مواسم وخيرات

زراعة الكيوي في لبنان استثمار أكيد يستحق الدعم والتشجيع
إعداد: د.حسين حمود
أستاذ في كلية الزراعة - الجامعة اللبنانية

بدأت زراعة الكيوي في لبنان منذ العام 1990 ونجحت في مختلف المناطق اللبنانية بدءًا من الساحل وحتى ارتفاع 1200 متر عن سطح البحر، ولكنّ الإنتاج لا يغطّي سوى 5 إلى 7 بالمئة من حاجات السوق الاستهلاكية المحلية، مع العلم أنّ الجدوى الاقتصادية لهذه الزراعة أكيدة. فالدونم الواحد من الكيوي يؤمّن للمزارع ما يقارب خمسة ملايين ليرة من الدخل، وفضلًا عن إمكان تخزين الثمار ستة أشهر من دون أن تتعرض لأي ضرر.

 

الكيوي هي من الشجيرات المعمّرة ويمكن أن تعيش 40 عامًا أو أكثر. هي من النباتات المتسلّقة أو المعربشة، تتسلق وتنهض قائمة على أي شيء يساعدها في ذلك، كما يمكن أن تُتْرَك لتزحف على الأرض. تمتاز شجيرة الكيوي بسرعة النمو وبغزارة الإنتاج، فهي لا تحتاج إلى أكثر من ثلاث سنوات لتبدأ بإنتاج الثمار، ويمكن أن تنتج الشجرة الواحدة 50 كلغ من الثمار. الموطن الأصلي للكيوي هو الصين، وحاليًا تنتشر زراعته في عدة مناطق حول العالم، وتتصدر إيطاليا قائمة الدول المنتجة.

 

الظروف البيئية المناسبة للكيوي
تحتاج شجيرة الكيوي إلى جو دافىء خلال الصيف وحرارة منخفضة خلال الشتاء (أقل من 8 درجات مئوية مع رطوبة لا تقل عن 60 بالمئة). أما الأرض فيجب أن تكون غنيّة بالمواد العضوية وجيّدة التهوئة والصرف. ومن الضروري إقامة مصدّات الرياح فيها قبل الزراعة بسنتين على الأقل، وبخاصةٍ في المناطق المعرضة لرياح قوية تؤثر على نبتة الكيوي وتمزق أغصانها الصغيرة.
الكيوي حسّاس جدًا على نقص الماء في التربة وخصوصًا في المراحل الأولى من زراعة الغراس، لذلك يجب الحفاظ على مستوى رطوبة في التربة يراوح بين 70 و 90 بالمئة. ويُنصَح باستخدام الري الموضعي أي التنقيط أو الرذاذ القصير وتجنّب تجميع المياه في منطقة انتشار الجذور مما يتسبّب بتعفّنها واختناقها.

 

تقليم شجيرات الكيوي
هناك نوعان من التقليم (التشحيل) تحتاج إليهما شجيرة الكيوي، التقليم الصيفي والتقليم الشتوي. يبدأ التقليم الصيفي في شهر أيار ويدوم حتى شهر تموز، ولهذا التقليم دور كبير في إنتاج ثمار ذات نوعية جيدة، أما التقليم الشتوي فيبدأ في شهر شباط ويمتد حتى شهر نيسان، وهو ضروري لتجديد أفرع الكيوي وزيادة نموها.

 

قطف الثمار وشروط التخزين
عندما تصل ثمار الكيوي إلى درجة النضج يجب قطفها ولا يجوز التأخر في ذلك. تبدأ هذه الثمار بالوصول إلى حجمها المعروف في أواخر شهر آب وبداية شهر أيلول، وهي تنضج بحلول شهر تشرين الثاني إذ تصل نسبة السكر فيها إلى 15 بالمئة.
يستطيع المزارع تخزين ثمار الكيوي لكي يبيعها في فترة لاحقة فيجني منها ربحًا أكبر، لكن ذلك يقتضي أن لا تتجاوز درجة الحرارة الثلاث درجات مئوية، فضلًا عن عدم وجود فواكه أخرى في المكان نفسه. فبعض الثمار الأخرى مثل التفاح تطلق غاز الأستلين الذي يسبب إنضاج ثمار الكيوي بسرعة. مع مراعاة هذين الشرطين بإمكان ثمار الكيوي أن تبقى في التخزين لمدة ستة أشهر.

 

مكوّنات الكيوي وفوائدها
تحتوي ثمرة الكيوي على 10 بالمئة سكريات، و 1 بالمئة بروتيين وأملاح معدنية منها البوتاسيوم والكلسيوم والمغنيزيوم والفوسفور، و80 بالمئة من وزن الثمرة ماء. وكما تحتوي هذه الثمرة على حوالى 150 ملغ من فيتامين «س» أي نسبة تعادل أربعة أضعاف ما تحتويه ثمار الحمضيات، ولا يتفوق على ثمار الكيوي بمحتواه من هذا الفيتامين إلا ثمار الورد البري الجبلي.
أثبتت الأبحاث الطبية أنّ تناول أكثر من ثمرتين من ثمار الكيوي يوميًا قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لعلاج الكثير من الأمراض التي تصيب الإنسان وبخاصةٍ ارتفاع ضغط الدم، لذلك يُنصح بتناول ثلاث حبات من الكيوي يوميًا.

 

الجدوى الاقتصادية من إنتاج الكيوي
يقدّر الخبراء الاقتصاديون كلفة إنشاء بستان كيوي بمساحة 1 دونم بحوالى 1700 دولار أميركي، وتبدو الجدوى الاقتصادية من زراعة الكيوي واضحة إذ إنّه يبدأ بالإنتاج بعد 3 سنوات فقط من زرعه. تدخل الغراس مرحلة الإنتاج الفعلي بعمر ثماني سنوات، عندها يصبح إنتاج الدونم الواحد حوالى 2.5- 3 طن من الثمار. إذا اعتبرنا أنّ متوسط سعر مبيع الكيلوغرام هو 2500 ليرة لبنانية نجد أن الدونم الواحد من الكيوي يعطي مردودًا بقيمة 6250000 ليرة، بينما لا تتجاوز كلفة إنتاجه ألـ 800 ألف ليرة لبنانية (كلفة تشحيل وأسمدة عضوية وفلاحة وريّ)، ما يعني أن الدخل الصافي لكل دونم من الكيوي هو حوالى 5500000 ليرة لبنانية.
في الواقع يستورد لبنان حاليًا نحو 93 بالمئة من حاجات السوق المحلي ما يستوجب دعم هذه الزراعة التي أثبتت نجاحها من دون أن تلقى حتى الآن أي تشجيع أو اهتمام رسمي، خلافًا لما هو حاصل في بعض الدول المجاورة.