تسلح وتكنولوجيا

ربط إسرائيل بنظام الإنذار المبكر الأميركي ونشر أنظمة دفاع صاروخية في حالات الطوارئ
إعداد: كمال مساعد
باحث في الشؤون الاستراتيجية

وافقت الولايات المتحدة الأميركية على ربط إسرائيل بنظام الإنذار المبكر من الصواريخ البالستية للتحذير من أية هجمات صاروخية. وكانت الحكومة الإسرائيلية قد طلبت من البنتاغون ربطها بهذا النظام في إطار جهودها للدفاع عن نفسها من أية هجمات معادية. وفي هذا الإطار، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن إسرائيل ترغب في تعزيز احتمال قيام الولايات المتحدة بنشر أنظمة دفاع صاروخية على أراضيها، في حالات الطوارئ وتعزيز إمكان استحداث «ربط عملياتي» بين أنظمة الدفاع الإسرائيلية والأميركية، وذلك في إطار مشروع قائم منذ سنوات بين الدولتين.

 

ربط إسرائيل بنظام الإنذار المبكر
كشفت «هآرتس» أن الجيش الأميركي كان قد نشر بطاريات صواريخ «باتريوت» في إسرائيل سابقاً، مشيرة إلى أنه تمّ دمج هذه الصواريخ الأميركية الصنع بأنظمة الدفاع الإسرائيلية الصاروخية المضادة للطائرات والمضادة للصواريخ أرض - أرض، كما استخدمت في تدريبات شارك فيها أيضاً نظام صواريخ «آرو» الإسرائيلي. وطلب الجيش ربط الرادارات في السفن التي تحمل صواريخ «ايجيس» بمنظومة الدفاع الإسرائيلية في حالات الطوارئ.
وكانت الصحيفة قد أفادت بأن «إسرائيل تجري اتصالات مع شركة لوكهيد مارتن الأميركية لشراء منظومة «تاد» المضادة للصواريخ، بدلاً من مواصلة تطوير جيل جديد من صواريخ «حيتس» الإسرائيلية، بعدما حقّق نجاحاً العام 2007، في عدد من التجارب الهامة حيث أسقط صواريخ بالستية. كما أنه «يتضمن عناصر تكنولوجية ليست جزءاً من الجيل الحالي لصواريخ حيتس».
وفي سياق متصل، أعربت مصادر أميركية عن تقديرها بأن تتمكن الولايات المتحدة من تزويد إسرائيل صواريخ «تاد» العام 2009، بعد استكمال تطويره وإجراء تجارب أخرى تسمح بنشره عملياً، وتضمينه تكنولوجيا أكثر تطوراً من الطراز الحالي الذي تستخدمه القوات الأميركية، وهكذا سيكون بوسع إسرائيل شراء الصاروخ بأموال المساعدات الأميركية، على الرغم من إقرار هذه المصادر بأن الصاروخ الأميركي ما يزال يعاني عدداً من المشاكل التكنولوجية التي لم يوجد لها حل، فيما يجب على المؤسسة السياسية في إسرائيل أن تراعي في قرارها الجوانب المالية والتكلفة الباهظة للاستمرار في تطوير منظومة «حيتس». يضاف إلى ذلك السعي الدؤوب لدى الإسرائيليين للاستقلال التكنولوجي العسكري عن أميركا، علماً أن منظومة «حيتس» نفسها قد مرّت في تجارب فاشلة في السنوات الماضية، على الرغم من محاولة التكتم والدعاية غير المسبوقة عن تحقيق إنجازات لم تقدّم إسرائيل دليلاً حسياً عليها.

 

نظام الاستشعار الجوي المشترك
تعتبر الأنظمة الرادارية المحمولة جواً، والتي تقوم بمهام الإنذار والمراقبة الأرضية من المعدات التي تحرص على إمتلاكها القوات المسلحة التي عليها أن تكون جاهزة لحروب رئيسة، حيث يسعى عدد أكبر من الدول لإقتناء هذه الأنظمة فيما يجري تطوير نظام يجمع بين قدرتي الإنذار المبكر من الجو، والمراقبة الأرضية، ومنها «نظام الاستشعار الجوي المشترك» (ACS) الذي يعمل  كنظام استخبارات ومراقبة واستطلاع (ISR) لدى كل من الجيش والبحرية الأميركيين، حيث سيحل محل الأنظمة الراهنة كأنظمة الجيش المعروفة بـ «GR/CS و «ARL» ونظام القوات البحرية «EP-3E Aries II». هذا وقد انضمت القوات البحرية إلى برنامج «ACS» لأنه برنامج مكتمل وعامل، ويتميز بمتطلبات تفي أو تفوق المتطلبات التي يتميّز بها برنامج بديل لنظام «EP-3E». وتصف القوات البحرية هذا البرنامج بأنه سيوسع قدرات الأنظمة الراهنة، وهو قابل للنشر السريع وقابل للتكيّف ويفي بمتطلبات القائد البري، كما أن نظام استخبارات الإشارة (SIGINT) الفرعي فيه يستطيع تأمين دقة التسديد والتصوير وتحديد المواقع الجغرافية في حدود منطقته، أما الأنظمة الفرعية الخاصة باستخبارات الصور (IMINT) واستخبارات القياس والبصمات (MASINT) فإنها ستكون قادرة على إسناد سلسلة كاملة من المتطلبات الميدانية للعمليات العسكرية. وبالإضافة إلى ذلك فإن الأنظمة الفرعية الأرضية والمحمولة جواً هي قادرة أيضاً على السيطرة واستغلال كامل قدرات المركبات الجوية غير المأهولة مما يمكن القائد البري من المراقبة الدائمة لساحة القتال.
ويتكون نظام الاستشعار الجوي المشترك من المنصات المأهولة المحمولة جواً، إلى جانب المنشآت الأرضية والقائمة على أنظمة وصل البيانات ذات النطاق الواسع ونظام اتصالات متين وقابل للتكيف وقدرة أقمار صناعية، وستقوم المنصة المأهولة بمهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، حيث تطير على ارتفاع 37 ألف قدم بسرعات تزيد على 400 ميل في الساعة، وهي تحمل حمولة في حدود 13 ألف رطل. وقد اعلنت وزارة الدفاع الأميركية أنها منحت عقد مرحلة تطوير وعرض نظام «ACS» لفريق صناعي بقيادة «لوكهيد مارتن»، وستكون كل الطائرات مجهزة بأحداث أجهزة الاستشعار لكشف أجهزة اتصالات العدو وتحركات رادارته وقواته، وسيقوم الفريق الصناعي بتركيب تجهيزات مهام الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع على إحدى طائرات «أمبراير ERJ-145».

