معًا في مواجهة التحدّيات

رسالة من قائد الجيش وأخرى من قائد قوّات الأمم المتحدة في لبنان بمناسبة السنة الجديدة

 

العماد قهوجي: عسكريونا المنتشرون على الحدود هم العيد الحقيقيّ للبنان
قوّات اليونيفيل حاجة لبنانية وإقليميّة

بورتولانو: تعاوننا مع الجيش اللبناني ممتاز على مختلف المستويات
أصوات القنابل وقوافل النازحين باتت طيّ النسيان

 

في العام 1978 اجتاح العدو الإسرائيلي معظم الأراضي اللبنانيّة جنوب الليطاني، وعلى أثر هذا الاجتياح صدر عن مجلس الأمن القرار 425 الذي قضى بانسحاب إسرائيل وبتكليف قوّات دوليّة مهمات حفظ السلام في الجنوب. في الواقع لم يمنع وجود هذه القوّات إسرائيل من ممارسة عدوانها ضد لبنان، بل إنّ جنود «القبّعات الزرق» كانوا في أحيان كثيرة في دائرة الاستهداف، فاستشهد منهم عدد غير قليل.
بعد عدوان 2006 أصدر مجلس الأمن القرار 1701 الذي عزّزت بموجبه القوّات الدوليّة وباتت تحت اسم: قوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة العاملة في لبنان. تعمل هذه القوّات بالتنسيق مع الجيش اللبناني على حفظ الاستقرار جنوب الليطاني، وتضطلع أيضًا بدور خدماتي وإنمائي.
«معًا في مواجهة التحدّيات»، صفحات تستقي مادتها من التعاون والتنسيق القائمين بين الجيش اللبناني وقوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة العاملة في لبنان. والبداية في هذا العدد مع كلمة لقائد الجيش العماد جان قهوجي وأخرى لقائد اليونيفيل الجنرال لوتشيانو بورتولانو، بُثّتا عبر «برنامج الجندي» بمناسبة بداية العام الجديد.

 

العماد قهوجي في تحيّة إلى أبطال الجيش
في مستهلّ كلامه وجّه قائد الجيش العماد قهوجي تحيّة إلى أبطال الجيش وعناصره، خصوصًا أولئك المنتشرين على الحدود.
كما حيّا عائلات الشهداء وعائلات رفاقهم المخطوفين، وقال: مع قدوم السنة الجديدة أوجّه تحية لأبطال الجيش وأقول لهم كل سنة وأنتم والجيش بخير. كما أحيي عائلات شهدائنا الذين سقطوا دفاعًا عن أرض الوطن وكرامة الشعب وحريته، وأتمنى لعائلات العسكريين المخطوفين أن يلتقوا أحباءهم قريبًا.
وتطرّق العماد قهوجي إلى الحرب القائمة بين الجيش والإرهاب. فقال: إن الخطر ما زال موجودًا، وإن الإرهابيين يتحيّنون الفرصة لتوجيه ضرباتهم، لكن الجيش يقف لهم بالمرصاد، وكلنا ثقة بأننا سننتصر بفضل قوة الجيش والتفاف الشعب حوله.
وإذ اعتبر أن الإرهاب ظاهرة غريبة عن مجتمعنا وعاداتنا، أوضح أن هدف الإرهابيين الأساسي كان التغلغل بين الناس وإحداث فتنة طائفية ومذهبية، لكنهم فشلوا.

 

في مواجهة الإرهاب
عن الاستراتيجية التي يتّبعها الجيش في مواجهة الإرهاب، قال: تقضي استراتيجيتنا أولًا بجمع المعلومات للتعرّف إلى الإرهابيين وتحديد أماكن وجودهم وقدراتهم، ومن ثم ضربهم عسكريًا. وإذ لفت إلى أن الأهم في هذه العملية هو جمع المعلومات الصحيحة واستعمالها في الوقت المناسب، أشار إلى أن الإرهابيين يحاولون شنّ حرب نفسية للتأثير في معنويات الناس من خلال مشاهد القتل الوحشية وبيانات التهديد. وقال في هذا السياق: إن مكافحة الإرهاب تتم عبر مسار طويل ودقيق وتحتاج إلى صبر وتضحية.
وردًا على سؤال عن الأمور التي تشغل باله، قال قائد الجيش: إن موضوع العسكريين المخطوفين حاضرٌ دائمًا في باله ومعاناة عائلاتهم تؤلمه؛ وأكّد أن القيادة لن تهمل أي وسيلة يمكن أن تؤدي إلى استرجاعهم علمًا أن قرار المقايضة هو بيد السلطة السياسية. كذلك قال: هناك موضوع آخر حساس، هو وجود عدد كبير من النازحين السوريين في لبنان وانتشارهم عشوائيًا مما يسبب فوضى ويُحدث ثغرات أمنية، لذلك يجب أن يكون كل مواطن كما كلّ عسكري عينًا ساهرة على الأمن، ويبلّغ فورًا عن أي خلل أمني أو نشاط مُريب.

