- En
- Fr
- عربي
الأول من آب
من الكلّية إلى ساحات الخدمة
العزم برقٌ في العيون...أمّا بريق السيوف فلهُ وقت آخر
نهار عيد الجيش هذا العام في الكلية الحربية لا يشبه نهارات عيد الجيش في السنوات الخوالي، حيث الفرحة كانت تنبعث من حجارة هذه الكلية العريقة: عجقة مواكب أركان الدولة والسياسيين، صرخات الإعلاميين وعيون كاميراتهم، الأناشيد الوطنية وزغردات الأهالي في الملعب الأخضر تهيئة لتخريج الضباط الجدد وتسليمهم السيوف...
الظروف الراهنة فرضت مشهدية أخرى في الملعب الأخضر حيث غابت مظاهر العيد والتحضيرات للاحتفال الكبير، نظرًا الى شغور موقع رئاسة الجمهورية.
احتفال داخلي يمكن وصفه بالحميم، فأهل البيت اجتمعوا في حضور راعيه وأقسموا أنهم سيقومون بواجبهم كاملًا. برق العزم في عيني كل منهم كان سيفًا مسلولًا... وبعد ساعات كانوا في ساحات الواجب.
في ساحة الشرف
في ساحة الشرف، المتخرجون بكامل جهوزيتهم، إذ لا يبدو أن غياب الاحتفال الكبير انتقص من أهمية المناسبة ووقارها. كل منهم يدرك أنه يعبر من مرحلة إلى أخرى في حياته العسكرية، وأنه بات على مسافة أيام من معمودية الواجب بعد معموديات كثيرة خلال سنوات التدريب.
في الساحة أيضًا ضباط الكلية والمدربون. تكتمل الاستعدادات، ويبدأ الاحتفال بعد وصول العلم اللبناني بالنشيد الوطني، تعزفه فرقة من موسيقى الجيش بقيادة النقيب جوزف يعقوب، ليصل بعدها قائد الكلية الحربية بالوكالة العميد الركن بطرس جبرايل ممثلًا قائد الجيش العماد جان قهوجي، فيستعرض القوات المشاركة بالاحتفال.
بعد ذلك يسلّم طلاب السنة الثالثة بيرق الكلية لطلاب السنة الثانية، ويقسم طليع الدورة الملازم محمد عكاري اليمين العسكرية.
بعد خروج البيرق والعلم من ساحة الاحتفال، عرض عسكري رمزي بقيادة مساعد قائد الكلية الحربية العميد الركن عماد فواز.
اللقاء مع العماد قهوجي
لم يشأ قائد الجيش أن تمرّ مناسبة الأول من آب من دون اللقاء بالضباط المتخرجين الـ265 وتزويدهم الإرشادات والتوجيهات الضرورية، ففي القاعة الوسطى التقى العماد قهوجي ضباط الكلّية والملازمين المتخرجين، في حضور قادة الأجهزة الأمنية، رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، أمين عام المجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير، مدير المخابرات العميد الركن إدمون فاضل، مدير التوجيه العميد علي قانصو وعدد كبير من ضباط القيادة. العماد جان قهوجي وجّه تهانيه الحارة إلى المتخرجين، وإذ أسف لعدم تسلّمهم سيوفهم، وفق التقليد المعروف، وهو تقليد أساسي بالنسبة الى الجيش، أشار إلى أن دورته واجهت الموقف نفسه العام 1976، وقد صدر مرسوم تخرجّ ضباطها بعد سنتين، في حين أن مرسوم تخرّج الدورة الحالية تمّ توقيعه في الوقت المناسب ومن قبل 24 وزيرًا، بفضل الجهود التي بذلتها القيادة لإتمام ذلك، وهذا يعني «أنه ليس ثمة ما يمسّ معنوياتكم وقدراتكم وانفتاحكم على الحياة، أو يعيق اندماجكم في قطع جيشكم ووحداته».
وقال العماد قهوجي: «عندما أرى وجوهكم البهيّة أعود وأكرّر ما قلته لكم منذ ثلاث سنوات: أنتم أمل لبنان ومستقبله. إن الجيش يكبر بكم، وبفضلكم تزداد مناعته وتتضاعف قوته وقدرته على الصمود. سوف تواجهون صعوبات جمّة ومخاطر كبيرة ناتجة عن الغليان الذي تشهده المنطقة. لقد واجه جيشكم ذلك بتماسكه ووحدته التي هي رمز وحدة لبنان، الوطن الذي نذرتم نفوسكم للدفاع عنه.
لدي كل الثقة والإيمان والتصميم على تجاوز هذه المرحلة الخطرة، بأقل خسائر ممكنة، بفضل جهودكم وتضحياتكم ووحدتكم.
التعب ينتظركم، التضحية بالوقت والدم ينتظرانكم، كي يبقى لبنان صامدًا موحّدًا، لأن الثمن الذي قد يدفعه الجيش أقلّ بكثير من الثمن الذي قد يدفعه وطننا لبنان.
إن هذه المرحلة دقيقة وخطرة في ظل ما يجري في المنطقة، والمثل يقول «عند تبديل الدول إحفظ رأسك»، ومن هنا علينا تحييد لبنان والمحافظة عليه.
أعود وأكرر، لبنان يقوم على وحدة جيشه، إنكم مثال القوة والقدرة اللتين يحتاج إليهما الجيش. إن الضابط «قيمة» في وطنه ولقبه «تكليف» وليس «فخفخة»، لذلك عليكم العمل الدؤوب وتقديم الوقت والدم دفاعًا عن الوطن».
وأضاف العماد قهوجي: «لقد زوّدكم مدرّبوكم وقادة الكلية الحربية، دروسًا في الأخلاق الحميدة والتواضع، كي تحسنوا الانضباط وتحتضنوا عسكرييكم وتحافظوا على صداقاتكم.
لبنان «أمانة في أعناقكم»، سوف تتعرّضون لعمليات إغراء كبيرة في كل مكان، ولكن عليكم مقاومتها، ونحن على ثقة أنكم أقوياء ما فيه الكفاية للقضاء على هذه الآفة التي من شأنها تدميركم».
وهنّأ القائد الضباط الجدد وأهلهم مجدّدًا، داعيًا إياهم إلى التمتّع باستراحة قصيرة في خلال المأذونية، استعدادًا للمرحلة الصعبة والخطرة وللعمل الكبير الذي ينتظرهم، ودعاهم إلى مواجهتها بكل حزم واندفاع ورويّة محافظين على ارتباطهم الراسخ بالعلم الذي أقسموا اليمين بالحفاظ عليه. وأعرب في ختام كلمته عن ثقته بأن «الجيش ولبنان سوف يتخطّيان هذه الأيام المرّة، وستعود الأحوال أفضل مما كانت عليه في الماضي».
في الختام التقطت الصور التذكارية، وشرب الجميع نخب المناسبة، قبل أن ينصرفوا في مأذونية لشهر، لكن بعد ساعات جاء نداء الواجب من عرسال، ومضى الضباط الجدد إلى ساحات الشرف سيوفًا قاطعة.