سلطات العولمة في المجتمع الدولي "الرقمي"

سلطات العولمة في المجتمع الدولي "الرقمي"
إعداد: د.نسيم الخوري
استاذ الإعلام في الجامعة اللبنانية ومدير سابق لكلية الاعلام والتوثيق

 

 

 

العولمة او الكوننة او العالمية مصطلح يرادفه Mondialisation بالفرنسية و Globalisation بالانكليزية، وهو مصطلح متقدم جداً. ولا نغالي إذا اعتبرناه مصطلح القرن  المقبل بامتياز، اذ لم نشهد ان عرفت كلمة اخرى هذه المضامين المتشعبة الغنية التي لم تعرف الاستقرار والارجح انها لن تعرفه قبل زمن طويل. فالعوملة ظاهرة عالمية تشغل الفكر في تحولاته بين الفيتين تأتي مصحوبة بسلسلة فائقة من التداعيات الكونية الجديدة والصاخبة. وكأنها تنهي الكثير من المعارف والافكار والتصورات والنظريات التي افرزها التاريخ المنصرم. وهذا يعني اعادة النظر الشاملة بالمقولات والمعتقدات السياسية والاقتصادية والثقافية التي لازمت البشرية منذ انبثاق الدولة الحديثة في تطور مفاهيمها.

هل العولمة هي القطع مع التاريخ والمناهج والثقافات بما يعني ايضاً انهيار الدول وسياداتها والاقتصاد والثقافة الوطنية، وكذلك الانسان المعاصر وهويته ولغاته وثقافته؟

إننا، حتماً على اعتاب عالم جديد، له معانيه وافكاره وادواته ومذاهبه، وله وقعه المتنوع على الافراد والدول. وهو وقع يجتاحه التشوش والغموض والتباين في الآراء والنظريات والمواقف.

هل نقول ان المواقف من العولمة مسألة ثقافية تتراوح ردود الفعل حولها بين اجيال ثلاثة او تيارات. فهناك جيل العولمة والانتي عولمة وجيل التوفيقيين الذي يحاول ان يوفق بين الشكل والمضمون في زمن تتقدم فيه الاشكال وتنكفئ فيه المضامين.

لن نكرر في هذا المجال مقاربات العولمة وتعريفاتها الكثيرة وتجلياتها واداوتها في الاقتصاد والمال او في السياسة والثقافات([1])، ولن نغوص في التفاصيل التي تربط بين العولمة وتقنيات الاتصال والاعلام التي سهلت انتشارها وطغيانها "فلسفة" تقوم على  انقاض الفلسفات القديمة، ولن ندخل في مفاهيم الشبكات في اجيالها المتعددة. بل سوف نكتفي بالاشارة الى سلطات العولمة ورموزها الكبرى، وهي السلطات التي تأتي على انقاض السلطات التقليدية الاخرى السياسية والاقتصادية والتربوية والثفافية. فقد انهارت مجمل هذه السلطات القديمة او هي في طريقها الى الانهيار امام اجتياحات العولمة التي تبدو "حقائق خيالية" فتفرز سيادة الدول الرقمية والمجتمعات الرقمية، وربما الانسان الرقمي.

في ضوء هذا كله، نتطرق الى دراسة:

1- القرية او المدينة او الامبراطورية الكونية، في البحث عن سلطات العولمة.

2- سلطات الانترنت.

3- السلطات الرقمية

4- سلطات الريموت كونترول او اجهزة التحكم عن بعد.

5- العولمة وادبيات "نهاية العالم"

ولا تنفصل هذه النقاط([2])، الا منهجياً فهي تتضافر لاعطاء فكرة عن هذه السلطات الوهمية الممثلة للعولمة والتي تكاد تشابه المظاهر الطبيعية الكبرى التي يصعب التهرب منها او مقاومتها، فتبدو المعلومة او ادوات الحصول عليها مفاتيح اساسية في دخول العصر او البقاء في العصور الغابرة.

 

سلطات العولمة

من القرنة الى المدينة والامبراطورية الكونية

اتخذت العولمة حضورها كفكرة متكاملة مع ظهور مؤلفين مشهورين: الاول لمارشال ماكلوهان، والثاني لزبيغنيو بريجنسكي منذ الستينات.([3])

يقوم الكتاب الاول على تجربة الحرب في فيتنام والدور الذي لعبه فيها جهاز التلفزيون حيث لم يعد المواطنون مشاهدين بل مشاركين في الآراء والمواقف واختلطوا بالعسكريين. وبرزت في زمن السلام الوسائل الالكترونية تنحو لانهاض المناطق غير الصناعية من العالم. هكذا تغدو الشاشات والصور محفزات للتغيير الاجتماعي في العالم.

وظهر، في الوقت نفسه، في اميركا شعار "ثورة الاتصالات التي طورت الرغبة في الانفاق والمسؤولية الاجتماعية الجماعية، ورفض الشباب، وعصر الاحكام الفردية وكل ما يؤلف مجتمعاً جديداً".([4]) وبدأت فكرة "القرية الكونية" تحتل الاذهان والاساطير والابحاث مشكلة منذ ظهورها الفكرة الجاهزة تماماً لرسم ملامح سوق عالمي واسع داعم للافكار الكلية التي كانت تزيد من تأكيد صوابيتها الازمات العالمية المتنامية (الم نلحظ هذا الامر في عاصفة الصحراء. في حرب الهجوم الاميركي على الخليج، حيث تداخل العسكريون بالمدنيين عبر التلفزيون رغم إقامة الحواجز التي كانت تورثها الحرب النفسية فتزيد الهوة، على العكس، بين الطرفين؟).

وفي المؤلف الثاني، فضل بريجنسكي([5]) تعبير "المدينة الكونية" على "القرية الكونية" في ردة فعل حادة الى الجماعة، وفي مناهضة لمسائل القرابة والعلاقات الحميمة التي تنتجها القرية وهذه امور غير واقعية بالنسبة الى المحيط الدولي. فقد حولت مقولات الاختلاط بين التلفزيون والكمبيوتر والاتصالات التقنية العالم الى عقدة قوية من العلاقات البشرية المتوترة والعصبية والمتحركة.

وقد كرس سقوط جدار برلين في المانيا([6]) وانهيار الاتحاد السوفياتي النصر الاميركي، واجهاض الاممية الشيوعية كفكرة. فليس سوى كونية واحدة في الافق. هي اميركية... "تسيطر على الاسواق العالمية للاتصالات.. مما خلق ثقافة جماهيرية لها سلطة يجهر العالم في تقليدها والتطلع الدائم نحوها".([7])

وكان اول تحقيق للغة العولمة ملامح "السوق الشامل"([8]) او سوق العولمة والافكار التي استقتها الشركات الكبرى لتشريع فيضانها فوق حدود الدول واصبح في الامكان تحقيق "الامبراطورية الكونية" التي جاءت نتيجة تضافر جهود العلماء والتقنيين لتفرز الاسواق الهائلة لرؤوس الاموال ومنتوجات الخدمات اللانهائية التي جعلت من العالم مركزاً واحداً للعرض Market Place وقادت هذه النظرة في العولمة الى ترسيخ تعابير مثل "حرية التعبير التجارية" وبدت معها الكرة الارضية في خدمة الاعلان "لغة العالم الجديدة" او "السوق البشري الشاسع" ([9]).

