نوافذ مفتوحة

رمضان شهر الصوم والرحمة والفرح
إعداد: باسكال معوض بو مارون


هكذا يحتفل المسلمون بالشهر الفضيل

ينتظر المسلمون في جميع بقاع الأرض شهر رمضان المبارك الذي يضفي الفرحة على جميع البيوت والأفراد، ويتساوى في ذلك المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها. ومنذ مئات السنين تتوارث الأجيال عادات وتقاليد ترافق هذا الشهر الفضيل.
 

يودّع السوريون شعبان بنزهات جماعية في البراري والبساتين يسمونها «تكريزة رمضان»، ويتبادلون الطعام في ما يسمونه «المساكبة». وفي حلب اعتاد أعيان المدينة أن يذبحوا في كل يوم من رمضان عشرات الذبائح يتصرفون بلحومها وبآلاف الأرغفة توزّع على أهل الجوامع وطلاب العلم والفقراء ودور الأيتام وحتى الحيوانات الشاردة، وكان الثري يضع الطعام أو المواد الغذائية على باب جاره الفقير دون أن يعلم بذلك أحد.
أما في مصر، فتزيّن الشوارع والحارات بالأعلام والبيارق الورقية منذ الأسبوع الأخير من شعبان، فتبدأ ظاهرة ربط الحبال بين البيوت المتقابلة، لتعليق الرايات والفوانيس. ويخرج الأطفال ليلة رؤية هلال رمضان إلى الطرقات مرتدين أحلى ما عندهم من ثياب، وحاملين الأعلام والفوانيس الرمضانية، يغنون الأناشيد والأهازيج الخاصة بهذا الشهر في فرحة جماعية عارمة. ويحلو للبعض التنزّه ليلاً عند النيل أو ركوب «الفلوكة»، والسمر عند الشواطئ.
والظاهرة الأبرز لدى البغداديين هي التسوق من سوق «الشورجة» قبل موعد الإفطار لتلتف الأسرة عند سماع آذان المغرب حول مائدتها حيث تتربع «الهريسة العراقية» ملكة. أما الأطفال فينتشرون بعد الإفطار في الحارة حيث يلعبون «المحيبس» ويغنون أناشيدهم المعتادة.
ويكتسب رمضان في الكويت مذاقًا خاصًا في الطعام إضافة إلى حرص الكويتيين على إحياء تقاليد وعادات توارثوها عن الأجداد. فيشتهر «الهريس» كطبق رئيس على الإفطار (مصنوع من القمح المهروس مع اللحم)، و«التشريب» (خبز الخمير مقطع قطعًا صغيرة يسكب عليه مرق اللحم). وبعد الإفطار يدق الأطفال الأبواب لكي يعطيهم أصحاب البيوت «القرقيعان» وهو خليط من المكسرات والملبس والحلاوة والشوكولا.
ومن العادات السودانية في رمضان إفطار الناس في المساجد وفي الساحات التي تتوسط الأحياء، وعلى الطرقات تحسبًا لوجود صائمين بعيدين عن منازلهم أو لوجود رجال عازبين في الأحياء لا يمكنهم تحضير طعام الإفطار. لذا وقبل الغروب يتحلّق الناس في جماعات لاصطياد المارة ودعوتهم لتناول الإفطار معهم.
تلقى الحمّامات في الجزائر إقبالاً كبيرًا من قبل العائلات في الأيام الأخيرة من شعبان للتطهّر واستقبال شهر الصيام، وتنطلق إجراءات التحضير قبل أشهر حيث يعمد الجزائريون إلى إعادة طلاء منازلهم وتطهير كل صغيرة وكبيرة فيها علاوة على اقتناء كل ما يستلزمه المطبخ من أوانٍ جديدة وأغطية لاستقبال هذا الشهر.
يستقبل الصوماليون رمضان بالطلقات النارية، ويحرصون على طبخ كل وجبة من وجبات شهر رمضان في موعدها، بحيث لا يأكلون بقية الوجبة السابقة، بل يطبخون من جديد في كل وجبة.
يسهر الناس على سواحل جزر القمر حتى الصباح استعداداً لحلول رمضان بدءًا من شهر شعبان؛ وفي الليلة الأولى من رمضان يخرج السكان حاملين المشاعل ويتجهون إلى السواحل، حيث ينعكس نورها على صفحة المياه، ويضربون الطبول معلنين رؤية الهلال وحلول رمضان فيسهرون حتى السحور.
عند انتهاء صلاة التراويح في إندونيسيا يتجمّع عدة شباب من القرية بالقرب من المسجد للغناء والابتهالات حتى موعد السحور، فتقوم الجماعة بإيقاظ الأهالي باستخدام آلة تُسمى «بدوق». وفي الليلة التالية تقع هذه المهمة على عاتق مجموعة أخرى. وفي الأسبوع الأول من رمضان يمنح طلاب المدارس إجازة للتعوّد على الصيام.
وفي أجواء ممتعهة يخرج الأطفال الفيليبينيون بثيابهم المزركشة، وقد أمسكوا بأيديهم ما يشبه الفوانيس على شكل فرق تتجه كل واحدة إلى اقرب مسجد لاستقبال المصلين بالأناشيد. وتبدأ الزيارات بين العائلات الغنية والفقيرة حيث تمضي هذه الأخيرة الليالي متنقلة على موائد الأسر الغنية بشكل طبيعي. وعندما يحين وقتها يبدأ الناس بجمع زكاة الفطر لإعطائها لشيخ المسجد الذي يوزعها على المحتاجين.
ويحب أهالي نيجيريا شراء فرش للمساجد كل عام حيث يجمعون الأموال كل حسب قدرته ليشتروا بها ما يفرش المسجد ويزينه، وكذلك يزينون المآذن والمساجد بالزينة والمصابيح الكهربائية.
فيما يجلس التايلنديون على الطرقات قرب منازلهم في حلقات متفرقة لا يختلط فيها الرجال بالنساء، ولا يأكل الرجل من الأكل الذي طبخته زوجته بل يقدمه إلى جاره، وهكذا يفعل الجميع.
وبعد إعلان رؤية الهلال تنطلق الزغاريد من البيوت التركية للتعبير عن الفرحة فتنثر روائح المسك والعنبر وماء الورد على عتبات الأبواب والحدائق. ومن العادات أيضًا على مائدة الإفطار أن يقوم الزوج بتجديد ولائه لزوجته وحبه الشديد لها وتأكيده أنه سيظل طوال عمره أمينًا عليها وعلى بيته وأولاده، ويقدم لها اعتذاره عن أي تصرفات سيئة صدرت منه تجاهها، فتقوم الزوجة بإهدائه سوارًا فضيًا تعبيرًا عن محبتها وتجديدًا للعهد بينهما. كما يجري إخفاء خاتم فضي داخل كرات كفتة داود باشا (أشهر طبق تركي) ويصبح الخاتم من نصيب من يكتشفه تحت أسنانه.

