وجهة نظر

رائد الفضاء الروسي بوبوفيتش حاضر في كلية القيادة والأركان
إعداد: كمال مسعد

العالم يقرّ بأنّ الروس هم الأكثر خبرة في اكتشاف الفضاء

 

حاضر رائد الفضاء الروسي اللواء بافل بوبوفيتش مدير جامعة مشاريع هندسة العلوم الروسية في كلية القيادة والأركان حول تجربته في أولى رحلاته الفضائية. تقدم الحضور قائد الكلية العميد الركن محمد عباس ممثلاً قائد الجيش وحضر عدد من الضباط. اللواء بوبوفيتش تحدث عن تجربته الخاصة في عالم الفضاء فبدأ من سنة 1957 حيث تم اطلاق أول قمر صناعي من روسيا، ثم تحدث عن إطلاق أول رائد فضاء (يوري غاغارين الذي توفي من فترة) عام 1961. وأشار بوبوفيتش الى أنه قبل غاغارين لم يكن لأحد أية خبرة لاستكشاف الفضاء، وحالياً يتبع العالم البرنامج نفسه الذي يقوم به الروس وذلك بالرغم من الخسائر الكثيرة في هذا المجال. وقال بوبوفيتش وهو رابع رائد فضاء في العالم، أنه بالرغم من خبرته الطويلة خلال 43 سنة في الفضاء، فحتى الآن لا توجد مسائل لمواجهة إنعدام الوزن بحيث لا يؤثر سلبياً على جسم الإنسان. وأضاف قائلاً: إن الوقت لا يكفي دائماً لإجراء البحوث والتجارب فالدوام اليومي في الفضاء يتطلب 16 أو 17 ساعة. وقال: إن كوكبنا جميل جداً من فوق أي من الفضاء الخارجي، وهو مجسم كبير، وهذا بيتنا وعلينا العيش عليه بصداقة وسلام مع كل أبنائه. وسئل اللواء بوبوفيتش عن الدلائل حول وجود أجسام غريبة، كالصحون الطائرة مثلاً، فأجاب إن الأجسام الغريبة موجودة مشيراً الى أنه في إحدى رحلاته الجوية من موسكو الى واشنطن شاهد في زاوية مثلثاً متوسطاً يطير أمامه ولم يوضح أحد ما هذا الجسم، وهو الوحيد الذي شاهده في حياته ولم يستطع تفسيره. وأعطى بوبوفيتش رأيه الشخصي حول سبب انفجار المكوك كولومبيا، فقال إن جزءاً منه انفصل خلال تحليقه، وكان من الضروري إجراء تحليل فوري وعدم إرساله الى رحلة حول الأرض، لكن الأميركيين لم يفعلوا شيئاً، وبرنامج استعادة المركبة موجود في الكومبيوتر إلا أن الأميركيين لم يطبقوا هذا البرنامج. كانت هناك سلسلة أخطاء ومن الصعب القول ما هو السبب بالتحديد. وأخيراً قال رائد الفضاء بوبوفيتش أن الحوادث تكون غالباً غير متوقعة مسبقاً، وقد حدثت عدة مشاكل خلال الـ43 سنة المنصرمة. لكنه أصر على ضرورة استمرار استكشاف الفضاء الذي ينبغي أن يتم لأغراض سلمية فقط وليس لشن الحروب.

