دورات وتدريبات

دورة دهم هي الأولى من نوعها في الجيش الإناث في مواجهة الخطر وبكفاءة عالية
إعداد: روجينا خليل الشختورة

«وردت معلومات إلى قيادة الجيش مفادها أنّ مجموعة إرهابية قوامها 3 عناصر يرأسها «ابو انفجار»، قامت بالتسلل إلى أحد المباني المهجورة في منطقة رياق وقامت بتحضير عبوات ناسفة استهدفت الطريق الدولية، وهي تخطط لتنفيذ عملية إرهابية تستهدف قاعدة رياق الجوية.
كُلف فوج التدخل الثاني بمهاجمة العدو المتمركز في المنزل المهجور بغية تدمير الخلية الإرهابية، وعلى الأثر، تمركزت في المحيط مجموعة مؤلفة من رهط استطلاع وقنص لمراقبة الحركة وتأمين انتقال مجموعة الدهم، حيث زودت المجموعة الأخيرة بعض الصور مباشرة من موقع الهدف».
هذا كان الوضع العام للمناورة التي أجرتها 11 أنثى في الجيش بعد متابعتهنّ دورة دهم لمدة أسبوعين في قيادة فوج التدخل الثاني – رياق بإشراف قائد الفوج العميد الركن بسام عيسى، وهي الأولى من نوعها على صعيد الجيش.
«الجيش» التقت مدير الدورة الملازم أول جوني الحاج وعددًا من المشاركات فيها، حيث أجمعوا، من دون تردد، على تميّز الدورة بالاندفاع والتجاوب غير المتوقعين.


أهداف الدورة وما حققته
تهدف دورة الدهم، بحسب الملازم أول الحاج، إلى رفع مستوى الرماية والانتقال في الأماكن المأهولة، بما يتلاءم مع الأخطار الموجودة في هذه الأماكن (منزل، مصرف، مستشفى...) والوصول إلى الهدف المطلوب (توقيف، تدمير أو قتل أحد المطلوبين) مع الأخذ بعين الاعتبار وجود مدنيين أو رهائن.
أمّا الهدف من وراء خضوع الإناث لها هذه المرة، فهو مصادفة العنصر النسائي المسلّح في أثناء عمليات الدهم التي يجريها الجيش، مما يفرض في المقابل وجود عنصر نسائي أهل للمواجهة في الفريق، خصوصًا أنّ الإناث في الجيش اللبناني لسن بأقلّ قدرةً واستعدادًا من رفاقهنّ الذكور، لذلك كان لا بدّ من تكافؤ الفرص بين الطرفين. من هنا ارتأى مدير التعليم العميد الركن دريد زهر الدين، وبموافقة قيادة الجيش، افتتاح دورة دهم للعسكريين الإناث في فوج التدخل الثاني.
تضمنت الدورة تمارين: الانتقال بين الأماكن المأهولة (أبنية وشوارع)، الاقتحام، الانتقال داخل الغرف والممرات والأدراج إذا وجدت، تقنيات التفتيش وفرز الموجودين بين مدنيين ومسلحين والتعامل مع أي جسم مشبوه يحتوي على أدلة جنائية، رمايات ردة الفعل في وضعية الثبات وفي أثناء الحركة وفي الفريق، إضافةً إلى تقنيــات حمل الســلاح وإبــدال المماشــط والهبوط بالحبــال والتعامــل مع الطــوافات وتمــارين الإســـعافات والاتصــال.
أما فريق التدريب، فقد تألّف من الملازم أول مارون خليل، المؤهل أول وائل ضاهر، المعاون أول عمر هوشر، والرقيبين وليد العلي ومصطفى صبرا (جميعهم تابعوا تدريبات في القوة الضاربة ودورات دهم مع القوات الخاصة الأميركية) وتميّزوا فيها.
تتطلب دورة الدهم عادةً حوالى الشهرين للتمكّن من تنفيذ تمارينها ميدانيًا، غير أنّ دورة الإناث كانت مقتضبة استمرّت أسبوعين فقط وكانت إلى حد ما تجربة لـ«جسّ نبض» العنصر الأنثوي واختبار قدرة التحمل لديهنّ (ضوضاء عارمة، حمل أوزان ثقيلة...). فهنّ معتادات على الجلوس وراء المكاتب يمارسن الأعمال الإدارية التي لا تتطلّب مجهودًا جسديًا. غير أنّ أداء المشاركات أدهش المدرّبين وفق الملازم أول الحاج، لما أظهرته الفتيات من جدية والتزام وحماسة واندفاع في التدريب، بل إنهنّ تحدّين العنصر الذكوري وأثبتن أنّهنّ الأقوى في بعض الأحيان.