 

السحور

على امتداد العالم الإسلامي اتخذ المسحّرون أشكالاً مختلفة، ففي عمان يوقظ المسحراتي النائمين على الطبلة، وفي الكويت يقوم المسحراتي ومعه أولاده بترديد بعض الأدعية وهم يردون عليه، وفي اليمن والمغرب العربي يقوم المسحراتي بدق عصاه على باب البيت ليوقظ النائمين وهو ينادي على أهله كما يضربون سبع مرات النفير للسحور. وفي السودان يطرق المسحراتي البيوت ومعه طفل صغير يحمل فانوسًا ودفترًا فيه أسماء أصحاب البيوت، فينادي عليهم بأسمائهم قائلاً: «يا عبّاد الله وحّدوا الدايم ورمضان كريم».
أما في سوريا ولبنان وفلسطين فكان المسحراتي يوقظ النائمين بإطلاق الصفارة، وقبل رمضان يطوف على البيوت ويكتب على باب كل بيت أسماء أفراده حتى يناديهم بأسمائهم أثناء التسحير. وفي مصر إعتاد الصائمون على مدفع الإفطار والإمساك قبل الأذان مباشرة.

 

من هنا وهناك

في باكستان: يزفّ الطفل الذي يصوم لأول مرة كأنه عريس.
في ماليزيا: تطوف السيدات بالمنازل لقراءة القرآن ما بين الإفطار والسحور.
في نيجيريا: يوميًا تستضيف كل أسرة فقيرًا على الإفطار.
في موريتانيا: يقرأ أهلها القرآن كله في ليلة واحدة.
في اليمن: يعاد طلاء المنازل.
في أوغندا: يصومون 12 ساعة يوميًا لتساوي الليل بالنهار بسبب وقوعها على خط الاستواء.