث التطبيقية والنظرية الطبيعية والإنسانية» في أوائل العام 1999، قدّم نفسه بهدوء الباحث ووضوح القائد في مهمة لم تبدُ جديدة عليه. كان الزملاء المجتمعون من كبار الأساتذة الجامعيين والباحثين، بعضهم متقاعد وهو في أوج عطائه العلمي وحماسه المعرفي وما زال متحفزاً للعمل والإبداع، وآخرون باحثون في ريعان الشباب والعطاء... وكانت نظراتهم مختلفة الى هذا العقيد الركن الشاب ببزة العمل العسكرية الذي انضم الى مجلسهم العلمي برصانة وشارك في الحوار والاقتراحات التنظيمية والتنفيذية والعلمية، كما كان المبادر في تقبل التكليفات والمهمات التي يتوزّعها الجميع، وكان دائم التحفظ الإيجابي: ليحصل على موافقة القيادة التي كانت تأتي دائماً أفضل مما كان مطلوباً. حيث ظهر ذلك لاحقاً في المشاركة بالمهمات العلمية وتشكيل لجان الكشف والمعاينة للاختراعات والورش، وحيث كان الجيش يبعث بوفود متخصصة للمعاينة...
حتى اليوم تختلف الآراء حول الموقع العلمي والبحثي للمؤسسة العسكرية وعقولها... وهي بذلك مظلومة أشد الظلم حيث يلاحظ ذلك في حالات عديدة نختصر منها الأمثلة التالية:
1- المدرسة الحربية ذات البرنامج العلمي والاختصاص الواضح الناجز في بعده الأكاديمي والتطبيقي...
2- كلية القيادة والأركان التي توازي أبحاثها أبحاث الدراسات العليا وأحياناً الدكتوراه في الكليات الأخرى، مثل الهندسة وإدارة الأعمال والتاريخ والسياسة والتربية وغيرها...
3- إن الأبحاث والدراسات العلمية والتخصصية المختلفة التي تضعها المديريات المختصة والباحثون في الجيش والتي يتسنى لبعض الأكاديميين الاطلاع عليه، تكشف علو المستوى والجدية والموضوعية العلمية وكذلك الفوائد الوطنية والعوائد التطبيقية، غير المعترف بها بشكل عام...
لقد تم لمركز ماء - داتا وباحثيه ومن شاركهم في المؤتمرات العلمية الاطلاع على بعض ما تختزنه المؤسسة العسكرية منذ مشاركة الجيش في المؤتمر العلمي للإحصاء والبرمجة والتخطيط الذي نظمه مركز ماء - داتا العام 1991 والمؤتمرات التالية، وكذلك من خلال المحاضرات التي قدمتها في قاعة العماد نجيم وفي دورات التوجيه منذ العام 1993... وأعترف أن انطباعي تغير كلياً بعد ذلك كما تغير انطباع زملائي الذين عرفوا الشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج العام 1999...
من هنا يمكن إطلاق صفة الجندي المجهول على كل الباحثين والمفكرين والمبدعين من العقول العسكرية الناشطة في مختلف الميادين...
واليوم ينعى أهل العلم علماً عالماً من الأبطال العسكريين الذي ظهرت إبداعاته وانتصاراته العسكرية، ولم تظهر إلا في نطاق ضيق إبداعاته العلمية والتنظيمية والتخطيطية... وقد أعلن شهيداً للوطن ولجيشه...
واليوم إذ نقف لتحية القائد الشهيد اللواء الركن فرنسوا الحاج، نعلنه باسم المؤسسات العلمية شهيداً لها، كما نتشرف في مركز ماء - داتا الإحصائي الاستشاري والمؤتمر العلمي العربي باعتباره شهيداً منا غالياً فقدناه وعالياً ارتفع اسمه وسمت روحه من سماء الوطن الى السموات العلى...
فله ولشهداء الجيش والوطن المجد والخلود... ولأسرته وإخوانه في الوطن والجيش والجنوب العزة والفخار!


د. مصطفى سليمان
مركز ماء - داتا الإحصائي الاستشاري