 

إناث يتحدّين أنفسهنّ والآخرين
تنوّعت التدريبات بين تمارين فردية وأخرى جماعية، وبنتيجة التصنيف في ختام الدورة، احتلت الملازم أول أدميتا الأسطا المركز الأول، علمًا أنّها، ومنذ انخراطها في الجيش العام 1997، كانت من الإناث اللواتي يطالبن بدورات مماثلة.
برأيها أنها عندما اختارت أن تكون عسكرية، كانت الصورة في ذهنها «فتاة ترتدي الزي العسكري تحمل السلاح وعلى استعداد لخوض أي معركة قد تطرأ، فوجدت أنّ الفتيات في الجيش يكلّفن فقط بالمهمات الإدارية ويحملن السلاح مرّة في الرماية السنوية...». بدأت خدمتها، بعد دورة دامت حوالى ثمانية أشهر، في طبابة الأسنان المركزية برتبة معاون أول حيث تابعت دورات مكاتب عديدة وتمت ترقيتها تباعًا للوصول إلى رتبة ملازم أول. والعام 2001، تابعت دورة اختصاص «Dental Laboratory Technicien»، وشُكلت العام 2009، إلى مدرسة الصحة بوظيفة آمر وحدة التدريب حيث ما تزال حتى اليوم. العام 2012، تابعت دورة «الأسد المتأهب» في الأردن. وعندما علمت أنّه سيتمّ افتتاح دورة دهم للإناث، تحمّست كثيرًا فهي من هواة السفر والتخييم والهبوط بالحبال وفنون القتال (تمارس هذه النشاطات مع زوجها وأولادها والأصدقاء).
وبعد خوضها هذه التجربة، تمنّت لو كانت لمدّة أطول لاكتساب معلومات أكثر وتنفيذ تمارين أصعب.
تقول: «لم أكن أعرف كيف أرمي بالمسدس، ففي الجيش، كإناث، نرمي فقط مرّة في السنة. الآن بتّ أعرف التمييز بين الرهينة والهدف ومصدر النيران وكيفية الردّ بطريقة صائبة... من جهةٍ أخرى، كوّنت بعد هذه الدورة علاقات صداقة مع الفتيات المشاركات».
ونصحت الملازم أول الأسطا الفتيات في الجيش بألاّ يخافوا من إظهار قدراتهنّ في المعلومات العسكرية، وألا يتأثرن بضغوطات المجتمع الذي يجعلهنّ يشكّكن في مهاراتهنّ، وليعطين لأنفسهنّ فرصة التجربة، فيكتشفن ويكشفن عن مواهبهنّ ويكتسبن ثقة أكبر بأنفسهنّ.
أما الرقيب ديالا أبو زور من مقر عام منطقة البقاع - مستوصف راشيا، فقد حلّت في المركز الثاني. ديالا ممرضة في المستوصف منذ 5 سنوات، تابعت دورات عديدة منذ انخراطها في السلك منها: دورة «Coding»، دورة محاسب صيدلي، ودورات مساعد ممرّض. دخلت القفص الذهبي حديثًا، لكنّ ذلك لم يمنعها من الانتساب إلى دورة الدهم والتفوّق فيها. وهي تقول: «برهنّا أنّنا قدّها وقدود، فعلى الرغم من قسوة التمارين وكثافتها، أحرزنا نتائج صدمت المدربين الذين قدّروا مهاراتنا بعلامة 9/10. كذلك اكتسبت أصدقاء جدد فقد كنّا قلبًا واحدًا». وأملت الرقيب أبو زور أن تتاح لها فرصة متابعة دورات متتالية أخرى.
وتحدّثنا إلى الرقيب أول ميشلين بداوي في قسم التأليل في اللواء اللوجستي، والتي حلّت في المركز الثالث في الدورة. ميشلين في الخدمة العسكرية من العام 1990، تابعت دورات مكاتب عديدة قسم مشترك واختصاص، وكانت تتوق دومًا لمتابعة دورات قتال، ولكن عندما رأت أنّ الفتاة في الجيش عملها إداري بحت، اكتفت بالعمل في امانة السرّ.
لذلك، عندما تمّت الدعوة للانتساب إلى دورة دهم للإناث في الجيش، تفاجأت وتحمّست كثيرًا. وعلى الرغم من التحدّيات التي واجهتها وعلى الرغم من وزنها الزائد، أدهشت ميشلين نفسها وأدهشت الجميع لا سيّما في تمارين الجهد والهبوط بالحبال خلال الدورة، وأحرزت نتائج ممتازة على الصعيدن الفردي كما على صعيد الفريق.
وشجعت الرقيب أول بداوي الإناث في الجيش على إثبات وجودهنّ وهويتهنّ وطموحهنّ «فعملنا ليس فقط الجلوس وراء المكاتب لإجراء الأعمال الإدارية...»، وتمنّت بدورها أن تكون هناك دورات أخرى مماثلة بالرغم من التعب والضغط.


المشاركات في الدورة

شاركت في دورة الدهم للعسكريين الإناث كلّ من:
- الملازم أول أدميتا الأسطا من الطبابة العسكرية – مدرسة الصحة.
- الرقيب أول ميشلين بداوي من اللواء اللوجستي.
- الرقيب ديالا أبو زور من مستوصف راشيا.
- العريف فاطمة الزهراء موسى من منطقة الشمال.
- الجندي رنا الملط من مديرية التوجيه.
- الجندي ماري سلامة من مديرية التعليم.
- الجندي رشال أبو كسم من أركان الجيش للتخطيط.
- الجندي هدى غزو من أركان الجيش للعمليات.
- الجندي مادونا مغامس من مستوصف راشيا.
- الجندي لورين زوين من منطقة جبل لبنان- قيادة المنطقة.
- الجندي نهى غناطيوس من مستوصف تبنين.