وبدأ صراع بين العالمية والخصوصية وما يزال، وظهرت كلمات مثل "أمركة" ([10]) العالم او" دولرته" ([11]) حيث تتضارب الآراء وتتشظى الثقافات في اتجاهي العولمة والفتفتة ([12]) اللذين قد يشكلان وجهين لحقيقة واحدة هي التفكيك واعادة التركيب. لكن من دون التمكن من الخروج من دائرة اللاعبين الجدد العالميين ([13]) الذين "يرسون" في بقعهم الوطنية خلف شاشاتهم ويفكرون على مستوى العالم في الوقت نفسه في كيفية تقديم المعلومات المكثفة السهلة "غذاء" عصرياً للعالم قد لا ينفذ.

لا سلطة إذا في حرية نقل المعلومات لكن "طالما ان نقل المعرفة مهما كان نوعها يتبع نسق المعايير التابعة لسلطة سياسية واقتصادية فإن مثال ديمقراطية المعلومات يبقى حتى الان في المرحلة الخيالية"([14]).

 

سلطات الدول الرقمية

كيف يناقش الباحث هذه الرؤية الديمقراطية إذا كانت سلطات الدول في اقصى تجلياتها ونعني بها العسكرية تفرز حروباً وهمية خيالية حيث "يعتبر جنود الولايات المتحد قراصنة المعلومات في العالم. وحيث لم تعد السلطة الخام هي القوة المفضلة لمجتمعاتنا المتطورة بل الوصول الى بنوك المعلومات وشبكات الاتصال في العالم ومراقبتها هو الاساس" ([15]).

انها الحروب عن بعد حيث ادارة المعلومات كل المعلومات مهما كانت هي صاحبة الدور المفصلي اذ "تدور المعطيات على شبكات العالم وبين مقرات القيادة العسكرية الموجودة في عواصم الدول الكبرى حيث يتمرس اصحاب القرار السياسي وبلغة واحدة وكأنهم لا يرون كمقاتلين ابداً سوى صور مواقع الخصم..."([16]).

انهم يشابهون في ذلك اطفال العالم الذين يتمرسون على القتل والتدمير في ألعابهم الالكترونية وكأن الانسان يعاود الطريق الى ممارسة طفولته امام قساوة الواقع عن طريق ممارسة الحروب الفعلية([17]).

ويفترض الاشارة في هذا الميدان الى معنى الانهيار والقتل الذي اصبح عادة من طبيعة الناس، وخصوصاً الغربيين والعالم عموماً. اذ يشير احد تقارير "جمعية علم النفس الاميركية ([18]) الى مسألة اساسية حيث "ان الطفل الاميركي يكون في نهاية تحصيله الابتدائي قد شاهد 8000 حالة قتل و100.000 حاثة عنف... ما يؤدي الى تأثيرات تروضه وتهدئه الى حد ما حيث تغور هذه التأثيرات فتقوده الى كوابيس وتحول الى ممارسة القتل عن طريق الالعاب الالكترونية والتماهيات التي تفضي الى ممارسة العنف والقتل الفعليين ([19]).

وفي اشارة الى فيلم "البرنامج" The Programm المشهور للمراهقين حيث يظهر بطل الفيلم على جادة اميركية ثابتاً لا يتحرك امام العربات السريعة وحيث يتم سحقه بالطبع وتمر فوق اشلائه الاف العربات ويتناثر جسده وبقاياه في الشوارع الاميركية، الامر الذي خلق ضغطاً وسخطاً حدا بالشركة المنتجة الى قطع هذا المشهد وحض الكونغرس الاميركي على المطالبة بقوانين تحد من العنف على التلفزيون وحذت الحكومة البريطانية حذوه في قوانين مماثلة([20]).

"لقد تحولت "هذه الفلسفة" العنيفة الى الالعاب الالكترونية التي اصبحت السلوى الوحيدة للمراهقين وتقترح هذه الالعاب قصصاً ومغامرات وسيناربوهات تستقي احداثها اجمالاً من حروب فعلية مثل فيتنام وافغانستان ونيكارغوا وعاصفة الصحراء... حيث يتابع البطل فيها طريقاً وعرة قوامها قتل الخصوم والغاؤهم كلياً... وفي الثامنة عشر يكون الاميركي قد قتل فوق الاربعين الفاً دون أي وخزة ضمير([21])

هذا السلوك العارم في القتل والتخريب مألوف في الالعاب التي تشابه المخدرات وهو سلوك سهل قوامه ملامسة الزر الناعم انه سلوك يتفه فكرة الموت – الانهيار الكامل فيفرغها من محتواها الفعلي الذي ارسته الديانات والفلسفات خلال عصور البشرية.

يغدو هذا التشريط بالعنف سلوكاً عارماً عاماً في العالم كله حيث تدخل اجيالنا لا للتفرج على لذات الانهيارات بل فيها ومنها تتحرك وتامر بها حروباً بالليزر خيالية وفي متناول الجميع جاهزة وحقيقية او حقائق خيالية حيث يعاد تمحور الشخصية في جسد خيالي مشحون بطاقات "سوبرمانية" يعود اللاعب منها محتقراً نفسه وصغره وعدم جدواه ووحدته القاتلة في هذا العالم القاسي الرهيب التائق الى تفجر طبيعته الاتصالية في لقاء مع آخر حي بدلاً من تفجر طاقاته الذهنية والجسدية الحية لمصلحة عوالم سرعان ما تختفي لكنها تنحدر بالشخصية في لزاجيتها نحو الصمت المشابه للقوة الفائقة.

تلك هي ملامح الانسان الانترنتي المعاصر، فما هو المقصود بسلطات الانترنت؟

 

سلطات الانترنت

قد تكون الانترنت او شبكة الشبكات هي التي تساعد على ردم الهوة بين الانسان والتقنيات اذ خطا الانسان بواسطتها خطى سريعة تفوق بكثير الاستطالات القديمة التي جعلت رجليه وسمعه ونظره ولسانه او صوته تتمثل في الدولاب والهاتف والشاشة.

وما اختراع الكومبيوتر الا استجابة لتقديس قدرة الانسان الذي جعله على صورته محاولاً ان يجمع هذه الاستطالات الى مخ صناعي وذاكرة صناعية وشبكة اعصاب صناعية زودها باطراف كهربائية وميكانيكية وعيون واذان الكترونية وعلمها الحركة والكتابة والقراءة. ومنحها لغته وضع في برامجها عصارة فكره وتجاربه واستانس برفقتها في مصنعه ومتجره ومكتبه وقاعة درسه وغرف معيشته وبهذا اصبحت ذاكرة الانسان مستودعاً او وعاء وحواسه هوائيات ولغته اشارات ونبضات وفكره مواد قابلة للتعليب من خلال اساليب الذكاء الاصطناعي.

ان استشراء المجاز في اسقاط الحواجز بين الانسان والالة رغم الاقرار بصعوبة ارتقائها الى مستواه يدخل شبكة الشبكات الى المستوى الذي تبدو فيه ممثلة لاقصى تجليات الاتصال الاصطناعي الذي هو في راينا اللااتصال.