 

 النسر الذهبي في سطور

ذكرت جريدة  الحياة عن رائد الفضاء بافل بوبوفيتش أنه رابع رائد فضاء في العالم؛ ففي 11 كانون الثاني 1960 كان من بين أولى دفعات الملتحقين برواد الفضاء، وكانت مجموعته تضم كبار رواد الفضاء أمثال يوري غاغارين ونيكولاييف وتيتوف. وفي العام نفسه كان في عداد فريق من ستة رواد تم تحضيرهم لمشروع مركبات فوستوك الفضائية. وهو حقق أول رحلة تحليق فضائي له على المركبة فوستوك وقد دامت يومين و22 ساعة و56 دقيقة و27 ثانية. ونال بعدها لقب بطل الاتحاد السوفياتي ووسام لينين. في العام 1967 بدأ تدريبات متخصصة لبرنامج الرحلات الفضائية الى القمر، لكنه عيّن قائداً إدارياً لبرنامج سويوز منذ العام 1969. وكانت رحلته الثانية الى الفضاء في العام 1974 ودامت 15 يوماً و17 ساعة و30 دقيقة و28 ثانية. ورقي الى رتبة ميجور جنرال واستمر حتى العام 1967 قائداً لبرنامج سويوز، ونال في العام التالي الدكتوراه في العلوم التقنية وعيّن رئيساً للمدينة الفضائية التي حملت اسم يوري غاغارين. كان زملاء بوبوفيتش يطلقون عليه لقب الذي لا يرتاح لأكثر من ساعة. وكان لقبه الشيفري النسر الذهبي وهو اليوم يتقصى الظواهر الفضائية التي يتعرض لها كوكب الأرض. ولا ينكر بوبوفيتش (الذي زار لبنان بدعوة من المركز الثقافي الروسي لمناسبة الاحتفالات بذكرى ميلاد غاغارين السبعين) عدم لطافة الفضاء لدى استقباله الرواد الذين يقصدونه لكن هذا لا يلغي في رأيه أهمية المثابرة في اكتشافه. ويؤكد بوبوفيتش أنه بعد الأحداث الأليمة التي تعرض لها أكثر من مكوك فضائي أميركي من طراز كولومبيا، فإن كل ما يمكن إيصاله الى المحطة الدولية من مؤن ورواد فضاء، يتم عبر المركبات الروسية سويوز وبروغريس. ولا يقلل بوبوفيتش من أهمية التعاون الأميركي ­ الروسي فضائياً لكنه ينفي حصول تسابق في هذا المجال، ورواد الفضاء الأميركيون يقرون بأن الخبرة الروسية هي الأقوى في العالم. ويقول بوبوفيتش إن التكنولوجيات الفضائية المتطوّرة جداً تقدمها روسيا اليوم لأميركا والصين وأوروبا، ونحن نتشاور مع الجميع في كل شيء. وأخيراً، العمر لا يشكل عائقاً أمام بوبوفيتش للصعود مجدداً الى الفضاء طالما يتمتع الإنسان بلياقة بدنية. ومن يعبر هذه التجربة لا يمكن إلا أن يحب معاودتها، وقلة من رواد الفضاء، ذكوراً وإناثاً، لا ترغب في العودة مرة أخرى، وقد تتحول الرحلات الفضائية الى رحلات علاجية لأن انعدام الجاذبية يسهم في أحيان كثيرة في معالجة مشكلات مرضية.

 

 المركبات الجوية القتالية غير المأهولة  نموذج جديد لحروب المستقبل

كانت المركبات الجوية غير المأهولة UAV في أوائل عهدها مكرّسة لمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع واكتشاف الأهداف، إلا أن القوات المسلحة الأميركية اختبرت خلال العمليات العسكرية في أفغانستان والعراق الإمكانية والقدرة الجديدة لهذه الطائرات العاملة بدون طيّار؛ فالتقدم التكنولوجي خلال السنوات الأخيرة بالإضافة الى الحاجة لحماية الأطقم الجوية من النيران المعادية، والحيلولة دون الإصابات غير المباشرة للأهداف المدنية أثناء القتال، قد زادت من جاذبية الطائرات غير المأهولة للقيام بسلسلة واسعة من المتطلبات العسكرية.

