- En
- Fr
- عربي
من لبنان إلى العالم
هذا الوطن الذي لا يشكّل سوى نقطة صغيرة على خارطة العالم، أعطى العالم درسًا في الشجاعة والكفاءة، وفي مواجهة الإرهاب. فمعركة دحر داعش، «فجر الجرود» تحوّلت إلى مادة تُدرَّس في أعظم الكليات العسكرية لأكبر الدول.
من هذه الكليات أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية Royal Military Academy of Sandhurst في بريطانيا، التي تخرّج منها النقيب سامر غياض في العام ٢٠١٢ وعاد إليها منذ فترة، ولكن هذه المرة لا كتلميذ على مقاعدها، بل كمحاضر أمام تلامذتها. تناول في عرضه «حقائق الحرب» متحدثًا عن خبرته العسكرية في لبنان وتحديدًا خلال معركة «فجر الجرود» ٢٠١٧.
بتصميمٍ دقيق وشيّق حضّر النقيب غيّاض العرض التقديمي، تلبيةً لدعوةٍ من المملكة المتحدة هدفها تعميم تجربته في «فجر الجرود»، وإلقاء الضوء على الدروس التي تابعها في ساندهيرست واستفاد منها على أرض المعركة، ليعرف التلامذة أهمية هذه الدروس في حياتهم العملية. وللمرة الأولى، وبشهادة ضباط الأكاديمية، كانت عيون التلامذة شاخصة إلى الشاشة لمدة ٤٠ دقيقة لم يدعوا خلالها أي تفصيل يفوتهم، لا بل أنهم راحوا يدونون الملاحظات ويطرحون الأسئلة مبدين اهتمامًا استثنائيًّا بهذا العرض.
بين الدروس وأرض المعركة
استهلّ النقيب غياض عرضه بمقطع فيديو عن موقع لبنان وجماله، ومنه انتقل ليتحدّث عن المواجهات مع الإرهابيين وخلفيات معركة «فجر الجرود» منذ العام ٢٠١٤ وحتى ٢٠١٧، مدعّمًا المعلومات بصور من أرض المعركة. وبأسلوب متقنٍ راح يمرّر الرسائل والدروس التي تهمّ تلامذة الأكاديمية، منطلقًا من العقيدة التي ينشأون عليها والدروس التي يتابعونها في داخل الأكاديمية. فالنظام والانضباط اللذان يشكّلان أساسًا في الحياة العسكرية، والتمارين العملية، والدروس النظرية والتدريبات الجسدية، إضافةً إلى الأسلحة والعتاد، والقوانين الدولية وفنون القيادة والجهود المبذولة داخل الأكاديمية، كلّها تشكّل زادًا يحمله معه التلميذ طوال مسيرته العسكرية وخصوصًا على أرض المعركة. استخدم النقيب غياض تسميات تقنية يفهمها التلامذة، وأخذهم في رحلة إلى جرود رأس بعلبك اللبنانية من خلال عرض صور متقابلة بطريقةٍ مميّزة تمثّل لحظات عاشها داخل الأكاديمية وأخرى مشابهة اختبرها في الميدان. ولم يكتفِ بتطبيق ما تعلّمه داخل الأكاديمية في حياته العسكرية الخاصة وحسب، بل أسهم في إدخال عدد من الشعارات والتقنيات ومختصرات التحضير للمعركة ضمن منهاج الكلية الحربية اللبنانية.
شكّلت هذه المحاضرة خبرة مميزة أضافها النقيب غياض إلى ملفّه العسكري، خصوصًا وأنّه وقف أمام الحاضرين بكل فخر متحدّثًا عن لبنان، الصغير بحجمه والكبير بإنجازاته، هذا البلد الذي انتصر بجيشه وبإمكاناته المحدودة على إرهاب أرعب العالم!