 

قدرة الاشتباك التعاونية
وكشف أيضاً أنه بموجب عقد التطوير والعرض سيقوم فريق «لوكهيد مارتن» بتسليم خمسة من أنظمة «ISR» المحمولة جواً، لذلك عمدت البحرية الأميركية الى نشر خطط لتوسيع برنامج قدرة الاشتباك التعاونية (CEC)، وهي شبكة إنذار باكر تربط مستشعرات ميدان المعركة لتحسين اكتشاف التهديدات واستهدافها، وتوسيع النظام ليشمل عمله، إلى جانب السفن السطحية، المنصات المحمولة جواً ونظم الدفاع الصاروخية. ويصار حالياً إلى تهيئة البرنامج للتقويم العملاني والتقني.
ولذلك حدد الخبراء العسكريون في «رايثيون» جدولاً زمنياً لتوسيع شبكة المستشعرات في برنامج قدرة الاشتباك التعاونية كي يوزع معطيات الإنذار المبكر على مدى أوسع للمنصات المقاتلة، لا سيما النظم المحمولة جواً. وقد حدد خبراء البرنامج هدفاً يقضي بنشر البرنامج المعني مع نظام «باتريوت» ودمجه في السنة المالية للعام 2008 على متن نظام رادار المراقبة ومهاجمة الأهداف المشتركة التابع لسلاح الجو الأميركي، وتنتجه «نورثروب غرومان» (Northrop Grumman). وفي السنة المالية للعام 2010 يجري ربطه بطائرة نظام الإنذار والتحكم المحمول جواً التي تنتجها «بوينغ» لسلاح الجو الأميركي. وتجري اختبارات لتركيب نظام «قدرة الاشتباك التعاونية» على نظم الدفاع الصاروخي في البحرية الأميركية، خصوصاً الترس المضاد للصواريخ في البحرية وكذلك نظام الدفاع عن مسرح العمليات من ارتفاعات عالية.
ويهدف تطوير نظام الإنذار المبكر الجديد إلى رفع القدرات في ثلاثة مجالات هي: إدارة المعارك، وتشمل تنفيذ مهمات الإكتشاف والتعقب، وتعريف الأهداف التي تطير على إرتفاع منخفض وخصوصاً الصواريخ الجوالة (كروز). والمجال الثاني هو الاستطلاع والتجسس على مساحة واسعة من السطح بالإضافة إلى تحديد الأهداف المتحركة الصغيرة، كما سيتمكن النظام من استقبال المعلومات من منصات قتالية أخرى مثل الطائرات بدون طيار طويلة المدى، بالإضافة إلى تلقي المعلومات من الأقمار الصناعية.
ويتم حالياً تطوير مجموعة المستشعرات الكهروبصرية والحرارية والرادارية اللازمة للطائرة «جلوبال هوك»، حيث يمكن استخدام كل هذه المستشعرات في الوقت نفسه لتوفير صورة كاملة لمساحة كبيرة من مسرح العمليات، ويمكن للرادار تمييز الأهداف المتحركة من الثابتة، إلى جانب معالجة الصور الرادارية والضوئية على الطائرة نفسها، ثم ترسل إلى المحطة الأرضية، قبل تقديمها للمستخدم، من خلال وصلة نقل المعلومات والبيانات على الطائرة، أو من خلال الأقمار الصناعية.
وهكذا تأخذ منظومة الإنذار المبكر أهمية فائقة في تأمين المراقبة وإدارة المعارك المستقبلية بين الجيشين.

 


المراجع
• هآرتس 15/4/2008.
• هآرتس 3/1/2007.
• مجلة الدفاع الخليجي تشرين 2 كانون 1 2005.
• صحيفة واشنطن تايمز الأميركية - نقلاً عن مجلة الدفاع التي يصدرها البنتاغون حول تصورات الحرب الطويلة التي ترتكز على قدرات إنشاء برامج سرية وأنظمة إنذار - أول شباط 2006.
• الحياة من لندن 8/2/2006.
• دراسة قدّمتها وزارة الدفاع الأميركية - حول تعزيز قدرات الحركة والاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، والوكالات العالمية خصوصاً رويترز في 3/2/2006.
• عقد التطوير والعرض الموقّع بين البنتاغون مع فريق «لوكهيد مارتن» - وشركة «رايثيون» ومجموعة «نورثروب غرومان» وشركة «بوينغ» حتى العام 2009 - لنشر شبكة الإنذار المبكر على مدى أوسع للمنصات المقاتلة.
• مجلة السياسة الدولية - القاهرة العدد 159 يناير 2005 نقلاً عن نشرة القوات البحرية الأميركية.