ذكرى واحتفال

روّاد الشرق كرّم الصليب الأحمر اللبناني في الذكرى الـ 150 لانطلاق رسالته
إعداد: جان دارك أبي ياغي

لمناسبة الذكرى الـ150 لتأسيسه، أحيت «لجنة تكريم روّاد الشرق» بالتعاون مع بلدية سن الفيل وبرعاية وزير الصحة العامة الدكتور محمد جواد خليفة ممثلاً بالدكتور بهيج عربيد، حفلاً لتكريم الصليب الأحمر اللبناني.
شاركت في الإحتفال موسيقى الجيش اللبناني بقيادة العقيد جورج حرّو يعاونه الرائد أبولو سكر وحلّ الفنان نقولا الأسطا ضيفاً.
حضر الإحتفال الذي أقيم في حديقة حرش تابت - سن الفيل المحامي أنطوان ريشا، النائب غسان مخيبر، النائب السابق حبيب حكيم، ممثل قائد الجيش العميد حنا كيوان، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي الرائد بطرس الهاشم، ممثل مدير عام أمن الدولة النقيب نبيل أيوب، ممثل مدير عام الأمن العام الملازم الأول أنطونيوس قزي، الفنان الكبير وديع الصافي، الى رؤساء بلديات ومخاتير ورجال دين وأدب وثقافة والمحتفى بهم.

 

النشيد الوطني وترحيب
بدأ الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني قدّمته موسيقى الجيش عزفاً وإنشاداً، ثم ألقت عرّيفة الإحتفال الدكتورة نجاة نعيمة ناصيف كلمة قالت فيها: حين يقوم الجيش اللبناني بعزف النشيد الوطني، يغدو النشيد والمنشِد والمنشَد له واحداً لا ينفصم:
«كلنا للوطن ليست نشيداً يُعزف، بل صلاة المؤمنين بالوطن».
كلمة الترحيب كانت لرئيس اللجنة أنطوان عطوي الذي نوّه بالجنود الذين لا يعرفون الراحة لا ليلاً ولا نهاراً، لا في السلم ولا في الحرب، لا عدو لهم إلا الموت والجرح والمرض، وإن أصابك بشظايا سلاحه، أطابوا جرحك وأطابوا قلوب أحبائك.


كلمة اللجنة
كلمة اللجنة ألقتها الدكتورة مفيدة عابد التي استهلّتها بأبيات من الشعر عبّرت فيها خير تعبير عن رسالة الصليب الأحمر:
أناسٌ ضحّوا في حلك الليالي
لنجدة غيرهم في أي حالِ
شبابٌ صمّموا إعطاء درسٍ
بتضحيـةٍ ونبـلٍ واعتـدالِ
لإنقـاذ الجريح لكم تفانوا
وكم جالوا بساحات القتالِ
ومنهم مَن قضى نحباً ولكنْ
عزيمتهم سَمَتْ فوق الأعالي
صليبٌ أحمرٌ أضحـى بحقٍ
مثـالاً للنضـالِ وللكمـالِ
أيا أبطــال أمتنا غدوتم
رمـوزاً للتفـاني وللمثــالِ
أيا ربّ العُلى باركْ صليباً
تعانق في العطاء مع الهلالِ

 

رئيس بلدية سن الفيل
ثم ألقى رئيس بلدية سن الفيل نبيل كحالة كلمة إفتخر فيها أن يكون تكريم جمعية الصليب الأحمر في رحاب بلديته ومما قاله:
«أية زاوية أو شبر من أراضي لبنان من جنوبه الى بقاعه وشماله وساحله لا توجد فيه بصمات هؤلاء العاملين والمسعفين والمتطوّعين، وكم من مصاب ومتألم ما وجد بقربه سواهم فأصبح مديناً لهم بحياته. نعم، إنها رسالة وعمل إنساني بامتياز، لا بل إنه العمل الأكثر نبلاً وتواضعاً في آن معاً».
وأضاف: «يجب أن لا ننسى في تكريم الصليب الأحمر اللبناني، ما قدّمته هذه الجمعية من شهداء في أثناء تأديتهم رسالتهم الإنسانية، وقد كان ذنبهم الوحيد أنهم يواجهون الشر بالخير والحرب بالسلم، يغامرون وينذرون أنفسهم على مذبح الشهادة لإنقاذ حياة إنسان بحاجة الى مساعدة».

