- En
- Fr
- عربي
تحية لها
الأميرة حياة أرسلان، رئيسة هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني، من الناشطات بقوّة في مجالات العمل الاجتماعي والثقافي والإنساني. لو لم تكن زوجة الأمير فيصل أرسلان لكانت طبيبة بتشجيع من والدها الذي كان منفتحًا، لا بل مصرًّا على تعليم «البنت تمامًا كالصبي».
المفارقة أنّ والدها كان هو نفسه من شجعها على الارتباط بالأمير فيصل عندما «هجم النصيب» ناسيًا موضوع الطب وفق ما تخبرنا مؤكدةً: «إذا جازت المقاربة فأنا أرى نفسي أداوي من دون شهادة في الطب، جراحًا سبّبها التفاوت الاجتماعي وعمّقتها النخبوية الثقافية وفاقمها النقص في التعاطف الإنساني».
خاضت حياة أرسلان مجالات العمل الاجتماعي والثقافي والإنساني وتركت في كل منها بصمة مشرقة مع أنّ عمل المرأة في الشأن العام في لبنان كان دونه عقبات اجتماعية وموروثات تقليدية تعرقل الاندفاعة، إذ تصطدم القناعات بالممارسات، وتحصل المواجهة بين مجتمع يقاوم التغيير والتطوير، وبين من يؤمن بالانفتاح ويواكب التطور العالمي. لكن في حالتها كان اسم الأمير فيصل أرسلان داعمًا قويًا لاندفاعتها. تقول في هذا الإطار: «استعداداتي للعمل في الشأن العام ولدت معي، لكن تسهيل المهمات التي اخترت الاضطلاع بها وتعبيد الطرقات التي كنت أسلكها، وفتح الأبواب الموصدة، ما كان ليحصل لو لم أكن أحمل اسم الأمير فيصل أرسلان. التشجيع غير المحدود الذي مدّني به الأمير فيصل دفعني إلى أقصى درجات العمل والمتابعة، ومكّنني من تجنيد كثيرات للعمل في الشأن الاجتماعي والثقافي والإنساني».
اللقب ومسؤولياته
في المقابل، ما هي المسؤوليات التي حمّلها إياها كونها الأميرة حياة أرسلان؟ تردّ على السؤال بقولها: «عندما يحمل المرء لقبًا يجب أن يفي بمتطلّباته. لقب الأميرة الذي اكتسبته بالزواج، عزيز على قلبي، لأنّه نتيجة ارتباط برفيق عمر فقدته باكرًا. هذا اللقب هو حتمًا مسؤوليات من دون قيود أو حدود. القيود التي لم ألتزمها والتي كانت تفرضها الألقاب، تلاشت وذهبت إلى غير رجعة. في عصر التنكنولوجيا والعلوم والتطور الإمارة تكمن في المهارة والاستيعاب والمواكبة. أما الحدود فتخطّيتها وكرّست كل الجهود الممكنة في خدمة العائلة والمجتمع والوطن. أملى عليّ اللقب مهامات رغبت في القيام بها، لا بل فرضتُها على نفسي. فمثلًا عندما هُجّرنا إلى قبرص في العام 1984 إبّان أحداث لبنان والجبل بالتحديد، كنت أعود شهريًا لأتفقّد أهلنا الذين صمدوا في ظروف صعبة للغاية. ظلّوا على ولائهم للمبادئ والقيم التي آمن بها الأمير فيصل وأهمّها رفض الحرب بين أبناء الوطن. وقد تسبب ذلك في أذيتهم واضطهادهم وحتى اغتيال بعضهم. المعارضة السياسية في عهد الميليشيات كانت ذنبًا لا يُغتفر. كانت تلك الفترة من أصعب الأوقات عانيت خلالها ضغوطًا جسيمة».
رسالة إلى المرأة اللبنانية
كناشطة في العديد من مجالات الشأن العام توجّه أرسلان رسالة إلى النساء اللبنانيات في هذه المرحلة الصعبة من تاريخ لبنان، وتخاطب كلّ امرأة قائلةً:
- قومي بالدور الذي خصّك به الخالق. كلّفك الخالق بالخلق فأعطاك من نعمه وأغدق عليـك من صفاتـه، فأنتِ قيمـة.
- مارسي العدالة والمساواة في أمومتك، انشري العدل والمساواة في العالم.
- تحلّي بالعاطفة والمحبة، لتنشري التعاطف والمحبة في العالم.
- حقّقي الأمان في عائلتك الصغيرة لينتقل إلى العائلة الأكبر، إلى الوطن والعالم.
- ثقي بنفسك وعزّزي قدراتك وانطلقي لأنّ فضاءكِ واسع.
- حلّقي فالتحليق يليق بك... لا تبعية ولا خضوع. فرضتِ نفسك في العلم والعمل، ومؤخرًا في الساحات تستحقين التهنئة.
فعل إيمان
تنظر حياة أرسلان إلى وجودها على رأس هيئة تفعيل دور المرأة في القرار الوطني كفعل إيمان تمارسه يوميًا ويفرضه واجب مقاومة التهميش اللاحق بالمرأة، وهو دور تؤدّيه لتحقيق العدالة الجندرية، على خطَّين متوازيين. أحدهما يتوجّه إلى المرأة في المناطق النائية لتوعيتها على دورها وأهمية هذا الدور في بناء الأجيال وتوازن المجتمع، وإلى المرأة المتعلّمة والمثقّفة لحضّها على ممارسة دورها القيادي والأخذ بيد أختها المرأة غير المتمكنة التي تعيش ظروفًا صعبة. أمّا الخط الآخر فيتوجّه إلى الرجل لطمأنته إلى أنّ دور المرأة لن يكون مناقضًا لدوره أو بديلًا منه، بل مكمّلًا له ومتماهيًا معه ويصبّ في الخير العام.