حملات تحريج

زرع 5 آلاف أرزة برعاية العماد قهوجي وتمويل أميركي للمشروع
إعداد: تريز منصور

غرسات أرز الرب تصل بين غابتي بشري وتنورين

 

في إطار تعزيز عمليات التعاون العسكري - المدني في مجال زيادة المساحات الخضراء في لبنان، رعى قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلًا بالعميد الركن أحمد الحصني، حفل إطلاق حملة تحريج ممرّ حيوي يربط بين غابتي أرز بشري وتنورين القديمتين، بتمويل من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وبإشراف مشروع التحريج في لبنان (LRI)، وبالتنسيق مع قسم التعاون العسكري – المدني في الجيش
 (CIMIC).
حضر حفل إطلاق الحملة الذي أقيم في خراج بلدة بشري (منطقة عيون أرغوش)، رئيس قسم التعاون العسكري - المدني العقيد يوسف مشرف، رئيس وكالة الأحراج الأميركية (USFS) طوماس تدويل، ممثل وزارة الزراعة الأميركية، مديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في لبنان عزّة العبد، رئيس بلدية بشري أنطوان طوق، رئيس بلدية تنورين الدكتور منير طربية، رؤساء لجنتي أصدقاء غابة الأرز، ومحمية أرز تنورين، عناصر من الصليب الأحمر اللبناني، ومؤسـسة الرؤية العالمية، وممثلون عن جمعيات بيئية، طلاب جامعات وعناصر كشفية، إضافة إلى أهالي المنطقة.

 

طوق: جبالنا تعبق برائحة الأرز والبخور
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى رئيس بلدية بشري أنطوان الخوري طوق كلمة قال فيها: «إنها لمفارقة كبرى أن نجتمع في هذه الجبال العالية على مقربة من أرز الرب، لزراعة الأرز فوق هذه التلال وفي هذه المنحدرات، ووسط هذا الضجيج في بلادنا، والخراب الذي يلفّ المنطقة العربية من حولنا، حيث يُقتلع الناس من أرضهم، وتدمّر البيوت فوق رؤوس سكانها، وحيث يهجّر البشر الى المنافي البعيدة. إنه لحلم جميل أن تعود هذه الجبال من أرز بشري الى أرز تنورين، خضراء عابقة برائحة الأرز والبخور، إنه فعل إيمان بالأعجوبة اللبنانية وبالصمود اللبناني وسط الأعاصير».
وأضاف: «إن بلدية بشري وبالتعاون مع بلدية تنورين ومشروع التحريج في لبنان والجمعيات البيئية والناشطين البيئيين في بشري وتنورين، ولجنة أصدقاء غابة الأرز وهيئة الحفاظ على البيئة في بشري، تتعهّد بالعمل الدؤوب على تحقيق هذا المشروع بما يتوافر لنا من إمكانات على الرغم من كل الصعوبات.

 

كيروز: حلم كل لبناني مخلص
بدوره أشار رئيس لجنة أصدقاء غابة الأرز رياض كيروز إلى أن «اللجنة قامت بزراعة نحو مئة وعشرين ألف أرزة على مساحة نحو 500 هكتار قدمتها لنا بلدية بشري، وبدعم مالي ومعنوي وتقني، من مؤسـستي USAID وUSFS الأميركيتين ومؤسـسة ألفريدو حرب حلو، التي هي بصدد تمويل إنشاء مشتل حديث سيصبح جاهزًا للعمل في ربيع سنة 2014 تحضيرًا لمشروع زراعة المليون أرزة بين غابة أرز الرب وغابة تنورين وحدث الجبة، بالإضافة إلى دراسة موضوع إنشاء بنك للبذور من أجل تأمين الشتول من جميع الأنواع وبشكل مستمر».
ولفت إلى أن «المشروع هو حلم كل لبناني مخلص لوطنه بإعادة تحريج جبال لبنان، لتعود خضراء كما كانت منذ آلاف السنين، بدءًا بتحريج منطقة جبل المكمل، لتكون باكورة إعادة تحريج لبنان...».

 

تيدويل: خارطة طريق وطنية
اعتبر رئيس وكالة الأحراج الأميركية (USFS) توم تيدويل «أنّ للبنان دورًا مهمًا في الأمم المتحدة، لذا نعمل على إعادة تشجيره بعد السنين الطويلة من الحروب والحرائق التي أدّت إلى تقلّص نسبة الغابات فيه»، مشيرًا إلى أن وكالة الأحراج رسمت خارطة طريق وطنية للتصدي لتغيّر المناخ من خلال التكيّف معه والتخفيف من حدته.

