وجه وحدث

سلمى حايك والحنين إلى الجذور
إعداد: ريما سليم ضوميط

الجميلة تعود مع «النبي»
«لم أشهد من قبل مثل ذاك الترحيب الرائع الذي لقيته في لبنان، فقد استقبلوني بالآلاف، وكنت أينما حللت، يهرع الجميع لالتقاط الـ«selfie» معي، بما فيهم المراسلون الصحافيون». هذا ما أكّدته النجمة العالمية سلمى حايك في حديث تلفزيوني لمحطّة News NBC الأميركيّة بعد أيام من مغادرتها لبنان.
النجمة السمراء التي قصدت أرض أجدادها خلال شهر نيسان الماضي، مفعمة بالحماس، حاملة شوقها وحبّها لوطنها الأم، أمضت في وطن الأرز ثلاثة أيام حافلة بالنشاطات الإنسانية والاجتماعية، وتوّجت زيارتها بإطلاق فيلمها السينمائي «النبي»، هديّة من القلب إلى كل اللبنانيين.


فيلم عظيم لكاتب عظيم
بأناقة وجمال نابع من الروح، دخلت نجمة هوليوود على السجادة الحمراء في أسواق بيروت لإطلاق فيلمها The prophet (النبي)، يحيط بها جمهور من المعجبين الذين كانوا يصفقون لها ويصرخون باسمها. حيّتهم بمحبة ظاهرة واقتربت منهم لالتقاط الصور، فأدهشت جميع الحاضرين بتواضعها وخفّة ظلّها.
«لم أكن أريد أن آتي إلى بلد الأجداد خالية اليدين، جئت وبحوزتي فيلم أقدّمه لكم من كل قلبي». جاء كلام سلمى حايك خلال المؤتمر الصحافي الذي سبق العرض الأول للفيلم. وأكّدت أن الفيلم عبارة عن رسالة موجّهة إلى الجيل الجديد، وقد نفّذ بالرسوم المتحرّكة ليشاهده هذا الجيل ويفهمه، «لأننا في أمسّ الحاجة إلى مفاهيم ومبادىء إنسانية يتربى عليها الجيل الناشىء». وأوضحت: «على الرغم من أن جبران هو كاتب وأديـب لبناني، إلا انّ أعماله وأدبه وكلماته موجّهـة إلى كل العالم وأبنـاء البشر، فهو كان وسيبقى أكبر من بلـده، وإننا في هـذه الأيام بحاجة إلى الخروج من القوقعات والعلب الدينية».
وأضافت أنّ ما قامت به من خلال إنتاج هذا الفيلم مع فريق العمل، هو مغامرة في هذه الظروف ورسالة إلى الجيل الجديد من اجل الوحدة، وكرّرت اعتزازها بجذورها اللبنانية وثقافتها اللبنانية، لافتة إلى أن «النبي» فيلم عظيم لكاتب عظيم».
الجدير بالذكر أن الممثلة سلمى حايك منتـج منفّذ للفيلم المقتبس عن كتاب «النبي» لجبران خليل جبران، وقد أهدته إلى روح جدها اللبناني الأصل. وذكرت النجمة أنها تعرّفت إلى جبران من خلال كتابه «النبي» الذي كان يحتفظ به جدّها إلى جانب سريره عندما كانت صغيرة، لكنها لم تستطع قراءته حينذاك لأنه كان باللغة العربية. وعندما بلغت الـثامنة عشرة، بحثت عنه مجدّدًا وقرأته باللغة الإنكليزية وتأثرت به جدًا إذ شعرت أن جدّها يمنحها دروسًا في الحياة من خلاله، فقرّرت إنتاجه بعدما اشترت الحقوق من جمعية جبران في لبنان، ومن ثم جسّدت بصوتها شخصية «كاملة» التي تساعد «المصطفى».
الفيلم الذي بلغت ميزانيّة إنتاجه 15 مليون دولار أميركي، من نوع الـAnimation، انتهى تصويره في العام الماضي، وعمل فيه عدد من المخرجين أبرزهم مخرج فيلم The Lion King الأميركي روجر أليرس وهو أيضًا كاتب السيناريو، ومن بينهم مخرج إماراتي هو محمد سعيد. أما الموسيقى التصويرية للفيلم، فقد وضعها غبريال يارد اللبناني الأصل والذي سبق أن وضع الموسيقى للعديد من الأفلام العالمية.
في الفيلم، يتحوّل منفى النبي «المصطفى» (صوت ليام نيسون) إلى سجن لسبع سنوات بتهمة الأفكار المخرّبة. وبدلًا من قرار الإبحار إلى موطنه، يحصل «مصطفى» على إطلاق سراح مشروط، ويتعرّف إلى الطفلة المشاكسة «ألمطرة» (كواجاناي واليس) عن طريق أمّها ومدبّرة منزله «كاملة» (سلمى حايك) وتصبح صديقته، فيحاول تعليمها كيفية التعامل مع سكّان البلدة. تم اختيار ثمانية فصول من الكتاب، كل منها يحمل توقيع مخرج صاحب بصمة خاصّة. الفصول هي: الحريّة، الأطفال، الزواج، العمل، الأكل والشرب، الخير والشر، الحب، والموت.