تساعد الانترنت في تثبيت مركزية الاعلام فتندمج الالياف الضوئية والكابلات الارضية والبحرية واشعة المايكرويف ودوائر الاقمار الصناعية.. الى درجة توصل معها الامر الى التخوف من "حدوث ازمة مرور للاقمار الصناعية التي تتزاحم في ارتفاعها الثابت بالنسبة للارض وبصورة تهدد بتداخلات موجهات ارسالها"([22]).

 

لا الجوار ولا الحوار

اصبحت تكنولوجيا الاتصالات مصدراً للجغرافيا الشفافة من حيث تسهيل مرور المعلومات والاتصال حيث بتنا لا نشعر بالفرق الكبير بين من يجاورنا ويحاورنا أي من له القدرة على الاتصال بنا عبر ملايين الكيلومترات هكذا لحقت صفة "عن بعد"([23]) السوق والمدرسة والصحة والحياة عامة في لغة عالمية واحدة اوجدتها الانترنت.

والانترنت فكرة تمكنت من توحيد شبكات الاتصال السلكية واللاسلكية والكومبيوتر في العالم وتسمح "باتصال أي شخص بأي شخص آخر بواسطة اية وسيلة من وسائل الاتصال المعروفة في شبكات متصلة بعضها بالبعض الاخر وتمسى الانترنت او شبكة الشبكات"([24]).

نشهد الان إذا التسوق عن بعد وعقد المؤتمرات والندوات والتعامل مع المصارف والتعلم عن بعد والانتاج والعمل والادارة والطبابة وتشخيص الامراض عن بعد كما التمكن من ادارة العمليات الجراحية عن بعد والمشاركة في التمثيل الفني والمسرحي والتلفزيوني والمسامرة والمراسلة واصلاح الاقمار الاصطناعية عن بعد.

انه عصر الحضور والغياب في تداخلهما. الحضور الهاتفي او "الحوار عن بعد" ([25]) حيث تظهر نماذج مختلفة في طرائق ارسال صور الحضور وهي تخضع في مجموعها لتقنيات رقمية تفترض انتقالاً لها خلافاً لالتقاط الصورة في تاريخ السمع البصري حيث لا يعود الاعلام منقولاً وحسب كما هو بل يعاد تشكيله في سرعته ونقاوته نبدو "وكأننا نعقد مقارنة في انتقال الصورة بين التكنولوجيا القاسية (او الصلبة) عن بعد اساساً الى الانتقال الوهمي التابع للنشاط الفائق للمخيلة والذاكرة والذكريات يقودنا هذا الى تاملات الفيلسوف جيل دولوز حول الفروقات بين الصورة الزمنية الثابتة والمتحركة في السينما كميدان اتصالي ادهش المحللين"([26]).

نحن إذا امام الاجابة على السؤال المطروح حول درجة ذوبان التلفزيون في الانترنت.

ومن المؤكد ان تلفزيون المعلومات Web T.V ([27]) قد ازال الحدود بين التلفزيون والانترنت حيث تبث الاصوات والصور دون تحديد فعلي للجمهور وتكاد تختفي نهائياً الفروقات الانترنتية Les sites او محطات التلفزة Les chaines وفي استعمال بسيط للقابس التلفزيوني telecommande([28]).

 

انترنت2 الجماعية و3 النقالة

هكذا يتداخل الزمن الحقيقي بالزمن المختلف بين الناس حيث تسود المقطعية او نصوص ما فوق وما بعد النصوص وحيث تتداخل مفاهيم مثل السرعة والهدوء والشكل والمضمون في المستويات اللغوية.

وليس مستبعداً التلامس عن بعد بعدما تم تطوير الياف الكترونية حساسة بشكل فائق تميز بين الناعم والخشن من الاشكال. وهناك قواسم مشتركة غدت تؤمن الترجمات الفورية حيث يستطيع مشترك في طوكيو مثلاً يتحدث باليابانية ومشترك في دبي يتحدث بالعربية وآخر في واشنطن يتكلم بالانكليزية ان يتجاذبوا اطراف الحديث مع الماني لا يعرف سوى الالمانية ويبدو العالم في تقنيات العولمة متجهاً بسرعة قصوى نحو انترنت 2 الجماعية او ربما انترنت 3 حيث مفهوم الانترنت النقالة([29]).

 

السلطات الرقمية او الرقمنة بمعنى Digital  او Numerique

الكلام عن الرقيمة يعني اولاً امكانيات توفير لغة اتصالية موحدة ومشتركة بين البشر وهو تعبير يشغل في لغتنا الراهنة سلطة تقوي تقنيات الاتصال والاعلام. وتستحوذ على التفزيون وغيره كحقل اساسي للتجارب.." وهي تعني ادخال لغة الحاسوب في الميدان الاتصالي.. اذ تجمع هذه اللغة الهاتف بالكومبيوتر بالتلفزيون بعدما جمع الانترنت الهاتف بالكومبيوتر.." ([30]).

ومثلما تحول التيار الكهربائي منذ قرن الوسيلة الوحيدة في نقل الطاقة تتحول الـ bits الوسيلة العالمية الوحيدة في نقل المعلومات التي باتت تقدم بشكل رقمي مهما كانت طبيعة بثها او طريقة تلقيها (صوت، صورة، معطيات).

واذا كان الارسال يتم سابقاً وفق طرائق متشابهة analogique سواء تعلق الامر باصوات الانسان في الهاتف او كثافة الضوء في الارسال التلفزيوني فان الرقمية مكنت من تحويل واعادة تحويل الارسال الى اشارة مشفرة في لغة رقمية (صفر وواحد) هي في اساس اللغة المعلوماتية، واصبحت مقسمات الهواتف لا ترمز الى ارقام وحسب تستعمل في تحويل المكالمات الهاتفية، بل الى عقول الكترونية منمنمة دقيقة البرمجة متناهي الفعالية وبإمكانها ارسال المعطيات والاصوات والصور بعد دمجها وتحويلها الى لغة رقمية([31]).

والرقمية هي تسريع الوظيفة التقنية لتحل المقسمات هذه مكان الانظمة الالكترو ميكانيكية فيصبح كل مقسم مشحوناً بحزمة من المعلومات تسمح لنا بنقلها بواسطة "كابلات" الالياف البصرية او عبر الاقمار الصناعية والشبكات الهرتزية وبكميات غير محدّدة. هكذا يتدرج التلفزيون ليصبح جهازاً متعدّد القدرات الاتصالية، كما تتدرج الشبكات الموزعة للمعطيات الى شبكات رقمية متداخلة الخدمات([32]).

وبوضوح أكثر نقول إن إمكانيات السيطرة على الشاشة تتضاعف. فبعدما كانت الشبكة مثلاً أو البرنامج يشغل قناةً كاملة، يمكن الآن بواسطة الرقمية بث برامج تسمح لنا بالمعنى "الكاريكاتوري" إيجاد التلفزيون الانتقائي (à la carte) بدلاً من التلفزيون صاحب الوجبة اليومية المفروضة (menu). هكذا ينتهي دور المبرمجين وتتضاعف إمكانيات رؤية برنامج واحد أو اختيار المشاهد في الوقت نفسه بين مجموعات هائلة من البرامج كانت تبث قبل الرقمية بشكل متتابع ([33]).

إنًها تسهيلات تؤكد سلطة المشاهد الاضافية في تحقيق ذوقه واحترام وقته وامكانياته. فإذا كانت إحدى المحطات تبث مثلاً مباريات في كرة القدم، ثم فيلماً وثائقياً ثم آخر درامياً، فإن المشترك قادر على ترتيب هذه البرامج بالطرائق التي تناسبه ويرغب بها.

