قتال خاص

سريتا القتال الجبلي تدريبنا قوت أيامنا
إعداد: ندين البلعة

التدريب القاسي قوت العسكريين اليومي. أما إذا كان هؤلاء من وحدات القتال الخاص، فهو خبزهم والماء والهواء... هذا ما هو عليه حال المغاوير المتخصصين في القتال الجبلي. وأخيراً كان على مجموعة منهم أن تجتاز تمرين سير ختاماً لدورتي «BAM» وآمر فريق جبلي.
الوعد بتسلّم الشهادة كان في اللقلوق، أما التسلّم ففي تمر طيبة على بعد 15 كلم وارتفاع 1000 متر، وفي حين رافق الملحق العسكري الفرنسي وقائد فوج المغاوير المتدربين في سيرهم، كان على كل من هؤلاء أن يحمل على ظهره معدات وزنها 14 كلغ.

 

دورة تأسيسية
برفقة قائد فوج المغاوير العقيد الركن شامل روكز، والملحق العسكري الفرنسي Colonel Petrel، وفريق التدريب الفرنسي، سار عسكريون من سريتي القتال الجبلي من اللقلوق الى تمر طيبة حيث أقيم احتفال تسلّمهم شهاداتهم.
قسم من المتدربين تابع دورة «BAM» (Brevet Alpinisme   Militaire) والقسم الآخر تابع دورة آمر فريق جبلي (Chef d'équipe).
مدير الدورتين، الرائد سميح خليل (الذي تابع بدوره دورة آمر فريق) يشرح:  
«BAM»هي دورة تأسيسية للقتال الجبلي الصيفي، حيث يتدرّب العسكريون على تقنيات السير في الجبال والتسلّق لمتابعة دورات القتال.
ينتقل المتدرّبون في الجبال (على ارتفاع يراوح بين 800 و1000م) ويسهّل مهمتهم هذه، دروس الخرائط للإستدلال في الجبال وتحديد مكان المهمة. ولكن الأهم أن يتحلّوا باللياقة البدنية اللازمة لتحمّل الضغوط.

 

خبرة وتميّز وصعوبات
الرقيب إيلي حجار، من سرية القتال الجبلي الثانية، تابع هذه الدورة ويقول: بعد إنجاز عدد مهم من تمارين السير والتنقّل في الجبال، نخضع لاختبار تقني هو تمرين سير مسافته 15 كلم على ارتفاع 1000م، علينا اجتيازها بمدة أقصاها 4 ساعات، بينما نحمل 14 كلغ... وهو يرى أن الخبرة التي اكتسبها من هذه الدورة مهمة جداً...
من ناحيته، يوضح الجندي أحمد سليم، من سرية القتال الجبلي الأولى، أن ال«BAM» الصيفي «يعلّمنا كيفية التعاطي مع الحالات الطارئة». كما يواجه المتدربون صعوبات المرور في الجبال القاسية، ما يتطلب منهم نصب مشاغل للتسلّق واجتياز مسافات بعيدة حتى في حالة التعب.
ويرى الجندي زين الساحلي، من سرية القتال الجبلي الأولى، أن للبنانيين خبرة في الحياة الجبلية، أما الفرنسيون فيأتون بعتاد جديد ومتطور وتدريبات متقدمة.
«يمكننا التأقلم مع كل المدربين... بمن فيهم الفرنسيين الذين يعتبرون حازمين وصارمين في النظام والتدريب، في النهاية نريد اكتساب الخبرة...».

 

آمر فريق... مسؤولية أكبر!  
حول الدورة الثانية (آمر فريق جبلي)، يقول الرائد سميح خليل: آمر الفريق هو الذي يقود فريق من عدة عناصر (3 - 9) تابعوا «BAM»، في الجبل. هم يعرفون كيفية التسلّق في الجبال، أما آمرهم فيجب أن يصنع مشغل التسلّق ويركّبه، ويحضّر فريقه لعبور ممر جبلي بالعتاد اللازم (équipement de passage).
الأساس في هذه الدورة هو أن يعتاد آمر الفريق الامرة، فهو يقود الفريق ويحدّد المسلك للإنتقال ويفرض تدابير حيطة على العناصر. هذه المسؤولية تتطلّب منه مجهوداً جسدياً وفكرياً كبيراً. فآمر الفريق يكشف على عسكرييه وعلى رفاقه وعلى نفسه، وهو بالتالي يحتاج الى معرفة التعليمات التقنية اللازمة لتجنّب أي خطأ يمكن أن يؤدي الى رسوبه أولاً في الدورة، ومن الناحية التطبيقية يمكن أن يعرّض فريقه للخطر.
الملازم الأول هادي حسن، مساعد آمر سرية القتال الجبلي الأولى (تابع دورة آمر فريق)، يعتبر أن على آمر الفريق أن يتميّز عن فريقه بلياقة بدنية أعلى، ومعرفة الجبال والقدرة على التفوّق فيستطيع قيادة عناصره وتولّي أمرهم.
وفي السياق نفسه، يرى أن صعوبة اجتياز المناطق الجبلية للوصول الى هدف معيّن على ارتفاع كبير وتدميره، تبرز دور آمر الفريق في تسهيل العمل.
لذلك عليه أن يكون قادراً على التكيّف مع المتغيّرات الطبيعية، سريع البديهة ويستوعب الأمور حتى تحت تأثير الضغوطات.
ويشير الملازم الأول حسن الى أهمية الإنسجام بين عناصر الفريق وآمره، فكرياً وجسدياً، ما يؤدي الى إنجاح المهمة بأقل خطأ ممكن.
أما من ناحية التعامل مع الفريق الفرنسي، فلا مشكلة طالما نعرف لغتهم، ونتمتع باللياقة البدنية والقدرة على الاستيعاب والتأقلم. ولكن الفارق بيننا وبينهم عتادهم الأكثر تطوراً، كما أن سرايا الجبال عندهم هي قطع مستقلة مخصصة للقتال الجبلي على عكس السرايا اللبنانية التي تقوم بكل المهام في أي مكان وزمان.  

