مناورات

سد منيع في وجه محاولات التسلّل
إعداد: روجينا خليل الشختورة
تصوير: الجندي شربل الخوري

تسلّلت مجموعة إرهابية مسلحة على الحدود الدولية عبر طريق بركة الكنيسة – دير العشاير في خراج بلدة كفرقوق، وحاولت الاختباء والتمركز في البقعة الحرجية المشرفة على السهل، ما يتيح لها اكتناف المراكز العسكرية والأماكن المأهولة وعبور الحدود خلسة. غير أنّ «السد المنيع» الذي بناه فوج الحدود البرية الثالث، أحبط هذه التحركات، بعد أن رصدتها أبراجه المزوّدة كاميرات حديثة. وبنتيجة معالجته السريعة للوضع استعاد السيطرة على قطاع المسؤولية، محبطًا محاولة الإرهابيين.

 

إنّه سيناريو تمرين تكتي بالذخيرة الحية نفّذه فوج الحدود البرية الثالث في حضور قائد الجيش العماد جوزاف عون، وهو يأتي ترجمة للأهمية الكبرى التي توليها القيادة لتحقيق الأفواج المنتشرة على الحدود الجهوزية القصوى والدائمة، ما يمكّنها من تنفيذ المهمات الموكلة إليها، خصوصًا في مجالات منع تسلّل الإرهابيين ومكافحة عمليات التهريب بأشكالها كافة.
شارك في المناورة إلى جانب سرايا فوج الحدود البرية الثالث، كل من فوج المدفعية الأول وطبابة منطقة البقاع، وقد حضرها عدد من الضباط ومدربون أميركيون وبريطانيون وكنديون وحشد من المدعوين.
 

أهداف التمرين
عرض قائد الفوج العقيد الركن كمال كمال أهداف التمرين التي تركّزت حول ثلاث نقاط أساسية هي: تمرُّس أركان الفوج وآمرو الوحدات في قيادة العمليات القتالية والتقنية وإدارتها وحسن استخدام الوسائل المتوافرة في الفوج، تمرُّس عسكريي الفوج بمختلف اختصاصاتهم في تنفيذ مهمات منسقة بينهم، بالإضافة إلى رفع مستوى الثقة بالنفس وبالوسائل المعتمدة والمتوافرة في الفوج، وزيادة الخبرات في تنفيذ تمرين تكتي بالذخيرة الحية أقرب ما يكون إلى الواقع.


الوضعان العام والخاص
مع تلقّي غرفة العمليات معلومات عن تسلل مجموعة إرهابية مسلحة تحاول اجتياز الحدود اللبنانية - السورية في السلسلة الشرقية إلى الداخل اللبناني، ورصدها في البقعة الحرجية المطلة على سهل الكنيسة في خراج بلدة كفرقوق، تحوّلت أنظار الحاضرين نحو الشاشة الكبيرة، لمتابعة عرض مفصّل قدّمه مساعد قائد الفوج العقيد الركن نبيل سرايا، شرح فيه الوضعَين العام والخاص حول موقفَي كل من العدو والصديق. في الوضع العام، تناول العرض استمرار الأحداث الأمنية في سوريا، وتدفّق النازحين إلى لبنان بأعدادٍ كبيرة عبر اجتياز الحدود خلسة من خلال بعض الثغرات، ونظرًا إلى تداخل الحدود على امتداد السلسلة الشرقية ووجود قرى وأماكن مأهولة على طرفها، فإنّ خطر تسلل عناصر إرهابية مسلحة، بغية تنفيذ عمليات إرهابية تستهدف مراكز وقيادات عسكرية لضرب الاستقرار ومقومات الدولة في لبنان، يبقى قائمًا.
إزاء هذا الوضع، تم اتخاذ تدابير ميدانية وإجراءات أمنية مشددة على امتداد الحدود ضمن قطاع مسؤولية الفوج، من خلال تشديد المراقبة وتسيير دوريات راجلة ومحمولة وإقامة كمائن في أماكن وتواقيت مختلفة للحد من أعمال التهريب، والحؤول دون انفلات الوضع الأمني ومنع الجماعات الإرهابية لا سيما المسلحة منها من خرق الحدود، وتحقيق أهدافها، ومنع تمددها وتعريض المدنيين للخطر.
أما في الوضـع الخـاص، فقـد رصد برجـا المـراقبـة T3-4 وT3-5 والكاميرا المتحركة Dinos مجموعة إرهابية مسلحة تتسلل على الحدود الدولية عبر الطريق المؤدي إلى خراج بلدة كفرقوق، وتحاول الاختباء والتمركز في البقعة الحرجية المشرفة على سهل الكنيسة، لاكتناف المراكز العسكرية والأماكن المأهولة وعبور الحدود خلسة. قُدِّر عديد هذه المجموعة الإرهابية بحوالى ١٣ عنصرًا مجهزين بأسلحةٍ فردية وقناصات، وبحوزتهم قاذف م/د وأجهزة رؤية ليلية، وقد انتشروا في مجموعتين الأولى (هـ١) عديدها ثمانية عناصر والثانية (هـ٢) عديدها خمسة. ويتمتّع هؤلاء بخبرة قتالية كبيرة، وبالاستعداد للقتال حتى الموت لعدم وجود ملجأ يلوذون إليه...


