نحو الحداثة

خطوة نحو التحديث وتعزيز المشاركة رابطة قدماء القوى المسلحة في انتخابات رقمية
إعداد: المعاون الأول جيهان جبور

في خطوةٍ تواكب التحوّل الرقمي ومتطلبات العصر، أعلنت رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية عن تنظيم انتخابات لاختيار هيئة تنفيذية جديدة، عبر منصة إلكترونية مخصصة لهذا الغرض. وتُعد هذه المبادرة سابقة في تاريخ الرابطة، إذ إنّها المرّة الأولى التي تُعتمد فيها الآلية الإلكترونية لتنظيم العملية الانتخابية، وذلك في إطار سعيها لتحديث الهيكل الإداري للرابطة، وتعزيز المشاركة الفعالة للمنتسبين.

 

أوضح الرئيس السابق لرابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية اللواء الركن المتقاعد نقولا مزهر، أنّ قرار اعتماد التصويت الإلكتروني، اتُّخذ خلال الجمعية العمومية في كانون الثاني الماضي. وبناءً عليه، أنشأت الرابطة «الميغاسنتر» الانتخابي لتسهيل عملية التصويت، حرصًا منها على توسيع دائرة المشاركة وتحديث الهيكلية التنظيمية.

وأضاف أنّ عدد المنتسبين بلغ حينها نحو ألف ضابط وستة آلاف عسكري متقاعد، موزعين على مختلف المناطق اللبنانية، بما فيها المناطق الحدودية التي يصعب فيها تأمين مراكز اقتراع نظرًا لتعقيدات لوجستية وأمنية. وأكّد أنّ اعتماد الآلية الإلكترونية سهّل انخراط العسكريين المتقاعدين في العملية الانتخابية، وضَمَن عدم حرمانهم حقّهم في التصويت بسبب بُعد المراكز أو صعوبة الوصول إليها.

وأشار في هذا السياق إلى أنّ التجارب السابقة، ولا سيما انتخابات العام 2022، أظهرت تراجعًا في نسبة المشاركة نتيجة الاكتظاظ، ومشاكل في التنظيم، وطول فترات الانتظار، ما دفع العديد من العسكريين إلى المغادرة من دون الإدلاء بأصواتهم، على الرغم من رغبتهم في المشاركة. من هنا، كان الاتجاه نحو الحل الإلكتروني كبديلٍ عملي وفعّال.

 

دعم تقني وتسهيلات

ولفت اللواء مزهر إلى أنّ اختيار المنصة الإلكترونية جاء كخيارٍ عملي أكثر مرونة، لتفادي الصعوبات التي رافقت الانتخابات السابقة. غير أنّ المرحلة الأولى من التطبيق شهدت بعض الثغرات التقنية، خصوصًا في ما يتعلّق بإدخال الأرقام العسكرية أو أرقام الهواتف، ما استدعى إجراء تجارب متكررة لضمان دقة البيانات وسهولة الاستخدام. وأوضح أنّه تمّ تقديم تسهيلات إضافية عبر توجيه المنتسبين إلى أمانات المناطق حيث يتولى رتيب اختصاصي في التأليل مساعدتهم في استخدام التطبيق والتوجيه خلال عملية التصويت، إلى جانب تأمين الاتصال بمقر الرابطة للاستفسار والحصول على الدعم الفنّي اللازم.

كما زُوّد مقر الرابطة فريقًا تقنيًا متخصصًا جاهزًا لحل أي مشكلة قد تواجه المنتسبين خلال عملية التصويت الإلكتروني، بما يضمن سير العملية بسلاسةٍ وفعالية.

