عبارة

ذكرى الاستقلال
إعداد: العميد علي قانصوه
مدير التوجيه

عاد الاحتفال المركزي بعيد الاستقلال هذا العام، على وقع خطى الجنود وهم يتقدّمون أمام منصّة الاحتفال، يحيّون العلم، ترافقهم نظرات الاحترام والتقدير من قادة البلاد، وتغمرهم محبّة المواطنين. يأتي الجندي للتّو من الميدان، يشترك في العرض باهتمام وإتقان وكأنّه متفرّغ تمامًا لهذا الأمر، ثم يعود إلى الميدان مباشرةً، ترافقه ابتسامته، وكأنّه يواصل احتفاله هناك، وفي ذلك كلّه ترافقه بندقيّته التي لولاها لَما كان دفاع عن البلاد ولا كان احتفال باستقلالها.
 يتقدّم الجنود بصدورهم العامرة وسواعدهم القابضة على البنادق وكأنّها غصون الشّجر تلتصق بالجذوع، لا للتعبير عن نشاط جسدي أو أحد مظاهر التنظيم في الجيش، إنّما انطلاقًا من ثقة عارمة في النّفوس، وإنفة وكبرياء وراحة ضمير ورضى عن كلّ جهد وعطاء.
إنّهم يستعيدون في هذه اللحظات الإخلاص للعلَم، والوفاء للقسَم، فعند الحدود الجنوبيّة يتصدّون للاعتداءات الإسرائيلية ويتهيّأون باستمرار لمواجهة أيّ خطر، وعند الحدود الشرقية يقفون بالمرصاد للإرهاب، ويستبسلون في إفشال مخطّطاته في عمليات نوعيّة متتالية، كتلك التي شهدتها جرود عرسال خلال شهر تشرين الثاني الفائت. كذلك في الداخل، يواصلون السهر على أمن مواطنيهم ويقدّمون ضريبة الدم حرصًا على سلامتهم، كما حصل مؤخرًا في الاعتداء الإرهابي الذي طاول أحد مراكزهم في منطقة الضنّية، وأدّى إلى استشهاد أحد جنودنا الأبطال وجرح آخر.
لقد شهد المسؤولون واللبنانيون جميعًا للمؤسسة العسكرية احترافها في تنظيم الاحتفال، بمضمونه العسكري والوطني والثقافي، تمامًا كما شهدوا لها خوض غمار المعارك والدفاع عن البلاد، هذه البلاد التي حافظت على استقرارها على الرغم من احتدام التباينات السياسيّة في الداخل، والصراعات العسكريّة في الجوار، القريب منه والبعيد، وقد كان من نتيجة ذلك، العبور إلى انفراج كبير تمثّل بانتخاب رئيس للجمهورية، والشّروع بتشكيل حكومة تستأنف إحياء ورشة الإعمار، وتأكيد الموقع الفاعل للبنان في المنطقة والعالم، كما كان دائمًا.