خطاب الرئيس

رئيس الجمهورية في كلمته الى الضباط المتخرجين

كونوا فوق الصراعات والحساسيات والتجاذبات فأنتم ركيزة الإستقرار والإستثمار

لمناسبة الأول من آب, وفي الذكرى السابعة والخمسين لعيد الجيش, وجّه فخامة رئيس الجمهورية العماد إميل لحود, كلمة الى الضباط المتخرجين في الإحتفال الذي أقيم في ثكنة شكري غانم في الفياضية.
ففي الخطاب الذي ألقاه, هنّأ فخامة الرئيس قيادة الجيش على الجهود والتضحيات المبذولة, داعياً الضباط لأن يكونوا على مستوى الأمانة الملقاة عليهم, ذلك أنهم ركيزة الإستقرار والإستثمار في هذا الوطن.
وفي ما يلي, نص الخطاب.

 

أيها الضباط المتخرجون
اليـوم, وفي عيد الجيش, تنتقلـون من مقاعد هذه المدرسة العريقة, مدرسة الرجولـة, الى صفوف الذين سبقوكم في مدرسة الشـرف والتضحية والوفـاء, دفاعـاً عن الوطن وحمايـة لأمن المواطن.


أيها الضباط المتخرجون
لقد ربح لبنان, ببــسالة جيشـه, وبطولة مقاومته, وصمود شعبه, وصوابية خياراته, معركة التحرير في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي, مجسداً إنتصار قوة الحق على حق القـوة. لكن زوال الإحتلال عن معظم الجنــوب, باستثناء مزارع شبعا, لا يعني بلوغ السلام وزوال الخطر والإستهداف. فعلى بعد خطوات, تستمر اسرائيل في سياسة الإحتلال والإرهاب والدمار, غير عابئــة بالقرارات الدولية, ولا بالمعايير الإنسانية, مستغلة أحداث 11 أيلول, وكنــا أول من أدانها, بأبـشـع صور الإستغـلال والوحشــية, واضعة المنطقة على حافة بركان, محاولة إستدراج القرار الدولي لضرب ما تبقى من صمود عربي, لا سيما لبنان بمقاومته وإستقراره, وسوريا بصمودها وموقفها.


أيها الضباط المتخرجون
من هذا الواقع بالذات, أخاطبكم لأقول بأن الطريق أمامنا, لا تزال طويلة وشاقة. أما السؤال المطروح علينا فهو: هل نستطيع إكمال هذه الطريق من دون مناخ سياسي صحي وموحد؟ وإصلاح إداري جدي وفعّال؟وخطة إقتصادية رائدة وشفافة؟
هل نستطيع إكمال الطريق, في غياب دولة يحكمها القانون والمؤسسات, فيما نحن مصرون على ما نحن عليه: مجموعة من الكيانات الطائفية, تتقاسم في ما بينها المواقع والمكاسب, إن قويت عليها الدولة, تحالفت في ما بينها لاسقاطها, وإن ضعفت عنها الدولة, تقاتلت مع بعضها وأسقطت الوطن؟


أيها الضباط المتخرجون
إن التحديات الراهنة, والتطورات القادمة, تدعونا الى الكثير من المراجعة ومحاسبة الذات. وهي أكثر ما تدعونا الى التأكيد أن لا خلاص إلا بدولة القانون والمؤسسات, مهما اعترضها من صعوبات ومطبات, لا بدولة الطوائف وحروبها المتكررة, مهما حاول البعض تجميل بشاعتها وإغفال أخطارها. كما تدعونا الى الوحدة الوطنية, والى وقف سياسة الهروب الى الأمام في مختلف المجالات, والى وقفة صريحة وجدية ومسؤولة, تؤدي الى إيجاد الحلول الجذرية, لإصلاح الخلل ولجم التدهور.


أيها الضباط المتخرجون
إن مهمـتكم الأساسـية هي الدفـاع والأمـن, وهـي مهمـة ساميـة لخدمـة الوطن, كمـا هـي مصلحة مشتركة للجميع من دون إستثناء. ولكي تبقـى كذلك, وجب أن تكونـوا فوق الصراعات والحساسيات والتجاذبات, وأن يكون الأمن للجميع وعلى الجميع, تستمـدون الممارسة من القانون, وتحصرون الإنتماء بالشرعية التي حددها الدستور.


أيها الضباط المتخرجون
في هـذه المرحلـة الحساسة, يتساوى المخل بالأمـن في الداخل بالمتعامل مع العدو, لأن كل إخلال بالأمن هو خدمة للعدو, وبالأمس القريب كما قبله, سقط منكم شهداء, وتحلّق حولكم إجماع وطني مؤمن بأن دوركم هو مصلحة وطنية جامعة.
فمـن هـذا المكان, أوجـه تحـية إكبار وإجلال, الى شهداء الجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى, كما أهنئ قيادتكم على الجهود والتضحيات المبذولة وأدعـوكم, ضبـاطاً ورتـباءَ وأفراداً, لتكونوا على مستوى الأمانة الملقاة عليكم, فأنتم ركيزة الإستقرار والإستثمار في هذا الوطن.

عاش الجيش وعاش لبنان