ولا ينأى المذياع, الوسيلة الاعلامية الأوسع انتشاراً في القارات، عن الانقلابات التقنية الجذرية التي تطول وسائل الاتصال. فقد سجلت منظومة الرادية R.D.S. Radio Data System إمكانيات نقل البرامج منذ العام 1980، مصحوبة بترددات ساعدت في التعرف على المرسل، أو الحصول على معلومات حول زحمة الطرق وأسعار البورصات، وذلك بتشفير الراديو بمقابس خاصة باتت في الأجهزة العادية.

وقد سمح البث الاذاعي الرقمي بتوسيع إمكانيات الحصول على البرامج بواسطة منظومة أكثر تطوراً هي Audio Brod Broadcasting Digital D.A.B.، الأمر الذي ضاعف الإذاعات المتخصصة وحقق اللامركزية في البث، فأخذت الاذاعات المحلية والاقليمية في الانتشار محققة فكرة المذياع الفضائي بواسطة الأقمار الصناعية ([34]).

وبات المسافرون عبر الطائرات قادرين على متابعة أخبار العالم، كما يعكف اليوم على دراسة راديو فضائي مخصص للسيارات يمكّن قائدها من الالتقاط الواضح لأية إذاعة على سطح الأرض مهما بعدت.

لقدد ساعدت تقنيات البث بواسطة الأقمار الصناعية على مضاعفة المشهد الاتصالي صوتاً وصورة، وغدا العالم ملكاً للإنسان المعاصر، يطلبه في باقات لا تنتهي من البرامج، وقد انهارت الحدود والعوائق والفواصل اللغوية والثقافية وتداخلت الى حد بعيد.

هكذا يبدو الانسان في القرن الجديد متمحوراً وحوله شاشة عادية أو مشفرة وفيديو وحاسوب وعلى اتصال ببنوك المعلومات، وحوله أيضاً ناسوخ (فاكس) نقّال، وهواتف مرئية، وله ألعابه الإلكترونية والهواتف المرئية ([35])أ، يتسوق ويتصل ويعلم ويتلقى عن بعد محققاً سيادته وسلطاته الجديدة بواسطة التقنيات.

وهنا نعيد نشر جدول مختصر لتطور وسائل الاتصال وفقاً للتحولات التكنولوجية ([36]):

 

سلطات "الريموت كونترول" Remote Control أو التحكم عن بعد

يقودنا البحث في سلطات العولمة الى الأجيال الجديدة من الألعاب الإلكترونية، والنتائج الخطيرة التي نلمسها يومياً سلطات  "الكترونية" الرغبات والسلوك، وميّالة الى الصمت الكلي.

ما يهمنا في هذا المجال هو كيفية الخروج من التلقي الكامل الى الادارة الكاملة للأشياء  بواسطة "الريموت كونترول" أو جهاز التحكم عن بعد ([37]) أو بواسطة الفأرة Mouse على تشابه وظيفتيهما، وتلك المنظومة قد تعوّض بل تتفوق على سلطات التعبير وهي سلطة العصر الحالي.

واذا كان الطفل أو البالغ يمارس "سلطة" تدخله الى الأفلام والأخبار والكلام بكبسة زر في يده، يبدو فيه متنقلاً من محطة الى محطة ومن عالم الى آخر في محطات التلفزيون، يغيّر ويبدّل، ويسكت من يشاء أو يترك لمن يشاء حرية الكلام، فإنه يمارس حريته وسلطته التي يعبر من خلالها، عفوياً، ولو أن عدداً من محبي الظهور يعتبرون أنفسهم قادرين على ابطال مفعول "الريموت كونترول" بين أيدي الناس المشاهدين.

كانت السلطة وما زالت على المستوى التلفزيوني مصحوبة بالكلام، لكنها تبدو في سلوك الألعاب الإلكترونية مصحوبة بالصمت أو الاغراق فيه مقابل تنامي سلطة جهاز التحكم.

هكذا يبدو هذا الجهاز سلطة فائقة ترعب الأطفال من ناحية لكنهم يروضون الرعب بالإلفة، كما "ترعب" الكبار في ظهورهم على الشاشات، والمعلنون المنتشون بالسلطة. إنه الجهاز الصغير جداً والسهل جداً، وهو المتحكم بكل أجهزة الاعلام والاعلان والمعرفة والمعلومات، ويبرز بأنه "سلاح" تأكيد التنوع والحرية والديموقراطية الاعلامية في العالم.

وقد تضاعفت سلطات الاعلام مع جهاز التحكم عن بعد التفاعلي أي Interactif Remote Control الذي يجعل المتفرج يختار بواسطته ما يريد من برامج وفي الزمان والمكان اللذين يريدهما. وما عادت محطات التلفزة تفرض أوقات ومضامين محطاتها، بل أن المشاهد هو الذي بات يكيّف هذه الأمور وفقاً لرغباته وأوقاته ومزاجه مما يمنحه سلطة مضاعفة وحرية أكبر بكثير من أجيال التلقي التقليدية. هل أصبح الإنسان عسكري الرغبة يأمر فتنفذ الريموت كونترول رغباته؟

لقد تحوّلت هذه الرغبات الى فورية بحيث ما عادت الحاجات تحتمل التأجيل ([38]) أو الانتظار، لأنها آلية ملحّة، تسيطر على الزمان والمكان والمضامين وتزيل كل الحواجز والحدود التي تضعها الدول والسلطات والقوانين، وهي تؤثر في بناء الشخصية التي تعرض عن رموز السلطة من ناحية في معانيها التقليدية الثابتة، وتعوض عنها في سلطات أجهزة التحكم وأجهزة الاعلام والكومبيوتر فتزداد الهوة بين الأجيال ويتراجع الكلام ويقوى الصمت أمام النوافذ المفتوحة ([39]) مباشرة مع العالم. انها تخرج وهمياً من "الهوة" التي تقعد الأجيال فيها، ربما، و"تتواصل".

وفقاً لما تقدم، تدهورت السلطات اللغوية وسقطت اللغات، ومنها العربية، في مخاطر الصمت، وبتنا نشهد أجيالاً تأمر من دون صوت ولا تأتمر من أحد، هذا التاريخ، سوى بانزلاقات الفأرة الصامتة القوية.

 

الفأرة "سيدة" العصور

لماذا اختيرت الفأرة قرعة النوافذ وباباً لاستدعاء المعرفة، وسادت رمزاً على الرغم من عشق الغربيين لغيرها من الحيوانات مثل الكلاب والقطط وافتتانهم بها؟

تقول الأسطورة الشرقية في الفأرة التي تشارك العنكبوت في خلودهما الى ظلمة الشقوق والجحر، إن نصيحة أسطورية المصدر يسديها الأجداد لأبنائهم تحقق نشاطاً وحيوية وذكاءً خارقاً لدى أحفادهم الحديثي المولد، وتُختصر النصيحة بوضع حبل الصرّة للمولود عند يباسه وسقوطه في جحر الفأرة. وقد ينصح في المجتمعات المدينية برميه في هياج البحر. ومهما تشعبت الأفكار والعادات، فالفأرة "بالمؤنث" إجمالاً حاضرة في لاوعي الجماعة وكأنها بطلة كل العصور، اتخذت صفة "السلطة القاهرة" للزراعة والغلال في الحضارات الزراعية البدائية.

