هوايات ومغامرات

حملت ثلاثة أعلام ومضت إلى القمّة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

زينب سلام في تحية لشهداء الجيش من أعالي هملايا

 

كانت تهوى تسلّق الجبال منذ صغرها، كبرت وكبر التحدّي في داخلها، وقادها إلى جبال هملايا. هناك، وعلى ارتفاع 6189 مترًا رفعت ثلاثة أعلام: علم لبنان، علم الجيش وعلم «فجر الجرود». كيف خاضت الشابة زينب سلام مغامرتها؟ في ما يلي الحكاية...


زينب عبد الرؤوف سلام شابة تحمل إجازة في العلوم المخبرية وتعمل في الطبابة العسكرية _المستشفى العسكري المركزي، وهي مسعفة في الصليب الأحمر اللبناني. الصبية التي تطوّعت لإنقاذ حياة الناس لا تخشى مواجهة الصعاب. وهي تهوى تسلّق الجبال الصخرية منذ صغرها. في عمر الـ 15 سنة بدأت تمارس هوايتها فعليًا وتتسلّق الجبال اللبنانية. أما تسلّق جبال هملايا فكان حلمًا حرّكته مشاهدتها للأفلام الوثائقية عن هذه الجبال، وقد تحقق اليوم.
 
التحضيرات الأولية
هي إذًا أوّل تجربة لها خارج لبنان، وقد استغرق التحضير لها 8 أشهر تدرّبت خلالها، وجمعت المعلومات اللازمة، ثمّ حجزت مكانًا بين المغامرين، وانطلقت.
الخطوة الأولى كانت زيارة قامت بها إلى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برفقة رئيس الصليب الأحمر اللبناني الدكتور أنطوان الزغبي. أطلعت الرئيس عون على عزمها تسلّق جبال هملايا وتحديدًا قمّة جبل «آيلاند بيك» البالغ ارتفاعها 6189 مترًا، فشجّعها مشيرًا إلى أنّ «تطوّعها للمساهمة في إنقاذ حياة الناس، دليل على الحسّ الإنساني الكبير الذي تتمتّع به، وأن عزمها على رفع العلم اللبناني عاليًا، دليل أيضًا على حسّها الوطني». ثم وقّع على العلم الذي ستحمله لترفعه في جبال هملايا.
في خطوة مماثلة، زارت أيضًا قائد الجيش العماد جوزاف عون الذي زوّدها علم الجيش الموقّع بخط يده، والذي كُتب عليه «إلى الآنسة زينب سلام مع محبتي وتقديري لإرادتك الصلبة ورفع رأس لبنان والجيش اللبناني عاليًا»، كما زوّدها أيضًا علم «فجر الجرود».
 
بالخطى الواثقة
كانت زينب اللبنانية الوحيدة ضمن مجموعة من 40 شخصًا جاءوا من مختلف الدول. في لحظة من اللحظات، كان ينتابها خوف من عدم القدرة على المتابعة والوصول إلى القمّة. إلاّ أنّها تسلّحت بالإيمان والعزم، وكانت تتخيّل اللحظة التي ستزرع فيها الأعلام التي تحملها في الأعالي، فتعود معنوياتها إلى الارتفاع وتهون أمامها الصعاب.
مشت واثقة الخطى في جبال طالما حلمت بالوصول إلى قممها. بعد أن صار الحلم مقيمًا في الممكن، لم يعد التراجع واردًا.
تمكّنت زينب من تسلّق جبال هملايا ووصلت إلى قمّة جبل «آيلاند بيك». رفعت العلم اللبناني وعلم الجيش وعلم «فجر الجرود»، وجّهت التحية لأبطال الجيش وشهدائه من ارتفاع 6189 مترًا، محقّقة إنجازًا فرديًّا غير مسبوق.

 

الأمانة كبيرة
استغرقت رحلة الصعود إلى القمّة والنزول منها حوالى الشهر، أيام صعبة وأخطار كبيرة تجاوزتها المغامِرة الشابة قبل أن تحقق هدفها: تحقيق إنجازٍ للبنان. هي تتمنّى أن ينال كل إنجاز لبنانيّ فرديًا كان أم جماعيًا الدعم الماديّ والمعنويّ المطلوب. كما تتمنّى على كلّ صبية أن تحقق حلمها مهما اعترضها من صعوبات.
في الختام، تشكر قائد الجيش على ثقته، وتقول: «سلّمني أمانة كبيرة. علم مغمّس بالدم، دم الشهداء والشرف والكرامة. تحية للجيش اللبناني».