 

طائرة X45 الجديدة

يعكف الباحثون العسكريون والشركات الخاصة في الولايات المتحدة، على دراسة عمل الطائرات من دون طيار، لناحية مضاعفة أعدادها في الجو وعدد العاملين على توجيهها من جهة ثانية. وهكذا عرض سلاح الجو الأميركي أحدث تصاميم طائراته المخصصة لحروب المستقبل من طراز أكس - 45 ضمن برنامج بكلفة 256 مليون دولار، وهي مخصصة لنقل السلاح والذخيرة نحو ميادين القتال، ويتوقع دخولها الخدمة عام 201. ومن المتوقع أن تتمكن الطائرات من حمل 1350 كيلوغراماً من القنابل والقذائف التي توجه الى نظم الرادارات والدفاعات الصاروخية الجوية المعادية على الأرض. وقد صممت شركة بوينغ التي تتعاون مع وكالة ابحاث الدفاع الأميركية، نموذجين من طائرة اكس-45 تمكنت إحداهما من التحليق بسرعة 195 ميلاً على ارتفاع 7500 قدم، بينما يستعد المصممون لاختبار النموذج الثاني اكس ­ 46. وتتمتع الطائرة بنظام تحكم ذاتي جزئي، إلا أن عملياتها تدار من قبل طيار في قاعدة أرضية، يدير إضافة الى ذلك عمليات طائرات أخرى مماثلة لها. وعلى ضوء ذلك، ينتظر أن تلعب هذه الطائرات دوراً بارزاً في المعارك المقبلة سواء خلال المعركة التحضيرية أو في بدء العمليات وخلال إدارتها، إذ سيكون عليها القيام بأعمال الاستطلاع الجوي المختلفة لمسرح العمليات التكتيكي والمباشر المنتظر للحصول على معلومات مؤكدة ودقيقة عن الأغراض الجوية، كما أنه ونظراً لإمكانية تحقيق زمن بقاء في الجو لمدة تصل الى عشر ساعات فإنه يمكن عمل خريطة إلكترونية توضح شكل وجدول تشغيل الحقل الراداري، وذلك الى جانب تحقيق الإستطلاع الجوي في الأماكن التي يصعب اقتحامها بواسطة طائرات القتال.

كانت خطة سلاح الجو الأميركي تقضي بإدخال المركبة القتالية غير المأهولة في الخدمة حوالى العام 2008 أو 2010

 

النظام الجوي القتالي غير المأهول

منذ بداية العام الجاري قامت وكالة مشاريع البحوث المتطوّرة الدفاعية الأميركية (ARBA) بتدشين مكتب برامج الأنظمة  SPO  ، المخصص لنظام جوي قتالي مشترك غير مأهول. والهدف تجنب التكرار المكلف وغير الضروري للجهود، من خلال دمج مجهود سلاحي الجو والبحرية. وفي هذا الإطار تتنافس شركة بوينغ وفريق لوكهيد مارتن/ نورث روب جرومان، على عقد لبرنامج  J- UCAS موضوعه المركبات الجوية القتالية غير المأهولة، وذلك قبيل شراء منصة مشتركة لكل من سلاح الجو والبحرية الأميركية.

كانت خطة سلاح الجو الأميركي تقضي بإدخال المركبة القتالية غير المأهولة في الخدمة حوالى العام 2008 أو 2010 وكان القصد ­ ولا يزال ­ قيام النموذج المذكور بأدوار الهجوم الإلكتروني، بالإضافة الى المهام المخططة مسبقاً لقمع الدفاعات الجوية المعادية ودور الإستطلاع التكتيكي.

وتنطوي خطة سلاح الجو وشركة بوينغ على تطوير نموذجUCAV BLOCK 20/30 الذي يؤدي دور قمع الدفاعات الجوية المعادية ويمهد الطريق لقدرة تفاعلية دقيقة لمهام هجوم إلكتروني كاملة. وهي قدرة تشمل حرب المعلومات (أي الهجوم على شبكات الكومبيوتر) وكذلك التشويش التكتيكي ومهام الهجوم الدقيق في جميع الأحوال الجوية. وكان مخططاً للمركبة Block 30 أن تكون قادرة على عمليات الهجوم بالطاقة المباشرة وذلك بدءاً بطلقات متعددة ­ في شكل سلسلة ­ ذات موجة قصيرة عالية الطاقة، قادرة على كبت الكترونيات العدو وأنظمة إشعال مركباته.