لقد طبعت الفأرة حياة الأطفال الصغار وخيالهم سواء كانت حبال أصرّتهم في جحرها أم لا. وبدت محوراً للصور الملونة والحركة الانزلاقية السريعة والنشاط، والاكتشافات الأولى لجماليات العالم الخارجي ألواناً وحركات. ولقد اجتاحت صور الفأرة وأشكالها حياة الكبار وخيالاتهم أيضاً، ولأهداف ترفيهية وتجارية غطّت الأسواق المعاصرة، وبرزت في ألوانها الزاهية تحتل الواجهات، وتشغل اللغات الاعلانية والدعائية، وتدفع المنتوجات والسلع الخاصة بالأطفال والكبار بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية. وغدت حضوراً متألقاً توشى بصوره الثياب والكتب والقرطاسيات والعطورات والمأكولات. ولها أسماؤها ومنتدياتها ومطاعمها ومدنها (والت ديزني) وعرباتها وألعابها التي لا تنتهي تشغل ذاكرة الأطفال وتلهب حماسهم دون أدنى تمييز في الاستعمال بين أذواق الذكور وأذواق الإناث([40]).

لقد طبعت الفأرة، أيضاً، حياة البشرية لا بالمعنى الأفقي الجمالي، بل بالمعنى العلمي الموضوعي، لأنها شكّلت منذ بداية الموضوعية "الجسر" التجريبي الذي عبر ويعبر الانسان من خلاله الى العلم والحقيقة والاستنتاج وذلك عن طريق التجارب، الذي حوّل الفأرة الى "حقول" للاختبارات البيولوجية والطبية والعلمية بشكل عام. وتتحمل الفأرة مخاطر الاكتشافات وتجارب الأدوية والتحاليل المخبرية قبل تمريرها صالحة الى الانسان. ولا ندري إن كان في الصورة الزاهية و"الحضارية" للفأرة نوع من التعويض عما تقاسيه أجيال الفئران في مختبرات العلماء من "آلام".

 

واذا كانت هذه الصورة نتيجة لهذه التجارب، فهي لا تنفي كون البشرية، ومعها الفئران، عاشت حتى الآن مرحلتين في التعاطي مع وسائل الاعلام:

مرحلة التلقي الكامل.

مرحلة المشاركة والأمر بواسطة أجهزة التحكم عن بعد.

تبدو الفأرة مجدداً معروفة بالMouse الموصولة بالشاشة في اللغات كلها. تأتي لتشغل الزمن المعرفي المعاصر، واذ يحوقها المرء براحته يقبض على المعرفة كلها. إنها الرمز القوي الذي يحرك المؤشر أو السهم على الشاشة بهدف الجهوزية السريعة والكاملة لفعل النقر أو الكبس، وهنا يلاحظ التناغم بين الفأرة الاصطناعية الثابتة نسبياً تحت الأصابع وسرعة انزلاق المؤشر فوق الشاشة.

 

السهم والساعة الرملية

لقد توقف الفكر اليوناني في معالجته الواسعة لمعضلة الزمان فلسفياً في اعتباره نبع الحركة الدائمة. ومن هذه المعالجة انبثقت صورة السهم رمزاً حاداً يشير علمياً الى المستقبل وتركزت في عقارب الساعات الوحيدة التي تصاحب حركة الزمن ودورته وايقاعاته الاصطلاحية.

بهذا المعنى "ذهب أرسطو الى القول بأن وحدة قياس الزمن في اطار "قبل" و"بعد" تفترض السهم أي فكرة الموجّه Vector أو Vecteur بالفرنسية والمحدد برأس السهم الذي يشير طوله الى الزمن المنقضي"([41]).

يستدعي الكلام عن الزمن المنقضي، العودة الى الساعة الرملية، الشكل الأول للزمان في مغامرة آلية لم يكن معها سهلاً ضبط حركية هذا الزمان. واذ ينقر على رأس الفأرة في ضبط للسهم المنزلق كمن يمسك الماء في البداية وهو يحاول الدخول الى الشاشة.

لم تكن تلك المغامرة سهلة في مصالحة الأجيال على الرغم من أن ظاهرها بدا سهلاً.

واذ "يمر" النقر، تمثل الى جانب السهم فوق الشاشة ساعة رملية أو بكرة المعرفة التي لا يوثقها عائق أو قانون في تنقل الرمل من زاوية الى أخرى الا بمرور الزمان.

والبكرة في اللغة([42]) من بكر أي تقدم وأسرع وعجّل في كل شيء وهي في أساسها آلة مستديرة في وسطها محزّ يمر عليه حبل لرفع الأثقال وحطّها.

ويقال: "والبكرات شرهن الصائمة"، أي التي لا تدور. والبكرة في هذا الميدان فترة زمنية تحققها التقنيات في استدعاءات الصور والكلام والمواقع، وتكر من الساعة الرملية وفق سرعات متنوعة ([43]) مختلفة، محققة سلطات الفأرة وأجيالاً متباعدة، متصلة، قليلة الكلام.

 

“Mon ordinateur m’a souri” او الفأرة الضاحكة العاطفية

لا تتجلى  سلطات الفأرة في قساوتها، الا في استغراق الغرب في الكلام عن المعلوماتية العاطفية، وهو ليس خيالاً بل علم جديد يبحث في رفع التحديات السلطوية التي تتمتع بها تقنيات الاتصال. يهتم هذا العلم بمعرفة حالات المبحر في الشاشات من الناحية العاطفية، ومدى استجاباته لما يشاهده صامتاً او جاهداً بطيئاً في النطق. فهناك الفئرات العاطفية المزودة بلواقط تقيس مع كل نقرة ذبذبات الجسد الاتصالية بهدف تحديد واستنتاج مدى الارهاق والحالة النفسية المعقدة او الارتياح الذي يعيشه المبحر.([44])

ويسود اعتقاد([45]) بمستقبل هذه الاشياء  والافكار التي تسمح عن طريق الصوت والصورة معرفة حالتنا الفيريائية اثناء الاتصال. فتنبه الدماغ إلى اتخاذ حذره لتغيير الحالة العصبية التي يكون فيها المتصل او ضبطها. وتساعده على التحكم بما يشحن به زمنه المعرفي السريع. وستكون هذه الاشياء اجهزة متناهية الصغر تسمى Handy 21 تيمناً بالقرن الواحد والعشرين. يمكن ادخالها في الاجهزة الاتصالية كلها فتنفذ الاوامر الصوتية دون الحاجة إلى لوحات المفاتيح. ستكون روحية تدخل الهواء الذي نتنشقه ولهذا السبب منحت هذه الشبكة الدقيقة اسم اوكسيجن “oxygen”([46])

 

العولمة وادبيات نهاية العالم

تأخذ مقولة العولمة ونهاية التاريخ اتجاهاً يختلف كثيراً عما سبقه من معتقدات واساطير، فهو يركز على مخاطر العلوم النوعية والاكتشافات التي حققتها البشرية في مختلف المجالات وخصوصاً المعلوماتية منها. انه ليس اتجاه الموصومين بالجهل الذي يلعنون العلوم وتقدم الانسان والتي تقود إلى الالحاد والكفر. وليس الذين يربطون بين المعرفة والانهيار، فيشكلون مجتمعات فردية منعزلة، لها فرقها وطقوسها وقوانينها واسالبيها الجديدة في العيش، حيث العودة إلى الطبيعة والبساطة والتقشف وشظف العيش والايمان الجديد.

