حكايات النار

حمم النار بين الجو والأرض
إعداد: ريما سليم ضوميط

قدرات نارية هائلة استخدمت في «فجر الجرود». من الجوّ والأرض، عملت الأسلحة المختلفة على دكّ تحصينات الإرهابيين ودشمهم.
فعالية النيران التي ظهرت جليّة على الأرض، كانت نتيجة التخطيط والتنسيق والأداء العالي الحرفيّة. فكانت «حكايات النار» في «فجر الجرود»، حكاية انتصار.

 

تنسيق النيران: تحقيق الأهداف بأقل ما يمكن من الخسائر

نجاح عملية فجر الجرود كان ثمرة تخطيط دقيق واستعداد مسبق وتنسيق تام بين الوحدات المشاركة ما أدى إلى تكاملٍ في العمل، وأفضى بالتالي إلى دحر العدوّ وتقهقره.
هذا ما أكّده رئيس قسم النيران في غرفة عمليّات القيادة العقيد الركن ميشال بطرس الذي تولى عمليّة تنسيق النيران بين مختلف الوحدات المشاركة في المعركة ضد الإرهابيين.
العقيد بطرس تحدّث عن أهميّة تنسيق الدعم الناري في المعارك عمومًا، وعن نجاح هذا التنسيق في معركة «فجر الجرود».

 

دعم مباشر ودعم عام
بداية أشار العقيد الركن بطرس إلى أنّ الهدف من تنسيق النيران هو تقسيم الأهداف ما بين الوحدات المنتشرة على ا?رض، حرصًا على ألّا ترمي جميعها على الهدف نفسه، وبغية التوصّل إلى تكاملٍ في عمل المجموعة المشاركة في القتال.
وأضاف: اعتمد الجيش في معركته ضدّ الإرهاب الدعم المدفعي المباشر والدعم العام. وتولّت الدعم المباشر سرايا من الكتيبة 65 ومدافع الهاون في قطع المشاة وأفواج المجوقل والتدخّل المنتشرة على الأرض والتي كانت ترمي على الأهداف القريبة من الوحدات لدى انتشارها وتقدّمها.
أمّا الأهداف البعيدة والمرتقبة والتي تضمّ تجمّعات عسكريّة عدوّة والمعابر الحدوديّة ومراكز القيادة والإشارة، فكانت مبدئيًا من مسؤوليّة الدعم العام الذي يتحرّك بتعليمات من القيادة. وهذا الدعم كان متمثّلًا بسرايا من الكتيبة 95 وأخرى من فوجي المدفعيّة الأوّل والثاني إضافةً إلى سريّة من فوج التدخّل الثاني علمًا أننا كنا نستعين في عدّة أحيان بالدعم المباشر.
وأوضح العقيد الركن بطرس أنّ عملية تنسيق النيران حقّقت نجاحًا ملحوظًا على صعيد مراقبة الأهداف وتوزيع الرمايات وتكثيف النيران، مشيرًا إلى أن غزارة الرمايات المدفعيّة والجويّة التي أطلقها الجيش على مراكز الإرهابيين أدّت إلى إصابات مباشرة في صفوفهم وخلّفت عددًا كبيرًا من القتلى والجرحى لديهم، ما أدّى إلى حالة من الهلع والتشرذم في ما بينهم، ودفع معظمهم إلى الهروب ومغادرة أماكن تمركزه.

 

الطائرات تلاحق الإرهابيين
وتحدّث أيضًا عن أهمّية طائرات الاستطلاع التي كانت ترصد الأهداف القريبة والبعيدة وتتابع تحرّكات الإرهابيّين، إن في مراكزهم التي كانت قد أصبحت معروفة ومراقبة من قبل الجيش، عبر المحاور التي كانوا يسلكونها، أو في مراكز تجمّعاتهم، حيث كان يتم تحديد إحداثيّاتها بدقّةٍ ويصار إلى معالجتها بقذائف المدفعية أو بواسطة القذائف الموجّهة عبر تقنية اللايزر. وأضاف: لم نترك لدى العدوّ أي مركز آمن، كنّا نلاحقهم من مكانٍ لآخر بمساعدة طائرات الاستطلاع، وقد انعكس هذا الأمر إيجابًا على وحداتنا المنتشرة على الأرض والتي كنّا نعلمها بأدق التفاصيل حول تحرّكات العدوّ ما أدّى إلى تحقيق إصابات مباشرة في صفوفه. كذلك، قامت طائرات الاستطلاع بمراقبة نيران المدفعية التي تطلقها وحدات الجيش، ما أدّى إلى تحديد الأهداف بوضوح.
من جهةٍ أخرى، تحدّث رئيس قسم النيران عن التنسيق على صعيد توزيع الأهداف في مراحل المعركة، حيث كُلِّفت كل سريّة بالرمي على هدفٍ معيّن، ما حال دون التداخل في المهمّات ومنع هدر الذخائر. كما تحدّث عن التنسيق بين سرايا المدفعيّة وسلاح الجو الّلذين كانا يمهّدان لتقدّم الوحدات عبر غطاءٍ ناري كثيف، ما أجبر الإرهابيين على إخلاء مواقعهم والانسحاب باتجاه الحدود اللبنانيّة السوريّة، وسهّل بالتالي احتلال مراكزهم. وأضاف أنّ التنسيق بين السلاحين المذكورين في استخدام تقنيّة القذائف الموجهّة باللايزر أثبت فعاليّة كبيرة في الإصابات المباشرة للأهداف. كما أشار إلى أنّه لدى انتهاء كل مرحلة من مراحل المعركة، كان يتم تغيير المرابض المدفعية بسرعة قياسيّة لتواكب تقدّم الوحدات.
وختم العقيد الركن بطرس بالقول، إنّ تنسيق النيران بين القوات الجويّة ومدفعية الدعم المباشر والدعم العام والوحدات المنتشرة على الأرض، أدّى إلى تكاملٍ في العمل وإلى النجاح في تحقيق الأهداف بأقل خسائر ممكنة.