 

نقابة الممرضين والممرضات
كلمة نقابة الممرضات والممرضين ألقتها نائبة النقيبة الدكتورة ريما ياسين قازان التي قالت: «... وسط كل هذه الأزمات، برز الصليب الأحمر اللبناني بحضوره الفعّال، بخدماته الإنسانية وبمسعفيه الذين ضحّوا وما زالوا يضحّون كل يوم بحياتهم من أجل إيمانهم أولاً بالإنسان وثانياً بوطنهم لبنان. ففي هذا اليوم العظيم لا يسعنا إلا شكرهم وتقديرهم على عطاءاتهم الجمّة وعلى جوهر إنسانيتهم، لأنهم حاضرون نفساً وجسداً في كل عمل يقومون به».
وأضـافت: «هـذه الصفـات وغيـرها تنطبق على مبـادئ مهنـة التمريض، والصدفـة الأجمـل اليـوم التي أكّدت هذه المطـابقـة هي الإحتفـال بالـتاريخ نفسـه باليـوم العـالمي للممـرض (ة) وبمـرور 150 سنة على إطـلاق حركة الصليب الأحمر، مناسبتان عنوانهمـا العطاء والتفاني في خدمة الإنسان».

 

نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة
ثم ألقى نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة المهندس سليمان هارون كلمة تحدّث فيها عن نشأة الصليب الأحمر ومؤسسه وتطرّق الى الأسس التي قامت عليها الحركة، الوحدة، الحياد، الطوعية، عدم التمييز بين إنسان وآخر، الإستقلالية، الإنسانية وحركة جامعة.
وفي الختام شكر جميع العناصر على اندفاعهم وعدم تأثرهم بالجو السياسي والطائفي في البلد.


نقيب الأطباء
كلمــة نقـيب الأطباء الدكتور جـورج أفتيموس ألقـاها بالنيابة عنه الدكتور جـو حداد (لوجود النقيب خارج البلاد) ومما جاء فيها:
«نعم، هي مـدرسة فـوق أي اعتبـار وفـوق كــل اعتبــار؛ لأن عطاءها العظيم كرّس إجماعاً عليها، ولأنهــا أثبتـت في هذا العــصر المنحــرف في الماديات والأنـانيات، قيــم العطاء المتجرّد والمندفع في التطوّع الذي لا يعـرف حـدوداً، ولأنها ملتزمة في الإنسانيــة وللإنســان مـن دون النظـر الى عِرقه أو جنسيته أو معتقده أو آرائه السياسيـة أو مشاعره أو سمعته».
وأضاف:
«إن مــدرسـة الصليــب الأحمـــر أثبتــت على مــرّ السنيـــن، لا سيما في زمـــن الحــرب اللبـنــانيــة الســـوداء، أنهــا المثل الأعلى والعـــــزاء الأول للــذيــن ما زالـــوا يؤمـنــون بالــقيــــــم الإنـسـانيــة والروحـانية والخلقية».


الشيخ سامي الدحداح
ثم ألقى رئيس الصليب الأحمر الشيخ سامي الدحداح كلمة مؤثرة قال فيها: «إنهم أولئك الذين لا يشبهون إلا أنفسهم... كثيرون هم عدداً... وقليلون بالمقارنة مع المآسي... إنهم هم في صدقهم وفي عطائهم وفي إقدامهم وفي تطوّعهم وفي إنسانيتهم... يعطون للحياة نفحة إنسانية قلّ نظيرها في هذا العالم... يكتبون بأعمالهم تاريخاً في صناعة الحياة وعشق الخير، والإقدام، هم أرادوا العمل برفقة الصمت، ونظرهم يتطلّع دائماً نحو الإنسان، هدفهم الوصول الى المتألم في سبيل حمايته وخدمته وصون كرامته، فضجّ عملهم على وقع الإنسانية، وإذا كان الصمت حليفاً لهؤلاء فلا بد وأن عيوناً ترقبهم من بعيد فتلاقيهم وتحييهم».
وأضاف: «أيها الأحبة أنتم الحاضرون اليوم في هذا التكريم ومنظّميه، أنتم من تلك العيون التي رأت همة الصليب الأحمر اللبناني ومتطوّعيه فلاقته وحيّته فكان هذا الإحتفال التكريمي المميّز، وإن هذا لهو بالنسبة الينا فعل كبير يدفعنا أكثر الى العمل ويحفّز المتطوّعين ويميّزهم، ولكن وإن كنا نفخر بما نفعل إلا أننا أبداً لا نفاخر».