 

العبد: شجرة الأرز هي رمز لبنان العريق
رأت ممثلة وزارة الزراعة الأميركية، مديرة بعثة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) في لبنان السيدة عزّة العبد، أنه «من المثير للإعجاب أن يتجمّع هنا أكثر من 300 متطوع بعزيمة واندفاع لزرع 6000 شجرة أرز ما بين أرز بشري وتنورين. وكون هذا اليوم البيئي يصادف ذكرى استقلال لبنان، فله أهمية خاصة، إذ أن شجرة الأرز هي رمز لبنان العريق»، مشيرة إلى أن «هذه المبادرة تشكل النموذج الأفضل للتحريج الناجح والمستدام في لبنان».
واعتبرت أن «مشروع وصل غابتي أرز بشري وتنورين سيؤدي دورًا أساسيًا في الحفاظ على التنوّع البيولوجي وبناء القدرة على مواجهة الحرائق، والشتاء القارس، والتغيّر البيئي، والمحافظة على الحياة البرية».

 

العميد الركن الحصني: نتمسك بإرث الأجداد
في الختام، ألقى ممثل قائد الجيش العميد الركن أحمد الحصني كلمة لفت فيها إلى أن «لقاءنا اليوم يحمل في طياته الكثير من المعاني الوطنية والإنسانية، فهو من جهة أولى، لقاء الفرح والاعتزاز بعيد الاستقلال، ومن جهة ثانية لقاء الحفاظ على البيئة والتمسّك بإرثنا الطبيعي الذي استودعنا إياه الأجداد والآباء، وهو من جهة ثالثة، لقاء الصداقة المتجدّدة بين شعبي الولايات المتحدة الأميركية ولبنان».
وتابع: «تقع علينا جميعًا مسؤولية الحفاظ على ما وهبه الله لنا، وهذا لا يتمّ إلا من خلال الحفاظ على بيئة سليمة معافاة، لا تتأثر بمتغيرات العصر الحافلة بتطور وسائل الصناعة والزراعة والخدمات وأساليب الرفاهية على اختلافها. إننا نرى في حملة تحريج البقعة التي تجمع محميتي الأرز وبشري بعدد كبير من شتول الأرز، خطوة مهمةً في مسار إعادة اللون الأخضر على امتداد مساحة لبنان، وتأكيدًا لأهمية شجرة الأرز التي تتوسّط العلم اللبناني، وتمثّل رمزًا لبقاء لبنان وتجذّر شعبه بأرضه».
وأضاف: «كونوا على ثقة تامة بأن الجيش اللبناني، وعلى الرغم من انشغالاته الدفاعية والأمنية، لن يوفّر جهدًا للمساعدة في دفع الأعمال الإنمائية قدمًا إلى الأمام، والتعاون مع المواطنين والهيئات المحلية والدولية في سبيل تحقيق هذا الهدف النبيل».
وبعد حفل الكوكتيل، انطلق الجميع للبدء بعملية غرس أكثر من خمسة آلاف شتلة أرز، متقيّدين بإرشادات الزرع التي تلقّوها. وفي حين زرع الرسميون الشتول الثلاث الأولى، تولّى عناصر من الجيش، وعدد من أهالي المنطقة، وكشافة وطلاب جامعات ومتطوّعون غرس الباقي، بعدها انتقل المشاركون إلى غابة أرز تنورين.

 