 

حقيقة أروع من الخيال
«لطالما تخيّلت نفسي في لبنان وحلمت بهذا البلد بجميع تفاصيله، ومنذ أن وطأت قدماي أرضه، تأكدت أن كل ما تخيلته بدأ يتحقق، ولكن بطريقة أروع»، هذا ما أكّدته النجمة العالمية في أثناء زيارتها متحف جبران خليل جبران في اليوم الأخير من رحلتها في أرض أجدادها. وأضافت: «حاولت أن أنقل جمال الموقع لزوجي وابنتي لكنني فشلت، لم أر في حياتي أجمل من هذا المكان». وقد كتبت في السجل الذهبي للمتحف: «أسير عبر حلم لأغوص في روح صديق عنى لي الكثير. لم يسبق أن شعرت به قريبًا إلى هذه الدرجة. وأعلم أنني لطالما أردت أن أكون هنا».
برنامج سلمى المكثّف في لبنان، تخلّله، إلى جانب زيارة بشرّي، نشاطات إنسانيّة واجتماعيّة، حيث زارت النجمة مركز سرطان الأطفال في الجامعة الأميركية في بيروت، والتقت أطفالًا، من ذوي الحالات الدقيقة، فجلست معهم وأعطتهم بريق أمل. وقد رسمت الفرح على وجوه الصغار المرضى، وزرعت السعادة في قلوبهم عندما تحدثت إليهم بعفوية والتقطوا صورًا لها بينهم للذكرى. كما حضرت سلمى عشاءً خيريًّا تضمّن مزادًا علنيًّا يعود ريعه إلى أطفال المركز.
في الإطار نفسه، ساهمت النجمة، وهي مؤيدة لمنظمة «اليونيسف» والمؤسسة المشاركة لحملة CHIME FOR CHANGE بإطلاق نداء «قرع الأجراس من أجل أطفال سوريا» (Chime for the Children of Syria) لجمع التبرّعات لدعم الأطفال والأسر المتضرّرة من الأزمة السورية.
وزارت سلمى حايك مخيّمًا للّاجئين السوريين في لبنان للفت الإنتباه إلى الاحتياجات الإنسانية العاجلة للأطفال والأسر التي تغيرت حياتها بشكل جذري بسبب الصراع في سوريا. وقد أمضت ساعات مع الأطفال اللاجئين حيث استمعت إلى مشاكلهم وشاركتهم في مائدة جماعيّة.


