ضيف العدد

دوّارتنا
إعداد: فايق الرجي

فوق صدر الدوارة، خطوات خفاف.

صدر الدوارة الذي حمل طفولتنا، فما اكلنا من بعدها بحلاوة الثمر الذي كانت تدرّه علينا.
كانت خطواتنا خفافاً، مداراة لتربة نحبها، فلا نشبرها بغير النذور ولا نروزها
 بغير العيون، لو اتيح.
وجه دوارتنا يدرج في المليحات أَوان التبرج، وهي بعد من التركة جزؤها الحميم، فعندها يُكسَر العطش، والعين تشبع، وتحت اشجارها وقد صارت
الى ما يشبهنا اليوم، يضيء ماضي الطفولة حيث اطلقنا من الأحلام عراضها...
هذه الدوارة الصغيرة على قدّنا، عن حفافيها وقعنا، فما رُضَّ لنا ضلع، وفي ترابها
تمرّغنا، فما علق او هكذا قيل غبار من غبارها على مراويلنا.
واليوم، اذ نمر بها عَرَضاً، تشوقنا الطفولة التي خليناها وراءنا فيها، ويوجعنا اكثر كيف اطللنا عليها
فخلجت في القلب.

من ذاك عرفناها لكثرة ما شاخ فيها الشجر ودل.
ولو كان ممكناً في تلك اللحظة لحملت الدوارة على اليدين لعناق طويل.

يا وجه دوارتنا خَطونا عليك اسراءٌ عبر نعيم معجَّل، فلا تدركنا الهاجرة ونحن دون الغاية.

 ما اشهى طرفة العين في احيان فتهتز الصورة وينزل ما في الخاطر منزلة اليقين، ويكون في الامر حيلة.

وما اشهى ان نضيِّع المرمى غداة يطيب للقلب ان يستأخِر الاقلاع، تحلو له الكذبة فيصدقها النظر، ما اسرع النظر في تظهير ما يصوره
 القلب وهذا ما الطف شيطناته!
في مثل هذه تصبح الاشياء انثى منها نرى دنيا بلا آخر.

غمرني شيء من ذلك، يومَ عرضت شجرة اللوز كمها الزهر، وهي تصطك.
اجتاحتها رعشة الربيع، مبكراً، فقامت على استعجال الى غرفة القياسات تجرب الفستان وسحبت يدها من تحت الكم، وفرط عقد الزهر عن عباءة اللوز.

صوح الحلم الليلكي في انتظار ان تكتمل صور المهرجان.

ايام قليلة وتمضي، ويبدأ المنوال على نوله يحوك مطارف للربيع.