محطة

رصيد الثقة

الثقة، ثم الثقة، فالثقة، تلك هي الكلمة التي يرددها أولًا أصحاب الأيادي البيضاء اللبنانيون عندما يُسألون عن الأسباب التي تدفعهم إلى مساعدة الجيش، ومثلهم تفعل الجهات الدولية التي تقدّم لجيشنا الهبات والمساعدات. ومع العلم أنّ هذه الأسباب قد تختلف في منطلقاتها بين لبنانيين وغير لبنانيين، فإنّ الثقة تظل السلك الناظم والقاسم المشترك بين الأسباب والمنطلقات وإن تباينت. 

 

دوليًا، معلوم أنّ الجهات الداعمة للجيش تنطلق من استراتيجياتها ومن إدراكها لانعكاسات انهيار أمني في لبنان على المنطقة. وهي في المقابل تنظر بكثيرٍ من التقدير والاحترام إلى أداء الجيش اللبناني خصوصًا خلال الأزمة التي تمر بها البلاد، وتثق بأنّ ما يُقدّم له يوظف على النحو الأمثل، والشفافية هي العنوان الأول الذي يُسيّر الأمور. 

أما على صعيد اللبنانيين فثمة ثقة بأنّ هذه المؤسسة هي آخر جدار دعم يتكئ إليه الوطن المتعب، وثمة إيمان بأنّ هذا الجيش هو آخر معاقل الأمل إذا كنا حقًا نريد لبنان وطنًا واحدًا لجميع أبنائه. وبالتالي، فإنّ الغيرة الوطنية تؤدي دورًا كبيرًا في دفع اللبنانيين المقتدرين إلى «الاستثمار» في جيشهم. وهذا الاستثمار هو امتداد لحلمٍ بوطنٍ يحتضن طموحات أبنائه، وهو من جهة ثانية نتيجة تلقائية لإدراك الجميع ألا استثمارات أو أعمال من دون أمن، ولا أمن من دون جيش. وثمة طبعًا ما يمكن وصفه بـ»العاطفة الوطنية» تجاه المؤسسة العسكرية ورسالتها المقدسة، فاللبنانيون يقدّرون عاليًا جيشهم وتضحياته، ويخصصون له مكانة عالية في وجدانهم الجماعي، وهذا ما يتجلى دومًا في مبادرات كثيرة ليست المساعدات سوى أحد وجوهها.

تُشكل تجربة أحد كبار رجال الأعمال مع الجيش أنموذجًا لما سبقت الإشارة إليه، ورجل الأعمال المذكور الذي يعمل في قطاع المعدات الطبية، وتبلغ حصة شركته نحو ٥٠٪ من سوق هذه المعدات في لبنان، يواصل دعم الجيش منذ أوائل التسعينيات، مؤكدًا أنّ ما يجمعه بهذه المؤسسة كمواطنٍ أولًا هو حب العطاء. «نحن نحب بلدنا» يقول، لذلك يجب أن نجاهد جميعًا كل في قطاع اختصاصه، في هذا الزمن الصعب، يجب أن تسود ثقافة العطاء لنصل إلى درب الأمان. دعم المؤسسة العسكرية بالنسبة إلينا هو مهمة نبيلة، وهذه الروحية موجودة لدى شركات ومؤسسات كثيرة ترى أنّ مساعدة جيشنا ضرورية ليظل قادرًا على النهوض بالأعباء الملقاة على عاتقه. 

شملت تقديمات صاحب اليد البيضاء الذي لا يحب كشف هويته المساهمة في تأسيس المختبرات العسكرية المركزية وفق المعايير العالمية، وهذا ما يشعره بالفخر والاعتزاز. وهي استمرت في ما بعد لتشمل مراكز صحية في مختلف المناطق اللبنانية، ومن بينها مركز عين إبل المتطور وآخر في ثكنة الشيخ عبدالله، فضلًا عن مركز في وزارة الدفاع تم تدشينه حديثًا، والحبل على الجرار.

لن ينقذ هذا البلد إلا أولاده، لذلك على الجميع أن يقفوا وقفة ضمير، بهذه الدعوة يختم كلامه مؤكدًا: «دائمًا لدينا أمل بالوصول إلى درب الأمان».