 

تعاون دائم
الملحق العسكري الفرنسي Colonel Petrel أوضح أن هذه الدورة تأتي في إطار التعاون الدائم بين الجيشين اللبناني والفرنسي، والاتفاق بين وزارتي الدفاع اللبنانية والفرنسية لتدريب سرايا القتال الجبلي بقيادة العقيد الركن شامل روكز. ويزيد على هذا الإيضاح قائلاً:
«لا تختلف الجبال الفرنسية عن الجبال اللبنانية سوى بالإرتفاع، حيث أن ارتفاع جبالنا يراوح بين 2000 و4000م، فيما أعلى قمة في لبنان تبلغ 3083م ولكن حتماً تقنيات القتال والتعامل مع الجبال هي نفسها.
من جهته يعقّب رئيس فريق التدريب الفرنسي Capitaine ASCEDU «إن الجبال الفرنسية أكثر قساوة وارتفاعاً ما يضطرّنا الى البحث عن المسلك الأسهل لاجتياز الجبال.
أما في لبنان فالجبال أقل ارتفاعاً وصعوبة وأصغر حجماً ما يجعلنا نبحث عن الصعوبة لتلقين الجيش اللبناني تقنيات قتال ومهاجمة أهداف في أماكن صعبة».
كما يشيد الإثنان بمدى اندفاع العسكريين اللبنانيين وتأقلمهم مع الجبال، فهم يتميّزون بلياقة بدنية عالية، ومقدرة على تنفيذ المهام العملانية...
وهذه التدريبات تؤدي الى زيادة قدراتهم العملانية، وتعزّز تعاضد الفرق، فقط عليهم إعتياد التحكّم بقدراتهم وجهودهم نحو الأفضل.

 

التخريج
تابع دورة «BAM» 42 عنصراً نجح منهم 28، ودورة آمر فريق 20 عنصراً نجح منهم 13. تدرّبوا مع فريق من 5 فرنسيين من تاريخ 14/9/2009 وحتى 8/10/2009.
وبعد تسليم الشهادات للمتخرجين، ألقى العقيد الركن شامل روكز قائد فوج المغاوير كلمة أشاد فيها بجهود العسكريين وشجّع من لم يستطيعوا اجتياز الدورة ليكونوا أكثر إصراراً في المرة القادمة.
وأضاف:
«هذه الدورة هي وسيلة للقتال، لاجتياز ممر وزيادة لياقتكم البدنية. ولكن القتال هو عمل متواصل بالتنسيق بين العناصر للوصول الى الأهداف المنشودة.
لذا فإن التدريبات لا تنتهي بل هي خبز العسكري وحياته اليومية».
كما حثّ عناصر سرايا القتال الجبلي على أن يبقوا الأوائل في الجبال... التي يجب أن يكونوا قد «حفظوها» وشجّعهم على بذل جهود أكبر، فالشهادات التي ينالونها هي «حِمل» على أكتافهم...
وأخيراً شكر العقيد الركن روكز الفريق الفرنسي على الدعم والتدريبات المستمرة...
بدوره بادل الملحق العسكري الفرنسي العقيد الركن روكز مبدياً تقديره التعاون بين الجيشين وخصوصاً بين لواء المشاة الجبلي الفرنسي وفوج المغاوير. وهنأ العناصر الذين وصلوا الى هذه المرحلة مشدداً على ضرورة الإبقاء على علاقات الصداقة بين الجانبين.
في الختام قدّم العقيد الركن روكز دروعاً تقديرية للملحق وعناصر فريق التدريب الفرنسي.

 

طائرة بدون طيار
في إطار التدريبات الدائمة في فوج المغاوير، نفّذ عناصر الفوج تمارين تدريبية بواسطة طائرة بدون طيار (RAVEN RQ - 11B).
ويشرح العقيد الركن روكز أن هذه الطائرة هي طائرة إستطلاع ومراقبة تتوجه من مركز ثابت، وتعمل على الشحن ضمن مسافة تقارب الـ10 كلم. وهي تسمح بمراقبة الأهداف وحصرها (Zooming) ورؤية كل ما هو ضمن نطاق عملها. أي أنها تؤمن نوعاً من الإستطلاع البعيد المدى للقوى التي تستخدمها، وهي شبه غير ملحوظة.
هذه الطائرة موجودة لدى القوات الجوية، وفي فوج المغاوير فريق مدرب على تشغيلها يعمل مع القوات الجوية.
تمارس RAVEN RQ - 11B مهمات الإستطلاع قبل المعركة لوضع الخطة ومتابعتها وخلالها لإدارة العملية وبعدها لتقييم نتائج العمل.
هذه الطائرة هي نقلة نوعية على صعيد الإستطلاع المتقدم في الجيش اللبناني، وهي جزء من الجهوزية التامة؛ والمناورات التي يقوم بها فوج المغاوير لتعوّد التعامل مع هذه الطائرة تهدف الى زيادة خبرة العناصر التقنية في هذا المجال.
كما يعمل الفوج على تدريب فصيلة إستطلاع مع الأميركيين على معدات متنوعة وفعالة تكمّل عمليات الإستطلاع التي تؤمنها الطائرة بدون طيار.