نقصد هنا العلماء والباحثين الذي وعوا العلوم والاكتشافات وبنوا نظرياتهم في "يوم الدينونة" ([47]) على مفاهيم علمية وواقعية تفتح اعين البشرية على المخاطر المحدقة بهم من جراء هذا التقدم العلمي هكذا نجد انفسنا بهذا المعنى امام اتجاهين اثنين يفضيان إلى  النتيجة نفسها:

بالاضافة إلى الكوارث الطبيعية المتضافرة، وصناعة الجريمة وطغيان العنف في العالم، هناك الانفجار السكاني الذي اشار اليه "برندون كارتر" في كتابه جدل اليوم الاخير او يوم الدينونة حيث جعلنا نتصور مشهد 12 بليون نسمة يدبون على سطح البسيطة في القرن الواحد والعشرين. لكن معظمهم سيلقى حتفه بسبب فقدان طبقة الاوزون او التسمم بسبب من التلوث الذي يلف الكرة الارضية التي يحد نهايتها عام 2090م. مركزاً على جنون البقر في بريطانيا حيث تتصاعد منها غازات تسبب ارتفاع حرارة الارض التي يتوقع ارتفاعها إلى 16 درجة عما هي عليه في الثلاثين سنة القادمة ويتطرق إلى الاسلحة الجرثومية والكيماوية، فيركز على الحرب النووية الواقعة حتما وان الجميع سيلاقون حتفهم فيها لان القنابل الاستراتيجية العصرية تتجاوز طاقاتها آلاف المرات القنبلة الذرية التي دمرت هيروشيما.
ولم يغفل الكاتب الطاقة الكونية الجبارة أي اشعة الليزر والتي تشكل بدورها مشروع حرب "النجوم" الذي تبناه الرئيس الاميركي ريغن، والصخور المتساقطة من اعالي الافلاك والقدرة الهائلة لهذه الطاقة في عولمة الحروب أي تدمير الصواريخ عن بعد بواسطة اجهزة الكومبيوتر.. ناهيك عن الايدز في الصحراء الافريقية وآسيا، وغيرها من التفصيلات التي لا مجال لذكرها هنا.

الاتجاه الثاني الذي يعتبر كل ما يقال في النهايات والانهيارات من قبيل المواد الاعلامية المشوقة والتجارية التي تنهمر من وسائل الاعلام العالمية اذ وحدها الصحافة تخلق هواجس الالفية الثالثة في عصر سلطات العولمة. واذا كان ثمة مشكلة عالمية ففي خسارة الذاكرة التاريخية حيث لم يكن قرننا الاكثر قتلاً رغم جرائمه الكبرى..."([48])
ويرى هذا الاتجاه ان اختفاء الانسان في نهاية التاريخ ليس كارثة كونية لان الانسان سوف يبقى كائناً حياً منسجماً مع الطبيعة... "وما معنى نهاية التاريخ سوى نهاية الحرب والصراعات الدموية.. وإلغاء الظلم حيث يتوصل الانسان إلى مجتمع تغدو فيه حياته شبيهة بحياة الكلب المستلقي في الشمس طوال النهار... سعيد ما دام قد حصل على غذائه، ولانه راض تمام الرضى بما هو عليه فهو لا يخشى ان تفعل الكلاب ما هو افضل منه او ان تبقى مهنته ككلب مرواحة مكانها..
وبنهاية الانسان نصل إلى نهاية التاريخ بمعنى يشمل الفن والفلسفة وانهيارات اللغات المكتوبة، اذ لن يكون في المستطاع بعد كتابة شيء جديد حول وضعية الانسان، والفلسفة تصبح مستحيلة لانها تردد قديم الجهالة.. واذا اصبح الانسان حيواناً مرة اخرى، فان فتونه، هياماته، العابه ينبغي ان تصبح بدورها "طبيعية" ينبغي ان يكون مقبولاً اثر نهاية التاريخ، ان يقيم البشر ابنيتهم واشغالهم كما تبني الطيور اعشاشها (العودة إلى الغريزة) وكما تخيط العناكب بيوتها، وسيقيمون حفلات على طريقة الضفادع والزيزان، وسيلعبون كصغار الحيوانات، وسيمتنعون عن الحب كحيونات راشدة"([49])

 

الذكاء الذري

وفق هذين الاتجاهين تصبح العولمة امكانية جعل مركزية التاريخ عند اميركا التي تشغل حجر الزاوية في الافكار المعروضة دون ايجاد البراهين والحجج الكافية لاثباتها. وحيث نهاية التاريخ هي الحقيقة الاميركية المعروضة امام العالم اجمع على مختلف المستويات
([50]) والعولمة وفق هذا التطلع هي مدى حكم البشر وفق ديكتاتورية ذات سلطة مركزية لا يمكن تصورها بسهولة الا بجهاز كومبيوتر خفي وضخم يحجم البشر والكون في فعاليته وحيث تزدهر الدول والشعوب، فتتخلى تدريجياً عن الناس والسلطات، ولا تعود فيها اشكال الحكم كالحكومات مؤسسات استئثارية بالحكم بل حكومة عالمية تستخدم اعداداً ضخمة من الانظمة الذكية الاصطناعية القادرة على فهم الكلام والاصغاء لحاجات كل انسان.

هكذا نصل وفق هذا الاتجاه إلى فكر بشري قادر على التحرر من عبودية الجسد البشري وحيث تتمكن الآلات من وضع تصاميمها وبنائها في منافسه للعقل البشري والتفوق على قوته في مرحلة ثانية فتصل في مرحلة ما إلى آلات فائقة الذكاء قادرة على انتاج ذاتها بذاتها إلى ما لا نهاية وفق ظاهرة التصغير او النانوتكنولوجيا ([51])، ويشتمل بناءها على التعاطي بمهارة بالجزئيات وفق علوم هي مزيج من الكيمياء
والفيزياء والهندسة حيث تستخدم آلات تصنع آلات اصغر حجماً منها وكلها بإدارة سلطة السلطات، ونعني بها الكومبيوتر.. انه ادارة علم الذرات والسلطة العالمية حيث نشهد خطى سريعة نحو الآلات التيتعيد انتاج([52]) ذاتها إلى ما لا نهاية. هذا يفترض ايجاد اجهزة كومبيوتر تصبح في ابعاد الميكرون أي واحد من الف من الميلليمتر" ([53])

يخضع هذا التوجه المسمى بالانكماشي حتى درجة التلاشي مع مضاعفات قدراته وسهولة استعماله بالضمور خاضعاً لرقاقات الكومبيوتر التي تخضع بدورها لقانون مور([54]) الذي ينص على ان الرقاقات هذه ستبقى تتضاعف كل ثمانية اشهر العمر المتعارف عليه في احجام اجيالها ثم تنخفض كلفتها مع انخفاض حجمها. وهكذا تبقى الاجيال تتلاشى وتنقرض ويتوقع الخبراء ان يصبح الحاسوب اصغر حجماً او ارخص سعراً إلى الحد الذي يجعل الرقاقة الواحدة مماثلة لحجم الخلية الانسانية التي ستتمكن البشرية من زرعها في الاجسام او الادمغة والتحكم بها([55])