 

حقوق العسكريين وتضحياتهم والمساعدات
هل يحصل العسكريون على حقوقهم مقابل ما يقومون به من مهمات صعبة ويقدمونه من تضحيات؟
أجاب العماد قهوجي عن هذا السؤال قائلًا: التضحيات التي تقدمها المؤسسة لا تقدر بأثمان، الدم غالٍ كثيرًا، ما يهمنا هو ثقة الشعب واحترامه وحبّه. المستحقّات المادية تأتي في الدرجة الثانية، وأنا أؤكد أن العسكريين لا يحصلون على ما يستحقّونه في هذا المجال. لكننا نحاول تحسين التقديمات قدر الإمكان، ونتمنّى أن تنتهي مسألة سلسلة الرتب والرواتب بشكل عادلٍ ومرضٍ للجميع.
وعن الأسلحة التي ينتظر أن يحصل الجيش عليها، قال: من المعروف أن عسكريي الجيش اللبناني هم من الأقوى والأكثر شجاعة في العالم على الرغم من ضآلة الإمكانات، وضبّاطه من أكثر الضبّاط علمًا وثقافة. وهذه الصورة ترسّخت خصوصًا بعد التجارب والمعارك التي خاضها الجيش، ولذلك تسعى الدول إلى إقامة علاقات تعاون وصداقة معنا. والأسلحة الحديثة التي سنحصل عليها، سوف تحسّن قدرات الجيش القتالية ومستوى أدائه.

 

اليونيفيل حاجة لبنانية وإقليمية
اعتبر العماد قهوجي أن وجود القوّات الدوليّة على الأراضي اللبنانية يؤكد احترام لبنان القرارات الدولية، وقال: إن لبنان متمسّك بوجود هذه القوات لأنه حاجة لبنانية وإقليمية، وهو عامل استقرار وهدوء، وإن التنسيق والتعاون بين الجيش واليونيفيل، قائمان على مستوى عالٍ جدًا، وفي إطار تنفيذ القرار 1701 يتم حفظ أمن الحدود ومنع حصول خروقات. وأشار إلى أن وجود منطقة عمليات مشتركة يفرض التنسيق والتعاون في المهمّات والدوريّات وتحرّك الوحدات، حيث الإمرة للجيش اللبناني على صعيد حفظ الأمن. وأوضح أن العلاقات مع اليونيفيل تطوّرت من علاقة عمل وتنفيذ مهمّات، إلى علاقة صداقة ومودّة، وذلك على مستويي القيادة والضبّاط والعناصر، كما أن المدنيين باتت لهم أيضًا صداقات خاصّة مع القوّات الدوليّة، وهذا يؤثّر بشكل إيجابي على عملنا معًا وعلى الثقة المتبادلة بيننا.

 

أنتم العيد الحقيقي
في الختام توجّه قائد الجيش إلى العسكريين والموظفين المدنيين في الجيش بكلمة معايدة، وخصّ العسكريين المنتشرين على الحدود من الجنوب إلى عرسال ورأس بعلبك والشمال بالقول: أنتم أبطالنا، وأنتم العيد الحقيقي للبنان، من دونكم لا أعياد ولا وطن. كما حيّا ضبّاط قيادة الجيش وعناصرها الساهرين لمتابعة التطورات الأمنية على الأرض لحظة بلحظة، وحيّا جميع عسكريي الجيش اللبناني المنتشرين في الأراضي اللبنانية وعائلاتهم، وعائلات الشهداء واللبنانيين كافة.
وفي كلمة أخيرة توجّه بمعايدة «خاصّة جدًا» لقائد قوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة في لبنان الجنرال لوتشيانو بورتولانو ولجميع عناصر هذه القوّات، وقال: نحن أهلكم وعائلاتكم، وكل سنة وأنتم بألف خير.

