إقتصاد ومال

رفع الفوائد الأميركية
إعداد: تريز منصور

 الدولار يصعد على حساب النفط والذهب وبعض العملات وعلى مستوى لبنان التأثيرات إيجابية


تشهد أسواق النفط والذهب والمعادن منذ نحو سنتين، انخفاضات ملحوظة انعكست على الأسواق العالمية، وكانت انعكاساتها إيجابية في بعض من هذه الأسواق وسلبية في البعض الآخر. ومع توقّع رفع الولايات المتحدة الأميركية أسعار الفائدة التدريجي خلال اجتماع البنك الفيدرالي الاحتياطي الذي سيعقد في كانون الأول الحالي، تحرّكت الأسواق العالمية مجدّدًا متّجهة إلى المزيد من التراجع مقابل الدولار.
 

تحذيرات من ارتفاع الفائدة الأميركية
مطلع شهر حزيران الماضي أطلق صندوق النقد الدولي والبنك الدولي تحذيرات للبنك الفيدرالي الأميركي مفادها التأنّي وعدم رفع أسعار الفائدة قبل العام 2016، معتبرًا أن هذه الزيادة وهي الأولى للبنك الفيدرالي منذ تسع سنوات تقريبًا، يجب أن تتّسم بالحذر، فرفع سعر الفائدة الأميركية قد يؤدي إلى عواقب على الاستقرار المالي، تتجاوز حدود مفاعيلها الولايات المتحدة.
فما هي التداعيات المحتملة للقرار المنتظر عربيًا وعالميًا على صعيد الأسواق النفطية والمالية كما المعادن...؟ وهل من مخاطر لهذه الخطوة خصوصًا مع ارتفاع الدولار مقابل العملات الأخرى؟

 

التأثيرات المرتقبة
يقول الخبير الاقتصادي الدكتور غازي وزني في حديث لمجلة «الجيش»:
«يتوقّع المتابعون في العالم اليوم أن يسفر اجتماع البنك الفيدرالي الاحتياطي الأميركي عن تعديل سياسة الفوائد في الولايات المتحدة الأميركية، ورفع معدّلاتها بعد أن لامست الصفر.
هذه السياسة بدأت الولايات المتحدة الأميركية اعتمادها منذ العام 2008، مع بدء الأزمة المالية العالمية (سابرايم)، حيث دخل الاقتصاد العالمي في حالة من الركود، وارتفعت معدّلات البطالة إلى 11 في المئة من حجم القوى العاملة، إضافة إلى أزمة في القطاع العقاري، وأزمة سيولة في القطاع المصرفي. اليوم بدأت المؤشّرات الاقتصادية تتّجه نحو الأفضل، وتبشّر بتعافي الاقتصاد، بحيث سجّل النمو نسبة 2.5 في المئة، وانخفضت معدلات البطالة بنسبة 5 في المئة، مع إبقاء التضخّم تحت السيطرة، لذلك تتجه السلطات النقدية في الولايات المتحدة الأميركية، إلى إعادة النظر في رفع نسبة الفوائد، القريبة من الصفر في المئة، تدريجًا إلى الربع في المئة (0.25)، ما يعني أن سياسة الولايات المتحدة للفوائد مستقبلًا سوف تكون تصاعدية».
ويضيف الدكتور وزني: «لهذا المنحى عدّة تأثيرات على الاقتصاد العالمي منها:
- ارتفاع سعر الدولار مقابل العملات.
- انخفاض في أسعار النفط.
- تأثيرات كبيرة على الأسواق المالية وأسواق المعادن، بحيث أن المستثمرين سوف يشهدون حالات كبيرة من الإرباك في هذه الأسواق».
وردًّا على سؤال حول أسواق النفط، وأسواق المعادن التي شهدت انخفاضات ملموسة يقول:
«لقد شهدت أسواق النفط انخفاضات نتيجة الضغوط الجيوسياسية على إيران وعلى روسيا، بسبب الملفّين النووي والأوكراني، ويضاف إلى ذلك أسباب إنتاجية (النفط الصخري أو النفط التقليدي)، وتقاسم الحصص في الأسواق، على اعتبار أن دول الأوبيك تريد الحفاظ على حصّتها في الأسواق العالمية، وعدم التنازل عنها. كما أنّ هذا الانخفاض ناتج عن زيادة العرض في الأسواق النفطية، ولا سيّما في الدول غير المنتمية إلى منظمة الأوبيك كروسيا، مقابل تراجع الطلب، نتيجة تراجع النمو في الصين وفي الدول ذات الاقتصادات الناشئة.
أما تراجع الذهب، فسببه أن هذا المعدن لم يعد مصدر استثمار آمن، بسبب تدخّل الولايات المتحدة الأميركية بأسواق الذهب بشكل قوي جدًا في الأعوام السابقة. كما أنه ناتج عن عدم اهتمام المصارف بالمعدن الأصفر، فارتفاع الفوائد على الدولار قد يؤدي إلى تحويل توظيفات المستثمرين من الذهب إلى توظيفات أخرى ذات مردود سنوي وآمن».
ويعتبر الدكتور وزني أن القرار الأميركي بالرفع التدريجي للفوائد، يتوقف على المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة الأميركية وعلى الوضع الاقتصادي العالمي، وخصوصًا في الصين وفي بعض الدول الناشئة التي يتجه اقتصادها إلى الصعود.

 

ربّ ضارة نافعة
في ما خصّ تأثير رفع الفائدة الأميركية على الاقتصاد اللبناني، رأى وزني أن الاقتصاد اللبناني سوف يتأثر بسياسة رفع الفوائد على الدولار في عدّة مجالات، ومنها:
- خفض فاتورة الاستيراد من منطقة اليورو التي تقدّر بـنحو 30 في المئة من حجم الاقتصاد، أي حوالى 6 مليارات دولار، ما ينعكس إيجابًا على الميزان التجاري وميزان المدفوعات.
- انخفاض أسعار النفط عالميًا ما يؤدي إلى تخفيض فاتورة الاستيراد النفطية، وبالتالي يخفّض العجز لدى مؤسـسة كهرباء لبنان بحوالى 800 مليون دولار أميركي، ما ينعكس إيجابًا على ميزان التجارة وميزان المدفوعات، إضافة إلى أن سعر صفيحة البنزين في العام 2016، سيبقى منخفضًا.
- لن ينعكس ارتفاع الفائدة على الدولار على أسعار الفوائد في لبنان، وذلك على صعيدي التسليفات والودائع على السواء، فالارتباط بين سوق الاحتياط في لبنان وسوق الفوائد عالميًا ضعيف.
- سوف يحصل انخفاض وإنما طفيف جدًا، في قيمة الدين العام، قد لا يتجاوز المليار يورو.
- ثمّة تأثيرات محدودة على الصادرات اللبنانية نظرًا الى ارتباط الليرة اللبنانية بالدولار الأميركي، وأيضًا انخفاض طفيف في أرقام السياحة الأوروبية في لبنان.