 

راعي الإحتفال
كلمة راعي الإحتفال الوزير محمد جواد خليفة ألقاها ممثله الدكتور بهيج عربيد ومما قاله: «عندما نكرّم جمعية الصليب الأحمر الدولي بعد مرور 150 سنة على إنشائها والصليب الأحمر اللبناني بعد مرور 63 سنة على إنشائه، فإننا نكرّم في الحقيقة رجالاً ونساءً وشباباً وشابات من نوع خاص، أناس آمنوا بالإنسان أخاً لكل إنسان لا فرق في اللون والعِرق والمعتقد والموقع الإجتماعي».
وأضاف: «أستأذن العظماء في تاريخ الصليب الأحمر الدولي لأتحدّث عن جمعيتنا في لبنان والتي يعود تاريخ تأسيسها الى سنة 1945. لنتحدث عن هذه الجمعية العظيمة بتاريخها وتطوّرها حتى أصبحت جزءاً من تاريخ الوطن وإحدى الصور المشرقة منه. ولنتحدث أيضاً عن عطاءات جمعية الصليب الأحمر اللبناني والتي أصبحت على مساحة الوطن وسيدة الساحات واللحظات الصعبة من تاريخنا.
اللبنانيون لن ينسوا أبداً صورة سيدات كبار كـ«ماركيز دو فريج» مؤسسة الجمعية والسيدة المحترمة ألكسندرا عيسى الخوري ورفيقاتها وكل مَن تعاقب على إدارة الجمعية وصولاً الى الرجال أمثال العميد جورج حروق والعميد سليم ليون والشيخ سامي الدحداح. واللبنانيون لن ينسوا أبداً شباب وشابات الصليب الأحمر من وحدات الإسعاف وقائدهم جورج كتانة وهم يلبّون طلبات إغاثة المواطنين في منازلهم أو أماكن عملهم ومواقع الحوادث والكوارث التي تصيبهم.
لن ينسى اللبنانيون أبداً صورة شباب وشابات الصليب الأحمر وهم يؤدّون واجبهم الوطني والإنساني ويعرّضون حياتهم للخطر حتى سقط منهم الشهداء والجرحى، إضافة الى تكبّدهم خسائر كبيرة في آليات العمل خلال حرب إسرائيل على لبنان العام 2006 وما سبقها من حروب في الـ 1982 و1996، والحروب التي عصفت ببلدنا منذ العام 1975 حتى 1989. وكان آخرها حرب نهر البارد التي كان فيها ايضاً ضريبة دم دفعها الصليب الأحمر وهو يحاول إنقاذ من يمكن إنقاذه من مواطنين لبنانيين وفلسطينيين.
إننا نردّد ما يقوله الناس وما نحن مقتنعون به من أن هذه الجمعية الوطنية اللبنانية، نجحت في كل الإمتحانات التي خاضتها منذ تأسيسها...».
وفي الختام، قدّمت موسيقى الجيش مجموعة أغانٍ وطنية رافقها في إنشاد بعضها الفنان نقولا الأسطا كأغنية «طلّوا حبابنا» و«مهما يتجرّح بلدنا» و«راجع راجع يتعمّر لبنان». وتخلل الحفل تقديم درع التكريم الى رئيس الصليب الأحمر اللبناني الشيخ سامي الدحداح، وهو الدرع الثاني من لجنة تكريم روّاد الشرق الى الصليب الأحمر خلال عشر سنوات ولكل من الدرعين مناسبة وقصة.