جيشنا

دير بلّا تستعيد حقولها خالية من الألغام
إعداد: نينا عقل خليل

تسلّم عدد من أهالي بلدة دير بلّا (قضاء البترون) أراضيهم بعد أن تمّ تنظيفها من الألغام والذخائر غير المنفجرة بالتعاون بين منظّمة Handicap International والمركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام، وبتمويل من وزارة الخارجية الأميركية.
وللمناسبة أقيم احتفال في البلدة، حضره السفير الأميركي السيد ديفيد هيل، رئيس المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام العميد الركن ايلي ناصيف وعدد من الضباط، ممثّل محافظ الشمال رمزي نهرا، قائمقام البترون روجيه طوبيا، مدير بعثة منظّمة Handicap International السيد كريست شونافييه، رئيس بلدية دير بلّا جورج مراد، وعدد كبير من أهالي المنطقة والإعلاميين ومسؤولي المنظّمات غير الحكومية العاملة في مجال نزع الألغام.
بعد النشيدين اللبناني والأميركي ألقى السيد شونافييه كلمة قال فيها:
«يسعدني أن أعلن عن الانتهاء رسميًا من إزالة الألغام وتنظيف جميع الحقول المشتبه بها في منطقة دير بلّا، بعد عام ونصف العام من الجهود التي بذلتها منظّمة Handicap International، بالتعاون مع المركز اللبناني للأعمال المتعلّقة بالألغام، وتمّ خلالها تنظيف مساحة 46500 مترًا مربعًا. إنّ هذا العمل الجبار لن يمنح أهل القرية أو سكانها أو زوارها الأمان فقط، بل سيتيح الفرص لمالكي جميع حقول الألغام المنظّفة وأسرهم، للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الهادفة، ما يصبّ في مصلحتهم ومصلحة المجتمع المحيط بهم».
ثم كانت كلمة العميد الركن ناصيف الذي قال: «ليس بالأمر السهل على وطن كلبنان، صغير المساحة ومحدود الإمكانات، أن يعاني وجود كمّ هائل من الألغام والقنابل العنقودية على أراضيه، نتيجة للأحداث الداخلية والاعتداءات الإسرائيلية عليه طوال عقود من الزمن، لكنه ليس من المستحيل على الإطلاق التخلّص من هذه المشكلة إذا ما توافرت الإرادات الصادقة وتضافرت الجهود التي تتطلّب من الجميع التضامن والتكافل لمواجهة الأخطار ودرئها في سبيل خدمة الإنسانية. كما تعلمون، ما يزال لبنان من أكثر الدول المتضرّرة من وجود الألغام والقنابل العنقودية والتي أعاقت، وما تزال تعيق، استثمار الكثير من المساحات الزراعية والسياحية، وأدّت الى تراجع كبير في الاقتصاد والتنمية الوطنية، لكن بفضل الدعم الذي قدّمته بعض الدول وفي طليعتها الولايات المتحدة الأميركية منذ إنشاء المركز وحتى تاريخه، تمّ تحرير الكثير من الأراضي لإعادة استغلالها في الإنماء الاقتصادي-الاجتماعي الوطني».
وأضاف: «لقد انطلقت قيادة الجيش في معالجتها المشكلة منذ مطلع التسعينيات وبالتعاون مع المنظمات غير الحكومية وبعض الجيوش الصديقة والجمعيات الأهلية عبر ثلاثة نشاطات أساسية، العمل الميداني لإزالة الألغام والقنابل العنقودية ومخلفات الحروب، حملات التوعية والإرشاد، مساعدة ضحايا الألغام. ونتيجة الجهود المتواصلة، تمّ لغاية تاريخه تنظيف نحو 60% من المساحات المشبوهة أو الملوّثة بالألغام وبقايا الحروب والقنابل العنقودية، وهذا ما يعتبر إنجازًا باهرًا يسجّل لجميع الذين شاركوا في تنفيذ المهمة أو ساهموا بتمويلها، قياسًا على الحجم الكبير للمشكلة والإمكانات المتواضعة المتوافرة».
وتابع قائلًا: «بمزيد من العزم والصبر والتضحية والمبادرات الصديقة، المحلية والدولية، نأمل الوصول بعد بضع سنوات إلى نهاية هذا الطريق الشاق، وبهذه المناسبة نعاهدكم على مواصلة الجهود والاستمرار في تلبية نداء الواجب، على الرغم من محدودية الإمكانات وجسامة الصعوبات المنتظرة بغية الوصول إلى وطن ينعم فيه كل مواطن بالطمأنينة والسلام والازدهار...».
وختم بالقول: «إننا نتطلع باستمرار نحو المستقبل لمتابعة العمل وتحقيق الهدف السامي المتمثّل بخدمة الإنسانية وجعل لبنان وطنًا خاليًا من الألغام وبقايا الحروب المتفجرة».
وبعد الكلمة التي ألقاها ممثل المحافظ نهرا السيد طوبيا وأشاد فيها بإلانجاز التقني وبمفهومه الإنساني والوطني وبكل أهدافه وأبعاده، ألقى السفير هيل كلمة قال فيها:
«نحتفل اليوم بتسليم 46500 متر مربع من الأراضي الخالية من الألغام لسكان دير بلّا. على مدى عقود، كانت هذه المساحة المحيطة بنا مغطاة بالألغام التي خلّفتها الحرب الأهلية اللبنانية المؤلممة. الألغام كانت تشكّل خطرًا على القرية وجعلت الأرض غير صالحة للاستعمال لأغراض الزراعة المحلية. غير أنه وبفضل جهود LMAC والمنظمات التي تعنى بشؤون الألغام مثل المنظمة الدولية للمعوقين Handicap International، أصبحت دير بلّا خالية تمامًا من الألغام، ويمكن أن تستخدم هذه المساحة لأغراض الزراعة أو للسكن مجددًا. أميركا فخورة لأنها أدت دورًا في إزالة الألغام من دير بلّا ومن مجتمعات مماثلة في جميع أنحاء لبنان. منذ العام 1993، ونحن نعمل بشكل وثيق مع شركائنا في LMAC والمنظمات غير الحكومية لإزالة الألغام والذخائر العنقودية من أكثر من 90 مليون متر مربع من الأراضي اللبنانية. وفي العقدين الأخيرين، استثمرنا أكثر من 54 مليون دولار أميركي لدعم جهود إزالة الألغام في لبنان، ونحن مرتاحون لمعرفة أنّ إزالة الألغام لا تحسّن حياة الأفراد الذين يعيشون في المنطقة المحيطة مباشرة فحسب، ولكنّها تسهم أيضًا بأمن لبنان وبالتنمية الاجتماعية والاقتصادية عمومًا...».
بعد ذلك، سلّم العميد الركن ناصيف شهادة تنظيف الأراضي وتسليمها إلى أصحابها لرئيس البلدية جورج مراد.
ثم استمع هيل والحضور إلى شرح مفصّل حول آلية العمل من أعضاء فريق عمل Handicap International، وأقيم كوكتيل في المناسبة.