 

بورتولانو: أطيب التمنيات باسم حفظة السلام
استهلّ قائد قوّات الأمم المتّحدة المؤقّتة في لبنان كلمته بتقديم أحرّ التحيات وأطيب التمنيات إلى قائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي، وإلى الضبّاط والعسكريين واللبنانيين عمومًا، وقال:
إسمحوا لي، وبالنيابة عن نحو اثني عشر ألف من حفظة السلام من مدنيين وعسكريين في اليونيفيل، بأن أقدّم لكم أحرّ التحيات وأطيب التمنيات. وأضاف: تشارك قوّات اليونيفيل اللبنانيين عادة في الاحتفالات الخاصة بالأعياد، وهذا الموسم ليس باستثناء. إنها فرصة جيدة لتعزيز الروابط الاجتماعية والمهنية بين اليونيفيل والجيش اللبناني، شريكنا الاستراتيجي، وبين قوّات حفظ السلام والشعب اللبناني بشكل عام.

 

تعاون ممتاز
إن التعاون الوثيق بين اليونيفيل والجيش اللبناني ممتاز على مختلف المستويات، من الجندي والضابط الشاب إلى أعلى الرتب. فالقوّتان ملتزمتان الحفاظ على الاستقرار والهدوء في جنوب لبنان ودعم المجتمعات المحلية في المنطقة. معًا، تعاملنا بنجاح مع مختلف التحديات الأمنيّة التي واجهتنا في الجنوب. وبفضل جهودنا المنسّقة مع الجيش اللبناني، وبالتعاون مع الأجهزة الأمنية المحلية، والسلطات الدينية والبلدية والسياسية وسكان جنوب لبنان، تتمتّع هذه المنطقة بفترة غير مسبوقة من السلام منذ العام 2006.

 

صور الماضي وصور الحاضر
الجنرال بورتولانو أردف قائلًا: إنّ وجود الآلاف من جنود حفظ السلام والجنود اللبنانيين المنتشرين في جنوب لبنان بموجب القرار 1701 قد عزّز بحدّ ذاته الأمن في المنطقة وغيّر من طريقة عيش الجنوبيين، إذ منحهم فرصة لممارسة حياتهم اليومية بشكل طبيعي، فبات باستطاعة الطلّاب ارتياد مدارسهم وصار بإمكان المزارعين الذهاب إلى حقولهم كل يوم ومن دون خوف، حتى إن أصوات القنابل وقوافل النازحين قد أصبحت في طيّ النسيان، وحلّت بدلًا منها أصوات البناء وإعمار المنازل والمنتجعات السياحية وشقّ الطرقات.
نحن على يقين أن بعض التحدّيات الأمنيّة الخطيرة لا يزال قائمًا في مناطق أخرى من لبنان، ونحيي الجيش اللبناني للإنجازات التي حقّقها في جهوده الرامية للحفاظ على الأمن في أجزاء مختلفة من البلاد في خلال العام الماضي. لقد خسر لسوء الحظ بعضًا من أشجع ضبّاطه وجنوده. قلوبنا مع أُسر الضحايا الذين فقدوا أحباءهم، كما أننا نأمل الشفاء العاجل للجرحى.
آمل أن يجلب العام الجديد مزيدًا من السلام والاستقرار على الأراضي اللبنانية، والمزيد من الفرح والازدهار في كل منزل ولكل عائلة.

 

الحوار الاستراتيجي يمضي قدمًا
حول تعزيز قدرات الجيش قال: إسمحوا لي أن أؤكد لكم أن اليونيفيل سوف تقوم بكل ما هو ممكن للحفاظ على الهدوء في المنطقة ولتعزيز تعاوننا مع الجيش اللبناني. وكمثال على التغييرات الإيجابية التي حصلت، أود أن أشير إلى التقدّم الملحوظ الذي تمّ إحرازه في العام الماضي في عملية الحوار الاستراتيجي، الذي يهدف إلى تعزيز قدرات الجيش اللبناني ودعم الجهود الرامية إلى المضيّ قدمًا باتجاه وقف دائم لإطلاق النار. وقد شهد اجتماع لجان الحوار الاستراتيجي الذي عقد في المقرّ العام لليونيفيل في الناقورة منعطفًا أساسيًا في هذه العملية.
وختم قائلًا: تفكيري وعقلي مع ضبّاط الجيش اللبناني وجنوده، مع عسكريي اليونيفيل الذين يقومون بواجباتهم خلال موسم الأعياد، أولئك الذين يسيرون بالدوريات المنسّقة ليلًا ونهارًا، في الأيام الصافية كما في العواصف القويّة. فبفضل هذا النوع من التضحيات سيكون للشعب اللبناني فرصة للاحتفال بهذا الموسم من الأعياد، كل عام وأنتم بخير.