وتغدو العولمة في مظاهرها اميركية إذا او اطاراً واقعياً للمجتمع الليبرالي الوحيد، حيث الانسان الاميركي الذي يستهويه ان يجد نظامه الاقتصادي ودولته يرتفعان فجأة إلى مصاف الكمال التاريخي او انهما يجسدان الاختيار الوحيد المتبقي امام الانسانية جمعاء.. وكلما اقتربت الانسانية من نهاية الالف الثاني نجد انه يلاحظ ان ايديولوجية عالمية واحدة محتملة ذات طابع شمولي هي الديمقراطية الليبرالية، عقيدة الحرية الفردية والسيادة الشعبية.. ([56]) وحيث الولايات المتحدة الاميركية هي المجتمع العالمي الاول في التاريخ ([57])

واذا كانت الكتل الاجتماعية الكبرى او التكتلات البشرية عبر التاريخ نتائج حتمية لشبكات من الروابط السياسية والاقتصادية والدينية فانه من قبيل الخرافة تصور العالم موضوعياً يتجه نحو هذه الاشكال الواحدة وبشكل نهائي وحاسم.

واذا كان للدين حظوظ وافرة عبر التاريخ في تكتيل البشر وتوحدهم حول خطوط واحدة مما ترك آثاراً فعالة على تحديد مسارات الدول والحضارات فان للسياسية ايضاً كما للاقتصاد النتائج نفسها وكلها مجتمعة اسباب اساسية على تراجع وتنام في قوتها تمثل ما يعرف بالعولمة غير ان الاقتصاد مرهون في اشكاله المختلفة بالمعلومات او التقنيات الهائلة في وسائط الاتصال التي تشكل التعريف الاوسع للاقتصاد الراهن، وعبره يبدو الاعلام كصيغة اخبارية عنواناً بارزاً للقرن المقبل.


[1] راجع دراستنا المفصلة: "العولمة والاعلام", مجلة الدفاع الوطني, العدد الرابع والعشرون، نيسان 1998، بيروت، ص 107- 134.

[2] تشكل هذه النقاط, من بين نقاط وعناوين أخرى, بعض مواد الكتاب الشامل الذي نترقب صدوره بعنوان: "الاعلام في لبنان وانهيار السلطات اللغوية", وقد خصصنا مجلة الدفاع الوطني بهذه الدراسة منه قبل نشره.

[3] Marshall McLuhan & Quentin Fiore: War and peace in the global village. Zbigniew Brzezinski: between two Ages. America’s Role in the Technotronic ERA.

وظهر هذان الكتابان مترجمين الى الفرنسية حيث رجعنا اليهما:

-Guerre et paix dans le village planétaire, Laffont, Paris, 1970.

-La Révolution technétronique, Calmann-Lévy, Paris, 1971.

[4] E.B. Weiss: “ Advertising nears a big speed- up in Communications innovation”, Advertising Age, 19 mars 1973, London, p. 84.

[5] عالم سياسة ومدير مؤسسة الأبحاث في جامعة كولومبيا. شغل منصب مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس الأميركي جيمي كارتر.

Encarta 1999.

[6] في تشرين الثاني 1989.

[7] Michel Foucher: “La nouvelle planète”, Libération, 15 Décembre 1990, Paris, p.21.

[8] Théodor Levitt: “The Globalization of Market”, Harvard Business Review, Jun 1983 p. 37.

[9] Jurgen Habermas: L’espace public. Archéologie de la publicité comme dimension constitutive de la société bourgeoise, trad. par Marc B. de Launa, Payot, Paris, 1978, p.9.

[10] Dolarisation.

[11] Fragmatisatin أو التشطي.

[12] تراجع الصحف اللبنانية في خلال انعقاد القمة العالمية في ريو دو جنيرو- البرازيل في حزيران – يونيو 1992 حول موضوع العولمة وخصوصيات الشعوب، نجد فيها هذه المصطلحات وأخرى غيرها مشابهة.

[13] Dan Schiller: “Les marchands du cyberspace”, Le monde duiplomatique, Mai 1998, p.2.

[14] Alvin et Heidi Toffler: Guerre et contre guerre, survivre à l’aube du XXIème siècle, Fayrad, Paris, 1994, p.11.

[15] Jean guismel: “Ca sert aussi à faire la guerre”, Le monde diplomatique, Paris, Mai 1996, p. 16.

[16] إن العمليات التي قامت بها الولايات المتحدة الأميركية في كانون الثاني/ يناير – شباط / فبراير 1991 ضد العراق في تسمية "عاصفة الصحراء" نموذجية حيث حصدت 340 قتيلاً من ناحية الحلفاء بينما تقديرات تصل الى 200 ألف من العراقيين لاقوا حتفهم, لأن الموت جاء من جهة واحدة بواسطة تقنيات كبس الأزرار.

Le Monde diplomatique, Mai 1996, ibidem.

[17] El-pais, 27 Février 1992 et US News and World report, 12 juillet 1993.

[18] Le Figaro, 25 Janvier 1993.

[19] خريف 1993 من انتاج والت ديزني.

[20] 12 نيسان/ ابريل 1994.

Le Figaro, Loc. Cit.

[21] Ingrid Calender: “La drogue des video-jeux”, Le Monde diplomatique, Novembre 1995.

[22] صلاح الدين طلبه: "الثورة الحالية في أساليب الاتصال", عالم الفكر, المجلد الرابع عشر, العدد الرابع, أذار/ مارس 1984, الكويت, ص 13.

[23] Philippe Queau: “Internet, Média pour le XXIème siècle”, Le monde diplomatique, Août 1995, Paris, p.47.

[24] Philippe Queau: “Qui contrôera la cyberconomie”, Le Monde diplomatique, Fevrier 1995, Paris, p.36.

[25] Jean Louis Weissberg: Présence à distance, déplacement virtuel et réseaux numeriques, pour-quoi nous ne croyons plus à la television?

L’Harmattan, collection Communucation et Civilisations, Paris, 1999, p. 16.

[26] Ibid.

[27] لقد تخلص للانسان من أعباء الشاشة الحاسوبية وصار بإمكانه استعمال  التلفزيون للوظائف نفسها التي يستعملها بالنسبة للحاسوب في الفنادق والمنازل وأينما وجدت الشاشات, توحدت مفاهيم الشاشات في وظائفها الاتصالية.

[28] C.S.A.: “La synthèse des contributions étrangères en vue du sommet mondial des régulateurs sur Internet et les nouveaux services”, Revue C.S.A., N. 121, Octobre 1999, Paris, p.11.

[29] هناك كلام كثير حول مرحلة ما بعد "انترنت 1", حيث "انترنت 2" أو "الانترنت الجديدة" أو "الشبكة المتكاملة" أو "الساتلنت" التي تبشر بقدرات وصل أطراف متعددة في الوقت نفسه بدلاً من الاتصال بين طرفين وحسب, وعليه نحن مقبلون على تأمين خطوط اتصال واسعة ومتغيرة تخرج نهائياً من الأسلاك وتجعل الشبكة الواحدة شبكات مضاعفة متخصصة للتجارة والتعليم والاجتماع والتسلية... الخ.