مراحل التنفيذ
استنادًا إلى الوقائع، انطلقت الوحدات المشاركة وعملت على عزل المجموعة الإرهابية، وتثبيتها في أماكن تمركزها بالسرعة الممكنة، بغية استعادة السيطرة على قطاع المسؤولية، وفق المراحل الآتية:
- المرحلة التحضيرية: تتقدّم القوى المهاجمة من بقعة التجمّع إلى قاعدة الانطلاق، مستفيدة من الاستطلاع الجوي والتغطية النارية التمهيدية المدفعية. بالتزامن، تقدّمت مجموعة الاستطلاع والقنص على المحورَين الشمالي والجنوبي بأسرع وقت ممكن، وتمركزت على مرتفعَي شعاب المعصرة ومراح الجمال، حيث عزلت المسلحين في أماكن تمركزهم وثبتتهم ومنعتهم من الفرار.
- المرحلة الأولى: تقدّمت القوى المهاجمة على المحورين الرئيسي والثانوي، للقضاء على المجموعة المسلحة في الهدفَين هـ١ وهـ٢.
- المرحلة الثانية: تمركزت القوى المهاجمة دفاعيًا باتجاه الشرق ونظفت بقعة الأهداف، أعقب ذلك إعادة تنظيم القوى استعدادًا لتنفيذ مهمات لاحقة.
انتهت المناورة بنجاح، أما الخسائر فكانت محدودة واقتصرت على جريحَين، عملت طبابة منطقة البقاع على إخلائهما على الفور. وعند إعلان ذلك، علا تصفيق الحاضرين مبدين إعجابهم بسرعة التنفيذ ودقّته.


«لن نبخل بأي جهد للحفاظ على أمن الوطن وسلامته»
التقى قائد الجيش العماد جوزاف عون عسكريي فوج الحدود البرية الثالث بعد انتهاء التمرين، وهنّأهم على الدقة في الأداء والسرعة في التصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة، موضحًا «أنّه عند انتهاء مهمات حفظ الأمن سوف تعود الأفواج إلى ثكناتها، باستثناء أفواج الحدود البرية التي ستواصل الدفاع عن الحدود ضد التهديدات الإرهابية، ومنع عمليات تهريب الأشخاص والبضائع والمخدرات».
وختم قائلًا: «لن نبخل بأي جهد للحفاظ على أمن وسلامة الوطن والمواطن في الميادين شتى».


مهمتنا الأساسية هي ضبط الحدود
على هامش التمرين التكتي بالذخيرة الحية، حدّثنا العقيد الركن كمال عن فوج الحدود البرية الثالث المتمركز في منطقة ينطا، وعن انتشاره على امتداد ٧٥ كلم تقريبًا على الحدود اللبنانية السورية في منطقة البقاع الغربي، بدءًا من عنجر شمالًا وصولًا إلى مشارف مزارع شبعا جنوبًا. وأضاف: مهمتنا الأساسية هي ضبط الحدود اللبنانية، ومنع التهريب والتسلل بالاتجاهين، بالإضافة إلى منع الاعتداءات وحماية سكان المنطقة، والتفاعل والتعاون معهم لتسهيل حياتهم اليومية ومنحهم الشعور بالطمأنينة.
ويتابع عسكريو الفوج دورات متواصلة على صعيد القتال في الأماكن المبنية والريفية، وأخرى في مجال مراقبة الحدود البرية وضبطها بإشراف فرق تدريب أميركية بريطانية وكندية. إضافة إلى التمرّس في قيادة مقطورة أبراج مراقبة متحركة واستخدام أجهزة الإشارة...


إمكانات كبيرة
بدوره، أبدى فريق التدريب الاستشاري البريطاني الذي قام بتدريب عناصر فوج الحدود البرية الثالث لمدة أسبوعين، قبل التحضير لمناورة «السد المنيع»، إعجابه بنجاح الفوج في إظهار إمكاناته الكبيرة في إدارة قيادة عمليات، للقضاء على مسلحين نسبة إلى الوسائل المتوافرة لديه.