من هي سلمى حايك؟
هي ابنة بعبدات - قضاء المتن، والدها رجل الأعمال سامي حايك من مواليد البلدة في العام 1937 بحسب سجلات النفوس، فيما جدّها الذي ترك بعبدات هو جرجس حايك، وكان قد بنى منزلًا في البلدة العام 1888، وقد أصبح مقرًّا للآباء الكبّوشيين.
ولدت النجمة السمراء، اللبنانية الأصل في مدينة كواتزاكولكوس في المكسيك، العام 1966. والدتها ديانا خيمينيز مدينا، مغنية أوبرا مكسيكيّة من أصل إسباني. أرسلت في سن الثانية عشرة إلى مدرسة «القلب الأقدس» الداخلية في ولاية لويزيانا الأميركية، ثم عاشت سنوات المراهقة مع عمّتها في هيوستن – تكساس.
عادت سلمى مرة أخرى إلى المكسيك، لمتابعة دراستها الجامعية في العلاقات الدولية، إستجابةً لضغوط والدها، لكن حبّها للفن طغى على المشاريع المرسومة لها، فبدأت تلعب أدوارًا مختلفة على مسارح العاصمة مكسيكو سيتي، كما توجّهت إلى التلفزيون لتصبح ممثلة إعلانات تجارية، ولتخرج من هذه النافذة إلى عالم النجومية. شاركت في مسلسل تلفزيوني حمل إسم تريزا، جعل منها نجمة محلية مشهورة في المكسيك. كما شاركت في فيلم Miracle Alley الذي حاز أكبر عدد من الجوائز في تاريخ السينما المكسيكية، من بينها جائزة «الأكاديمية المكسيكية للسينما».
على الرغم من شهرتها في بلدها المكسيك، إلا أن النجمة الطموحة كان هدفها هوليوود، فانطلقت في العام 1991 إلى الولايات المتحدة بحثًا عن فرصتها الذهبية. واجهت سلمى حايك صعاباً في بداية مسيرتها السينمائية في أميركا حيث عرضت عليها أدوار نمطية كدور المكسيكية والمومس، خصوصًا أنّ لديها لكنة مكسيكية.
بعد تمرّسها في اللغة الإنكليزية شاركت في العام 1995 مع النجم الإسباني العالمي أنطونيو بانديراس في بطولة فيلم «Desperado» الذي لاقى نجاحًا كبيرًا. وتتالت بعدها سلسلة الأفلام، من بينها، فيلم «From Dusk till Dawn» مع جورج كلوني في العام 1996، وفيلم «Fools Rush In» العام 1997، ومن بعده فيلم «Breaking Up» في العام نفسه. وحققت سلمى نجاحين بارزين العام 1999 من خلال الشريط الكوميدي «Dogma»، وشريط الأكشن «Wild West».
في العام 2002، لعبت شخصية الرسّامة المكسيكية فريدا كالو في فيلم «فريدا» لجولي تايمور. هذا الدور أدى إلى ترشيحها لنيل جائزة أفضل ممثلة في الأوسكار، والـ«غولدن غلوب»، والـ«بافتا»، و«Screen Actors Guild Award». في العام 2003، أنجزت فيلم The Maldonado Miracle الذي حمل توقيعها لناحية الإخراج.
وفي العام نفسه، وقفت النجمة مجددًا أمام أنطونيو بانديراس في الجزء الأخير من ثلاثية «Desperado» بعنوان «Once Upon a Time in Mexico»، ومرّة أخرى في العام 2011 فيلم الرسوم المتحرّكة «Puss In Boots» اللذين شاركا فيه بصوتيهما.
تملك سلمى حايك شركة إنتاج خاصة، وتساعد من خلالها في تنفيذ أعمال فنيّة للاتينيات أخريات حتى لا يعشن تجربتها الصعبة في البدايات، وهي ناشطة اجتماعيًا في مجال الدفاع عن النساء المعنّفات، وحماية المرأة من التمييز والعنصرية.
النجمة العالمية متزوجة من الملياردير الفرنسي فرنسوا هنري بينو، ولديها ابنة صغيرة تدعى فالنتينا بالوما بينو.
تهوى سلمى حايك الموضة وتعتبر سرّ أناقتها في التغيير الدائم. تربّعت أكثر من مرة على عرش الأناقة العالمية، وتصدّرت صورها المجلات العالمية كمنافسة جمال وأناقة لنجمات هوليوود. تعتمد النجمة نظامًا غذائيًا صحيًّا، وتمارس اليوغا. هي دائمة المشاريع والابتكارات، وقد أطلقت في هذا الإطار مجموعة كريمات للعناية بالبشرة تحمل توقيعها.