تحية لها

زينة قاسم: العطاء يحوّل الموت إلى حياة

زينة قاسم مثال للشجاعة المنتصرة على الألم الكاسر بقوة العطاء والرجاء. فقد أسست جمعية «رودز فور لايف» إثر الحادث المفجع الذي أودى بحياة ابنها، وحوّلت المأساة إلى مسيرة عطاء من أجل الآخرين. كيف استطاعت ذلك؟

 

تقول زينة: «كنت أمام خيارين بعد المأساة التي قلبت حياتي رأسًا على عقب. أن أنزوي وأقضي معظم حياتي في البكاء، أو أن أحاول تجنيب الأمهات البكاء. اخترت الحل الثاني لأنّني أعرف حجم الوجع الكبير الذي تعانيه الأم حين تفقد جزءًا من قلبها إلى الأبد. لقد ولدت «رودز فور لايف» من الموت لكنّها حوّلته إلى حياة. بالطبع هذا لن يعيد طلال إلى أحضاني إنّما سيعيد الآلاف مثل طلال إلى أحضان أمهاتهم إذا ما تلقّوا العناية الطبية والإنقاذية اللازمة في الفترة الذهبية التي تلي وقوع الحادث.
القوة التي أُعطيت لي لم أكن أنا مصدرها بل أتتني من طلال، وهي التي تعطيني كل يوم دافعًا لتوسيع رقعة مهمة الجمعية حتى يطال الإنقاذ شرائح واسعة من المدنيين والعسكريين على حدٍ سواء».

 

أوقف النزيف وبرامج أخرى
إلى أي حد يرفدها العمل من خلال هذه الجمعية بالأمل والفرح؟ وما الذي حققته الجمعية بشكل عام؟ تجيب عن هذا السؤال مؤكدة أنّه «ليس هناك من عمل اجتماعي لا ترافقه الخيبة ولا يشوبه الإحباط من حين إلى آخر. لكن الأمل والفرح يتغلبان على سواهما في نهاية المطاف. المؤسسة العسكرية مثلًا كان تجاوبها سريعًا وقد حققنا معها برعاية مشكورة من قائد الجيش العماد جوزاف عون برنامجين إنقاذيين، أحدهما متخصص في إنقاذ ذوي الإصابات البليغة إبّان المعارك والحروب، والآخر مُعَدّ لأطباء الطوارئ وطواقم التمريض والإسعاف في الجيش. ثم باشرنا مؤخرًا بدورات جديدة على برنامج دولي هو «أوقف النزيف» وعممناه على المجتمعَين المدني والعسكري، كما عملنا على توفير حقائب إنقاذ للجنود تسهّل عليهم إنقاذ رفاقهم وأنفسهم خلال المعارك والحروب.
باختصار، إنّ ما حققته الجمعية هو سدّ ثغرة في ثقافة الإنقاذ في لبنان».

 

أكثر من رسالة
تتوجّه زينة قاسم بأكثر من رسالة إلى أمهات عانَينَ ظروفًا قاسية كتلك التي مرّت بها، فنقول:
«هناك وقت للبكاء ووقت للعزاء ووقت للتأمل والرجاء والعمل. الجروح لا تلتئم وهي تترك ندوبها طوال العمر. أن تنظر الأمهات إلى هذه الندوب لا بأس. لكن أن تغرز فيها السكين لتفتحها من جديد فهذا عذابٌ لا يرضى عنه الله. أفكّر بأمهات الشهداء وخصوصًا العسكريين منهم وأدعو الله عزّ وجل أن يثلج قلوبهنّ، والعزاء الأكبر لهنّ هو أنّ استشهاد أبنائهنّ مليء بالمعنى والمغزى والقيمة. عندما نموت من أجل الوطن يصبح الموت معبرًا من معابر الخلود».
أما الشباب الذين يقودون سياراتهم بسرعة جنونية فتُوجّه بخصوصهم رسالة، وتقول: «أوجّه رسالتي أولًا إلى الدولة. دولةٌ ما زلنا ننتظرها من جيل إلى جيل لتفرض تطبيق القانون، خصوصًا قانون السير الجديد الذي تعبنا نحن وغيرنا من أجل إقراره في المجلس النيابي منذ ثماني سنوات. القانون هو هيبةٌ أولًا قبل أن يكون أي شيء آخر. عندما يشعر سائق المركبة أنّ عقابه حتمي في حال المخالفة سيرتدع حتمًا. أما إذا اعتبر السائق أنّه فوق القانون وثمّة من يساعده بالواسطة والرشوة والتحايل على القانون فسيستمر في القيادة الرعناء ضاربًا عرض الحائط كل القوانين والأنظمة، وسيعرّض المزيد من الناس وخاصة الشباب للموت أو الإعاقة».