WWW.IPV6forum.com

WWW.IPV6.Org

[30] بدأت التجارب في البث الرقمي على الأقمار الصناعية عام 1993 مع الأوربت Orbit المعتبرة الأولى في البث من هذا النوع وانتشرت عام 1999 وتنتهي في العام 2006 حيث تدخل الرقمية المجالات كلها. وتعتبر ايطاليا هي المركز في التجارب:

Proulx S. Breton: L’explosion de la communication, la découverte. Boréal, Paris, 1993, p.110.

[31] رضا انجار: "الثورة التكنولوجية في حقل الاتصال", مجلة الاذاعات العربية, العدد 40 تونس, 1994, ص 16-17.

[32] Réseaux Numériques à integration de services.

[33] راجع:

Thierry Mileo: “Le Phénomène Multimédia”, Médias-Pouvoirs, op. cit., p 39.

وأيضاً:

Encyclopédie Universalis, C.D.2000.

[34] تعود فكرة الراديو الرقمي الى الأميركي, اللبناني الأصل, نوح سمارة الذي أطلقها عام 1999 في مجموعته العالمية   World Space واضعاً حداً لتاريخ الأطباق في التقاط الإشارات مستعيضاً عنها بهوائيات دقيقة مثبتة في كل جهاز إذاعي تلتقط الاشارات مباشرة.
سيد يونس: "نوح سمارة صاحب فكرة الراديو الفضائي", مكتب جريدة اللواء القاهرة, اللواء, السبت 15/1/2001, بيروت, ص 18.

[35] عرضت القناة افرنسية الخامسة TV5 في 21/4/2000 في نشرة الأخبار آلة صغيرة بحجم جهاز الخليوي الصغير تجمع مجمل هذه الخدمات.

[36] إيدروج الأخضر: "الاتصال والسيادة واتجاه التدفق الاعلامي"، دراسات عربية، عدد 5-6، أذار- نيسان (مارس- ابريل) 1995، ص 60.

[37] عرفت ألعاب الأطفال جيلاً متوسطاً بين الألعاب الثابتة والألعاب على الشاشة. هو جيل الألعاب الذي يتحكم الأطفال بتحريكها بواسطة أجهزة التحكم عن بعد الصغيرة وضمن مسافات محددة، وهي موصولة لاسلكياً ببطاريات تمنحها هذه القوة في تحريك الألعاب. وهذه منظومة سائدة ومستمرة ومتحكمة بحركات الفتح والاغلاق لمجمل الحاجات الالكترونية التي تستعملها البشرية.

[38] يلاحظ أن الأجيال الفتية في لبنان غير قادرة على تأجيل رغباتها أو حاجاتها، وهذه ظاهرة مرتبطة بما تمنحه أجهزة التحكم عن بعد من مشاعر وقيم تستأهل دراسات خاصة.

[39] النوافذ هي الـWindoos بالانكليزية، وهي أبواب المعرفة التي يفتحها الانسان عبر شاشة الكومبيوتر. ونعتقد أن إسقاطاً كبيراً أيضاً يرمز الى الخروج من ظلمة الحياة الفردية التي أورثتها الحياة الصناعية للإنسان الغربي، حيث يبدو عالم الشمال منازل مقفلة الأبواب والنوافذ لا تشرع الا عبر شاشات الاتصالية في عالم لا وقت فيه للإتصالية، وتلك قراءة أفقية أولى.

[40] لا يمكن اغفال "ميني" Minnie, أنثى ميكي ماوس، الفأرة المعشوقة من الفتيات الصغيرات ومن الصغار على حد سواء، ينجذبون اليها ويتماهون بها أيضاً.

[41] سيد محمد غنيم: "النمو العقلي عند الطفل في نظريات جان بياجيه"، حوليات، عدد 13، جامعة عين شمس، كلية الآداب، القاهرة، 1972، ص 132.

[42] المنجد في الأدب واللغة والعلوم, ط 5، المطبعة الكاثوليكية، بيروت، 1960، مادة "بكر".

[43] بدأت سرعة وصول المعلومات محددة بـ200 ميغابيت Mégabits منذ عشر سنوات وتدرجت بسرعة فائقة حتى وصلت الى 1500 ميغابيت.

[44] Emile Servan Shreiber: “Mon ardinateur m’a souri”, Psychologies, N. 180, Paris, Novembre 1999, p. 42.

[45] تقوده روزالين بيكار Rosaline Picard، مديرة مختبر "المعلوماتية العاطفية" في أميركا في معهد ماسشوستس للتكنولوجيا Massachussetts Institute of Technology

[46] Emile Servan Shreiber: Ibidem, p. 43.

[47] "جدل اليوم الأخير" و"الأرض في الميزان" لآل غور نائب الرئيس الأميركي، وفيهما نظرية فتك المواد الكيماوية المركبة بالنطفات البشرية، دمجهما عادل خير الله في كتاب واحد ترجمه الى العربية ونشره بعنوان "نهاية العالم هل ستكون عام 2001؟"، ملينيوم للنشر والترجمة 1999.

[48] أمبرتو إيكو: "في الذاكرة والنسيان ونهايات القرن والألفية الجديدة", "النهار" عدد 20531، بيروت، السبت 18 كانون الأول – ديسمبر 1999. فيلسوف من المرموقين في الفكر المعاصر، بولوني مقيم في باريس له أعمال مثل "اسم الوردة" 1998، وفيه دعوة الى التوبة اذ اقتربت الأيام الأخيرة، و"العمل المفتوح" و"من سوبرمان الى الانسان المتفوق".

[49] Kojève: Essai d’une histoire raisonnée de la philosophie paienne Gallimard, Paris, 1972.

ملاحظة في أسفل الصفحة 436: والمقطع نقلاً في الأساس عن فرانسيس فوكوياما: المرجع المذكور، ص 288-289.

[50] فرانسيس فوكوياما: المرجع المذكور، ص 10.

[51] Nanotechnolgie : فرع من التنفيات يستعمل في الالكترونيات وصناعة الطائرات والسيارات.. الخ يتعاطي مع أبعاد وتفاوت للجزئيات أو الذرات مسموح من 0.1 الى 100 نانوميترا أي واحد على مليون من الليمتر... حيث دور الذكاء الذري في تجمعيها هيدروجينياً أو كيماوياً عندما تجعلها الحركات الحرارية تحتك ببعضها البعض.

Encyclopedie Encarta, 1999: “Nano- materiaux”.

[52] قد تكون النعجة دوللي من نتاج الفن التكنولوجي الذي حول امكانيات التجمع الذاتي الى حالة التكاثر الذاتي حيث تتمكن البروتينات من اعادة انتاج ذاتها كبيعياً.

[53] عادل خيرالله: المرجع المذكور, صفحة 142 – 148.

[54] Moore’s Law.

[55] Joseph F. Coates,John B. Mahaggie & Andy hines: Scenarios of US and global society – Reshaped by science and technologie, Oakill Press, Greenboro, U.S.A., 1997; in: Pierre Levy: Les Technologie de l’untelligence. L’avenir de la pensé à l’ère informatique, La Découverte, Paris, 1990, p.15.

[56] فرانسيس فوكوياما: المرجع المذكور، ص 68-69.

[57] Armand Mattelart: “Nouveau prêt-à-penser idéologique, Le Monde diplomatique, Paris, Septembre 1993, p.22.