 

حصرية كاملة للقيادة

وفي سياق الحفاظ على نزاهة الانتخابات

”هذا التحوّل الرقمي شكّل خطوة تأسيسية في مسار تحديث آليات الاقتراع، وفتح الباب أمام مشاركة أوسع في المستقبل،

لا سيّما للمنتسبين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية والذين يصعب عليهم الحضور الشخصي إلى مراكز الاقتراع.“

، تولّت قيادة الجيش الكشف على النظام الإلكتروني، واحتفظت بالحصرية الكاملة في ما يخص كلمات السر الخاصة بالسيرفرات أو الخوادم (Servers)، وذلك لضمان أعلى مستويات الأمان والسرية، ومنع أي عملية تلاعب أو غش في عملية الاقتراع، بما يضمن نتائج دقيقة وشفافة، تعكس فعليًا رأي العسكريين المتقاعدين وإرادتهم الحرة.

 

مشاركة واعدة

بلغ عدد المقترعين في العملية الانتخابية  نحو ألفَين من أصل 11 ألف منتسب إلى الرابطة، 720 ضابطًا من أصل 1100 منتسب و1300 رتيب وفرد من أصل حوالي 10000 منتسب، أي بنسبة مشاركة تقارب 18 %. ورغم أنّ هذه النسبة قد تبدو متواضعة للوهلة الأولى، إلّا أنّها تُعتبر مقبولة في سياقها، خصوصًا وأنها أول تجربة انتخابية تُنفّذ عبر منصة إلكترونية مخصصة، وهي سابقة في عمل الرابطة.

هذا التحوّل الرقمي شكّل خطوة تأسيسية في مسار تحديث آليات الاقتراع، وفتح الباب أمام مشاركة أوسع في المستقبل، لا سيما للمنتسبين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية والذين يصعب عليهم الحضور الشخصي إلى مراكز الاقتراع. وقد شكّلت التجربة اختبارًا مهمًا لإرادة التطوير، وأكدت أنّ إشراك العسكريين المتقاعدين في الحياة التنظيمية للرابطة يمكن أن يتم بأساليب حديثة وأكثر مرونة، شرط استكمال العمل على تحسين المنصة وتوسيع ثقافة الاستخدام الرقمي.

 

تحوّل رقمي في خدمة الشفافية

في المحصّلة، لم تكن انتخابات رابطة قدماء القوى المسلحة اللبنانية مجرّد استحقاق تنظيمي، بل محطة مفصلية في مسار التحديث، وتجسيدًا عمليًا لمبدأ الشفافية والديمقراطية في إدارة شؤون المتقاعدين الذين خدموا الوطن بتفانٍ والتزام.

ويُؤمل أن تمهّد هذه التجربة لتوسيع نطاق المشاركة وتعزيز ثقة العسكريين المتقاعدين بالرابطة، من خلال اعتماد أساليب حديثة ومرنة تواكب تطلعاتهم وتكرّس حضورهم الفعّال في صياغة مسار الرابطة المستقبلي.

 

هيكلية الرابطة ومهماتها

تُعد الهيئة التنفيذية لرابطة قدماء القوى المسلّحة الجهة المركزية في إدارة شؤون الرابطة، وتمتد ولايتها لثلاث سنوات. وهي تتألف من تسعة عشر ضابطًا واثنَي عشر رتيبًا من الجيش والأجهزة الأمنية كافة.

تتولى الرابطة الدفاع عن حقوق المتقاعدين ومتابعة مطالبهم المعيشية والاجتماعية، وتعزيز التواصل والتضامن في ما بينهم، إلى جانب تمثيلهم أمام الجهات الرسمية والمؤسسات المعنية. كما تسهم في الشأن العام من خلال تنظيم النشاطات الاجتماعية والثقافية والطبية التي تخدم الأعضاء وعائلاتهم.

”هذا التحوّل الرقمي شكّل خطوة تأسيسية في مسار تحديث آليات الاقتراع، وفتح الباب أمام مشاركة أوسع في المستقبل،

لا سيّما للمنتسبين المنتشرين في مختلف المناطق اللبنانية والذين يصعب عليهم الحضور الشخصي إلى مراكز الاقتراع.“