ضيف العدد

رسالتان للحب والسلام
إعداد: بسام لحود

لمرّة حاولت الكتابة, لم تستجب ريشتي.
إنها لم تعد تقبل أن تدفعها الحالة التي تعودت دوماً أن تحرّكها: حالتي.
تمرّدت ريشتي! إختارت طريقها! طريق الحب طريق قلبي! قلبي الذي كان ينازع ببطء!
وقررت إعادة قلبي الى الحياة.
إعادته الى الحياة؟
وبنظرة كلّها تساؤل, توقّف قلبي للحظة وأوقف ريشتي عن المتابعة!
ما هي الحياة؟
وجاء الجواب: الحياة هي الشجاعة في الصّراع؟
الصّراع للوصول الى السعادة.
وأحسست أنّي فقدت هذه الشجاعة, وأنه لا بدّ من الإنتفاض على هذا الواقع وتغييره.
وهذا ما قررت فعله.
أسرعت نبضات قلبي بقوّة, تلاحقه هذه الريشة التي كانت تسعى لالتقاطه, لكن من دون جدوى.
عندئذ توقفت سعيدة ومعتزّة بذاتها: لقد حققت حلمها.
في هذه اللحظة حلّ الظلام ولحقه سكوت عظيم.
وفي قعر هذا الظلام شعلة:
شعلة قلبي. شعلة الحياة.
أنت ريشتي, ومعك أواجه مصيري.

* * *

سؤال يطرح نفسه عليّ بإلحاح وتكرار: لماذا يسعى الإنسان الى القوة, الى أن يكون أقوى من الآخرين؟
هل يسعى للإحساس بالأمان أم لإخفاء نقاط ضعفه؟ للأسف جوابي هو نعم.
لماذا هذه المبارزة بين الناس؟ هل من الضروري أن يتصارعوا لكي يعيشوا؟
أذكر أن أحدهم قال لي: هنالك الكثير من الناس على الأرض, هل هذا صحيح؟ بينما أكد لي شخص آخر أنه بإمكان الأرض أن تستوعب أربعين مليار وأكثر.
من نصدّق وماذا نصدّق؟
لا يمكن أن ننكر وجود الأنانية عند الإنسان.
بدءاً بهؤلاء الذين اعتبروا أنهم نزلوا من “فخد جوبيتير” وأن إخوتهم البشر هم من العبيد. لماذا؟
كذلك اعتبر الرجال منهم نساءهم مخلوفات أدنى مستوى منهم, هل هنّ مختلفات؟
لم أتمكن يوماً من تبيان فوارق بين مختلف أجناس الناس.
سمعت كثيراً هذه العبارات:
“ليس إلا أسود”. “ليس إلا عبد”. “ليس سوى إمرأة”.
أودّ أن أفهم هذا التصرّف, ربما لم أكن من نفس الطينة.
كما وأني لا أفهم ردّات فعل هؤلاء الناس المعتبرين من المستويات الدنيا بعد أن اكتشفوا في وقت ما أنهم مشابهون للآخرين, وأرادوا بدورهم أن يبرهنوا هم أيضاً نزولهم من “فخد جوبيتير”...
ردّات فعل “ولادية”!
صحيح أن الإنسان يبقى طفلاً.
ندور في حلقة لنصل الى ماذا؟ الى البداية أم النهاية.
هذه النهاية التي لا تبرر الوسائل.
لا يمكن تغيير الإنسانية. يقول المثل العامي:
وضع ذنب كلب في القالب ألف سنة وبقي ملتوياً.
هذا هو الإنسان, ومن الصعوبة أن يتغيّر, حتى بالسّوط.
وكلّـما ازداد تفكيري, كلّما زادت قنـاعـتي بهذا الواقع المرير.
هنا أتوقّف, لم أعد أتمكّن من المتابعة, غير أن الحياة تستمرّ ولن تتوقف إلا عند نهاية الإنسانية.
... إنسـان يريد أن يعـيش بسلام, هل هذا ممكن؟