ختام النهار البيئي الطويل
بعد الانتهاء من عملية الغرس في غابة أرز تنورين، احتفل الجميع باختتام هذا النهار البيئي بامتياز، حيث ألقى رئيس بلدية تنورين الدكتور منير طربيه كلمة رحّب فيها بممثل قائد الجيش، وممثلي الأمم المتحدة، فقال: «تتشرف تنورين، وتفتخر بالترحيب بكم في هذا اليوم الاستثنائي. إن حضوركم بيننا يبعث فينا شعورًا عارمًا بالامتنان والسرور، لمساعدتكم لقريتنا الرائعة، لتصبح أكثر اخضرارًا وجاذبية»، راجيًا أن «تتقبلوا منّا أسمى آيات الشكر على هذه المبادرة القيمة».
وأضاف: «نعرب عن مدى تقديرنا لما تفعلونه، مع أن قريتنا تقع في منطقة نائية ريفية جبلية، غير أنها واعدة، ولها إمكانات تنموية هائلة، ونحن على أشدّ الإقتناع بأننا سنحقق النمو الذي يعتمد عليه بقاؤنا على قيد الحياة. نحن نعوّل على كرمكم وتفانيكم، لنحلم بمستقبل واعد حيث تؤدي السياحة دورًا أساسيًا».
ورحّب الدكتور نبيل نمر بإسم محميّة غابة أرز تنورين الطبيعية بالحضور، وقال: «من المهم جدًا أن نعتني بموارد الغابات لدينا في كل زاوية من زوايا لبنان، لكي نحمي أنفسنا من ويلات الطقس التي تتجلى آثارها السلبية في تغير المناخ، الذي شهدناه في الأعوام الأخيرة...».
وتابع قائلًا: «تعمل شراكتنا مع مشروع التحريج في لبنان (LRI)، من خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، ووكالة الأحراج الأميركية (USFS)، على تنفيذ خطة إعادة تحريج في كافة أنحاء لبنان، وهي لا تقتصر على التحريج فحسب بل هي عبارة عن مشاركة قوية في تحمل مسؤولية حماية أشجارنا التي تنمو. وإذا وجب عليّ وصف مشروع التحريج في لبنان بإختصار، لقلت: إلتزام واحتراف وإرادة قوية».
وختم: «نحن هنا معًا، لأن دورنا كبير في هذه العملية الطبيعية، ويقضي بالتدخل بشكل إيجابي عبر حماية الأشجار الموجودة أصلا، والأشجار المزروعة، من الدمار والاستخدام الذي لا يضمن إستدامتها. لنزرع في أذهان أطفالنا مبدأ زرع الأشجار والمحافظة عليها لكي يعتنقوا هذا التفكير منذ صغرهم «.
 

قيادة الجيش: لن نستسلم للواقع الصعب
من ناحيته، رأى العميد الركن الحصني في كلمته أن «بيئتنا اللبنانية لا شك تتعرض للكثير من المشكلات، في مقدمها ضيق مساحة الوطن والإزدياد المضطرد في الكثافة السكانية، قياسًا على سائر أوطان العالم، وهذه المشكلات البنيوية تستدعي منّا جميعًا توحيد الطاقات والجهود والإمكانات، وإتخاذ المزيد من المبادرات الهادفة للحدّ من تدهّور هذه البيئة».
وقال: «لقد آلينا على أنفسنا في الجيش اللبناني، ألا نستسلم لهذا الواقع الصعب في أي حال من الأحوال. من هنا أولينا المهمات الإنمائية حصّة وافرة من جهود وحداتنا العسكرية، وفي مقدمة ذلك التعاون مع الجمعيات الأهلية المحلية والمنظمات والمؤسسات الدولية الصديقة، التي تعنى بهذا الشأن، لتحريج المساحات الجرداء، والحفاظ على سلامة الغابات الموجودة من خطر الحرائق والأمراض والحشرات الزراعية. ونحن نجدّد اليوم استعدادنا لمتابعة هذه المهمات بكل عزم وإندفاع، واستنهاض الخير الكامن في أعماق أرضنا، وإطلاقه إلى العلن، في حلة خضراء تضجّ بالأمل والحياة». وشكر باسم قائد الجيش العماد جان قهوجي «الأصدقاء الأميركيين، مموّلي الحملة، وجميع المشاركين فيها»، مؤكدًا «الحفاظ على إرث الآباء والأجداد، والتأسيس لغد مشرق».
وفي ختام اليوم التحريجي الطويل، عقد لقاء تشاوري عام لجميع الشركاء والخبراء الزراعيين والمنظمات البيئية ورؤساء البلديات في فندق لورويال – ضبية، تخلّله عشاء لتبــادل الخبرات ولوضع الخطط المســتقبلية للعمل.


مشروع التحريج في لبنان
يمتد مشروع التحريج في لبنان (LRI) على فترة أربع سنوات، وتمّوله الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، بميزانية قيمتها 11.9 مليون دولار أميركي، وتنفذه مديرية الأحراج الأميركية (USFS) بالتنسيق مع قسم التعاون العسكري - المدني في الجيش (CIMIC). ويهدف هذا التعاون الى بناء قدرات المنظمات البيئية، ومؤسسات لبنانية أخرى لإدارة الغابات بشكل مستدام وتوسيعها، والتشجيع على زرع مئات آلاف الأغراس المحلية في مواقع مختارة موزعة في كل أنحاء لبنان.
وتخضع غابتا أرز بشري وتنورين لإدارة لجنة أصدقاء غابة الأرز، ومحمية تنورين الطبيعية اللتين كان لهما دور بارز في تنظيم هذا الحدث، وإشراك السكان المحليين بالتنسيق مع الجيش اللبناني ومشروع الـLRI.