سلامتكم تهمنا

حوادث السير مشكلة عالمية
إعداد: الملازم المجند زياد عقل

ضحاياها أكثر من 50 مليون شخص سنوياً

 

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية الى وفاة ما يزيد عن مليون ومئتي ألف شخص من جراء حوادث السير، بالإضافة الى إصابة ما يزيد عن خمسين مليون شخص في العام الواحد.

تعتبر مؤسسة الأبحاث العلمية أن عدد المتوفين من جراء حوادث السير في العالم قد يزيد عن مليوني وفاة سنوياً في حال احتسبنا الوفيات التي تطاول الجرحى خلال السنة التي تلي الحادث، إذ أن معظم البيانات الإحصائية لنحو 75 دولة لا تتضمن الوفاة التي تنتج عن الإصابة البليغة بعد مرور ما يزيد عن أسبوعين من وقوع الحادث.

من السهل جداً إصدار الأرقام والبيانات الإحصائية لوفاة أو إصابة ما يزيد عن خمسين مليون شخص في العام الواحد في العالم، لكن من الأهم التفكير بحجم المشكلة المعنوية والحزن الناتج عن خسارة الأب، الأم، الأخت، الأخ، الزوج، الصديق... من جراء حادث سير غالباً ما يكون تافهاً يمكن تلافيه في حال الإلتزام بأبسط مفاهيم السلامة. إن التقديرات العلمية التي اعتمدتها "يازا انترناشيونال" تشير الى إمكانية تصاعد حوادث السير بحوالى خمسة بالمائة في العام الواحد في العالم العربي في العقدين المقبلين، بحال لم تتصدَّ الدول والمجتمعات لمشكلة الحوادث. إن جميع حكومات الدول النامية مدعوة لرفع أولوية موضوع حوادث السير وعدم اعتبار مسؤولية التصدي له من واجب جهة معينة تستأثر بالقرار والمسؤولية، بل من واجب جميع شرائح المجتمع التصدي لهذه الظاهرة عبر الإلتزام باستراتيجيا وطنية واضحة وعبر التزام جميع مستعملي الطريق بمبادئ الوقاية والسلامة.

بعد عقود طويلة من الإهمال بدأت الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها تعتبر حوادث المرور والإصابات الناتجة عنها مشكلة رئيسية وتحدياً للصحة العامة في مختلف المجتمعات، كما بدأت معظم الدول المتطورة تعتبر أن حوادث السير تؤثر سلباً على الجهود الهادفة الى التنمية المستدامة على الصعيد الدولي بشكل عام وفي الدول النامية بشكل خاص.

وتؤكد المؤشرات والدراسات العلمية خطورة تزايد حوادث السير في العالم العربي بشكل كبير قد يزيد عن عشرة بالمائة سنوياً بحسب تقديرات "يازا أنترناشيونال". في بداية السبعينات من القرن الماضي، وصلت حوادث السير والإصابات الناتجة عنها الى أرقام قياسية، مما دفع الجمعية العامة للأمم المتحدة الى إصدار قرار في العام  1974دعا جميع دول العالم للتصدي لمعضلة حوادث السير. لاقى هذا القرار الترحيب في معظم الدول المتطورة التي كانت بدأت تواجه المشكلة، وأطلقت معظم الدول المتطوّرة منذ أكثر من ثلاثة عقود حملات وطنية متواصلة للحد من مشكلة حوادث السير وآثارها السلبية. في المقابل لاقى القرار الإهمال من جهة معظم الدول النامية التي كانت لا تزال تتخبط بمشاكل الفقر والفساد في الإدارة.

لقد حان الوقت لتشجيع ومطالبة الدول المتطورة والمنظمات الدولية المتأثرة بقرار قادة دول الشمال الغني لإعطاء مزيد من الإهتمام بمواجهة الأسباب المؤدية الى التزايد المخيف في نسب الوفيات والإصابـات الناتجـة عن حوادث السير في معـظم الدول النامـية وخصوصـاً دول العالم العربي. من جهة أخرى، ينبغي الإلحاح على أصحاب القـرار وعلى الحكومـات، لضـرورة التصدي للخـطر المتصاعـد لحـوادث السـير في العالـم، وتحفـيز السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية للتصدي للحوادث والكوارث الناتجة عنها، وذلك عبر المزيد من العمل والتنسيق وتجاوز التشابك في الصلاحيات والمسؤوليات المؤدية الى الحوادث.

أما الدول المتطوّرة فتقع على عاتقها مسؤولية مساعدة الدول النامية لمواجهة الحوادث، عبر الاستفادة من الخبرات المكتسبة في حملات التوعية التي أثمرت انخفاضاً كبيراً في نسب الوفيات والإعاقات الناتجة عن الحوادث. وأخيراً، من الضروري التأكيد على أهمية استمرار ومثابرة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها وخصوصاً البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية في مواجهة الحوادث.