أما تحديد مواقع التهديدات الأرضية وتصنيفها وتعقبها فيمكن تحقيقها من خلال دمج عدد من أنواع التجهيزات. وقد تحققت أكثر القدرات شيوعاً باستخدام أجهزة الاستشعار الكهروبصرية للاستخدام النهاري، وأجهزة الأشعة تحت الحمراء للإستخدام الليلي. وتمكّن أجهزة تعيين الأهداف بالليزر وأجهزة تحديد المدى المنصة غير المأهولة من اكتشاف الأهداف للمنصات الأخرى، كالطائرات المقاتلة المأهولة والطائرات العمودية الهجومية، كما تتيح للمركبة نفسها القدرة لإطلاق الأسلحة الموجهة بالليزر كصواريخ هيلفاير على سبيل المثال، وقد نفذت في هذا الإطار مهمة ناجحة مؤخراً في اليمن. ووفقاً للمسؤولين في البنتاغون، هناك عدد من التحديات التي تلوح قبل أي إدخال ناجح للمركبات الجوية القتالية غير المأهولة في الخدمة بشكل واسع. أول هذه التحديات هي قضية التجهيزات التكنولوجية، فقد عبّر كبار القادة في سلاح الجو الأميركي عن رأيهم بأن هذه المركبات ستكون أكثر فاعلية إذا كان في إمكانها أن تشن هجمات على نطاق واسع ضد دفاعات العدو الجوية وبنيته التحتية في المرحلة الأولى لبدء القتال، إلا أن الطيران في هيئة تشكيلات لن يكون سهلاً. وإضافة الى ذلك يعتقد الخبراء أن هناك تحديات تسويق، إذ يرى أحد مسؤولي المشتريات الأميركيين أن المركبات الجوية غير المأهولة لم تحظ باستراتيجيا شراء قوية، إلا أن مكتب برامج الأنظمة الخاص بالنظام الجوي القتالي المشترك غير المأهول J-UCAS  سيسعى لتصحيح هذا الوضع؛ وهناك أيضاً قضية التنافس بين المنصات المأهولة وغير المأهولة، ورغم كل المشاكل فإن المسؤولين الأميركيين يشيرون الى مبلغ الـ 1.8 مليار دولار التي ستستثمرها الولايات المتحدة في تطوير المركبات الجوية القتالية غير المأهولة. وهذا أعطى شركات التصنيع الدولية إشارة بحيث لم تعد الولايات المتحدة هي التي تقوم وحدها بعمليات البحث والتطوير في ما يتعلق بتصاميم المركبات الجوية القتالية غير المأهولة، فثمة عدد من المهتمين في أوروبا يعملون في هذا المجال، مثل شركة داسو للطيران التي تقوم بتطوير سلسلة من المركبات غير المأهولة تعرف ب   Duc-series  تشمل مهامها قمع دفاعات العدو الجوية وعمليات الهجوم الخفي، وشركة" ساب ايروسبيس" السويدية التي أعلنت عن خطط لتطوير المركبة الجوية shark للاستخدام في العمليات الهجومية.

ورغم أن فقدان مثل هذه الأنظمة غير المأهولة وتجهيزاتها المتطوّرة أمر مكلف، إلا أن سلاح الجو الأميركي مقتنع بتعدد استخداماتها، وقد تلقى زيادة كبيرة في ميزانيته لمواصلة الإستمرار في تطويرها وتحويلها الى قدرة قتالية للخطوط الأمامية، وما من شك في أن دولاً أخرى ستحذو حذو سلاح الجو الأميركي في هذا المجال.