مخيّم الحربية

رسالة أمل وصمود
إعداد: ريما سليم ضوميط

لم تثنِ الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن المؤسسة العسكرية عن سعيها لتنمية الحس الوطني وترسيخه بين جميع اللبنانيين، لا سيما جيل الشباب الذي تُبنى عليه الآمال لبناء مستقبل لبنان. في هذا الإطار يندرج المخيم التدريبي الذي أعدّته الكلية الحربية لطلاب المدارس في مبادرة هي الأولى من نوعها. وبحسب ما يشير قائد الكلية الحربية العميد الركن جورج صقر، فإنّ المخيم كان فرصة لتقريب المسافات بين الجيل الصاعد وجيشه، لا سيما وأنّ الظروف الحالية والوسائط التكنولوجية أسهمت في إبعاد الشباب عن العديد من القيم والمفاهيم الوطنية. وهو يوضح أنّ من أهداف المخيم تعزيز الروح الوطنية أيضًا وبخاصةٍ في ظل هجرة الشباب اللبناني، بالإضافة إلى نقل صورة واقعية عن الحياة العسكرية ودور الجيش والتحديات التي يواجهها بشكلٍ يومي.


يؤكّد العميد صقر أنّ تجاوب الطلاب والطالبات مع الدعوة كان مفاجئًا، فقد كانت هناك كثافة طلبات للمشاركة ما يعكس توقًا من قبل الجيل الصاعد للتعرف إلى جيشه وعيش التجربة العسكرية، والمفاجئ مدى الدعم المادي والمعنوي أيضًا الذي تلّقته المؤسسة لإنجاح المخيم، علمًا أن التكلفة المادية للأيام الأربعة تم تغطيتها بالكامل من قبل أفراد وشركات تدعم الجيش ومسيرته الوطنية.
ويشير العميد صقر إلى أنّ الأيام الأربعة التي قضاها الطلاب في المخيم كانت مهمة على صعيد تعزيز الحس الوطني وتنميته من خلال الاندماج في نمط الحياة العسكرية. ويوضح قائلًا إنّ الطلاب في اليوم الأول كانوا منكمشين على ذواتهم، كلٌّ ضمن المدرسة التي ينتمي إليها. لكن لم يمضِ اليوم الثاني حتى انكسرت الحواجز، وظهر الاختلاط والتآلف بشكلٍ واضح، إذ تخطى الطلاب مسألة المدارس والمناطق والطوائف ليصبحوا مجموعة واحدة من الشبان والشابات الذين يجمعهم حب الوطن، وقد جسّدوا بذلك نموذجًا مصغرًا عن الحياة العسكرية.
 
صورة حية
تسنّى للطلاب خلال هذه التجربة القصيرة زمنيًا التعرف عن كثب إلى الحياة العسكرية وعيشها بحلوها ومرّها، لا سيما وأنهم أُجبروا على التخلي عن الهواتف المحمولة والابتعاد كليًا عن وسائل التواصل الاجتماعي، كما أجبروا على التخلي عن الترف في مسألة الطعام والشراب، إذ كان عليهم أن يتناولوا الوجبات التي تقدّم للعسكريين من دون اعتراض. وقد ساعدهم ذلك، إلى جانب التدريبات العسكرية التي خضعوا لها والمحاضرات التي استمعوا إليها، في تكوين صورة حيّة عن الواقع اليومي للعسكريين في الثكنات وعن المهمات الملقاة على عاتقهم خصوصًا في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن. إلى ذلك، فقد استفاد الطلاب من مواكبة التلامذة الضباط لهم خلال جولاتهم على الوحدات العسكرية، حيث كانوا نموذجًا لهم في الانضباط واحترام القوانين، كما استفادوا من المحاضرات التي تناولت فن القيادة والتي أسهمت في توسيع آفاقهم العلمية.
 
الرسالة وصلت
باختصار، لقد كان المخيم رسالة أمل وصمود وتحدي الصعاب ومواجهة التحديات. هذه هي الرسالة التي أراد الجيش التوجه من خلالها إلى جيل الشباب الذي أبعدته الظروف الحالية والتكنولوجيا عن قيم ومفاهيم أساسية. وهذا هو التغيير الذي يصبو إليه الجميع ولا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الجيل الصاعد الذي سيقوم بصناعة المستقبل.
جدير بالذكر، أن نجاح التجربة شجع على إقامة مخيم آخر هذا العام، سيشارك فيه حوالى 150 طالبًا من عدة مدارس في بيروت وكسروان والشوف وعاليه وصيدا. وسوف يمضون خمسة أيام في ضيافة الكلية الحربية، مصنع الرجال القادة، حيث سينقلون بعدها إلى المجتمع المدني، أسوة برفاقهم الذين سبقوهم، نموذجًا عن حياة العسكريين التي تحتل مصلحة الوطن الأولوية فيها.